الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

كيف لاتزال ديوننا الخارجية آمنة رغم ارتفاعها إلى 79 مليار دولار؟

كيف لاتزال ديوننا الخارجية آمنة رغم ارتفاعها إلى 79 مليار دولار؟
كيف لاتزال ديوننا الخارجية آمنة رغم ارتفاعها إلى 79 مليار دولار؟




كتب – أحمد زغلول


طلّت علامات الاستفهام برءوسها بحثًا عن إجابة لسؤال محير، وهو كيف يعلن البنك المركزى بنهاية الأسبوع الماضى أن الدين الخارجى ارتفع إلى مستوى 79 مليار دولار، وفى الوقت نفسه يؤكد أنه فى الحدود الآمنة، حيث إن زيادة الدين بهذا الشكل تثير المخاوف من أن تتسبب فى عدم قدرة الدولة على السداد فى المواعيد المحددة وبتكلفة الاقتراض التى تكون مرتفعة فى بعض الحالات، كذلك كيف يرى البنك المركزى المستقبل للاقتصاد المصرى وقدرته على التعافى خلال الفترة المقبلة فى ظل تطبيق برنامج إصلاح اقتصادى؟.
الدين الخارجى والالتزامات قصيرة الأجل
وبالنظر إلى تفاصيل تقرير الاستقرار المالى الذى أطلقه البنك المركزى والذى جاء فى 50 صفحة، يبرز توضيح البنك المركزى لأمان حدود الدين الخارجى المصرى رغم ارتفاعه، حيث أكد «المركزى» أن الدين الخارجى ارتفع ليسجل 79 مليار دولار فى يونيو 2017 مقابل 55.8 مليار دولار فى يونيو 2016.
وأكد البنك المركزى أن هذه الزيادة فى الدين الخارجى تمول بنسبة كبيرة من مصادر ذات تكلفة منخفضة وعلى فترات سداد طويلة الأجل، حيث ارتفعت قروض المؤسسات الدولية والإقليمية بمقدار 7.7 مليار دولار، والسندات بمقدار 5.5 مليار دولار، والدين قصير الأجل بمقدار5.3 مليار دولار.
وقال «المركزى» فى تقريره: «تتضح قدرة الاقتصاد المصرى على تغطية القروض الخارجية قصيرة الأجل  والتى بلغت 39% من صافى الاحتياطيات الدولية مقابل 40% عن نفس الفترة من العام السابق، وبالتالى يظل الدين الخارجى فى الحدود الآمنة وفقاً للمعايير العالمية لكون النسبة قصيرة الأجل منه تقريبًا أقل من نصف الاحتياطيات الدولية».
أداء الجهاز المصرفى
أما فيما يتعلق بأداء الجهاز المصرفى والتوقعات للاقتصاد خلال الفترة المقبلة، فقد أوضح «المركزى» أن إجمالى أصول القطاع المصرفى ارتفع ليسجل 3.1 تريليون جنيه فى العام المالى 2016، والذى يمثل الجزء الأكبر  من النظام  المالى المصرى بنسبة 88.2% من إجمالى أصول القطاع، وقد بلغت نسبة أصول القطاع المصرفى إلى الناتج المحلى 116% فى نهاية العام المالى 2016.
كما استمرت معدلات نمو المراكز المالية للبنوك فى الارتفاع لتسجل 42% فى العام المالى 2016 مقابل 21% فى العام المالى 2015، واستمرت البنوك فى تحقيق معدلات نمو مرتفعة فى صافى الأرباح فى العام المالى 2016 ليسجل 62 مليار جنيه بمعدل نمو 82% مقابل 34 مليار جنيه بمعدل نمو 48% فى العام المالى 2015 نتيجة نمو صافى الدخل من العائد وصافى الدخل من الاتعاب والعمولات وذلك نتيجة للتوسع فى الخدمات المصرفية المقدمة للبنوك سواء للأشخاص الاعتباريين أو الأفراد،بالإضافة إلى استثماراتها فى أدوات الدين الحكومى والأرصدة لدى البنوك.
الاقتصاد العالمى وتأثيراته
وأكد البنك المركزى، فى تقريره، أن النمو العالمى شهد تعافيا منذ بداية عام 2017 وذلك بعد التراجع الطفيف فى عام 2016 والذى جاء نتيجة تراجع النمو فى الاقتصادات المتقدمة وكذا فى الأسواق الناشئة والدول النامية متأثرة بارتفاع أسعار الفائدة على الدولار الأمريكى، وضعف الأسواق المالية العالمية إلى جانب ضعف الطلب الخارجى بالنسبة لهذه الدول.
بالإضافة إلى ذلك فقد تراجعت أسعار السلع الأساسية خاصة أسعار النفط ولكنها تحسنت فى ديسمبر 2016،مما أدى إلى تصاعد معدلات التضخم فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فى حين ارتفعت معدلات التضخم العالمية خلال ذات الفترة مصحوبة بارتفاع طفيف فى منطقة اليورو حيث تبنى البنك المركزى الأوروبى سياسة نقدية توسعية، على عكس الولايات المتحدة الأمريكية التى انتهجت سياسة انكماشية.
ويتوقع صندوق النقد الدولى أن يشهد الاقتصاد العالمى ارتفاع فى معدلات النمو من 3.1% فى 2016 لتصل إلى 3.6% فى 2018،ويرجع ذلك إلى ازدهار الأسواق المالية وتعافى الصناعات التحويلية والتجارة، مصحوبة بتحسن ملحوظ فى الأسواق الناشئة والاقتصادات تدريجيا فى البلدان المصدرة  النامية من خلال تحسن الأوضاع  للسلع الأولية وذلك بدعم من التعافى الجزئى لأسعار هذه السلع.
وقد انعكست عوامل الفترة السابقة على تصاعد معدل نمو إجمالى الدين العالمى والذى تركز فى الدين الحكومى مما أدى إلى وجود مخاوف من التصاعد فى الدين العالمى وتأثيره على الاستقرار المالى خلال الفترة القادمة، خاصة فى حالة قيام الولايات المتحدة بزيادة أسعار العائد على الدولار بمعدلات أسرع من المتوقع مما يؤدى إلى آثار سلبية على حجم ديون الدول بالدولار الأمريكى.
كما تحسنت عوائد السندات فى الدول الناشئة والاقتصاديات النامية فى عام 2016 مصحوبة بزيادة فى التدفقات الاستثمارية خاصة فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
التوقعات للاقتصاد المصرى
ولفت البنك المركزى إلى أن الاقتصاد المصرى شهد فى الآونة الأخيرة حزمة من السياسات الإصلاحية التى تهدف إلى تصحيح الاختلالات الهيكلية وتساعد على تخفيف حدة الصدمات الداخلية والخارجية التى تعرض لها خلال الفترة السابقة.
وتأتى هذه السياسات ضمن برنامج شامل تم إعداده بالتعاون بين الحكومة والبنك المركزى - ويدعمه تمويل من صندوق النقد الدولى - من أجل استعادة استقرار الاقتصاد الكلى وتمهيد السبيل نحو نمو احتوائى مستدام على المدى الطويل، ويعد حصول مصر على هذا التمويل إشارة إلى الثقة فى تحسن مؤشرات الاقتصاد وتأكيد على قدرة مصر على تحقيق برنامج الإصلاح الاقتصادى.
يقوم هذا البرنامج على أربع ركائز أساسية، أولًا: انتهاج سياسة ضبط مالى تهدف إلى تنويع وزيادة مصادر الإيرادات العامة وترشيد الانفاق العام بطرق عدة، منها رفع الدعم عن الطاقة واحتواء فاتورة الأجور بهدف خفض عجز الموازنة العامة والدين العام ووضعهما على مسار تنازلى على المدى المتوسط.
ثانياً: اتباع نظام مرن لسعر الصرف بحيث يتم تحديده استنادا إلى قوى السوق من العرض والطلب، وذلك للتخلص من نقص العملة الأجنبية من خلال تشجيع الاستثمارات وزيادة تنافسية الصادرات وترشيد الواردات، وهو ما يساعد على إعادة بناء الاحتياطيات من النقد الأجنبى لتوفير هوامش أمان للوقاية من الخارجية. ثالثاً: الصدمات الداخلية وتشديد السياسة النقدية لاحتواء الضغوط التضخمية الناتجة عن تحرير سعر الصرف وسياسة الضبط المالي، ورابعاً، تحقيق نمو احتوائى مستدام.
فى اطار هذه السياسات، بدأت الحكومة والبنك المركزى معا فى توجيه الاهتمام نحو المشروعات الصغيرة والمتوسطة نظراً لأهمية الدور الذى تلعبه فى مكافحة البطالة، ودعم الصناعات الوطنية، ليصل نصيب قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة من إجمالى القروض الممنوحة من قبل القطاع المصرفى إلى 20% مع نهاية عام 2019 وذلك بسعر عائد منخفض، مع إيلاء عناية خاصة للقطاع الزراعى بتخفيض الحد الأدنى لحجم الأعمال (المبيعات/ الإيرادات السنوية) عن الشركات والمنشآت الصغيرة العاملة فى باقى القطاعات. كما قام البنك المركزى بإصدار مبادرة التمويل العقارى لمتوسطى ومحدودى الدخل بسعر عائد منخفض، وكذلك مبادرة دعم السياحة والصناعة التى تسمح بمساندة القطاعين، وهو ما يساهم فى دعم نمو القطاعات الاقتصادية المختلفة وتعزيز الوساطة المالية.