الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«السادات» و«أشمون» يحتلان المراكز الأولى فى زواج قاصرات المنوفية

«السادات» و«أشمون» يحتلان المراكز الأولى فى زواج قاصرات المنوفية
«السادات» و«أشمون» يحتلان المراكز الأولى فى زواج قاصرات المنوفية




المنوفية - منال حسين

ما بين الفقر والجهل والعادات والتقاليد، تدمر حياة القاصرات اللاتى لم يصلن للسن القانونية للزواج الذى حدده القانون «18عاما»، ومستقبل أطفال مجهولى النسب، محرومين من الحقوق التى كفلها لهم القانون والدستور، ويقفون على أعتاب المحاكم والجلسات العرفية لمحاولة الحصول ولو على جزء بسيط من حقوقهن وحقوق أطفالهن، بعد أن باعوهم آباؤهم بثمن بخس للتخلص من أعبائهم.
فتجد الفتاة نفسها وهى ما زالت فى مراحل النضج لم تتجاوز السن القانونية ولم تستوعب مصاعب الحياة، تحمل مسئوليات زوج وأطفال، ليس هذا فحسب، بل الكارثة أن عقود الزواج تكون عرفيا على يد سماسرة المحامين أو أئمة المساجد، أو مأذونيين ليس عندهم ضمير، لتتنازل الفتاة عن جميع حقوقها القانونية لحين وصولها لسن الزواج الرسمية وتوثيق العقود، هنا تواجهها عقبة أخرى وهى توثيق شهادات ميلاد الأطفال.
4٫8 تزوجن بعقود عرفية
فى المنوفية سجلت آخر نسبة لتعداد السكان بالمحافظة 4.80% لقاصرات تزوجن بعقود عرفية، من إجمالى تعداد السكان، حيث تنتشر ظاهرة زواج القاصرات بالمحافظة بشكل كبير، فى معظم قرى مركزى أشمون والسادات، فضلا عن أن هناك زيا معينا من الملابس لكل قرية ترتديه الفتاة عندما تصل مرحلة النضج وتصبح جاهزة للزواج ليكون دليلا على رغبتها ورغبة عائلتها فى تزويجها، فيتقدم لها الرجل ويتزوجها بعقد عرفى حتى تصل للسن القانونية ويتم توثيق العقد بشكل رسمي، وغالبا يحدث حالات طلاق قبل التوثيق الرسمى فيضيع حقوق الزوجة والأطفال.
إغراء الآباء
ولعل ما سجله وفد من وزارة التضامن عند نزوله محافظة المنوفية للمقارنة بين محافظتى الجيزة والمنوفية فى عادات وتقاليد الزواج، ينذر بكارثة، ففى داخل إحدى قرى مركز تلا، يقوم الآباء بعرض بناتهن على سماسرة الزواج لتزويجهن من رجال عرب مقابل مبلغ مالى كبير لتعود الفتاه بعد ذلك لمنزل والديها بعد تطليقها ومعها طفلها غير المقيد ليقوم والد الفتاة بعد ذلك بتسجيل الطفل باسمه ليصبح الطفل ابن وأخو الأم، وبذلك يكون هناك اختلاط فى الأنساب.
جريمة زواج القاصرات لم يتداركها الآباء إلا بعد وقوع الكارثة وتخلى الزوج عن زوجته وتطليقها.. ففى قرية طاليا التابعة لمركز أشمون تقول «أ.ع.ع» 16 سنة، متزوجة ولديها طفل: إنها كانت تعمل منذ سنوات فى الحقول والمزارع باليومية، فقام والدها وهى فى سن الـ14 بتزويجها لشاب يبلغ من العمر 27عاما، بعقد عرفى على يد محام، أنجبت منه طفلا إلا أنه بعد ميلاد الطفل مباشرة تخلى عنها وقام بتطليقها ورفض توثيق الزواج والطلاق، أو الاعتراف بالطفل، مضيفة إن كل ما يهمها الآن حق الطفل فى إثبات نسبه ليتمتع بجميع الحقوق فى التعليم والعمل وميراث والده.
ظروف اقتصادية
وتقول «م.أ.م» 15 سنة، من قرية كفر أبوالحسن مركز قويسنا، ولديها طفلان وهى أرملة: إنها تزوجت بعقد عرفى على يد مأذون فى عمر 12 عاما من رجل 30 عاما عامل باليومية، تزوجته لتحسين الحالة الاقتصادية لها، حيث إن والدها متوفى منذ سنوات طويلة ووالدتها تعمل بالمنازل لتوفير احتياجات أبنائها الخمسة، منوهة إلى أن الزوج توفى فى حادث سير، ورفض والد الأب الاعتراف بنسب الطفلين.
أما «أ.ع.أ» لم تكمل عامها الـ17، من قرية شمنديل التابعة لمركز قويسنا، فتقول: إن والدها زوجها بعقد عرفى على يد محام لرجل يبلغ من العمر 33 عاما، ليخف حمل المسئوليات من عليه، خاصة أنه لديها 5 شقيقات غيرها، وهو مزارع باليومية، لافتة إلى أنها تنتظر مولودها الأول وتتمنى أن تمر الأيام سريعا لتوثيق عقد الزواج رسميا وتسجيل طفلها فى سجلات الدولة.
وفى قرية كفر منصور التابعة لمركز أشمون، سجلت أعلى حالات نسبة زواج قاصرات بنسبة 60.07%، حيث نظم المجلس القومى للمرأة بالمنوفية عدة حملات للتوعية وترك الأبواب بالقرية، للتعريف بمساوئ زواج الفتيات قبل السن القانونية والضرر الواقع على الأبناء بعد ذلك.
أما مركز السادات فالكارثة فيه أكبر، حيث يتحكم سماسرة الزواج فى مستقبل الفتيات، فطبيعة الحياة بقرى مركز السادات تعتمد على خروج الفتاة للعمل باليومية داخل المزارع فيقوم صاحب المزرعة بإعطائها اليومية النقدية إلى جانب كمية من المحصول تقوم ببيعه بعد ذلك لتتربح منه لتجد الفتاة التى لم تتعد سن الـ12 عاما تتحصل شهريا على مبلغ لا يقل عن 3 آلاف جنيه فتقوم بتجهيز نفسها بشكل كامل، ثم ترتدى ثيابا معينة متفقاً عليها داخل القرية للدلالة على أنها تريد الزواج، ليتهافت عليها السماسرة وتزويجها ولعل أبرز المتقدمين للزواج من سكان المحافظات الأخرى.
الطلاق قبل الزواج رسميًا
لكن الأغلبية العظمى منهن ينفصلن عن أزواجهن قبل السن القانونية وتوثيق عقد الزواج لتجد الفتاة نفسها فى الشارع هى وطفلها، ولعل ذلك كان دافعاً لقيام عدد من الجمعيات الأهلية بالتعاون مع مجموعة من النشطاء والمحامين بمركز السادات بتوفيق أوضاع 119 حالة زواج قاصرات وتسوية المنازعات بنطاق المركز، عن طريق الجلسات العرفية والقضايا المرفوعة بالمحاكم.
وكان أقل المراكز انتشارا للظاهرة مقارنة بباقى مراكز محافظة المنوفية، مركز شبين الكوم، حيث سجلت محكمة الأسرة بندر شبين الكوم 6 حالات زواج عرفى للقاصرات فقط، فى حين زادت النسبة فى مركز شبين الكوم لتسجل 14 حالة زواج قاصرات.