الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

كابوس الانفصال يطارد القارة العجوز

كابوس الانفصال يطارد القارة العجوز
كابوس الانفصال يطارد القارة العجوز




كتبت – داليا طه

واقع صادم تعيشه القارة العجوز حاليا، تتمثل تفاصيله فى مشهد لم يخطر ببال أكثر المتشائمين.. أكثر من 90 % من سكان إقليم كاتالونيا الإسبانى يصوتون لصالح الانفصال عن مدريد.
أحداث وصلت حرارتها إلى الملاعب والرياضة، فالإقليم هو موطن الفريق الأشهر لكرة القدم برشلونة، ولم يفوت النادى الفرصة للخوض فى السياسة، إذ أعلن فى بيان له رفض منع مواطنى الإقليم من ممارسة حقهم الديمقراطى فى حرية التعبير، وشارك نجم برشلونة جيرارد بيكيه فى الاستفتاء، بل وأثارت كلماته ودموعه مشاعر الكثيرين عندما تحدث عن ديكتاتورية طالما عاشوا تحت سقفها لسنوات لم يتمكنوا خلالها من التصويت، مطالبا الجميع بالدفاع عن هذا الحق.
بل وصل الأمر إلى إعلانه ترك المنتخب الإسبانى لكرة القدم، إذا كان ذلك سيتسبب فى مشكلات لإسبانيا!
وتبع ذلك عصيان من الشرطة المحلية فى الإقليم لأوامر شرطة العاصمة مدريد، معلنة رفض التعامل العنيف مع المصوتين، ما اضطر السلطة المركزية للتدخل بقوات الطوارئ!
حلم الانفصال يراود أبناء برشلونة
وعلى الرغم من بعض الاستقلالية التى تتمتع بها منطقة شمال غرب إسبانيا، منذ وفاة فرانشيسكو فرانكو، فإن سكان هذه المنطقة يحلمون بالاستقلال الكامل، وخاصة بعد أن تمكنت من تشكيل حركة انفصالية فى عام 2009.
ويعد إقليم كتالونيا قوة اقتصادية هامة لإسبانيا، إضافة إلى أنه يقدم مليارات اليورو كل عام للموازنة العامة، أى أكثر مما تقدمه الحكومة المركزية.
ويتمتع الإقليم بلغته الخاصة وهويته المختلفة عن باقى المناطق الإسبانية، وتخطط الحكومة الكتالونية لعقد استفتاء للاستقلال فى نوفمبر المقبل، لكن مدريد أعلنت أن هذه الخطوة تعتبر انتهاكا للدستور الإسبانى.
وما يجعل إسبانيا الأكثر هشاشة أمام الفكرة الانفصالية دون سائر الاتحاد، أنها تواجه المطالب ذاتها من إقليم ثان على أراضيها وهو «الباسك»، الذى يقع فى شمالها ويمتد حتى جنوب غرب فرنسا ويبلغ عدد قاطنيه نحو ثلاثة ملايين نسمة، ويرى أبناؤه أن لديهم تاريخا يميز إقليمهم يمتد إلى القرن السادس عشر، وكانت آخر محاولات الباسك لنيل الاستقلال فى العام 2005، عندما سعوا للحصول على تصريح من مدريد لإجراء استفتاء على الاستقلال، لكن طلبهم قوبل بالرفض.
فيما فتح رئيس حكومة إقليم كاتالونيا الباب أمام احتمال إعلان الاستقلال عن إسبانيا بعد يوم خيم عليه التوتر فى المنطقة الواقعة بشمال شرق البلاد حيث انتشرت الشرطة المركزية لمنع تنظيم الاستفتاء فى إقليم يسكنه أكثر من 7 ملايين شخص.
وقال كارلس بيجدمونت فى خطاب بثه التليفزيون وهو يقف وسط أعضاء حكومته: «فى يوم الأمل والمعاناة هذا، حصل مواطنو كاتالونيا على حق (إعلان) دولة مستقلة فى صورة جمهورية».
ودعا الاتحاد الاوروبى إلى الانخراط بشكل مباشر فى النزاع بين إقليم كاتالونيا والدولة الإسبانية، قائلا «نحن مواطنون أوروبيون ونعانى من انتهاكات لحقوقنا وحرياتنا».
وأضاف قائلا: «سترسل حكومتى فى الأيام القليلة المقبلة نتائج الاستفتاء إلى برلمان كاتالونيا حيث تترسخ سيادة شعبنا وحتى يتسنى له التصرف وفقا لقانون الاستفتاء».
وتتعالى الأصوات فى مناطق عديدة فى أوروبا (القارة العجوز) للمطالبة بالاستقلال عن بلدانها فى أوروبا لأسباب قانونية، أو سياسية، أو اجتماعية، أو اقتصادية.
وعرضت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية «المناطق الأوروبية التى تتخذ التجربة الاسكتلندية مثالاً لها وتسعى لتقليدها والمطالبة بالاستقلال.
جزر الفارو فى الدنمارك
وفى الدنمارك تشكل جزر الفارو جزءا هاما، وعلى الرغم من تمتعها بالحكم الذاتى والكثير من الصلاحيات، تسيطر فكرة الانفصال عن الدنمارك على جميع سكان هذه الجزر.
«فنيتو» الإيطالية تطالب بالاستقلال
فى إيطاليا تطالب «فنيتو» بالاستقلال إذ صوت 89% من المواطنين فى فنيتو فى مارس الماضى على الاستقلال عبر عريضة على الإنترنت، الأمر الذى قاد إلى تأسيس حزب إيطالى يسمى Veneto Si تتركز أهدافه فى إجراء استفتاء رسمى للانفصال عن إيطاليا.
وألقت الشرطة القبض على عشرات المواطنين بداية العام الجارى فى هذا الإقليم، بسبب محاولتهم الانفصال بالمنطقة عن إيطاليا، كما بنى بعض الأشخاص دبابة من جرافة كانت موجودة فى المنطقة.
ويعلل الفنتانيون أسباب اتجاههم للانفصال عن إيطاليا، بالعوامل الاقتصادية، وخاصة أن شمال إيطاليا ينتج ثلثى الدخل للبلاد.
كورسيكا الفرنسية تحلم بالانفصال
وفى فرنسا تتبع جزيرة كورسيكا الواقعة فى البحر المتوسط السلطات الفرنسية منذ عام 1769، وعلى الرغم من النوايا الانفصالية، فقد فشل استفتاء حول الحصول على مزيد من الاستقلالية فى 2003.
وتسبب فشل هذا الاستفتاء فى كسر الجبهة الوطنية لتحرير كورسيكا، والتى كانت نشطة خلال العقود الماضية.
جنوب تيرول حائرة بين النمسا وإيطاليا
ويطالب جنوب تيرول فى إيطاليا بالانفصال، فقبل الحرب العالمية الأولى، كانت تنتمى هذه المنطقة إلى النمسا، لكنها أصبحت جزءا من إيطاليا، فى نهاية الصراع على الهيمنة على هذه المنطقة الهامة.
ويتحدث 70% من الذين يعيشون فى جنوب تيرول اللغة الألمانية، ويشعرون بقربهم من النمساويين والألمانيين، كما يحظون ببعض الاستقلالية وينعمون بدخل اقتصادى جيد، نظرا لقوة القطاع الزراعى والسياحى الذى يقدم على جبال الآلب.
ويطالب سكان هذا الإقليم بالاستقلال عن إيطاليا منذ استعمارها، إلا أن الحزب المحلى فشل فى التحول إلى حركة سياسية قوية يمكنها أن تأخذ خطوة مثل إجراء استفتاء.
الفالون والفلمنكيون يربكون حسابات بلجيكا
وفى بلجيكا يتكون الشعب من طائفتين رئيسيتين هما الفالون والفلمنكيون، ولكل منهما لغتها، فيتحدث الفالون اللغة الفرنسية لوقوعهم على الحدود مع فرنسا، بينما يتكلم الفلمنكيون الذين يعيشون شمال البلاد اللغة الهولندية.
ونظرا لثراء الجزء الشمالى، يطالب الفلمنكيون الاستقلال عن بلادهم وبناء دولة خاصة بهم.
بافاريا تبحث عن دولة فى ألمانيا
وفى ألمانيا  العديد من البافاريين يرغبون فى الاستقلال عن دولتهم ومنطقة بافاريا هى الإقليم الوحيد فى ألمانيا الذى لديه حزب يمثله فى البرلمان، حيث يشكل حزب «الاتحاد المسيحى الاجتماعى البافارى» جزءا من حزب «الاتحاد المسيحى الديمقراطى» الذى تقوده المستشارة أنجيلا ميركل.
وأشارت صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية الى أنه حتى لو صوت السكان «بنعم»، يظل أمام هذه الأقاليم تحد يتمثل فى الاعتراف الدولى باستقلاليتها.
فالبنسبة لبعض الاستفتاءات الهادفة للاستقلال، التى انتهت بتصويت الأغلبية، لم تكلل فى نهاية المطاف باستقلال الإقليم المعنى، نظرا لأن ذلك يتطلب اعتراف باقى دول العالم.
خلال عام 1981، أصبحت «سيسكي» مستقلة عن جنوب أفريقيا بعد أن تم إجراء استفتاء فى وقت سابق لكنها عادت مرة أخرى فى 1994 للدولة لرفض العالم الاعتراف بها.