الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«سلم نفسـك» يعيد أمجاد «قهوة سادة»

«سلم نفسـك» يعيد أمجاد «قهوة سادة»
«سلم نفسـك» يعيد أمجاد «قهوة سادة»




«التكرار يعلم الشطار» والمخرج خالد جلال معلم ومكتشف أغلب شباب النجوم «الشطار» بالوسط الفنى، كان حلماً منذ عام 2003، وقت الشروع فى افتتاح مبنى مركز الإبداع الذى أنشأه وزير الثقافة فاروق حسنى ليكون مركزاً مستقلاً للإنتاج المسرحى، عهد وقتها وزير الثقافة برئاسة المركز للمخرج خالد جلال الذى أبى أن يحوله إلى جهة إنتاج عادية، فكر جلال خارج السائد والمتعارف عليه وقرر تحويل المكان إلى ورشة لتعليم الشباب التمثيل، الإخراج، الرقص، الإتيكيت، الإلقاء، والغناء، فكانت ورشة مكتملة الأركان تسعى لتخريج فنان شامل يقدمه للوسط الفنى كوجه جديد محترف وليس مبتدئاً.
الحلم أصبح واقعا
تحقق الحلم وتخرج من هذا المكان على مدار ثلاث دفعات متتالية عدد لا حصر له من الوجوه الشابة والذى أصبح معظمهم اليوم من نجوم الوسط الفنى، بدأ تحقيق هذا الحلم مع انطلاق العرض المسرحى «هبوط اضطرارى» وكان عرض تخرج الدفعة الأولى من ورشة استديو مركز الإبداع لكل من سامح حسين، بيومى فؤاد، محمد شاهين، نضال الشافعى، أحمد السلكاوى، إيمان غنيم، إيمان السيد وغيرهم، ثم تكرر الحلم فى عرض تخرج الدفعة الثانية «قهوة سادة» والذى نجح نجاحا منقطع النظير، ضمت هذه الدفعة محمد فراج، محمد ممدوح «تايسون»، هشام إسماعيل، محمد ثروت، حمزة العيلى، حسام داغر، محمد سلام، أمير صلاح الدين، محمد فهيم، محمد على رزق، عمرو عبدالعزيز، أحمد سعد، محمد خالد، إسماعيل جمال، عمرو كمال بدير، سمر نيجلى، جيهان أنور، سماح سليم، رباب ناجى، نورا عصمت، مريم السكرى، آيات مجدى وآخرين، لم يكتف جلال بالمنحة المجانية التى خصصتها وزارة الثقافة  لشباب الموهوبين بل أضاف إليها ورشة أخرى مدفوعة الأجر لشدة الإقبال على الورشة الكبرى، وبالفعل قدم دفعة جديدة بعرض «بعد الليل» وتخرج منها أيضا نجوم برنامج SNL بالعربى ومحمد عز، محمود الليثى، تونى ماهر، بسنت هشام، إسراء الصابونى، نور قدرى وغيرهم، ثم عاد اليوم ليقدم للساحة الفنية مجموعة أخرى وعدداً آخر من الموهوبين المحترفين بعرض «سلم نفسك» الذى انطلق بعد انتظار دام ست سنوات كاملة لم يستمر فيها عدد كبير من الشباب واستطاع معظمهم شق طريقه أثناء عضويته بالورشة مثل سارة سلامة، على ربيع، أس أس، محمد عبد الرحمن، محمد المحمدى، أحمد محيى، وأحمد طارق يحيى، مريم البحراوى، مروة رضوان، وكثيرون تعذر عليهم الاستمرار والمشاركة بعرض تخرجهم «سلم نفسك» بسبب انشغالهم الشديد.
سكان الكواكب الأخرى ترفض عالمنا المريض
عندما تدخل قاعة االعرض وقبل بدء المسرحية ب15 دقيقة يكون المكان محاصراً من حراس الكوكب الجديد الذى ستطرأ عليه كمواطن مريض يرفض استقبال أمثالك من شدة ما تحمله من أمراض معدية، مجموعة أبطال العمل يرتدون ثياب بيضاء مشتابهة والتى صممتها بمهارة مروة عودة لتدخلنا بها إلى هذا الكوكب الأبيض النقى فجميعهم عابرون إلى عالم آخر له سمات وخلفية إنسانية واحدة مدينة الخير والحب والسلام، ليس بينهم مختلف ومن يمسه ذرة اختلاف قد يعرض حياته للخطر «الموت»، «سلم نفسك» مجموعة من المشاهد المسرحية المنفصلة يجمعها «أمراض المجتمع» أو الفيرس الذى أصاب المجتمع المصرى منذ سنوات ويزداد يوما بعد يوم، لكن برغم كم الأمراض النفسية والإنسانية التى يعانى منها المواطن المصرى إلا أنه ما زال يحتفظ بمنطقة داخله لم يعكر صفوها شيء سوى أنها فى مكان عميق من ذهن الهدف أو «المواطن المريض» الذى لن يتم اختراقه إلا بالتواصل المباشر معه هكذا يدخلنا العرض فى قلب وعقل رجل شاءت الظروف أن تلقى به على كوكب آخر بعيدا عن كوكب الأرض، مدينة استطاع سكانها تحقيق الحب والخير وتنقيتها من كل الشوائب الإنسانية التى تعانى منها البشرية، هذه المدينة المتخيلة استخدمت كرابط يجمع قصصاً وحكايات العرض، اعتبرت المدينة أن هذا الرجل الطارئ عليها خطر يهدد أمنها وسلامتها لأنه محمل بالكثير من الأمراض الإنسانية التى يصعب معالجتها أو التعامل معها مثل النميمة، ادعاء المعرفة، إلقاء الاتهامات جزافا وترويج الشائعات، الفن المزيف، عقوق الوالدين، افتقاد الشهامة، تسليع المرأة، انقلاب المعايير، التبذير، العلاقات العاطفية السريعة المشوهة، جنون السوشيال ميديا حتى فى الصعيد، الإرهاب وتجنيد الجهاديين بوعود الجنة، يناقش أطباء وحراس هذه المدينة كيفية التخلص من هذا الرجل المحمل بالأمراض، ويستعرض المخرج ودراماتورج العمل خالد جلال مع كل مشهد للأطباء والحراس اسكتش أو لوحة يتناول بها أحد هذه الأمراض الإجتماعية المتفشية، وينتهى العرض بفتح الملف الإيجابى الوحيد والعميق داخل هذا الرجل وهو ارتباطه بأرضه التى استشهد عليها آلاف الجنود دفاعا عنها، ففى مصر نجتمع على حب شيئين الأرض والمنتخب الوطنى لكرة القدم..!
ابتكار أشكال جديدة فى تناول قضايا المجتمع
 ليست هذه هى المرة الأولى التى يتناول فيها المخرج خالد جلال أمراض ومشاكل المجتمع بل من الواضح أن هذه القضية هى شغله الشاغل ففى «قهوة سادة»، وكذلك «بعد الليل» تناول نفس القضايا لكن فى كل مرة يعرضها علينا بشكل مختلف وأسلوب مبتكر، يقدم ممثليه كل مرة بشكل جديد لا يكف فيه عن التجريب والمحاولة وتوظيف كل منهم فى مكانه لإبراز موهبته الفنية ففى 20 لوحة استعرض خلالها إمكانيات 26 ممثلاً وممثلة 17 شاباً و9 فتيات ليس فيهم واحداً أقل من الآخر، كل منهم يحمل بداخله مستوى مختلفاً من المهارة والإحتراف فلم يؤد هؤلاء أدوارهم بمنطق الهواة كما يتصور البعض بل جميعهم محترفون وكأنهم نجوم كبار تزودوا بمهارات وخبرات فنية على مدار سنوات طويلة، استطاعوا تقديم عمل يحملك بقدر كبير من المشاعر المتناقضة الضحك، السخرية، الحزن، الحسرة، الألم، الحب، الخير والكراهية.
كتيبة نيللى وشيريهان القادمة..!
لم يكن معتادا أن تجد ضمن فتيات المركز الكثير من الموهوبات موهبة حقيقية بل أغلبهم من قبل كان يكتفى بالاجتهاد لإثبات ذاته بين زملائه لكن هذه المرة سيتخرج من بين جدران مركز الإبداع مجموعة من الفتيات تتمتع كل منهن بمهارة تمثيلية وحركية مذهلة، ففى مشاهد الاستعراض التى تجمعهم مشهد النميمة وتسليع المرأة المستوحى من فكرة فيلم شيكاغو كأنك تشاهد نسخة حديثة من نيللى أو شيريهان تم استنساخها فى 9 ممثلات هدير الشريف التى لعبت دور الطبيبة وأكثر من شخصية داخل العرض، ألحان المهدى لعبت دور المذيعة ومطربة العرض، سارة مجدى الزوجة المسرفة وشاركت بالغناء فى مشهد الوصية، وكذلك رشا مجدى شاركت بالتمثيل وتصميم الاستعراضات والرقص بأكثر من مشهد، سارة سلام، ريهام سامى، سارة عادل، سارة هريدى، نجلاء فوزى، امتلكن جميعًا حضوراً طاغياَ وحساسية فنية شديدة فى الرقص والغناء بجانب الرشاقة والمهنية بتقديم أداء فنى محترف على مدار مشاركتهن بمشاهد العرض فهولاء هن كتيبة نيللى وشيريهان القادمة بقوة للوسط الفنى.
كوميديانات بصور متعددة
بما أن العرض يحمل الكثير من المواهب الشابة التى قد يحتار أى مخرج فى كيفية إبرازها وتوظيفها جيدا بعمله المسرحى وظف جلال مواهب طلابه خاصة الكوميدية بدقة عالية حيث أفرز بهذا العمل طاقات كوميدية شديدة التنوع، فلكل كوميديان أسلوبه وطريقته الخاصة فى انتزاع الضحك من الجمهور لا يوجد أحد يشبه الآخر وليس هناك ممثل أقل موهبة وحرفية من الآخر، فمن كان منهم قادرا على قلب قاعة العرض بالضحك والبهجة وهو أمجد الحجار فى أكثر من مشهد الأول مشهد حارس السفارة ثم المطرب والرجل الصعيدى الذى يقتل ابنه بسبب خروجه من على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» والإرهابى الذى يعد مجنديه بالجنة، يليه أحمد محارب «دوجلاس» كى يدخل الجمهور إلى شكل آخر من الكوميديا والضحك ثم عبد العزيز حسين «زيزو»، وكذلك كان كريم شهدى الزوج المبذر، وكريم يحيى الانتحارى، أحمد الشاذلى الشاب المتحرش والمواطن التائه، نديم هشام السورى مدعى المعرفة، محمد مجدى المواطن المريض وظهوره فى أشكال أخرى بالعرض، محمد مدكور فى دور الأب، محمد أمين شاعر العامية، عادل الحسينى، شريف عبد المنعم، أحمد كيكار مذيع الشائعات، محمد غيث الصعيدى، أحمد زكريا، حمدى التايه، كان لكل منهم شخصيته المستقلة وبصمته الكوميدية على الجمهور، فعلى سبيل المثال استطاع عادل الحسينى إضحاك الجمهور بجدية شديدة بأدائه فى زمن الثلاثينات بكلامه عن الحب وكذلك بأدائه الرصين فى وصف عنوان شارع صلاح الدين لأحد السائلين، فتفاوتت مستويات الضحك، وانضبط إيقاع العرض بين اتقان صناعة البهجة والوجع فى استعراض موهبة هؤلاء الشباب، وربما لم تسمح مساحة الوقت لاستعراض ما لديهم من موهبة استثنائية وطاقة فنية كبيرة فكل منهم يحمل بداخله المزيد وقادر على تحمل مسئولية عمل كوميدى من الألف إلى الياء، شارك فى بطولة العرض أيضا منصور أمين رئيس المدينة الفاضلة ومختار الجوهرى أحد جنود هذه المدينة.
مشاركات إضافية بالعرض
لم يكتف الشباب بالتمثيل والارتجال فقط بل شارك معظمهم فى صناعة الأغانى «الصعيدي» من وحى التراث الموسيقى المصرى كلمات وأداء محمد أمين، «الإرهابي» كلمات وألحان وغناء أمجد الحجار، عبد العزيز حسين، وكريم يحيى، الإشاعات «بيقولوا» كلمات وألحان وتوزيع وغناء أحمد كيكار، الطاقة السلبية «الأمل» كلمات وألحان وتوزيع وغناء أمجد الحجار، «الوصية» غناء سارة مجدى وكلمات وألحان وتوزيع أحمد كيكار، «الحادثة» ألحان وتوزيع عبد العزيز حسين أداء أحمد محارب، موسيقى الشهيد تأليف أحمد كيكار، «المستحيل» كلمات سارة مجدى وألحان وتوزيع نديم هشام، «لو فاتك حلم» ألحان وغناء شريف عبد المنعم كلمات أحمد فوزى وأمجد الحجار توزيع أحمد طارق يحيى، «the new girl in town» موسيقى مارك شايمان وكلمات سارة مجدى، «Chicago» موسيقى جون كالدر وكلمات هدير الشريف وكريم شهدى تصميم أزياء وإكسسورات مروة عودة، مخرج منفذ علا فهمى، موسيقى تصويرية وإعداد موسيقى كريم شهدى.