الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

مذكرات فلول (2) .. أنا رامبو

مذكرات فلول (2) .. أنا رامبو
مذكرات فلول (2) .. أنا رامبو




تامر عبد المنعم يكتب:


فى الحلقة الثانية من كتاب «مذكرات فلول» يتحدث الإعلامى تامبر عبدالمنعم عن ذكرياته مع أحداث «جمعة الغضب» فى الـ28 من يناير 2011 وإلى نص الحلقة:
- يا عم تامر فين المصيبة اللى قلت إنك عملتها قبل ما تحط صورة مبارك بيومين؟!
- المصيبة جاية حالا أهى بس خلينى أقولك إيه اللى حصل لما نزلت الشارع وأنا معايا المسدس فى جنبى وضارب الآيس كاب على رأسى ولابس سويتر water proof أزرق اللى اشتغلت بيه فى فيلم مرة تحب سنة 2003 وهو اساسا بصراحة مش بتاعى ده بتاع خالد سرحان اللى كان لابسه أربع سنين صيف شتا فى معهد السينما أيام ما كنا طلبة وبعدها لبسه فى فيلم رسالة إلى الوالى مع عادل إمام و....
قاطعنى هذه المرة بصراخ:
- لا أنت كده أوفر.. كفاية رغى وخش فى الموضوع بتاعنا..
- حاضر.. أنا لما نزلت الحقيقة ما كنتش لو حدى معايا جيرانى الأستاذ عمرو أبوالعزم وده كان شايل عصاية بيسبول والدكتور سمير اللى كان لابس ترينج سنوات لونه بيج فى بنى ويبدو أنه كان بيستخدمه كبجامة وكمان كان معايا الأستاذ حسان اللى ساكن فى الخامس والدكتور وفيق اللى كان بيخفف علينا الموقف بنكت فى منها الكويس وفيه منها أجارك الله بس مش هو ده كان فيه واحد كمان كان معايا الأستاذ هشام جبر وده راجل تقى وبتاع ربنا وكان أهدى واحد فينا.. كان فيه واحد كمان مؤجر عندنا فى السادس مش عارف اسمه مع إنه قالوا لنا ميت مرة الراجل ده كان معاه بندقية رش وبيتكلم كتير أوى عن معجزات وبطولات عملها يوماِ ما إيه هو اليوم الأسود ده مش عارف؟!
المهم أنا أدركت إن العناصر إللى معايا دى كلها مش هتسد لو حصل أى نوع من الهجوم علينا خاصة إن ناصر الأمن وحمدى البواب وشهم كان أصفر وفى حالة فزع من الموقف إللى إحنا فيه وكمان كانوا خايفين على أسرهم  إللى مش عارفين يوصللهم.. كان فيه واحد كمان مهم قوى وده هيبقى له دور كبير جداً قدام شوية أيمن شيكو.. موظف عندى فى استوديو المونتاج بتاعى وأنا بأثق فيه ساعات بأخليه يسوق بالبنان لو رايحين مشوار وحظه النحس إنه كان بايت تحت فى العمارة الليلة السودة دي..
المهم قلت بينى وبين نفسى يارب ما تخذلنيش وعدى الليلة دى على خير.. بدأنا نشرب شاى ونأكل ساندويتشات من إللى كانوا الستات بيعملوها لنا وكلهم كانوا عندى فى الشقة بيتابعوا الموقف فوق من البلوكنة وده برضه عامل نفسى ضاغط عليا لأن لا قدر الله لو حصل هجوم وإتبهدلنا أوى هتبقى البهدلة قدام عينهم يعنى مافيش مجال لتجميل القصة وتزويد حتتين لحفظ ماء الوجه!!
خرج يسرى سامى السيد المحامى الشهير من باب فيلته إللى قصاد عمارتنا والضحكة مرسومة على وشه كما لو كان مصر دخلت كأس العالم مش فى مصيبة وإنعدام أمنى.. يسرى ما كانش لوحده كان معاه ابنه أحمد إللى كان بيضحك برضه مش عارف على إيه ووراهم السواق حمادة إللى شايل كرسين وترابيزة بلاستيك وحطها قدام الباب عندهم على الرصيف وكان بيضحك برضه!!
انضميت لترابيزة يسرى وعشان ما كونش بكدب أو بضلل حد كان فيه بيرة وساقعة كمان وإنت عارف الشيطان شاطر وابن كلب وخلانى كنت همد إيدى على واحدة ساقعة ومشبرة أشرب فيها طول الليل بس ما أخدتهاش.. والنبى الكلام ده بينى وبينك ما تقولش لحد عليه!!
- أنت عبيط يا تمورة؟!
- خلينى أكملك بقى عشان أقولك على المصيبة
- كمل.. «فى ضيق شديد»
- يسرى ساب كل الناس إللى واقفة وشاور للدكتور سمير وقال بصوت عالى مين ده؟! اتدخلت بسرعة لأنى عارف أن البيرة كانت عاملة شغل مع يسرى ده غير إنه مشهور فى كل الأوساط بخفة دمه وحبه الشديد للهزار.. اتدخلت ورديت ده الدكتور سمير جارنا يا يسرى عاوز إيه؟!
- عاوز أعرف هو ليه لابس ترينج سوت بيج بنى؟! يعنى هو من ضمن كل ألوان ربنا مالقاش غير الترينج ده ويشتريه؟! ولا هو اخده تخليص حق ولا...
الحمد لله رن اللاسيلكى بتاعى إللى هو الخط الأرضى بتاع بيتى وكان برنامج العاشرة مساءً: آلو يا مدام منى إحنا فى مصيبة المفروض حى المعادى ده حى راقى ومايصحش إللى بيجرى فيه ده أبدًا وبعدين إيه الشعب يريد دى؟! من إمتى المصريين بيقولوا الشعب يريد؟! ولا هو أى تقليد أعمى والسلام «كنت أقصد هتافات تونس» ما خلصنا والراجل شال أحمد عز وقال إن جمال مش هييجى رئيس! جرى إيه!! البرادعى وإبراهيم عسى بيسخنوها ليه؟! عاجبهم إللى إحنا فيه ده!! بلا جمعة غض بلا كلام فارغ دى جمعة الخرة.. آن آن آن آن آه ه ه ه ه ه «مؤثر موسيقى فظيع».
- قلت خره؟!!
- قلت يا بيه واليوتيوب موجود يعنى ما ينفعش أكدب
- إخص.. إخص عليك.. بس إنت عرفت منين إنها خره؟!
- شميت يا بيه ريحتها وقلبى حس!!
- ها وبعدين؟!
غلوشت منى على الكلام وأنهت المكالمة وبصيت لقيت كل إللى حواليا بيبصولى مش مصدقين نفسهم من إللى أنا قلته وفيه منهم إللى قاللى إنى زودتها ولو الناس إللى فى الميدان نجحوا هيبهدلونى.. وقد كان..
- كان يا ما كان فى سالف العصر والأوان..
صوت عربية بتجرى جامد وتخلل جريها صوت ضرب نار لمدفع آليجاى من الشارع إللى ورانا ومعاه اصوات: «إمسك العيا دي.. إمسك» فجأة لقيت العربية معدية من قصادى روحت ضارب نار فى إتجاهها وسمعت صوت صويت جاى من بلكونة بيتي
- وبعدين؟!
- العربية وقفت ونزل منها واحد وجرى فى اتجاه جنينة جنبنا جريت ناحيته وأنا بتمنى إنه يهرب منى لإن مسألة إنى أرضرب نار على واحد دى مش فى ثقافتى وبصراحة برضه كنت خايف ليضرب هو كمان عليا نار والطوبة تيجى فى المعطوبة وأروح فطيس.
اختفى الحمد لله من قدام عينى وبقيت واقف لوحدى وورايا الدكتور وفيق جارى بيقوللى يلا نرجع ما عرفش إيه الشجاعة إللى نزلت على أهلى ساعتها وخليتنى أدخل الجنينة قال إيه عشان أدور على الراجل وبالصدفة رجلى خبطت فى كائن حي
- كلب؟!
- لا بنى آدم
- الواد إللى كان سارق العربية؟!
- لأ واحد تانى كان مستخبى فى وسط الزرع
- وده يطلع مين؟
وجهت مسدسى ناحيته واتشاهدت ييجى ست مرات فى أقل من ثانيتين وقلت له: سلم نفسك؟! مش عارف إيه سلم نفسك دى بس قلتها!!
- وسلم نفسه؟
- تخيل آه؟!
لقيته بيرتجف وبص فى عينى وهو رافع إيده لفوق وقاللى بالحرف: أنا أمين شرطة يا أستاذ تامر من قسم المعادى.. ما صدقتش ودانى مش عشان هو أمين شرطة لأ عشان قالى يا أستاذ تامر وحبيت أتأكد فشخط فيه: بتقول إيه؟! عاد نفس الجملة فخرج الضابط إللى كنت دافنه فوق التلاتين سنة جوايا وقلتله بعين حمرا بتاعة رئيس مباحث مخضرم: ورينى بطاقتك وكان صوتى جهورى وثقتى عالية جدًا فى نفسى!!
مد إيده بكارنيه ولقيته فعلا أمين شرطة زى ما قال فسألته معاك سلاح فرد أيوه.. فرحت جدًا لإنى أخيرًا لقيت حد تانى فى الشارع بتاعى معاه سلاح فسلمت عليه بابتسامة وخدته معايا تحت العمارة أنا والدكتور وفيق..
روحنا على العمارة ومعانا الأمين مصطفى إللى وافق إنه يقضى معانا الليلة السودة دية بس اشترط عليا شرط إنه يكلم مراته على تليفون البيت من اللاسيلكى إللى كان فى إيديا وأنا وافقت بس بشرط
- إنه يدفع تمن المكالمة؟!
- لأ طبعًا شرط كان أهم من كده بكتير
- ممكن أعرفه؟!
- شرطى إنى أعرف إيه إللى وصل مصطفى إنه يستخبى فى الجنينة بالشكل ده؟!
- ويا ترى قالك؟!
قالى وياريته ما قاللى.. الثوار يا سيدى -على حد تعبير الإعلام- فيما بعد هجموا على القسم وكان عددهم كبير قوى وفتحوا الزنزانة وخرجوا المحبوسين جواها «اللى وصفوا برضه فيما بعد من الإعلام أنهم ثوار» فالعدد كان زيادة قوى على قوة القسم إللى حاولت تهوش مرة واتنين بالرصاص الحى بس المحاولتين فشلوا فقرروا يهربوا ويجروا يسيبوا القسم «شفت الحلاوة؟!» ما أنت عارف إن الشرطة فى التليفزيونات كلها وقتها كانت متهمة بقتل المتظاهرين الشرفاء أطهر من أنجبت مصر!!
- «فى عصبية» ممممممممم..... كمل
بس فهربوا وغيروا هدومهم الميرى والسلاحليك بتاع القسم اتسرق كله والحمد لله من الثوار الأحرار أطهر من أنجبت مصر وفلقوا بيه!! شفت الحلاوة يا سعادة البيه ولا ما شفتهاش؟!
المهم إنت شكلك مش عاجبك كلامى فخلينى أقولك عملنا إيه أنا ومصطفى والجيران بعدما كلم بيتهم من تليفونى اللاسيلكى وأطمن على أهله..
- أنا بأقول كده برضه..
- مصطفى استحمى وأكل أكلة معتبرة وابتدى مهمته فى حماية العمارة معايا بالتناوب لحد بكرة الصبح.. بس كده خلصت الحدودته بتاعة اليوم ده
- وإديتوا كام؟!
 الحقيقة كل الجيران لموا من بعضهم وإدونى ظرف فيه مبلغ محترم عشان أديهوله بس هو طلع محترم أكتر من الظرف والمبلغ إللى فيه ورفض يأخده - تصور؟!
- والله واد جدع
- جدًا بس مين اللى يقدر؟!
كانت ليلة ما أعتقدش أبداً إن ممكن أى مصرى يقدر ينساها ليلة ظهور فكرة اللجان الشعبية إللى خلت العالم كله يعرف إن شعب مصر كله عنده عقدة ضباط البوليس.. وفى الليلة دى انتشرت إشاعات مالهاش أول من آخر أهمها على الإطلاق إن حبيب العادلى ورجالته هم إللى ورا تفجير كنيسة القديسين.. وإن حبيب العادلى اتفق مع جمال مبارك وبمباركة حسنى مبارك نفسه على انسحاب الشرطة لإحداث فراغ أمنى يجبر الشعب إنه يطلع وينادى ويحلف بإسم الريس عشان ينقذهم من الحرامية!! أما بقى الإشاعة اللى كانت بتنقط سكر وعسل بتاعة إن العادلى هو إللى فتح السجون وهرب المساجين!!
كمان طلعت إشاعة كبيرة إن الفريق سامى عنان إللى الإعلام أعلن إن مبارك استدعاه من زيارته فى أمريكا راح هناك أصلاً عشان يبارك الثورة وينقلب على مبارك وأعوانه ويبقى هو رئيس الجمهورية الجديد!! «مش واخدلى بالك أنت يا إبراهيم» «عادل إمام إستايل»
إشاعات إشاعات إشاعات بدأت فى ليلة 28 يناير وفضلت من وجهة نظرى تتصاعد لحد الوقت اللى بكتب فيه السطور دى!!
- ممكن لو سحمت تكمل كلامك وبلاش فلسفة فارغة؟!
هكمل بس ممكن دقيقة أولع سيجارة عشان دماغى خرامانة؟
- ولع...
فى الحلقة القادمة يتحدث «تامر عبدالمنعم» عن أمله فى تغيير الأحداث إلى الأفضل لكنه تفاجأ بما لم يكن يتوقعه... تابعونا على صفحات «روزاليوسف».