السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

البابا شنودة أسقف التعليم

البابا شنودة أسقف التعليم
البابا شنودة أسقف التعليم




بيشوى فخرى


فى 30 سبتمبر 1962م وضع البابا كيرلس السادس يديه المباركة على الراهب أنطونيوس السريانى ليصبح أول أسقف للتعليم الكنسى ليبدأ عصرًا جديدًا فى الكنيسة، أيده البعض بأنه عصر «نهضة التعليم»، وذمه البعض الآخر بأنه عصر «الاغتراب الآبائى».. لكن ما لا نستطيع أن نغفله هو دور البابا الرائد فى التعليم الكنسى وشخصه الحكيم الذى أبهر العالم بأشعاره وتعاليمه وحكمته فى أصعب الأوقات على مستوى الكنيسة أو الدولة  وأولاده الذين قدمهم شهداء بين آن وآخر ليؤكدوا أن الكنيسة القبطية مازالت كنيسة علم ولاهوت- كنيسة نسك ورهبنة- كنيسة استشهاد ووطنية.
للبابا شنودة اسهامات فى الكتابة إذ أصدر كتبًا فى مختلف العلوم اللاهوتية والروحية والرعوية والكتابية تجاوزت 140 كتابًا، بخلاف الكتب التى ساهم فى نشرها خلال وجوده كراهب فى دير السريان.
 وهو البابا الصحفى الذى كان عضوًا فى نقابة الصحفيين فقد شارك بمقالات تتخطى عدة آلاف فى مجلة الكرازة التى بدأت شهرية ثم أسبوعية ثم نصف شهرية وكان رئيس تحريرها، بالإضافة إلى أكثر من ستمائة مقال فى جريدة وطنى منذ عام 1966م، وله 293 مقالا أسبوعيًا فى جريدة «الأهرام»، و91 مقالا فى جريدة «أخبار اليوم»، و32 مقالا فى جريدة «الجمهورية» تم ترجمتها بعد ذلك إلى اللغة الألمانية ونشرها القمص يوحنا البرموسى فى النمسا، ثم جمعها قداسة البابا شنودة فى كتاب، ثم عادت مقالات قداسة البابا فى الجمهورية من منتصف 2002م حتى نهاية 2004م بنحو 124 مقالا أسبوعيا، بالإضافة لمقالات قداسته فى جريدة» الحق» ومجلة «الهلال» ومقالات عديدة جدًا فى مجلته المحبوبة «مدارس الأحد».
وأهم ما يتميز به أسلوب قداسة البابا شنودة فى التعليم هو البساطة فى التعبير مع العمق فى المعنى، وله مهارة فى ربط العقيدة بالروحيات، واستخدام آيات الكتاب المقدس فى مواضعها بتفسير آبائى سليم وتطبيق عملى معاصر، ولأنه أديب وشاعر استطاع أن يطوع الأدب والفلسفة لخدمة الفكر اللاهوتى ، كما أن تعاليمه فيه الكثير من أسلوب مدرسة الإسكندرية اللاهوتية وهو أسلوب «الكاتشيزم» وهو التعليم عن طريق السؤال والجواب، الذى نلمسه دائمًا فى عظاته للشعب ومحاضراته فى الكلية الإكليريكية، وهى الطريقة التى أثمرت خمسة كتب بعنوان «سنوات مع أسئلة الناس» متنوعة فى موضوعاتها.
وبسبب علمه وثقافته، أخُتير أول رئيس لرابطة المعاهد اللاهوتية بالشرق الأوسط فى عام 1969م، وحصل على جائزة أفضل واعظ ومعلم للدين المسيحى فى العالم عام 1978م.
وفى مجال اهتمام قداسته بالمعاهد اللاهوتية والدراسات العليا  فامتدت فى عهده الكلية الإكليريكية وأصبح لها 11 فرعًا فى مصر و6 فى المهجر، بالاضافة لآنشاء عدة معاهد كنسية مثل: (معهد الرعاية، ومعهد الكتاب المقدس، ومعهد الألحان، وافتتاح قسم اللاهوت بمعهد الدراسات القبطية).
رأس فيهم مناقشة 17 رسالة علمية ما بين ماجستير ودكتوراه.
وأحدث البابا شنودة نهضة منبرية رائعة بعظاته الذهبية التى انبهر بها العالم، فعندما يتحدث البابا شنودة ينصت الكل ليتمتع بنهر العلم الفياض، فمن يقدر أن ينسى  (محاضرته عن قضية فلسطين فى المؤتمر الإسلامى المسيحى من أجل القدس 16/1/1975)، (محاضرة التثليث والتوحيد فى لقاء الشباب المسكونى فى 26/3/1977م)، (محاضرة إسرائيل فى نظر المسيحية عام 1966)، (محاضرة عن إسرائيل والأديان السماوية أو المسيحية وإسرائيل فى نقابة الصحفيين 5/12/1971).. ولقاء الأربعاء مع كل الشعب بالقاهرة، ولم ينس أنه بابا الإسكندرية فاهتم بتعليم أبناء الثغر بلقاء نصف شهرى.
بالحقيقة 30 سبتمبر اليوم الذى دشن فيه  القديس البابا كيرلس السادس أسقفية التعليم بنطقة المقدس «شنودة أسقف للتعليم» ليضىء السراج المنير فوق المنارة لكل من فى البيت ويظهر  عالمًا.. مفوهًا.. شاعرًا.. لاهوتياً قديرًا.. كاتبًا صحفيًا مستنيرًا.. ويثمر ثمارًا طيبة دائمة لا تفسد.. أن يصبح عيدًا للتعليم الكنسى الأرثوذكسى لمراجهة التعليم فى الكنيسة والنهضة التعليمية الحقيقية لضبط المنابر والمدارس الفكرية داخل الكنيسة وخضوعها للحق الإلهى والكتابى والآبائى دون حزبية وشخصانية لا تليق بعلوم ورجال الكنيسة.