السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«عمر طوسون».. أمير القلوب

«عمر طوسون».. أمير القلوب
«عمر طوسون».. أمير القلوب




كتبت- مروة مظلوم

 

عقب الثورات يتنافس الكتاب فى إبراز مساوئ الأنظمة الحاكمة التى سبقتها وتطوى صفحات ذوى الأيادى البيضاء فى التاريخ بدعوى أنهم ينتمون إلى أنظمة مستبدة، دون النظر إلى سطور سجلوها فى تاريخ هذا الوطن، الأمير عمر طوسون واحد من أبناء الأسرة العلوية، ممن ثاروا على فحش الثراء والفساد والعظمة غير الحقيقية.. واحد ممن لم ينسوا فضل هذه الأرض عليهم وكان له دور حقيقى فى قضايا الوطن.. وبدورها لم تنس الهيئة العامة لقصور الثقافة أن تضم اسمه إلى «حكاية مصر» سلسلة إصداراتها التى صدر عنها مؤخرًا كتاب «الأمير عمر طوسون لمؤلفه د. محمد صبرى الدالي.
عمر طوسون أحد أولئك الذين لا يكثرون بالمكاشفة عن تفاصيل حياتهم والخوض فى الحديث عنها خاصة قبل شهرته الكبيرة مع ثورة 1919 على حد قول الكاتب.
 تناول الدالى بالشرح تفاصيل نسب الأمير عمر طوسون واستعرض شجرة عائلته لافتا إلى أنه يمثل الجيل الثالث من أسرة محمد على باشا الكبير.. عاش فى سرايته فى باكوس بمحطة الرمل بالإسكندرية حتى وفاته ودفنه فى مدافن الأسرة العلوية.. طفلا يتيما من الأسرة الحاكمة اسما بفضل مساعى الخديوى إسماعيل لجعل حكم مصر فى صلبه وحرمان بقية فروع الأسرة من هذا الحق تلقى تعليمه الأولى داخل قصر والده بالإسكندرية ثم أوفدته الأسرة إلى سويسرا.
السياسة والحكم أمور لم تشغل الأمير عمر طوسون فلم يسع لمنصب حكومى ولم يدخل نفسه فى دائرة الأحزاب والسياسة ولم يهتم بالعودة إلى مشهد الأسرة الحاكمة بعدما استبعد منه بفعل الخديوى إسماعيل كرس وقته بإدارة شئون دائرته وثروته التى ورثها عن أبيه اهتم بالزراعة واستصلاح ما فسد وبار من الأراضى بعد وفاة أبيه بسبب الإهمال ومن هنا تقرب الأمير من رعاياه الفلاحين تعرف على مشكلاتهم وأعاد بناء منازلهم فى هيئة قرى صغيرة تحوى مرافق صحية فى مزارعه فصار ذا شعبية وصاحب زعامة بينهم يحتكمون إليه فى كل صغيرة وكبيرة بلغ من الترف أن أنشأ لهم فرقة موسيقية تجوب أرجاء الإسكندرية، وكان يهدى هذه الفرقة لتعزف فى أفراح موظفى دائرته حتى ألفها الناس وصاروا يوقدون لأجلها المشاعل ويسيرون بينها فى مشهد وصفوه وقتها بحكايات ألف ليلة وليلة، قرب طوسون من العامة دفع ثمنه غاليًا من موقعه ومكانته بين الأسرة العلوية فقد كان كثير الغياب وربما غير مدعو لمعظم احتفالات التنصيب والاستقبال والزفاف بيد أنه لم يكن مرحبًا بوجوده بينهم.
ينتقل الكاتب فى الفصل الثانى من الكتاب إلى رحلات طوسون وكتاباته ودوره الثقافى يبدأها بالرحلات والاكتشافات الأثرية التى قادته إلى الاطلاع على جغرافيا مناطق مصرية غير معروفة وأدت به بالبحث عن تاريخها ومصادرها والقيام ببعض الحفريات والعثور على آثار مهمة.
من ناحية أخرى اهتم طوسون بمحو الأمية ونشر التعليم وإصلاح برامجه ومناهجه بما لا يستعصى معه مجاراة التطورات والتغييرات المواكبة للزمن، وقد نشرت جريدة المحروسة أنه شيد المدارس فى دائرته، وأصدر أمرًا بوجوب تعلم كل من يحمل قلما فى فروع دائرته، وعين أفاضل الأساتذة لتعليمهم قواعد اللغة العربية ووزع عليهم الكتب والقواميس، واهتم بالقضايا الاقتصادية.
وطبقًا لمذكرات مصطفى النحاس باشا، عرض البريطانيون العرش بالفعل على عمر طوسون، بعد وفاة السلطان حسين كامل، وقد أخبر الأمير النحاس باشا بذلك عام 1941، أثناء زيارة النحاس باشا له بمنزله فى باكوس، وينقل النحاس باشا كلمات الأمير كالتالى: لو أن الملك فاروق كان ذا عقل، ويفكر فى شىء من التاريخ، أو كان له نصحاء أمناء لعلم أن العرش عرض علينا قبل أن يُعرض على أبيه، عقب وفاة السلطان حسين كامل، ورفضناه رفضًا باتًا وكان رفضًا بطريقة أغضبت الإنجليز، وجعلتهم يناصبوننا العداء، ولم نبال بعدائهم وانضممنا إلى صفوف الأمة وأعلنا تأييدنا لـ«سعد»، عندما ألف «الوفد»، ولا نزال نعلن فى كل فرصة نصرتنا لـ«الوفد»، ولرئيسه الذى خلف «سعد» على الزعامة.
جدير بالذكر أن الأمير عمر طوسون تاريخه وإنجازاته كانت مادة خصبة للكتابة عنها فقد صدر أول مؤلف عنه بقلم قلينى فهمى باشا عام 1944 عن مطبعة كوستا توسوماش وكتاب عمر طوسون أمير الإسكندرية تأليف سحر جودة وترجمة مروة مدحت عن وحدة الدراسات المستقبلية بمكتبة الإسكندرية.