الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

من تحرير الأرض إلى تحرير القرار السياسى.. وثائق من قلب المعركة.. كيف شاركت مراكز الشباب والأندية والجامعات فى الدفاع الشعبى؟

من تحرير الأرض إلى تحرير القرار السياسى.. وثائق من قلب المعركة.. كيف شاركت مراكز الشباب والأندية والجامعات فى الدفاع الشعبى؟
من تحرير الأرض إلى تحرير القرار السياسى.. وثائق من قلب المعركة.. كيف شاركت مراكز الشباب والأندية والجامعات فى الدفاع الشعبى؟




يرويها - بشير عبد الرؤوف


ما زالت الأسرار تتوالى لتكشف كيف كانت تدور عجلة الحرب فى مصر والإعداد لها قبلها بسنوات، رغم عدم وجود الملامح والمؤشرات بأن هناك حربا متكافئة، إلا أن بسالة الجندى المصرى وإيمانه بأن هناك قضية يدافع عنها، وهى عرضه فى أرضه، كانت تلك النتائج التى اعتمد فيها المقاتل المصرى على الله، كما تكشفها الوثائق التى شملها المجلد الوثائقى «مصر فى قلب المعركة» لوزير الثقافة السابق، د.عبد الواحد النبوى، والذى يجمع ما لم يفرج عنه من وثائق حتى الآن.
إعداد الدولة للحرب
مع إعداد الدولة للحرب جاءت البداية بأمر رقم 1 لمحافظ بورسعيد، حسن رشدى إبراهيم، بتقييد الدخول والإقامة بالمحافظة فى 3 فبراير 1970، عدا أفراد القوات المسلحة والشرطة، حيث تم تعيين محافظى مدن القناة والشرقية حكام عسكريين، وتحدد مداخل الجميل ومرسى القابوطى. ومرفق النقل المائى ببحيرة المنزلة منافذ لدخول المحافظة والخروج منها، والمتبقين ممن لم يتم تهجيرهم إجباريا بموجب بطاقة ذات لون أبيض موضح بها الصورة ورقم البطاقة ومكان الإقامة بالمحافظة وموقعة وممهورة بخاتم المحافظة، وبالنسبة للعاملين القادمين إليها وتابعين لجهات رسمية فى مهام ومأموريات يكون بموجب إقرار من الجهة التابع لها من أصل وصورة ممهورة بخاتمها، ويلتزم حامل التصريح المؤقت بمغادرة المحافظة فى نهاية المدة المحددة بالتصريح أو الممتدة، وبالنسبة للأجانب المقيمين فيكتفى بتراخيص الإقامة وتصاريح السفر المؤقتة الصادرة من المباحث العامة، ومن يخالف ذلك يعاقب بالحبس ثلاثة أشهر وغرامة لا تزيد على 50 جنيها أو إحدى العقوبتين.
كما جاء قرار وزير الخزانة، د.عبد العزيز حجازى، فى 21 مارس 1970 بالموافقة على طلب وزارة الشئن الإجتماعية بصرف التعويضات اللازمة بالنسبة للخسائر فى النفس والمال بالنسبة للخسائر الجزئية والكلية فى مصادر الرزق الأساسية لمحافظات السويس وبورسعيد والإسماعيلية.
وفى إطار إعداد الدولة للحرب جاءت المكاتبة إلى وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء، د.أحمد عصمت عبد المجيد، من وزير الكهرباء، ومهندس.أحمد سلطان إسماعيل، فى 11 ديسمبر 1971، بشأن تقرير مشروعات إعداد الدولة للحرب فيما يخص المؤسسة المصرية العامة للكهرباء، وهى 122 ألفا و500 جنيه نقدا، كما تمت مراجعة الاحتياجات فى الحدود التى تضمن سلامة تشغيل المرفق فى هذه الظروف الطارئة، وأمكن تخفيض الطلبات وأصبحت القيمة الإجمالية لها من النقد الأجنبى المطلوب هى 2.8 مليون جنيه بدلا من 3.5 مليون جنيه.
كما جاءت مذكرة وزير التموين والتجارة الداخلية بشأن المخزون الإستراتيجى للعام 1971/ 1972 بأنه يوجد مخزون احتياطى من كل السلع الغذائية وغير الغذائية، يكفى فى المتوسط احتياجات الاستهلاك لمدة شهرين، بالإضافة إلى هذا المخزون الاحتياطى يجب أن يتوفر مخزون استراتيجى لا يجرى استهلاكه افتراضيا ويجب أن يكون متجددا مراعاة لظروف التخزين.
كما جاء فى وثيقة للأمانة الفنية للمعلومات والدراسات بمجلس الوزراء عن الحصة النقدية المطلوبة للمؤسسة المصرية العامة للأدوية لعام 1971/ 1972 بقرار وضع موضوع شراء الأدوية لزيادة الرصيد المخزون ضمن المشروعات الجديدة، واعتماد ميزانية لها بمبلغ مليونى جنيه بالنقد الأجنبى منها مليون جنيه حر ومليون جنيه اتفاقيات، على أن تخصص لزيادة رصيد مخزون الطوارئ ولا يجوز استخدامها للاستهلاك العادى.
وجاء فى الأمر العسكرى للحاكم العسكرى لمحافظة أسوان باعتبار بعض المناطق المحيطة بالأهداف العسكرية وفى حدود 2 كيلو متر من جميع الجهات مناطق أعمال عسكرية ويمنع الاقتراب منها أو تصويرها وهى، السد العالى ومحطة كهرباء السد، أبراج الضغط العالى، خزان أسوان ومحطة كهرباء الخزان، مطار أسوان، مطار دراو، وكذلك حظر نقل الأتربة والرمال والزلط فى حدود 500 متر من على جوانب بعض الطرق باعتبارها تستخدم فى التحركات العسكرية.
كما جاء فى مكاتبة وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء، عبد المنعم عمارة، إلى وزير الخزانة، د.عبد العزيز حجازى، فى أول نوفمبر 1972، بأنه تمت الموافقة على منح التجار الأجانب وأصحاب العقارات من أهالى منطقة القناة سلفيات من البنوك التجارية بضمان وزارة الخزانة لمواجهة ظروف العدوان، ويتساوى فى الشروط المصريين والأجانب.
كما اعتبر قرار الحاكم العسكرى لمحافظة أسيوط فى 19 مارس 1973 منطقة مدخل وادى الأسيوطى منطقة عسكرية، ويحظر على المدنيين التجول أو المرور بها، إلا بتصريح مسبق من مكتب مخابرات أسيوط قبل التحرك بـ48 ساعة على الأقل، كما قرر الحاكم العسكرى لمحافظة الإسماعيلية بتشكيل مكتب للحاكم العسكرى بالمحافظة ومقره بمقر لجنة الاتحاد الاشتراكى لمحافظة الاسماعيلية بالتل الكبير، ويختص باستخراج بطاقات الإقامة وتصاريح مرور السيارات.
كما استعدت وزارة الشباب من جانبها لحشد طاقات للدفاع الشعبى والمدنى وخدمة أغراض المعركة المحتملة فى 26 أبريل 1973، حيث تم عقد اجتماع للمجلس الأعلى للشباب بشأن الأوامر العسكرية فى تلك المرحلة، وتم تقديم حصر لمراكز شباب القرى والمدن والاستادات الرياضية بعواصم المحافظات والهيئات الرياضية العاملة فى مجال رعاية الشباب والمدن الجامعية واستاداتها وملاعبها والمدن العمالية وملاعبها وبيوت الشباب، ليتم استخدامها كمراكز تدريب على الدفاع الشعبى والمدنى ومراكز تجمع وإقامة لفصائل المقاومة الشعبية ومراكز إيواء لأى أفراد تصاب تجمعاتهم السكنية بأى أضرار نتيجة لأعمال القصف الجوى.
وفى 5 سبتمبر 1973 صدر الأمر العسكرى بتكليف بعض شركات البترول بإعداد محطات بديلة للمحطات التى تقرر تخصيصها للقوات المسلحة وهى شركة مصر للبترول والجمعية التعاونية للبترول.

أيام الحرب
وفى 6 أكتوبر 1973 صدر قرار وزير الإسكان والتشييد بتكليف بعض الشركات لتنفيذ أعمال الإنقاذ والإصلاح الفورى وقت الطوارئ، وفى نفس اليوم صدر الأمر العسكرى بتعطيل الدراسة بمدارس محافظة الاسماعيلية وإعداد بعض المدارس كمستشفيات طوارئ، على أن يتم الإخلاء الكامل لمدرستى التل الكبير الإعدادية والمدرسة الابتدائية حديثة الإنشاء بالتل الكبير والكائنة أسفل العمارات السكنية.
وفى السابع من أكتوبر 1973 صدر الأمر العسكرى بتعطيل كل الأسواق بدائرة محافظة الشرقية، لحين صدور تعليمات أخرى، وفى التاسع من أكتوبر صدر الأمر العسكرى باعتبار بعض عمليات النقل بمحافظة القليوبية من حالات الضرورة المتعلقة بالمعركة، بحيث تصرف لكل سيارة تنفذ تعاقدات القوات المسلحة كمية 2000 لتر سولار أو 3 آلاف لتر بنزين شهريا، وتقوم السيارات بنقل مواد التموين ومستلزمات الإنتاج الزراعى والصناعى وتسويق القطن.
كما جاء قرار الحاكم العسكرى لمحافظة السويس بمنع إعطاء أى بيانات عن الشهداء العسكريين والجرحى منهم لأى جهة كانت دون المخابرات الحربية، ويكلف بها العاملون بالمستشفيات العامة من هم على مستوى المسؤلية، وعليه الالتزام بالسرية التامة.
وفى 15 أكتوبر 1973 صدر الأمر العسكرى بإعلان التعبئة العامة بمحافظة الغربية بين جميع العاملين بدائرة المحافظة- الأحرار منهم- والمشتغلين بجميع أجهزة الدولة وكذلك بين جميع من يعملون فى المهن الطبية والمساعدة، كما صدر بنفس التاريخ أمر عسكرى بإغلاق جميع المدارس الثانوية وما فى مستواها بمحافظة الغربية لأجل غير مسمى، ولحين صدور تعليمات، وفى 17 أكتوبر 1973 أرسل وزير القوى العاملة، صلاح غريب، مكاتبته لنائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية كشوف بأسماء العاملين بوزارة الداخلية والأجهزة التابعة لها، الذين يمكن الاستفادة بهم فى الدفاع المدنى وخدمة المعركة.
وفى 15 أكتوبر 1973 سجلت الوثائق مكاتبة (سرى جدا) وزير الدولة لأمانة الحكم المحلى والمنظمات الشعبية، د.فؤاد محيى الدين، إلى وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء بالنيابة، د.أحمد كمال أبو المجد، بأنه بشأن ما تقرر فى اجتماع لجنة العمل، يوم 6 أكتوبر، بشأن تخفيض
العاملين فى الأمانة والأجهزة التابعة لها، بأنها تعمل بأقل عدد ممكن من العاملين ولا يوجد فائض يمكن تخفيضه.
وبتاريخ 8 أكتوبر 1973 صدر الأمر العسكرى بحظر خروج أى كميات من الدقيق والسكر والزيت والمسلى والصابون والشاى والأرز وأى مواد تموينية أخرى خارج حدود محافظة البحر الأحمر وبين مدينة إلى أخرى داخل المحافظة، إلا بتصريح خاص.
وفى 30 أكتوبر جاء الأمر العسكرى بحظر التجوال بمدينة التل الكبير وقرية القصاصين من الثامنة مساء وحتى السادسة صباحا، وكذلك حظر التجوال داخل مدينة الاسماعيلية وقرية أبو صوير بنفس التوقيت، فيما عدا الأشخاص الذين لهم حق التجول للقيام بالأعمال المكلفين بها.
وتلا ذلك بحسب الوثائق اجتماعات مجلس الوزراء خلال شهر الانتصارات، والتى انتهت إلى ضرورة فرض ضريبة حرب واقتراح بوضع قيود على تداول بعض السلع بإخضاعها للبطاقات التموينية، ووضع قيود على استهلاك البترول على أساس خفض الاستهلاك بواقع 30% لأفراد الشعب وجميع أجهزة الدولة، وحصر جميع السلع الاستراتيجية والعمل على تأمينها ووصولها، وتوفير كميات من الأرز وتوريد الحيازات المطلوبة وتوخى عدم انتقال المحصول وتسريبه بين المحافظات، واستخدام المدارس والجمعيات كمقار للتدريب على أعمال الدفاع المدنى وخدمة المعركة، ووقف الدراسة بالمدارس الابتدائية والإعدادية.
كما جاءت القرارات والتوصيات بوجوب اتسام البيانات العسكرية بالحقيقة وضرورة تفنيد المزاعم الإسرائيلية، وأنه يجب على أجهزة الإعلام التعبير عن مظاهر الاعتزاز بنجاح قواتنا وتحطيم الصورة الأسطورية التى تعطيها أجهزة الإعلام الإسرائيلية عن الجيش الإسرائيلى.

ما بعد الحرب
صدر قرار رئيس الجمهورية، ممهمورا بتوقيع الرئيس الراحل، محمد أنور السادات، بإنشاء وحدات المقاومة الشعبية فى 14 أبريل 1974 بالمحافظات، واجبها المعاونة فى الدفاع عن البلاد والإسهام فى تأمين سلامتها ضد أى عدوان وتنفيذ ما تكلف به من مهام لتحقيق ذلك طبقا للخطة التى توضع لهذا الغرض وتسرى على وحدات المقاومة الشعبية من حيث تشكيلها والإشراف عليها وتسجيل أفرادها وتدريبهم ومعاملتهم واستحقاقهم للمعاش، كما يسرى عليهم قانون الأفراد الذين استشهدوا أو فقدوا أو توفوا أو أصيبوا بسبب تأدية واجبهم الوطنى فى المقاومة الشعبية، سواء أثناء التدريب أو الاشتراك فى العمليات الحربية.