الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

واحة الإبداع.. أنياب حانية

واحة الإبداع.. أنياب حانية
واحة الإبداع.. أنياب حانية




اللوحات للفنانة
جيهان سليمان

يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة «على ألا تتعدى 055 كلمة» على الإيميل التالى: 

[email protected]


أنياب حانية

كتبها: أحمد الجيزاوى


ثلاث خطوات أمشيها وأسقط فى الرابعة، لتلتقطنى أمى ضاحكة، نادرا ما تضحك مذ تركنا أبى فى الغابة ورحل إلى المدينة. يبدو أن رحيله قد أحزنها كثيرا كما أحزننى أنا أيضا. أوقات رائعة كنت أقضيها على كتفه وهو يعبر النهر ويلتقط الثمار. أضحكنى كثيرا وهو يقذفنى لأعلى لألمس فروع الأشجار قبل أن أسقط بين يديه. كنت أراقب حركته الرشيقة وهو يطارد الأرانب ويسقط، لكنه يقوم سريعا ويستمر فى المطاردة.
لماذا قرر فجأة أن يعود إلى المدينة؟!
بضعة أشهر أقضيها فى المدينة لأجمع ثمن عربة من الأحجار أجلبها للغابة لأبنى بيتا جديدا، هكذا قال بعد أن هدم السيل بيتنا الذى قد بناه من القش وجذوع الأشجار.
أمى تخشى على من الضوارى والحيات. هى لا تعرف أنهم أصدقائي، فقد أتت الحية وداعبتنى كثيرا عندما خبأتنى بين فروع الأشجار وذهبت تبحث عن طعام.
الثعالب أيضا جاءتنى ولحست جلدى ولم تصبنى بأذى. سمعت أبى يشكو كثيرا من معاملة البشر، ربما هم سبب هروبه من المدينة إلى الغابة منذ سنوات، لكنه اليوم عاد إليها من جديد. كم أخشى عليه غدرات البشر! وأرى هذا الخوف باديا فى عين أمى التى تغسلنى بدموعها كل يوم وهى ترضعني.
كبلوه بالحديد وحملوه فى سيارة، وبعد يومين ألقوا به على الرصيف بين الحياة والموت. هكذا قالوا لأمى عندما راحت تبحث عنه فى المدينة.
نظرة واحدة نظرها إليَّ قبل أن تنحدر من عينيه دمعة ويغلقهما للأبد.
متى تستقيم خطواتى وأعود للغابة؟