الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

رسائل السيسى القوية من الأمم المتحدة

رسائل السيسى القوية من الأمم المتحدة
رسائل السيسى القوية من الأمم المتحدة




كتب - أحمد إمبابى

التقى الرئيس عبد الفتاح السيسى مساء أمس الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على هامش مشاركته فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك.
اللقاء الذى عقد فى السابعة مساءً بتوقيت نيويورك الواحدة صباح الخميس، استعرض فيه الرئيس تطورات العلاقة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة، بجانب الجهود والإنجازات التى تحققها مصر على الصعيد التنموي، وتطورات تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى والنمو المستدام، فضلاً عن التعريف بالفرص الاستثمارية الواعدة التى توفرها المشروعات التنموية الكبرى الجارى تنفيذها فى مصر، والتى يمكن لمجتمع الأعمال الأمريكى المشاركة فيها.

تناولت المباحثات تطورات الأوضاع فى عدد من الملفات الدولية على رأسها جهود مكافحة الإرهاب، وقضية السلام خاصة وأن الرئيس السيسى وجه نداء لنظيره الأمريكى فى كلمته بالأمم المتحدة بأن فرصة تحقيق السلام تاريخية ويمكن العمل على نجاحها.
يأتى ذلك فى أعقاب الكلمة القوية التى ألقاها الرئيس السيسى أمام الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث خاطب الرئيس ضمير المجتمع الدولى ووضعه أمام مسئوليته من خلال مجموعة من الرسائل المهمة الخاصة بعدد من الملفات الدولية التى يمكن تسويتها إذا خلصت النوايا.
الدور الأممى لمصر
استهل الرئيس رسالته بالتذكير بالدور الأممى لمصر وتاريخها مع الأمم المتحدة حيث قال: «إننا فى مصر، لدينا إيمان عميق بقيم منظمة الأمم المتحدة وأهداف ميثاقها، ولدينا ثقة كبيرة فى أن تحقيق هذه القيم أمرٌ ممكن، بل واجبٌ وضرورى».
وتشهد تجربة مصر الطويلة مع الأمم المتحدة - كإحدى الدول المؤسِّسة لهذه المنظمة، والتى تم انتخابها عضواً بمجلس الأمن لست مرات، وتُعد سابع أكبر مساهم فى عمليات حفظ السلام الأممية حالياً على مستوى العالم - أننا نسعى طوال الوقت لتحقيق ما نؤمن به من شراكة أممية، لبناء عالم يستجيب لطموحات أبنائنا وأحفادنا، فى الحرية والكرامة والأمن والرفاهية.
ولكن، فإن المسئولية التى نتحملها، تقتضى منا أن نتصارح، بأن هذا العالم المنشود والممكن، ما زال بكل أسف، بعيداً كل البعد عن التحقق. وأننا لا نزال نعاني، من العجز عن احتواء ومنع الصراعات المسلحة، ومواجهة خطر الإرهاب، ونزع السلاح النووي، ومعالجة مكامن الخلل الكبرى فى النظام الاقتصادى العالمي، والتى أفضت إلى زيادة الفجوة بين العالمين المتقدم والنامي.
ومن واقع تجربة المنطقتين العربية والإفريقية، أستطيع أن أقرر بضمير مطمئن، أن تلك التجربة تلخص أزمة النظام العالمي، وعجزه عن الوفاء بالمقاصد والغايات التى قامت من أجلها الأمم المتحدة.
شواغل إفريقيا
وتحدث الرئيس عن شواغل دول القارة الإفريقية، حيث قال إن إفريقيا تقع موقع القلب فى السياسة الخارجية لمصر، فهى القارة الأم، التى تضرب فيها الجذور المصرية بعمق التاريخ، ونستمد منها اعتزازنا بهويتنا وانتمائنا الأصيل لها.
وقال: «باتت أفريقيا، عُرضةَ لنفس الأخطار الأمنية التى تتعرض لها المنطقة العربية، وتظل بدورها شاهداً رئيسياً على أزمة النظام الاقتصادى العالمي، الذى يكرس الفقر والتفاوت، ويتحمل مسئولية رئيسية عن إنتاج الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التى تهدد الاستقرار والسلم الدوليين، وتجعل من الحديث عن أهداف التنمية المستدامة مجرد حديث مُرسل، لا شاهد عليه من الواقع الدولى المؤسف».
الإصلاح فى مصر
وفيما يتعلق بالوضع فى مصر قال الرئيس: إن مصر تقع على حافة أخطر بؤر الأزمات فى العالم.. وقَدَرُها أن تشق طريقَها بثقة فى ظل مخاطر غير مسبوقة، متبنيةً استراتيجية تنموية طموحة، تقوم على إصلاحات اقتصادية جذرية وشجاعة، تهدف قبل كل شيء لتمكين جيل الشباب، الذين يمثلون غالبية السكان ليس فى مصر وحدها، وإنما فى أغلب المجتمعات الفتية فى الدول العربية والعالم النامي.
وفى عالم متشابك ومعقد، ومليء بتحديات يصعب أن تواجهها أى دولة منفردة، مهما كانت قدراتها ومهما اشتد عزمها، فإنه من الطبيعى أن تقترِن خطة مصر التنموية الطموحة، بسياسة خارجية نشطة، تستلهم المبادئ الأخلاقية الراسخة فى تراثنا وثقافتنا، وتلتزم بالمبادئ القانونية للنظام العالمى الذى شاركت مصر فى تأسيسه، وتقوم على رؤية لمواجهة أوجه القصور التى حالت دون تنفيذ مقاصد وغايات الأمم المتحدة.
حل أزمات ليبيا وسوريا
تحدث الرئيس عن رؤية مصر تجاه الأزمة الإقليمية وقال: «إن المخرج الوحيد الممكن من الأزمات التى تعانى منها المنطقة العربية، هو التمسك بإصرار بمشروع الدولة الوطنية الحديثة، التى تقوم على مبادئ المواطنة، والمساواة، وسيادة القانون، وحقوق الإنسان، وتتجاوز بحسم محاولات الارتداد للولاءات المذهبية أو الطائفية أو العرقية أو القَبَلية.. إنّ طريقَ الإصلاح يمر بالضرورة عبر الدولة الوطنية، ولا يمكن أن يتم على أنقاضها.
هذا المبدأ هو باختصار جوهر سياسة مصر الخارجية، وهو الأساس الذى نبنى عليه مواقفنا لمعالجة الأزمات الممتدة فى المنطقة.
وأضاف: «لا خلاص فى سوريا الشقيقة، إلا من خلال حل سياسى يتوافق عليه جميع السوريين، ويكون جوهره الحفاظ على وحدة الدولة السورية، وصيانة مؤسساتها، وتوسيع قاعدتها الاجتماعية والسياسية لتشمل كل أطياف المجتمع السوري، ومواجهة الإرهاب بحسم حتى القضاء عليه.. والطريق لتحقيق هذا الحل هو المفاوضات التى تقودها الأمم المتحدة، والتى تدعمها مصر، بنفس القوة التى ترفض بها أية محاولة لاستغلال المحنة التى تعيشها سوريا، لبناء مواطئ نفوذ سياسية إقليمية أو دولية، أو تنفيذ سياسات تخريبية لأطراف إقليمية، طالما عانت منطقتنا فى السنوات الأخيرة من ممارساتها، وقد آن الأوان لمواجهة حاسمة ونهائية معها.
وقال: لا حل فى ليبيا إلا بالتسوية السياسية، التى تواجه محاولات تفتيت الدولة وتحويلها مرتعاً للصراعات القَبَلية، ومسرح عمليات للتنظيمات الإرهابية وتجار السلاح والبشر.. وأؤكد هنا، بمنتهى الوضوح، أن مصر لن تسمح باستمرار محاولات العبث بوحدة وسلامة الدولة الليبية، أو المناورة بمقدرات الشعب الليبى الشقيق، وسنستمر فى العمل المكثف مع الأمم المتحدة، لتحقيق التسوية السياسية المبنية على اتفاق الصخيرات، والتى تستلهم المقترحات التى توصل لها الليبيون خلال اجتماعاتهم المتتالية فى الأشهر الأخيرة فى القاهرة، للخروج من حالة الانسداد السياسى وإحياء مسار التسوية فى هذا البلد الشقيق..وينطبق نفس المنطق على المقاربة المصرية للأزمات فى العراق واليمن. فالدولة الوطنية الحديثة، الموحدة والقادرة والعادلة، هى الطريق لتجاوز الأزمات وتحقيق الطموحات المشروعة للشعوب العربية.
القضية الفلسطينية
قال الرئيس: إن الوقت قد حان لمعالجة شاملة ونهائية لأقدم الجروح الغائرة فى منطقتنا العربية، وهى القضية الفلسطينية، التى باتت الشاهد الأكبر على قصور النظام العالمى عن تطبيق سلسلة طويلة من قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن.. إن إغلاق هذا الملف، من خلال تسوية عادلة تقوم على الأسس والمرجعيات الدولية، وتنشئ الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، هو الشرط الضرورى للانتقال بالمنطقة كلها إلى مرحلة الاستقرار والتنمية، والمحك الأساسى لاستعادة مصداقية الأمم المتحدة والنظام العالمي.
ولا شك أن تحقيق السلام من شأنه أن ينزع عن الإرهاب إحدى الذرائع الرئيسية التى طالما استغلها كى يبرر تفشيه فى المنطقة، وبما يضمن لكافة شعوب المنطقة العيش فى أمان وسلام.. فقد آن الأوان لكسر ما تبقى من جدار الكراهية والحقد للأبد، ويهمنى أن أؤكد هنا أن يدَ العرب ما زالت ممدودة بالسلام، وأن تجربة مصر تثبت أن هذا السلام ممكن وأنه يعد هدفاً واقعياً يجب علينا جميعاً مواصلة السعى بجدية لتحقيقه.
نداء للفلسطينيين والإسرائيليين
وارتجل الرئيس فى كلمته ووجه كلمة ونداء لمن يهمهم الأمر وقال للشعب الفلسطيني، وأقول له من المهم للغاية الاتحاد وراء الهدف، وعدم الاختلاف، وعدم إضاعة الفرصة، والاستعداد لقبول التعايش مع الآخر، مع الإسرائيليين فى أمان والسلام، وتحقيق الاستقرار والأمن للجميع.
ووجه نداء للشعب الإسرائيلي، وأقول لدينا فى مصر تجربة رائعة وعظيمة للسلام معكم منذ أكثر من أربعين سنة، ويمكن أن نكرر هذه التجربة والخطوة الرائعة مرة أخري، وخاطب الرأى العام الإسرائيلى: «اطمئنوا نحن معكم جميعاً من أجل إنجاح هذه الخطوة، وهذه فرصة قد لا تتكرر مرة أخري، وكلمتى الأخرى إلى كل الدول المحبة للسلام والاستقرار».
وخاطب الدول العربية الشقيقة أن تساند هذه الخطوة الرائعة، وإلى باقى دول العالم أن تقف بجانب هذه الخطوة .
مواجهة الإرهاب
قال الرئيس: لا يمكن تصور وجود مستقبل للنظام الإقليمى أو العالمى بدون مواجهة شاملة وحاسمة مع الإرهاب، تقضى عليه وتستأصل أسبابه وجذوره، وتواجه بلا مواربة كلَّ من يدعمه أو يموله، أو يوفر له منابر سياسية أو إعلامية أو ملاذات آمنة.. وبصراحة شديدة، فلا مجال لأى حديث جدى عن مصداقية نظام دولى يكيل بمكيالين، ويحارب الإرهاب فى الوقت الذى يتسامح فيه مع داعميه، بل ويُشركهم فى نقاشات حول سبل مواجهة خطر هم صُناعُّه فى الأساس.
مأساة الروهينجا
وتحدث الرئيس عن مأساة مسلمى الروهينجا وقال إن المأساة الإنسانية التى تتعرض لها أقلية الروهينجا فى ميانمار مناسبة أخرى لتذكير المجتمع الدولى بمسئولياته الأخلاقية.