الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

المُتعة الحرام

المُتعة الحرام
المُتعة الحرام




«روزاليوسف» ترصد شياطين جماعات تبادل الزوجات على الإنترنت

تحقيق- مروة عمارة


لم يفق المصريون من صدمة حفل «الشواذ» بالقاهرة الجديدة بعد، فإذا بنا نرصد على صفحات «روزاليوسف» جرائم أخلاقية من نوع آخر سرعان ما وجدت لها موطئ قدم على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى فهذا يبحث عنمن يتبادل معه زوجته وأخرى تعلن أنها «متوفرة ومتاحة» هى وزوجها لتبادل الأزواج، بل وصل الأمر إلى قصر الممارسات على رجال الأعمال وذوى الوظائف الحرة، وكأنها رسالة موجهة إلى من يملكون الأموال. فهل هو عرض مقنن للدعارة أم أنها ممارسات أخرى تحاول اختراق المجتمع وهز ثقتهم فى قيمه وعاداته وتقاليده التى نشأ عليها؟!
«محمد .ح» موظف فى فندق شهير، أنشأ صفحة على شبكة الإنترنت، وبدأ فى استغلال شبكات التواصل الاجتماعى لاستقطاب راغبى تبادل الزوجات، مع زوجته، حتى تفاعل معه المتهم «محمد.م» ونشأت معه علاقة صداقة انتهت بتبادل زوجاتهما فى حفلات جنسية داخل شقة المتهم الأول بمنطقة شبرا، حتى توصلت مباحث الآداب بوزارة الداخلية من معرفة أن المتهمين كانا يقيمان حفلات جنس، وكان كل متهم يقيم علاقة جنسية مع زوجة الآخر فى الشقة، وتم القبض على المتهمين، وبرروا الجريمة بأنها «بسبب الملل من الحياة الزوجية والرغبة فى التغيير».
وشهد العام الحالى أيضًا إلقاء القبض على محام وعضو بنقابة المحامين، قام بإنشاء صفحات إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعى لتبادل الزوجات وممارسة الرذيلة. ولم يتخيل أحد أن يكون أستاذ جامعى وزوجته، وآخر مهندس وزوجته أبطالاً لجرائم شبكات تبادل الأزواج، فقد نشرت وسائل الإعلام تفاصيل الواقعة، وقيام المتهمين بإدارة صفحة على الإنترنت لتبادل الزوجات داخل إحدى شقق حى مصر القديمة، وسعوا عبر الانترنت لاستقطاب آخرين.
تاريخ تبادل الزوجات
كشفت التحريات، داخل مصر، عن أول قضية لتبادل الزوجات فى عام 2009، وأصدرت فيها حكما بسجن الزوج 7 سنوات وزوجته 3 سنوات، بعدما اعترف المتهمون بتدشين موقع على شبكة الإنترنت، والمرة الثانية عام 2012، كان البطل فيها محاسباً وزوجته الشابة.
أما القضية الثالثة فجرت وقائعها نهاية عام 2014، وكان الزوج موظفاً بالجامعة الأمريكية، بينما كانت القضية الرابعة بحى «مدينة نصر»، والمتهم فيها رجل 50 عامًا وزوجته 38 عامًا، ودشنا صفحة على موقع «فيس بوك».
وكانت قضايا شبكات تبادل الأزواج، من ضمن جهود مباحث الإدارة العامة لمباحث الآداب بوزارة الداخلية، وآخر حصر لجهودها، تم ضبط 2034 قضية آداب، منها 35 قضية دعارة دولية، و80 قضية إدارة مسكن للدعارة وتسهيل الرذيلة، ووصل عدد المسجلات فى الآداب إلى 22 ألفا و521 سيدة و8341 رجلا.
تعريف
وعرفت وسائل الإعلام الأجنبية مصطلح تبادل الزوجات wife) swapping) لأول مرة عام 1957 فى الولايات المتحدة الأمريكية ، وفى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى تغير المصطلح إلى (swinging)، ويعرف الآن بـ(swinging parties)، وأصبحت ظاهرة أمريكية عامة، لتنتقل بعد ذلك الى جميع البلاد الغربية، حتى أنه فى بريطانيا لا توجد مقاطعة إلا وبها ناد لتبادل الزوجات، وبجانب الأندية توجد مجلات وإعلانات، ومواقع على شبكة الإنترنت تعادل عدد المواقع الإباحية، أى أكثر من 400,000 موقع، تتناول أخبار هؤلاء وشئونهم، كما كونوا لهم أيضا منظمة يطلق عليها (Sexual Freedom League)، ثم أصبحت بعد ذلك منظمة عالمية (NASCAI)، بينما عدد نوادى تبادل الزوجات فى العالم يفوق 3000 ناد رسمى.
غياب الدراسة
الدكتورة منال زكريا أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة، فسرت وقائع تبادل الأزواج أنها «حالة من حالات الانفلات الأخلاقى والجرائم الجنسية، مؤكدة أنها ليست ظاهرة ولم تخضع لمراكز البحث ولا توجد لها إحصائيات دقيقة، رغم كونها تشكل انحرافًا أخلاقيًا وكارثة نفسية لمن يمارسونها».
وأرجعت تواجدها داخل مصر للانفتاح على الغرب والتركيز على السلبيات دون الإيجابيات.
رغم القضايا التى تم الإعلان عنها، إلا أن الواقع يشهد مئات المجموعات والصفحات عبرمواقع التواصل الاجتماعى، وتدشين العديد لمجموعات تبادل الأزواج داخل مصر وبمحافظات ومناطق بعينها. وما كان أكثر الأمور غرابة هو وجود صفحة بمواقع التواصل لدعم تبادل الأزواج داخل مصر.
عالم افتراضى
«ادعموا تبادل الأزواج فى مصر»، صفحة بمواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» و«توتير» تعلن عن حركة تسعى لتوصيل أفكارها للشباب وبالأخص المتزوجون، وتعد وسيلة للتواصل الآمن لراغبى هذا النوع من العلاقات، والتى يستحيل أن يتقبلها المجتمع المصرى فى العلن، حسبما يعرفها القائمون عليها.
«نقدر غضب المصدومين من هدف الصفحة ونتفهم مشاعرهم، لكن نحن معنا الحق الإنسانى فى ممارسة الحياة بالشكل الذى نرغب به، طالما أننا لا نتعدى على حريات الآخرين طالما أننا بالغون، نحن أيضاً معنا تأييد علماء النفس فى دول الغرب والدول المتقدمة، ادعمونا. فنحن فقط نريد حياة سعيدة».. تعبر الحركة عن الهدف منها، محاولة أن تكون وسيلة لجذب العشرات وربما المئات من المترددين عليها.
وتطالب الحركة، عبر صفحتها، الكابلز (الذين يمارسون تبادل الزوجات فى مصر) بضرورة «الظهور للعلن من أجل المطالبة بحقوقهم القانونية، مشيرة إلى أن هذا سيكون كافًا جداً لنجاح ضمان حقوق متبادلى الزوجات فى مصر».
وتذكر الحركة «محبى تبادل الأزواج والزوجات يخشون فقط السخط المجتمعى المترتب على مطالبهم ويعلمون أنه لا أحد سيقف بجوار مطالبهم حتى مدعى الليبرالية والتحرر».
ويتواجد آلاف من المصريين بتلك الحركة، وأغلبهم يحمل أسماء مستعارة له ولزوجته، وبعضهم يترك رقم الهاتف وآخرون يعرضون فقط موقفهم، وتتنوع آراؤهم ما بين القبول والرفض لتلك الحركة.
وترجع أستاذ علم النفس منال زكريا، ما يحدث من وجود مثل تلك الصفحات، إلى غياب التوعية الدينية والجانب الروحى لدى الناس، وهو ما سبب كثرة الانحرافات، حيث يتحول الرجل لقواد. وتطرح الحلول متمثلة فى توعية ووجود مكاتب للإرشاد النفسى والاجتماعى وتقوية الجانب الروحى وتقوية الضمير ومحاربة الإعلام لتلك الجرائم.
مدونة تبادل الأزواج
من الصعب أن تجد شخصًا يعلن عن تأييده لتلك الفكرة ويظهر هويته للعلن، حتى أن أحد المدونين والذى يؤيد «تبادل الأزواج» لا يُظهر اسمه الحقيقى، ويستعين باسم مستعار لمدونته هانى بشري، مدون مصرى، أبرز المطالبين بحرية تبادل الأزواج فى مصر، يشير عبر مدونته (هانى فيردم) التى تهتم بحقوق الأقليات وبالأخص تبادل الأزواج إلى أنه «مذهول من ردود الفعل فى الوسط الليبرالى على الفيس بوك أو من يعرفون أنفسهم بأنصار الدولة المدنية، وما قام به هذان الزوجان من ممارسة حريتهم الشخصية بما لا يتعدى على حرية الآخرين».
وينوه هانى قائلًا: أعلن تضامنى الكامل مع ضحايا القمع الجنسى فى بلدى مصر من الذين يتبادلون الزوجات، وفى غاية الحزن من الضعف الشديد للتيار الليبرالى فى مصر، ولهذا قمت كخطوة بإنشاء صفحة على الفيس بوك لدعم كل الأزواج والزوجات الذين اختاروه كأسلوب حياة».
«بالخارج يحترمون الأقليات الجنسية عالميًا، ولكن نحن نقمع أى شىء مختلف عنا، وتبادل الأزواج ليس مرضًا اجتماعيًا سيدمر المجتمع، ومن يقدمون عليه يعانون أمراضاً نفسية، كما يتهمهم البعض، ولكنه توجه جنسى مثله مثل المثلية الجنسية»، حسبما يقول هانى.
ويضيف المدون المصرى «لكل إنسان الحق أن يعيش الحياة الجنسية التى يرى فيها سعادته، أما العادات والتقاليد والتفسيرات الدينية الحالية فسوف تتغير تدريجياً للاعتراف بالأقليات الجنسية طالما توجد مناقشات بهذا الأمر فى وسائل الإعلام».
وحول ما إذا كان محاكاة للغرب يقول: «لا أعتقد أنه يوجد شخص عاقل سيخاطر مع زوجته بمغامرة جنسية كهذه من أجل مجرد التقليد، فهذه المغامرة قد تضعه هو وزوجته فى السجن، ومازال أمامنا الكثير من الوقت للاعتراف بتلك الحقوق، ولكن متفائل فى ظل ثورة المعلومات والاتصالات التى ستلعب دورًا حيويًا فى توصيل صوت الأقليات الجنسية للمجتمعات التى تعيش فيها».
«توجد خطورة فيما يتعلق بطريقة تعقب الأقليات الجنسية فى الإنترنت، ولكن هناك مواقع أجنبية تقدم خدمتها بمقابل مادى وهى أكثر الطرق أمانًا للأقليات الجنسية لتتواصل مع بعضهم البعض فى الدول العربية والإسلامية».. متحدثا عن مخاطر تبادل الأزواج فى مصر والبدائل الآمنة.
وتصف أستاذ علم الاجتماع منى صالح، الشخصيات المقبلة على تلك النوعية من العلاقات، بـ«الشذوذ الاجتماعى والفكرى» الناجم عن غياب دينى. مؤكدة أنهم يستغلون مواقع التواصل للاختلاط مع راغبى العلاقات «الشاذة اجتماعيًا»، حيث يسهل عبر مواقع التواصل الاجتماعى الوصول لراغبى تلك العلاقات.
وترى أستاذ علم الاجتماع، أن هؤلاء المقبلين على تلك الأنماط من العلاقات الواردة من الخارج لديهم ميل للأفعال الغريبة عن المجتمع وعاداته أشخاص «سيكوباتيين» يحبون الأشياء الشاذة والغريبة، وبحاجة لتأهيل اجتماعى ونفسى وعلاج طويل المدى».
رصد للصفحات
وعبر العديد من صفحات ومجموعات «تبادل الأزواج»، وفى محاولة لرصد مدى انتشار وتواجد تلك المجموعات ومدى التفاعل معها، وهل ما يحدث خلال العالم الافتراضى يتحول لواقع ينفذه المترددون على تللك الصفحات أم لا؟.
تواصلنا مع بعض المجموعات المتواجدة على شبكة التواصل الاجتماعى ومنها «فرى كابل مصر» و«فرى كابل القاهرة» و«فرى كابل مدينة نصر».. بعضها صفحات مغلقة وسرية وبعضها مفتوحة، وأغلب المترددين حملوا أسماء مستعارة.
يحكى أدمن «فرى كابل» عن تجربته وكيف انضم إليها «طبعاً الفكرة صعب تطبيقها ومع الوقت الحالى فى ظل ظروف المجتمع المصرى، ونحتاج توسيع دائرة الأفكار بتوزيع أفلام وقصص وسأسعى لكتابة قصصى».
«لدينا حساب إلكترونى وهمى، ولكن نعلن عن أرقامنا الهاتفية من أجل التواصل ونترك مواصفاتنا، ونعانى من سخافات البعض ومخاوف أن يتم اصطيادنا من قبل ضباط مباحث الآداب ولكن لا توجد لدينا وسيلة آمنة للتواصل إلا عبر مواقع التواصل الاجتماعى».. يوضح طرق التواصل مع الراغبين.
موقف المترددين
اختلفت آراء المترددين على تلك الصفحات والمجموعات، ورغم اشتراك البعض بها، إلا أن لهم موقفًا معارضًا لها . فيقول محمد، اسم مستعار، لـ«روزاليوسف»: «أنا غير متزوج ولكن من باب الفضول اشتركت بها، ولا يمكن ربط الليبرالية بالتحرر الجنسى، وهو أمر غير مقبول، فالأخلاق تخضع للنقاش، كليبراليين سواء عرب أو حتى من ثقافات شرقية أخرى، علينا أن نرفض الانحلال الجنسى، فكل شىء له حدود وضوابط، والليبرالية فى الغرب تطورت مع مرور الوقت، ولايزال فى الغرب رفض لهذا الانحلال».
فى حين يوافق منعم، اسم مستعار أيضا اختاره عند الحديث، وهو أحد أعضاء صفحة «محبى الكابل» على فكرة تبادل الأزواج ولا يرى فيه جريمة «الزواج الحر وتبادل الزوجات تدخل فى الحريات الشخصية البحتة ولا يحق للدولة كمؤسسة التدخل بين الناس طالما أنهم لايتعدون على حرية الآخرين ولم يصدر ضدهم شكوى حقيقية يعاقب عليها القانون».
ومحسن، اسم مستعار، يقول « نجحنا فى تقليد الأفكار الشاذة للغرب ولكن للأسف لا نحاكيهم فى العلم والثقافة والمعرفة، بل أخذنا أسوأ ما نتج عن الحضارات الغربية، والذى يتنافى مع العادات والأديان بالدول العربية، ولهذا عليك غلق تلك الصفحة لأنها تدعو للانحلال والبعد عن الأخلاق التى يتميز بها المجتمع الشرقى».. ينتقد رغم كونه أحد المترددين على تلك الصفحات.
عقوبات غير فعالة
بالنظر لتلك الجرائم المرصودة والعقوبات التى وقعت على المتهمين، فإن جريمة «تبادل الأزواج» تخضع لقانون الدعارة الصادر عام 1961. وبحسب مواد قانون العقوبات توجه النيابة للمتهمين أفعال نشر إعلانات خادشة للحياء، وتحريض على الفسق والفجور، والدعوة لممارسة الدعارة، وتلك الواقعة تدخل فى نطاق تسهيل أعمال الدعارة والزنى والاتجار فى البشر، ويواجه فيها المتهمون عقوبة بالحبس تبدأ من 3 سنوات، وذلك لتوفر جنحة الدعارة.
ولكن هل تكفى تلك العقوبات لردع تلك الجرائم، وهل القانون بحاجة لتعديل لمنع تكرارها. يقول محمد قنديل، المحامى، إن جريمة تبادل الأزواج تدخل فى نطاق تسهيل أعمال الدعارة والزنى واستغلال الساقطات والاتجار بالبشر، ويواجه المتهمون حكما بالحبس 3 سنوات، لتوفر أركان جنحة الدعارة.
ويشير«وفقا لقانون العقوبات تعتبر تلك الجريمة هى تهمة نشر إعلانات خادشة للحياء، وتحريض على الفسق والفجور، والدعوة لممارسة الدعارة، رغم اعترافهم بممارسة الزنى ولكن لا توجه إليهم تهمة الزنى، لأن الزوج والزوجة راضيان بالجريمة وفقا للمنصوص عليه فى قانون العقوبات والمنقول حرفيا من القانون الفرنسى والعقوبات هى طبقًا للمادتين 269 و278 الحبس من شهر إلى سنة».
وينوه قنديل «القانون الحالى قاصر وبحاجة للتعديل لمنع تكرار تلك الجرائم التى تهدد الأمن العام».
قانون جديد
وفى محاولة لمكافحة تلك الجرائم الإلكترونية، شن عدد من أعضاء مجلس النواب حربًا عليها، وطالبوا بسرعة إصدار قانون جرائم تقنية المعلومات (جرائم الإنترنت)، والذى تناقشه لجنة الإصلاح التشريعى، وهو المشروع الذى يتضمن وضع إطار عام لمعاقبة مرتكبى الجرائم الإلكترونية الخاصة بمواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعى ويتضمن 59 مادة، ويهدف لتحقيق التوازن بين الحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة التى يكفلها الدستور للمراسلات الإلكترونية وعدم إفشائها أو التنصت عليها إلا بأمر قضائى مسبب، وبين مواجهة الاستخدام غير المشروع للحاسبات وشبكات المعلومات وما يرتبط بها من جرائم.
وهو ما أكده النائب تامر الشهاوي، عضو لجنه الدفاع بالبرلمان، خلال حديثه عن مشروع القانون، أن مصر فى أمسّ الحاجة إلى هذا القانون فى الفترة الحالية، خاصة أنه يهتم بوضع ضوابط للتعامل مع المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعى التى يديرها عناصر متطرفة أو شاذة، ويقدم القانون تحديدًا للجريمة الإلكترونية ويضع عقوبات لها، وهو مهم للغاية نظرا لما تواجهه البلاد من فوضى إلكترونية، وستكون هناك أولوية للانتهاء منه، والموافقة عليه فى أسرع وقت.