الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

هبة البدهلى: أقدس القصة وأعشق اختزالاتها.. والخيال البطل فى كتاباتى

هبة البدهلى: أقدس القصة وأعشق اختزالاتها.. والخيال البطل فى كتاباتى
هبة البدهلى: أقدس القصة وأعشق اختزالاتها.. والخيال البطل فى كتاباتى




حوار- خالد بيومى

هبة البدهلى روائية وقاصة واعدة، عاشت فترة من طفولتها فى السودان وهى تلتقط كل التفاصيل، ومشغولة بمصائر شخصياتها، وتحتفظ بدهشة الأطفال، تحاول من خلال كتابًاتها إعادة بناء العالم وتشييد نقيضه ليبدو جميلًا من حولنا.. صدر لها فى القصة القصيرة: «للموت معان أخرى»، «بعيدا على حافة الحلم». وفى الرواية صدر لها رواية: «الضيق» التى تتوزع أحداثها بين مصر والسودان ولجأت الساردة إلى الماضى الذى يشهر سلطته عليها، فيتسرب باستمرار عبر ثقوب الحاضر، ليكون لحظة زمنية تحاول فيها الكاتبة رفض الواقع.. حول عالمها الثقافى كان حوارنا معها فإلى نص الحوار.
■ كيف كان أول اصطدام لك مع الأدب؟ وما هى مرجعيتك الأدبية؟
كنت أدرس كزملائى كيفية كتابة القصة القصيرة وكانت قصة «نظرة» للعملاق يوسف إدريس مقررة علينا كمثال، ومنذ ذلك الحين وأنا أسبح فى بحر يوسف إدريس، كتبت وقتها أول قصة بحياتى ولمعلم اللغة العربية وقتها دور كبير فى استمرارى بالكتابة، التى كانت تناسب تلك السنوات من عمري، قرأت بعدها أيضا للطيب صالح والسباعى وطه حسين ونجيب محفوظ وغيرهم مما توفر وقتها أمامى من كتب فقد كنت فى مرحلة استكشاف لعالم مبهر بحق.
■ بدأت بكتابة القصة القصيرة، ثم تحولت إلى كتابة الرواية.. هل القصة كانت عتبة لكتابتك للرواية؟
لا إطلاقا لم تكن القصة عتبة ولن تكون بحياتي، أنا أقدس القصة، اعشق اختزالاتها واختصاراتها وصدقها فى وصف ما يختبئا بالنفس، ولا أصدق قلما يعتبر القصة مرحلة للوصول إلى الرواية، فالرواية ليست غاية تبرر الخوض فى عالم القصة، ولكنى أرى أنه من الأفضل أن يكتب الكاتب فى جميع ألوان الكتابة إذا كان قادرا على ذلك، ولكنه سيتميز رغما عنه فى لون واحد، وجدير بالذكر أنه قد صدر لى بعد رواية الضيق مجموعة قصصية بعنوان «بعيدا..على حافة الحلم» فقد عدت ثانية إلى عالمى الذى أحب.
■ صدر لك مؤخرًا رواية بعنوان «الضيق»، وهو عنوان إشكالي، هل الضيق هنا مكانى أم زمانى أم نفسي؟ وهل هذا له علاقة بطبيعة العصر؟
الضيق هنا نفسى فقد كان الضريبة التى يتحملها صاحب الأمنية حتى تحقيقها، حلم الأسرة فى الرواية كان بسيطا ولم يتحقق إلا بالغربة والبعد عن الوطن والتوتر بالمشاعر ما بين الارتباط ببلدتين لا تعرف البطلة الصغيرة إلى أيهما تنتمي، وحتى حينما تحققت الأمنية بشراء مسكن بسيط كان الضيق حائلا دون الفرحة بذلك فلم يكن المسكن فى ذات المكان الذى تمنت فدائما الواقع قاسي، فعصرنا هو سارق الأحلام ومغيره وما علينا إلا الخضوع.
■ مسرح الرواية يتوزع بين مصر والسودان، وهناك اهتمام بالمكان وسرد التفاصيل.. ما علاقتك بالمكان وهل المكان مجرد فضاء للأحداث أم صانع لها؟
لم يكن المكان هو صانع الحدث فى الرواية ولكنها الأمنيات المنهوبة لصالح من لا تعرف الأسرة، فذلك الرجل الذى أفنى سنوات كثيرة من شبابه فى حب الوطن وتحريره لم يكن له أدنى حظ فى الحصول على الاستقرار والراحة الأسرية نظرا لضيق المكان الذى يعيش به والذى لا يناسبه وحينما تحقق ذلك كان خارج الوطن الذى أفنى ست سنوات من شبابه من أجل تحريره.
■ هل كتاباتك مستوحاة من الخيال؟ أم تعبير عن حالة اجتماعية أو سيكولوجية خاصة؟
- الخيال الخالص هو بطل الحكايات فى كتاباتى ولكنا لسنا منفصلين عن العالم من حولنا وبالتالى رغما عنى سيؤثر بى ما مررت به أو مر بى.
■ خاضت البطلة أكثر من تجربة حب وفشلت.. لماذا جاء الحب غير مكتمل فى الرواية؟
- لا توجد أمنية مكتملة التحقق بالرواية والبطلة هنا كانت تتسم بالرضا وكأنها تخشى من أن تحلم حلما كاملا فتركت نفسها للحياة تسيرها كما تشاء بفعل والديها، وكأنها أدركت أنه لا حلم ممكن التحقق بشكل كامل.
■ هل تسرب جزءاً من سيرتك الذاتية إلى الرواية؟
- لا إطلاقا إنما استخدمت أمكنة عشت أو مررت بها أثرت فى كثيرا، فى السودان والمدرسة مثلا.
■ الرواية كلها تتدفق من الذاكرة.. ما العلاقة بين ذاكرتك وكتاباتك؟
نحن جزء من مجتمع يؤثر بنا فلا انفصال عنه فى كتاباتنا، فمن أين تجىء القصص إذا ما ابتعدنا عن الواقع بحاضره وماضيه وهو ما يكمن بالذاكرة ونستمد منه مؤلفاتنا، فى الماضى كان الأدباء الكبار يتبنون الأدباء الشبان، فسلامة موسى قدم نجيب محفوظ وقدمه للساحة الأدبية.
■ كيف ترين الفجوة بين الأجيال حاليا وكيف يمكن علاجها؟
كان بالماضى كتاب كبار وكتاب مبتدؤون باحثون عن كيفية الوصول إليهم وإلى الظهور، وكان صاحب الحظ المبدع الموهوب ذلك الذى يستطيع الوصول إليهم ولأنهم كبار وشاعرين بالمسئولية تجاه الموهوبين فكانوا يمدون إليهم يد العون، أما الآن فقد أصبح بالساحة الأدبية أسماء لا حصر لها قادرة على إبراز نفسها بطرق أو بأخرى وأصبح كبار الكتاب حريصين على الحفاظ على مكانتهم أكثر من حرصهم على تقديم الموهوبين المبدعين للساحة، على أدبائنا إنقاذ الساحة الأدبية ممن وصلوا من خلال علاقاتهم والمجاملات التى تودى بالقيمة فى الأعمال الأدبية الحالية.