الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ضمن «الكتاب الذهبى» لـ «روزاليوسف» صدور الطبعة الثانية من «التاريخ الجنسى للإنسان»

ضمن «الكتاب الذهبى» لـ «روزاليوسف» صدور الطبعة الثانية من «التاريخ الجنسى للإنسان»
ضمن «الكتاب الذهبى» لـ «روزاليوسف» صدور الطبعة الثانية من «التاريخ الجنسى للإنسان»




إعداد - سوزى شكرى


فى سبعينيات القرن الماضى فاجأ الكاتب الراحل صلاح حافظ قراء روزاليوسف بمقالاته التى جاءت فى عمود أسبوعى عن «الجنس» بعنوان «انتصار الحياة» بما تحمله تلك المقالات من حساسية فى طرح الموضوع على القراء ومناقشته علناً، ومع ذلك استمر «حافظ» فى كتابة تلك المقالات عن قناعة بأنه يكتب بشكل علمى مستندا إلى مرجعيات علمية مثل أبحاث الدكتور الألمانى «ريتشارد لفنجستوهن» الذى بحث تاريخيا عن البدايات الإنسانية للجنس فى تاريخ الشرق والغرب، لتصدر مؤسسة روزاليوسف فيما بعد مقالات «حافظ» مجمعة ضمن «الكتاب الذهبي» تحت عنوان «التاريخ الجنسى للإنسان - من الكهف الى حبوب منع الحمل»، واليوم تعيد «روزاليوسف» إصدار الكتاب فى طبعة ثانية بعد 46 عاماً من صدور طبعته الأولى فى 300 صفحة يصاحبها رسومات الفنان الكبير الراحل «هبة عنايت».
الكتاب فى طبعته الثانية صدر بمقدمة للدكتور محمد أبوالغار، والدكتور خالد منتصر، وقد اتفق الاثنان على أن  الكاتب صلاح حافظ اعتمد فى كتابه على مادة مكتوبة فى نهاية خمسينيات القرن الماضى للألمانى «لفنجستوهن»، إلا أن الكتاب ينقصه تناول «حافظ»  للجنس فى التاريخ الإسلامى».
وقد كتب «أبوالغار»: «صلاح حافظ كاتب عبقرى  استطاع أن يجمع كل شيء عن الجنس عبر التاريخ بصراحة ولكنه لم يكمل ما حدث فى آخر القرن التاسع عشر والقرن العشرين، يفتقد الكتاب ثلاث نقاط وهى: الجنس فى التاريخ الإسلامى وحاضره، ربما يكون «حافظ» ابتعد عن هذا الطرح لأنه كتب هذا فى عام 1971 وهى فترة صعود الجماعات الإسلامية، الأمر الثانى الجنس فى الأدب المصرى الحديث، والأمر الثالث هو الجنس والانفجار السكانى وتنظيم الأسرة تلك مشكلة قومية خطيرة».
أما الكاتب خالد منتصر فقال: «صلاح حافظ فك الاشتباك فى البداية بين الفطرة والمتعة فى الجنس، كما تناول حبوب منع الحمل بين الجنس والإنجاب، وصراع المصالح بين الطبقات والجنس طرف بينهما، اتقن حافظ الطرح من زوايا تاريخية وعلمية، إلا أن الكتاب ينقصه تاريخيا فصل عن الإسلام والجنس وهو ما نطلب من الباحثين الذين يملكون رؤية واستنارة صلاح حافظ أن يهتموا به ويرمموه، ولكن اعلم أن زمن كتابة هذا الكتاب لم تكن المراجع الخاصة بالعلاقة «الجنس إسلامية» متوفرة بل كانت شبة معدومة، وأن مبحث الإسلام والجنس فى زمن الستينيات والسبعينيات لم يكن أساسا مبحثًا جذاباً للدراسة، ونبهنا الكاتب إلى أن فى زمن العصور الوسطى الجنس خطيئة وصاغها رجال الدين المسيحى وليس المسيح، وفيما بعد نظرة الإسلام إلى الجنس لم يشكلها «النبى محمد» بل شكلها الفقهاء وكتبة الأحاديث وترزية الآراء الذكورية انتصروا لدونية المرأة الجنسية بدين مواز أو بديل».
يطالعنا صلاح حافظ فى الصفحات الأولى: «فى البلاد العربية لا يزال الجنس لسبب ما موضوعاً فوق المناقشة، أقصد المناقشة المحترمة، بينما المناقشة المبتذلة فى المقاهى والشوارع والسهرات والمجلات والكتب الهزلية مستمرة، والكل يبتعد عن المناقشة العلمية للجنس التى تستهدف المعرفة والفهم التى تعتمد على الحقائق وليس على الموروثات المريضة، ونحن نتهرب من التفكير العلمى بحجج لا حصر لها بعضها أخلاقى وبعضها دينى وبعضها سياسى وكلها زائفة».
ويقول صلاح حافظ: «أسباب هذا الزيف من وجهة نظرة فى فترة السبعينيات  قال: أن كل ما تنشره الصحافة يعد انحلالا جنسيا وسوق القراءة تزخر بعشرات المؤلفات الجنسية الرخيصة فى الوقت الذى تخلو فيه تماما من كتاب علمى واحد فى شئون الجنس  والسلوك الجنسى للإنسان بصفة عامة، ومعظم الأجهزة ترفض مناقشة قضايا الجنس بينما معظم التشريعات التى تتناول العلاقة بين المرأة والرجل تتناول الفرق الجنسى بينهما».
تبدأ فصول الكتاب بعنوان «حواء تشرق من الأرض»  وهى مقارنة صادمة من الكاتب عن الفرق بين الجنس عند الحيوان والإنسان، وينتقل بنا إلى تطور مراحل الإنسان فى تعامله مع الجنس واكتشافه لأول مرة أن الجنس سبب الإنجاب وتم هذا الاكتشاف فى مراحل متأخرة من التاريخ القديم - وأيضا يضع الإنسان لنفسه لوائح فى ممارسة الجنس بين طبقات المجتمع وفئاته بحسب الطقوس، وفى عصر الحضارات الأولى بداية جديدة للتاريخ الجنسى للإنسان، التى اختلطت الممارسات بمقتضيات المصلحة والابتعاد عن الممارسة بالفطرة، وأن الأوضاع الاجتماعية تحدد تلك العلاقة.
وينتقل بنا الكاتب إلى فصل آخر بعنوان «تجارة الهوى» أقدم التجارات، يقول الكاتب أن الدعارة أقدم تجارة فى التاريخ فى بابل عند قدماء المصريين واليهود، تزيد فى ظل قوانين الأسرة التى تعلو فيها صيحة الأخلاق والبعض يعتبرها المتنفس الوحيد المتاح للرجل، التى تتيح للرجل المتعة بدون شروط أو قيود أو التزامات.
 ويسرد لنا الكتاب قصة الختان أو الطهارة للحد من الممارسات الجنسية وبدايتها منذ أيام سيدنا موسى وسيدنا إبراهيم وانتقالها إلى حضارات أخرى للأخذ بها إلى أن وصلت واستمرت بعد ظهور الأديان السماوية، وجاءت فى المسيحية واليهود ثم فى الإسلام إجراء ملزم.
كما أشار الكتاب عن أول كتاب جنسى فى الهند بعنوان «الكاماسوترا» ومعنى الكلمة «أحاسيس الغرام»، ومؤلف الكتاب هو «فاتسيايانا»، وبالرغم من أن الهند أكثر الحضارات قسوة على المرأة، من طقوس الهند حرق المرأة حية بعد وفاه زوجها ما لم يتقدم لها زوج آخر ينقذها من الموت، وفى نفس الوقت تسمح للرجل بتعدد الزوجات، الكتاب يشرح خطوات العلاقة وأن الكتاب للكبار فقط.
كما اختص الكاتب صلاح حافظ  بابًا كاملاً مفصلاً عن الدعارة فى دولة اليونان وأن وراءها تقف مؤسسات كبيرة تدفع ضرائب للدولة، كما تحدث عن المثليين من الرجال والنساء تلك الحالة السيكولوجية الموجودة فى كل المجتمعات، ويسرد لنا عن الإمبراطورية الرومانية حيث إنهم أول من وضعوا كلمة «جنس» أو SEXIS وتعنى التصنيف رجل أو امرأة ولم تعن وقتها الجنس بالمفهوم الحالى ولكنها حرفت مع التطور اللغات بين الحضارات، وهم أيضا أول من وضع لها قيود لممارستها. الإغريق هم الذين صاغوا مفاهيم جديدة للجنس وهى مفاهيم الجمال عن المرأة بعيدا عن جسدها.
وينتقل بنا الكاتب صلاح حافظ إلى عصر الأديان ولأول مرة فى التاريخ يعتبر الجنس خطيئة كانت فى عصر المسيحية، حيث أعلن المسيح فى تعاليمه أن الزواج رباط مقدس والرجل والمرأة جسد واحد منذ لحظة عقد الزواج.
وتحت عنوان «إعادة تعريف الحب» تحدث الكاتب عن العصور الوسطى فى أوروبا التى أقرت لعالم الأخلاق الذى أسفر عن وجود محاكم تفتيش تذبح الملايين من الشعب بتهمة الاشتباه فى سلوكهم الجنسي، بينما استمر سادة العصر يمارسون الجنس بحرية فى إطار أخلاقيات الفرسان التى تمجد الغراميات، ومن هنا بدت كلمة «حب» هى الخامة الأساسية التى نسجت منها الثبات فى العصور الوسطى،و«الحب» الكلمة النبيلة التى أذابت معالم الرغبة الجنسية المعتادة فى العصور السابقة، والتصق معنى الحب حتى عصرنا الحالى وترسبت فى وجدان الناس وجود الحب مع الجنس والفضل يرجع للشعراء فى ثبات الحب.
ولكن سقط قناع الحب حين وضع تمثال «ابوللو» فى الفاتيكان وأصبح هذا التمثال تصريحًا للفنانين بإبداع تماثيل للمرأة والرجل عارية وبتفاصيل الجسد ومن وقتها أصبح الجسد العارى جزءًا مهمًا من الفن فى النحت والرسم، وبدء صراعات عن المباح فى الفن والتحريم إلا الفنان «مايكل أنجلو» رسم سقف الكنسية «سيبستيان» بالملائكة العارية ورسم الحساب على خطيئة الجنس والجسد، وواجه «أنجلو» هجومًا شديدًا إلا أن عصر النهضة مليء بالعاريات.
ويشمل الكتاب على موضوعات أخرى مثيرة من ضمنها «حزام العفة»، «معاشرة الشيطان»، «عصر الذكور»، الإصلاح الدينى والحرب الجنسية، «عصر العشاق الذهبى».