الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«الطريق إلى داعش».. من أشرطة التوبة إلى مشايخ الكاجوال

«الطريق إلى داعش».. من أشرطة التوبة إلى مشايخ الكاجوال
«الطريق إلى داعش».. من أشرطة التوبة إلى مشايخ الكاجوال




إعداد - سوزى شكرى

كيف ذهبنا إلى داعش؟، من الذى رسم الطريق؟، من الذى حفره وموله؟، ومن الذى خطط؟، ومن الذى نفذ؟، تلك هى الأسئلة التى طرحها الكاتب الصحفى وائل لطفى فى مقدمة كتابه «الطريق إلى داعش» الصادر ضمن سلسلة «الكتاب الذهبى» التى تصدرها مؤسسة «روزاليوسف»، ويعد الكتاب مكملاً لكتابه السابق «ظاهرة الدعاة الجدد» والذى حصل به على جائزة الدولة التشجيعية عام 2007، بهذا العنوان وجه لنا الكاتب اللوم وحمل الجميع المسئولية لأننا لم ننتبه لما يدور فى المجتمع المصرى منذ سنوات حين طرحت أفكار مغلوطة بدأت بدخول شيوخ الفضائيات للبيت المصرى دون رقيب يوقف هذا المد الوهابى إلى العقل الجمعى المصرى.

 

الكتاب يقع فى 200 صفحة، هى مختارات من مقالات ودراسات وتحقيقات صحفية نشرها «لطفى» من خلال عمله كصحفى فى «مجلة روز اليوسف»، حيث خاضت روز اليوسف معارك ضد تنظيمات الإرهاب المسلح التى حاولت إسقاط الدولة المصرية، المقالات المختارة للكاتب عبارة عن واحد عشرين مقالًا كتبت ونشرت فى الفترة ما بين عام 1998 إلى عام 2010 وهي: (ماذا لو حكم الإخوان مصر- جماعة الأثرياء المسلمين - شرائط تحقير المرأة على الرصيف - تكفير رموز مصر على شرائط كاسيت - البحث عن رجل دين مصرى - أمراء الكراهية - الدعوة بالروشنة صراع عمرو خالد والدعاة الجدد على أموال الجمهور - تكفير عمرو خالد على منابر الجمعة - الشيخ راسبوتين - الشيخ صالح أبو خليل هادى الفنانين - استبانة نجيب محفوظ بعد رحيله - معارك الملحدين المؤمنين دون إهدار دماء - صحيفة سوابق الإساءة للرسول - الحجاب سياسة للبيع - ولماذا لا أرتدى الحجاب - 1000 مصادرة - من الكباريه للحجاب - المعتزلون الرجال بين البرنس والتطرف- التخصصات الجديدة لدعاة التطرف - حتى الطب النفسى أسلموه).
لا نبالغ حين نطلق على مقالات «لطفى» أنها فعليًا مقالات تحذيرية واستشراقية عما يمكن أن يحدث لمصر فى المستقبل نتيجة وجود منابر لنشر الأفكار التى قد تهدم أعمدة الدولة المصرية وصعود الإخوان للحكم فى غفلة منا، ومع الأسف تحقق ما توقعه «لطفى»، المقالات عن حول التطرف الفكرى والدينى والنصب والمتاجرة باسم الدين فى سوق السياسة وظهور الدعاة الجدد، وتبنى بعض مراكز السلطة الحساسة فى مصر لهؤلاء الدعاة، وأغلب هؤلاء الدعاة على علاقة فكرية وتنظيمية بجماعة الإخوان الذى هو امتداد لتنظيم القاعدة، أطلقت مجلة «روزاليوسف» على خطة الإخوان فى مصر «خطة اختراق الصفوة»، خاض «لطفى» تلك المعارك الشديدة التأثير.
من بين المقالات: بتاريخ 19 أغسطس-2000 مقال بعنوان «ماذا لو حكم الإخوان مصر»، وفيها ذكر أن بحثًا علميًا تضمن مجموعة من الباحثين وبتمويل من البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة وبنك الاستثمار القومى والصندوق العربى للإنماء الاقتصادى والاجتماعى بعنوان «أوراق مصر 2020» استبعد البحث استيلاء الجماعات الإسلامية على السلطة وتوقع فشلهم استنادًا إلى أن الديمقراطية ستكون التحدى الرئيسى للإخوان، والديمقراطية بسلطاتها الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضائية) إلا أنهم سوف يفرضون السلطة الدينية.
البحث قدم بعض التصورات، من بينها افتراض أنه لو صعد الإخوان إلى الحكم سوف تؤيدهم الجمعيات الأهلية ذات الطابع الإسلامى، وبعض القوى السياسية فى أوروبا وامريكا وفى الخليج، وتوقع البحث أنه يمكن أن ينجح الإخوان ويصلوا إلى السلطة بعدة طرق منها الترويج لأفكار مثالية مثل إعادة بعث مجتمع الخلفاء الراشدين، واستخدام أزمات الفقراء والزكاة والصدقات، وإذا وصلوا سيفرض الإخوان الديكتاتورية الدينية.
وجاء بتاريخ 22 يوليو 2002 مقال بعنوان «شرائط تحقير المرأة على الرصيف» وهو ما تحقق فعليًا وتماسًا وكشفت عنه الجماعة التى وصلت علاقتها بالمرأة إلى حد الهوس، وتأكد هذا الهوس فى فترة حكم الإخوان لمصر 2013، يكفرونها فى العلن ويريدونها فى عالمهم الخاص وفى سرية، المرأة هى الموضوع المفضل لمشايخ التطرف ودعاه التقدم إلى الخلف، وانها مخلوق ناقص ووصف الشيخ «محمد إسماعيل»: النساء موضع الفتنة والرذيلة والشيطان يجرى منهن مجرى الدم، ومصافحتهن تعد من الكبائر»، وأغلب الشيوخ من الدول النفطية، من شيوخ السلفية وهم امتداد لجماعة لتيار الوهابي، كما تم تكفير رموز مصر وتكفير كل المثقفين حينما احتفلوا بمرور مئة عام على كتاب «تحرير المرأة» للكاتب قاسم أمين.
وعن الدعاة الجدد الذين يرتدون ملابس أنيقة وغالية الثمن كما أطلق عليهم «دعاة الكاجوال»، فالأناقة لا تخفى أفكارهم المتطرفة البعيدة كل البعد عن حقيقة الإسلام، بل يقدمون أفكارًا تخدم جهات ومصالح ومؤسسات لها أهداف بعيدة فى اختراق العقل المصرى تحديدًا، فكتب «لطفى» عن الداعية عمرو خالد عدة مقالات على فترات مختلفة جاءت بعنوان (الدعوة بالروشنة- صراع عمرو خالد والدعاة الجدد على أموال الجمهور- تكفير عمرو خالد على منابر الجمعة).
وقد جاء على لسان «لطفى»: عمرو خالد آخر طبعة من المشايخ فى مصر يخطب فى النوادى ويتحدث لغة الروشنة لدرجة أن أحد أشرطته بعنوان «الشباب والصيف» على وزن رواية إحسان عبد القدوس «البنات والصيف»، يقدمون الخطب فى أماكن راقية فى مصر الدقى والعجوزة، وشرائطه تباع فى الشوارع على الأرصفة، والباعة يقولون أنها شرائط «روشة طحن»، وتقف وراء هذا الإنتاج للشرائط شركات يديرها الإخوان المسلمون، كما ظهر أيضا فى نفس التوقيت وجه آخر الشيخ صفوت حجازى نسخة من عمرو خالد، وصعود نجومية الدعاة يؤكد وجود فراغ وخواء فى فكر جيل الشباب، وتم تكفير عمرو خالد إلا أن «لطفى» طالب بعدم منعه بل بمقاومته لأن المقاومة والمواجهة هى الاختيار الأصعب الفكر بالفكر، وطالب «لطفى» أن تتبنى الدولة مشروعا فكريًا ثقافيا يقاوم التطرف الدينى، ولكن لم يتم تنفيذ أى مشروع وهذا التخاذل فى ملء فراغ الشباب أدى إلى أننا مهدنا إلى الطريق إلى داعش.
لم يغب الفنانون والفنانات عن كتابات «لطفى» فى عدة مقالات على فترات زمنية مختلفة توضح أن هدف هؤلاء الدعاة هو الوصول إلى الفنانين وهم مصدر قوة مصر الناعمة وجاءت بعنوان (الشيخ صالح أبو خليل هادى الفنانين - الحجاب سياسية للبيع- من الكباريه إلى الحجاب - المعتزلون الرجال بين البيرنس والتطرف).
وكان صعود وانتشار الحجاب فى مصر هو جزء من الهيمنة الفكرية للإخوان، وتمكنوا من فرض سيطرتهم على المرأة واستخدامها فى نشر أفكار الحجاب، بالإضافة إلى سفر المصريين إلى دول النفط فعادو محجبات ويحملون أشرطة التوبة، ولفت إلى انتشار حجاب النجمات والمشاهير فى الثمانينات.
وأيضا أشار «لطفى» فى كتابه إلى وصول الحجاب إلى الراقصات واستبدلت الصاجات بالمسبحة، وكثيرات سرن فى هذا الطريق من التطرف فى الرقص إلى التطرف فى التدين.
المشاهير الرجال أيضا أقدموا على الاعتزال منهم الفنان الممثل محسن محيى الدين الذى تألق فى أفلام يوسف شاهين (إسكندرية ليه - والوداع بونابرت - واليوم السادس) فقد أطلق «محيى الدين» لحيته وابتعد عن السينما إلا أنه درس الإخراج بدلا من التمثيل، وقد خصص «لطفى» جزءًا كبيرًا فى مقالته عن مشوار محسن محيى الدين فى التدين وأنه يستحق الاحترام لأنه اعتزل بشكل حقيقى رغم اعتراضه على الهروب باسم الدين، ولكن ربما يكون لتدين الممثلين الرجال سبب آخر هو عدم أخذ فرصتهم للشهرة وأن توجد مؤامرة على نجوميتهم أو هربوا إلى التدين كطريق آخر هو البزنس.