الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مجاهد الزيات: هدم الأزهر يسمح بزيادة المتطرفين

مجاهد الزيات: هدم الأزهر يسمح بزيادة المتطرفين
مجاهد الزيات: هدم الأزهر يسمح بزيادة المتطرفين




حوار - هبة فرغلى

شدد الدكتور محمد مجاهد الزيات الرئيس السابق للمركز القومى لدراسات الشرق الأوسط على أهمية تعمير مناطق الصحراء الغربية قائلاً: إن الحدود الغربية هى مصدر الخطر المقبل على مصر.
وقال - فى حوار له مع «روزاليوسف» - إن مشروع العلمين الجديد الذى يمتد من الساحل إلى 150 كيلو فى عمق الصحراء وإنشاء مجتمعات حضرية فى تلك المنطقة يمكن أن يكون خطوة أساسية فى مجال إنشاء مجال لإحكام السيطرة وعدم ترك الفراغ لتمركز القوى أو العناصر الإرهابية فيها ويجنبنا أن نرى نموذجا آخر من سيناء فى المنطقة الغربية.
ودعا الأزهر إلى تنقية الكتب الموجودة بالمعاهد الأزهرية من أى نصوص تدعو للتطرف.
وعبر عن قلقه من إمكان حدوث نوع من التزاوج بين تنظيم القاعدة وفلول داعش فنرى تنظيما أكثر شراسة.
وتوقع ان تبتعد قطر عن إيران خلال الفترة المقبلة ليس عن قناعة إنما خوف من الضغوط الأمريكية فى ضوء موقف واشنطن من طهران

 فيما يلى نص الحوار:

■ ماذا يجب علينا أن نفعل على المستوى الفكرى لمواجهة الإرهاب؟
ــ أولا: نحتاج أن يبذل الأزهر مجهوداً أكبر لتنقية الكتب الموجودة بالمعاهد الأزهرية من أية نصوص تدعو إلى التطرف أو التشدد أو إلى تكفير الاخرين وقد يكون مفيداً أن يبادر الأزهر، كما فعلت المملكة العربية السعودية من أسبوع بتشكيل لجنة من كبار العلماء لمراجعة كتب الأحاديث النبوية لتنقيتها مما الحق بها من أحاديث تفتقر للعلمية وللسند الصحيح لأنه بعد وفاة النبى عليه الصلاة والسلام هناك أحاديث دخيله تدعو إلى التطرف والتشدد وتكفير الاخرين وهذا دور يجب أن يقوم به الأزهر.
ثانياً: لدينا دور آخر يجب أن تقوم به وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالى بالاهتمام بمراحل التعليم الاولى للاطفال والتركيز على قيم قبول الآخر وعدم التطرف واحترام القوانين والنظم السائدة فى الدولة لتعميق الروح الوطنية لديهم هذه الأمور تحتاج للعودة إلى ما كان يتم فى المدارس قبل ذلك بهدف زيادة الانتماء الوطنى بدرجة كبيرة.
ثالثاً: وزارة الثقافة معنية أيضاً بدرجة كبيرة بنشر كتب الاعتدال وعقد ندوات يشارك فيها الشباب وكبار المثقفين وإجراء حوارات علنية مع الشباب أو معسكرات عمل تضم الشباب مع خبراء مختصين لمناقشة القضايا المطروحة فيما يتعلق بجوانب التطرف وصحيح الدين والانتماء الوطنى.
رابعاً: أتصور أننا نحتاج إلى جهة توجه الإعلام بعد أن تم الغاء وزارة الإعلام وأصبح هناك ما يسمى بالإعلام المستقل، اليوم كل من يمتلك ساعتين فى برامج التوك شو يتحدث فى أية قضايا بدون سند واصبحنا نرى من يتهم ويحاول أن يقلل من قيمة أو مكانة أو احترام شيخ الأزهر ومؤسسة الأزهر، هدم الأزهر يعنى ترك الفرصة للمتطرفين، ودفع الناس لقبول أفكارهم، فالموضوع يحتاج إلى ضبط بمواثيق محددة من جانب الهيئة الوطنية للاعلام والهيئات التى تشكلت أخيراً ولا نرى لها أى تأثيرحتى الآن.
خامساً: من الضرورى وقف رغبة الجميع فى الافتاء سواء كان متخصصا أو غير متخصص، نحتاج أيضاً إلى مرصد التكفير الذي أقامه الأزهر والمختص بالرد على أفكار التطرف ليته يتم تعميمه من خلال لغات مختلفة ويوزع على السفارات بالخارج لتوزعه على المصريين المقيمين هناك وتوصيله إلى دوائر صنع القرار ومراكز البحوث بالخارج بحيث يصبح لدينا وجهات نظر مصاغة جيدا على أسس علمية ٍفى مواجهة الأفكار والصيغ التى يطرحها الإرهابيون والمتطرفون.
■ كيف ترى مستقبل منظمات الإسلام السياسى فى المنطقة بصفة عامة؟
ـــ هناك منظمات على رأسها جماعة الإخوان بصورة أساسية وتتفرع تحت عباءاتها منظمات وأحزاب موجودة فى عدد من الدول العربية مثل تونس والمغرب حيث تشارك فى الحكم وهناك منظمات اخرى لا تشارك فى الحكم، إنما تمثل جماعات ضغط موجودة هذه المنظمات انتعشت عندما تبنت الإدارة الأمريكية السابقة وعدد من الدول الأوروبية من بينها بريطانيا دعم الإسلام السياسى فى المنطقة على اختلاف مكوناته حتى يكون مجالا للتغيير ويمكن أن يساهم فى توطين الإرهاب فى تلك المنطقة بعيدا عن هذه الدول . فشلت هذه النظرية وفشلت منظمات الإسلام السياسى بصورة كبيرة واعتقد ان الإدارة الأمريكية الجديدة، لن تسير على خطى الإدارة الأمريكية السابقة وبالتالى فهى فى مأزق، صحيح أن عدداً من الدول لم يصدر قرارات حتى الآن سواء الولايات المتحدة الأمريكية أو بريطانيا باعتبار أن تنظيم الإخوان تنظيم إرهابى لكن على الأقل تم تضييق الخناق على تلك التنظيمات وبدأت اتهامات كثيرة لوجود صلة بين هذه التنظيمات والإرهاب، وبدأ الحديث عن أن بعض القيادات موجودة بقطر وان قطر تأوى إلى جانب هؤلاء عناصر تعمل على تهديد الأمن القومى فى العديد من دول المنطقة ثم بدأت الإدارة الأمريكية تتفهم مواقف تلك الدول سواء من قطر أو تلك المنظمات، اعتقد ان التنظيمات السياسية التى تبنت فكرة الإسلام السياسى تواجه مأزقاً.
الجزء الآخر من القوى أو المنظمات التى تزعم ارتباطها بالإسلام هى منظمات ارهابية على سبيل المثال داعش والقاعدة والروافد الأخرى المرتبطة بهما اعتقد أن داعش سينتهى فى سوريا والعراق ولكنه سيبقى له تأثير سواء فى ليبيا أو فى بعض دول الساحل والصحراء وفى نيجيريا والصومال سوف يبقى لفترة قلق أن يحدث نوع من التزاوج ما بين تنظيم القاعدة وفلول داعش فنرى تنظيما أكثر شراسة لأنه يتمركز فى منطقة تخلو من سلطة الدولة وتمتد من موريتانيا حتى تشاد ما بين الدول فى منطقة صحراوية ويتزاوج عملها مع منظمات الجريمة المنظمة تهريب سلاح وأفراد ومخدرات هذه المنظمات تعمل فى تلك المنطقة، وتهدد الأمن القومى المصرى هناك انتعاش لتنظيم القاعدة وبعض فلوله فى آسيا وبدأ يتحرك فى الفلبين والمناطق المجاورة لها، إذا كان التنظيمان يواجهان مأزقا أو ضغوطا فى سوريا أو العراق إلا أن بعض الجيوب ستبقى موجودة فى بيئة حاضنة هناك ويمكن أن تنتعش فى وقت آخر وتمارس أعمالاً إرهابية، الدول الغربية لا تركز بصورة أساسية للقضاء على التنظيم وعناصره بالدرجة الأولى ولكن على أعضاء التنظيم من مواطنيها ومنعهم من العودة إلى بلادهم الأصلية لكن ربما ينتقلون من سوريا والعراق إلى مناطق أخرى فى الشرق الأوسط، وبالتالى هم لا يواجهون الإرهاب من جذوره إنما يركزون على درء مخاطره على أمنهم القومى فقط
■ التحالف الرباعى يخوض صراعاً مع الاطراف العربية والإقليمية والدولية ضد دمج منظمات الإسلام السياسى فى المنطقة فما هو مستقبل هذا الصراع؟
ـــ التحالف الرباعى يركز على التعامل مع قطر باعتبار انها تأوى عناصر مطلوبة قضائيا لدولة وتهدد الأمن والاستقرار فيها.
كما أن قطر ذهبت إلى إيران واحتمت بها وكثفت من علاقاتها معها فى الفترة الأخيرة وأكثر من ذلك فهى على علاقة وثيقة جداً بحزب الله أحد الروافد الإيرانية فى المنطقة وهى بذلك اعتقد انها تجاوزت الخط الاحمر الذى حددته الإدارة الإمريكية الجديدة التى تركز على مواجهة الإرهاب وإيران الرئيس الأمريكى لا يستطيع الغاء الاتفاق النووى بين أمريكا وإيران حيث ترفض بقية الدول الخمس الكبرى ذلك حتى الآن لأسباب مختلفة سياسية واقتصادية فى تقديرى أن الإدارة الأمريكية ستركز على محاصرة النفوذ الإيرانى وعدم استفادتها من توقيع الاتفاق لتحقيق مزيد من الحضور فى قضايا الاقليم والمنطقة، وهى بذلك تمارس نوعا من الضغط على قطر لتقليم أظافرها ودفعها للابتعاد عن إيران ولعلك لاحظت أن الولايات المتحدة الأمريكية قالت إن من يقف مع كوريا الشمالية سوف يعتبر ضدى.
المرحلة المقبلة سوف تكون على هذا النحو مع من يقف مع إيران سيكون ضد المصالح الأمريكية وهو ما سيدفع قطر بصورة متدرجه للعودة مرة اخرى والابتعاد عن السياسة الإيرانية ليس عن قناعه وليس ترضية لدول الخليج لكن خوفا من الضغوط الأمريكية.
■ ولكن أمريكا لم تأخذ موقفا حازما من قطر رغم تورطها فى مساندة الإرهاب وهو ما اتضح خلال زيارة وزير خارجيتها الذى وقع مع الدوحة مذكرة تفاهم؟
هناك التباس بالموقف الأمريكى ولاتزال الخارجية الأمريكية وبعض الدوائر فيها وعلى رأسهم وزير الخارجية يرون انه ممكن التعامل مع قطر وأن مقاطعتها من جانب الدول الأربعة – حسب وجهة نظر وزير الخارجية – ليست لها مبرر كاف ويمكن إعادة قطر من خلال إجراء حوارات فهو لا يزال حريصاعلى قطر التى وظفوها فى التعامل مع طالبان وضد سوريا حتى الآن هذه الدوائر مرتبطه بفكرة الإدارة الأمريكية السابقة لكن لو لاحظتى زيارة وزير الخارجية الأمريكية الأخيرة فى المنطقة اعتقد انه اجرى حوارات فى السعودية ووضع خلالها ربطاً كاملاً لوجهة نظره لاجراء الحوار وعبر بوضوح انه لا توجد نية لحل الخلاف فى الوقت الحالى اعتقد انه يمكن ان نشهد استقالته وابتعاده عن العمل
 لاتزال هذه الازدواجية تغلف الموقف الامريكى حتى الان وربما يرجع البعض السبب إلى ان وزير خارجية أمريكا كان على صلة بالحكومة القطرية لسنوات طويلة حينما كان يرأس احدى شركات البترول الكبرى والتى كانت على صلة بالنظام القطرى ربما كانت هناك تأثيرات شخصية على هذا النحو انما اعتقد انه بدأ يغير من موقفه مرغم الإنسجام مع موقف الإدارة الجديدة تجاه قطر
■ هل خطر التنظيمات الإسلامية سيظل باقياً؟
ـــ الخطر المقبل على مصر سيكون من ناحية الحدود الغربية، ما يجرى فى سوريا والعراق الآن هو محاصرة تنظيم داعش وليس اجتثاث جذوره فهناك علامات استفهام كثيرة على بعض الإجراءات التى تمت فى سوريا بالتحديد من ناحية نقل مئات من إرهابيى داعش عبر صفقات سواء من الحدود اللبنانية بالاتفاق مع حزب الله ويتم نقلهم بحافلات مكيفة ويجتازون سوريا كاملة إلى منطقة دير الزور تحت أنظار كل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية اسرائيل وحزب الله وإيران ودون اعتراض وعندما يذهبون إلى دير الزور تشترط الولايات المتحدة عدم دخولهم المدينة ولكن يمكن تركهم فى منطقة البادية نفس الإجراء تم فيما يتعلق بنقل القوات لداعش فى منطقة القريتين فى حماة ومناطق فى حمص ونقلوا جميعا إلى هناك وكان اخر الذين نقلوا من الرقة وبينهم 300 من الاجانب وتركوا فى الصحراء اعتقد ان هذا نوع من التسريب للعناصر رغم ما يقال إنهم محاصرون وكان ممكن القضاء عليهم.
وبشهادة عدد من الذين القى القبض عليهم من عناصر داعش أكدوا أنهم تسربوا ونقلوا على مدى الشهور الماضية إلى ليبيا باعتبارها الملاذ الأمن القادم للتنظيم.
 وفى ليبيا تزداد الخطورة لأن هناك نوعاً من الحديث عن تلاقى مجموعات كانت تابعة لداعش مع مجموعات متمركزة من القاعده فى المنطقة الجنوبية وهم تنظيم المرابطون وهناك كلام بأن «عشماوى» وهو العقل المفكر للارهاب الذى تم فى الواحات وغيرها من احداث ينتمى بصورة واضحة لتنظيم المرابطين التابع للقاعده وانه خرج عن اطار داعش وعلى صلات غير تنظيمية بها.
مشكلة الحدود والإرهاب أننا لدينا اكثر من 1200 كيلو حدود مع ليبيا مطلوب من مصر ان تؤمنها بنفسها لأنه لا توجد شرطة تؤمن الحدود من الجهة الأخرى، كما أن كل الأسلحة التى دخلت مصر دخلت عبر تلك الحدود ونقلت إلى الصعيد أو تمركزت فى المناطق الصحراوية كما نقلت إلى سيناء لتسريبها إلى غزة للتنظيمات التى هناك فاصبحت مصر معبراً للأسلحة المهربة وجاءت بعض منظمات الجريمة التى تنتعش بجنوب ليبيا وتتخذها مجالا لتهريب السلاح إلى السودان ومصر.
أصبحت مصر هدفا على هذا النحو واعتقد أن الفترة المقبلة سوف يبقى التهديد قائما من ليبيا والحدود الغربية إلا إذا انضبطت الأوضاع داخل ليبيا.
■ إذن فنحن مطالبون بتأمين حدودنا الغربية بشكل أكبر؟
ــ تأمين الحدود يأخد مراحل كثيرة جدا لان هذه المنطقة تشمل فراغا فمثلا منطقة الواحات عند الكيلو 135 التى جرت فيها الحادثة الإرهابية الأخيرة على بعد 500 كيلو من الحدود الليبية لا يوجد بها سكان فهى مناطق جبلية وبؤر يمكن ان تختفى بها العناصر الإرهابية، القوات الجوية تقوم بمجهود كبير فى هذا المكان لكن الاستطلاع الجوى لا يمكن ان يكشف كل الهاربين داخل البؤر فى بطون الجبل والكهوف، القضية هى تعمير المنطقة واعتقد مشروع العلمين الجديد الذى يمتد من الساحل ال150 كيلو فى عمق الصحراء وإنشاء مجتمعات حضرية فى تلك المنطقة يمكن أن يكون خطوة أساسية فى مجال انشاء مجال لإحكام السيطرة وعدم ترك الفراغ لتمركز تلك القوى أو العناصر الإرهابية فيها ويجنبنا ان نرى نموذجا اخر من سيناء فى المنطقة الغربية
■ هل هناك احتمال لعودة الإخوان مرة أخرى فى ضوء التجربة التاريخية حيث اختفوا أيام عبد الناصر وعادوا زمن السادات؟
 الإخوان تنظيم دولى كبير بدا منذ عام 28 وله فروع كثيرة فى كل دول العالم ولديه ممثلين من عدد من دول إسلامية كبيرة وقدرات اقتصادية، منذ بداية إنشاءالتنظيم وحتى الآن لديه أنصار فى عدد كبير من الدول ولديه علاقات مع بعض الانظمة بصورة أساسية تركيا وقطر وعلى علاقة ببريطانيا التى لا تجرمه إلى جانب العديد من الدول وبالتالى اذا كان التنظيم تم ضربه فى مصر فهناك نوافذ له موجودة فى العديد من دول المنطقة التحدى الذى يواجه التنظيم اما ان يغير من مفاهيمه التى أدت به إلى تلك النتيجة أو أنه سوف يبقى محاصراً، على هذا النحو ربما نجد جيلاً آخر من شباب الإخوان يحاول أن يغير من الأطروحات التى قدمها الجيل السابق والذى ارتبط بصورة اساسية بفكر سيد قطب إلى فكر اكثر اعتدالا ربما يطرح عندما يبتعد عن تهديد الأمن القومى ورعاية تنظيمات خرجت من تحت عباءته كل هذه الأمور ممكن ان تكون مجال بحث ولكن لا يمكن الجزم بها فى هذا التوقيت.