الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

كردستان تحلم بالدولة الافتراضية

كردستان تحلم بالدولة الافتراضية
كردستان تحلم بالدولة الافتراضية




كتب ـ محمد عثمان – وكالات الأنباء


وسط مخاوف وترقب إقليمى ودولى، شهد إقليم كردستان العراق استفتاء قوبل باعتراض عراقى عربى دولى، وذلك رغبة من سكان الإقليم فى إنشاء دولة مستقلة يحكمها الأكراد، وبالتالى الخروج من طى المظلة العراقية.    
وبدأ التصويت فى الاستفتاء على استقلال أمس، رغم المخاوف من كافة الجوانب إذ سيؤدى هذا الأمر إلى زعزعة الاستقرار فى الشرق الأوسط.
وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها فى الساعة الثامنة صباحاً بالتوقيت المحلى، على أن تغلق فى السادسة مساء، وستعلن النتائج النهائية خلال 72 ساعة.
ويهدف الاستفتاء غير الملزم إلى منح تفويض لرئيس الإقليم مسعود البرزانى لإجراء مفاوضات مع بغداد ودول الجوار.
وكانت عملية التصويت، قد بدأت فى استفتاء استقلال كردستان فى الخارج السبت، وفقاً لما أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء فى إقليم كردستان، شمالى العراق، مبينة أن العملية ستستمر لمدة ثلاثة أيام.
مع بدء إجراء الاستفتاء فى كردستان للانفصال عن العراق، ظهرت عدة أسئلة عدة بشأن ملامح الدولة الافتراضية بمحافظاتها، وسكانها وحدودها، إذ ستشمل الدولة الافتراضية، دهوك وإربيل والسليمانية وحلبجة، وستشمل أيضا مناطق متنازع عليها فى محافظات كركوك ونينوى وصلاح الدين وديالى، كانت قد سيطرت عليها البشمركة فى عام 2014 بعد طرد داعش منها، وخضعت منذ حينها لحكومة الإقليم.
وقدر عدد الذين يحق لهم التصويت فى هذه المناطق، أو بعبارة أخرى عدد سكان الدولة إن قررت، بـ5 ملايين ونصف المليون شخص.
وتضم حدود الإقليم، أغلبية عظمى كردية، لكن نسبة الأكراد تنخفض فى كركوك، حيث يشكلون نحو 60% من سكان المدينة، التى يقطنها أيضا العرب والتركمان، الذين يعارض غالبيتهم الانفصال، أما فى ديالى، يشكل الأكراد الغالبية، أما فى نينوى فيشكل العرب الغالبية المطلقة.
يذكر أن الإقليم نجا إلى حد كبير من حالة الفوضى، التى عصفت بالعراق عقب سقوط نظام صدام حسين فى 2003، حيث تبنى نظام حكم برلمانيا، وسياسة اقتصادية لم تخل من المشكلات، التى ستتفاقم فى حال قامت دولة سيحدها دول مناهضة لانفصالها.
 وهذه الدول هى تركيا شمالا، التى يمثل الأكراد نحو 20% من سكانها، وإيران شرقا حيث يشكل الأكراد 6% من مجموع سكانها، وسوريا غربا والتى تصارع التقسيم فى حرب ضارية.
ولعل العلاقة الأكثر تعقيدا ستكون مع الجار الجنوبي، وهو العراق، فى حال انفصلت عنه رغم إرادته.  
«الأسايش تطرد العوائل الرافضة للاستفتاء»
من جانبه، قال المرصد العراقى لحقوق الإنسان، أمس إن السلطات الأمنية التابعة لإقليم كردستان مارست ضغوطا كبيرة على العوائل النازحة إلى كركوك من أجل المشاركة فى الاستفتاء.
وأضاف المرصد أن: «الأسايش طلبت من العوائل الرافضة للمشاركة فى الاستفتاء، الخروج من المحافظة»، ووفقا لشهادات من المرحلين، فإن: «ضغوطا كبيرة مورست عليهم من قبل الأسايش للتصويت لصالح الاستفتاء أو مغادرة كركوك».
وبحسب شبكة الرصد، فإن: «أكثر من 250 عائلة خرجت خلال اليومين الماضيين من محافظة كركوك بعد رفضها المشاركة فى الاستفتاء، والخروج بتظاهرة مؤيدة لمحافظها نجم الدين كريم الذى صوت مجلس النواب العراقى فى 14 سبتمبر على إقالته».
وقال المرصد العراقى لحقوق الإنسان، إنه تواصل مع 5 عوائل نزحت باتجاء قضاء العظيم التابع لمحافظة ديالى، وتحدثت عن ضغوط مورست عليهم من قبل قوات الأسايش لرفضهم المشاركة فى الاستفتاء.
  «العبادى: نرفض الاستفتاء»
وكان رئيس الوزراء العراقى حيدر العبادى، قد أعلن رفضه لاستفتاء إقليم كردستان، وقال إن «استفتاء كردستان هو محاولة لتقسيم العراق» مؤكداً أنه «لا يمكن الاستمرار فى فرض الأمر الواقع بالقوة».
وشدد العبادى على أن الانفصال عن العراق يضر وحدته ويخالف الدستور، وتابع «لن نتخلى عن مواطنينا الكرد وسيبقى العراق لكل العراقيين».
وقال «أطالب الشعب الكردى بمساءلة قادته عن عوائد الإقليم من النفط.. اسألوا قادتكم عن سبب عدم ادخال عائدات النفط فى الميزانية».
«الرفض السورى»
من جانبه قال وزير الخارجية السورى وليد المعلم إن حكومته ترفض استفتاء الاستقلال الذى تجريه حكومة إقليم كردستان العراق فى شمال البلاد.
ونقلت الوكالة العربية السورية للأنباء عن المعلم: «نحن فى سوريا لا نعترف إلا بعراق موحد ونرفض أى إجراء يؤدى إلى تجزئة ذلك البلد، هذه خطوة مرفوضة ولا نعترف بها وبالأمس أبلغت وزير الخارجية العراقى بموقفنا».
 «تركيا تدرس فرض عقوبات»
دوليا، أعلن رئيس الوزراء التركى بن على يلدريم، أن أنقرة تدرس فرض عقوبات ضد إقليم كردستان العراق على خلفية الاستفتاء على الانفصال.
وشدد يلدريم أثناء مؤتمر صحفى عقده أمس، على أن بلاده لن تعترف بنتائج الاستفتاء الذى يخالف دستور العراق ويهدد البلاد بالفوضى.
وذكر رئيس الوزراء التركى أن الأزمة الراهنة بلغت ذروتها ووصلت إلى نقطة اللاعودة، مؤكدا أن بلاده لن تتغاضى عن أى خطوات تستهدف الوجود التركمانى شمال العراق.
واعتبر يلدريم أن حكومة الإقليم تهىء الأرض لاشتباكات جديدة فى المنطقة، وتعهد بالتعامل مع بغداد فيما يتعلق بإدارة الحدود والخطوط الجوية وغيرها من المسائل.
وأكد رئيس الوزراء التركى أن أنقرة تلقت أمس طلبات من العراق وإيران بإغلاق معبر الخابور الحدودى و تم تشكيل لجنة وزارية بغية اتخاذ الخطوات اللازمة فى هذا الاتجاه.
وأعرب يلدريم عن جاهزية أنقرة لمساعدة حكومة بغداد من دون تردد، فى حال طلبت ذلك.
وتخشى عدة دول من تبعات الاستفتاء، خاصة تركيا وإيران، اللتان تخشيان من انتقال عدوى الانفصال إلى سكانهم الأكراد، ومن مطالبات محلية مشابهة فى بلدانهم.
«لاعودة عن الاستقلال»
فى سياق متصل، كتب ديفيد زوتشينو فى صحيفة «نيويورك تايمز» إن الاستفتاء على استقلال كردستان هو بالنسبة إلى ملايين الأكراد بمثابة خطوة أولى إلى حلم مؤجل. فبعد حرمانهم من وطن عقب الحرب العالمية الأولى، فإن أكراد العراق مصممون على الهروب من عذاب ماضيهم وتحقيق مصيرهم الوطنى، فى بلد يخصهم وحدهم.
وأضاف: إن المقاتلين الأكراد أثبتوا للتحالف الدولى الذى تقوده الولايات المتحدة أنهم قوة لا غنى عنها فى القتال ضد داعش. وشعر الزعماء الأكراد أن هذه هى لحظتهم.
وكردستان هى جزء من العراق، لكنها تشعر بأنها أمة منفصلة. وهى تتمتع بحكم ذاتى موسع، مع حكومة وبرلمان خاصين، ولغة خاصة وجهاز جمارك وقوة مقاتلة يطلق عليها اسم البشمركة. ومنذ بروز داعش فى 2014، تحالف البشمركة والجيش العراقى لطرد المتشددين من العراق. وبعد فرار الجنود العراقيين من أمام داعش عامذاك، فإن قوات البشمركة صمدت وقاتلت واستعادت مناطق ووسعت الجيب الكردى بنسبة 40%.
ورأى أن الشعور التاريخى للأكراد بالخيانة وعدم الأمان حاضران فى المواجهة السياسية مع الولايات المتحدة، التى تخشى أن يفاقم الاستفتاء العنف العراقى وأن يفتت العراق ويقسم التحالف الدولى ضد داعش. ويقول مدير مدرسة كردية، يدعى مهدى أحمد حمزة، إنه شعر على الدوام بأنه مواطن من درجة ثانية، بالكاد يكون مقبولاً من العراقيين العرب خارج كردستان. ويضيف: «إن الأمر مشابه لعصفور فى قفص يتم تزويده بالطعام...لكن فقط عندما يكون فى مقدورك الطيران بعيداً تكتشف أنه فى امكانك اطعام نفسك».