الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

محمد صلاح زكريا: الصراعات الأدبية تخلق مناخاً من التنافس الشريف

محمد صلاح زكريا: الصراعات الأدبية تخلق مناخاً من التنافس الشريف
محمد صلاح زكريا: الصراعات الأدبية تخلق مناخاً من التنافس الشريف




حوار – خالد بيومى

 

كاتب شاب، يحكى سردًا لشخوص غير اعتياديين تماما، تفتحت عيناه على النيل والخضرة حيث نشأ وتربى فعشق الجمال والفن ولا ينسى فضل «كتاب القرية» فى حبه للقراءة والاطلاع وكذلك دور أستاذه فى المرحلة الابتدائية الذى كان يحضر لهم قصص الأطفال ويحفزهم على قراءة وتلخيص تلك القصص.
الكاتب محمد صلاح زكريا الذى تميز فى الكتابات الإنسانية والاجتماعية يستخدم لغة لا تقف عند حد المعجم، ولا تنجرف فى شلالات الكلام اليومى الهادر، صدر له عدد من الروايات والمجموعات القصصية بداية عام 2005 مع صدور مجموعته القصصية «إنسان فى زمن النسيان» وحصل على جوائز عديدة أهمها جائزة الهيئة العامة لقصور الثقافة عام 2013 عن رواية «سيد مُسافر» وجائزة المجلس الأعلى للثقافة عن المجموعة القصصية «بسمة على شفاه الموت».. كان لنا معه حوار عن أعماله فإلى نصه.
■ أنت قاص وروائي.. هل الكتابة السردية تترجم مشاعرك وكيانك؟
ــ اكتب للجانب الخفى مني، للرجل الآخر بداخلي، الذى أشعر بوجوده ولا أراه، ولكنه يخربش بقوة على جدران روحه، أكتب لأفتح شبابيك على أسئلة وجودية تؤرقني، الكتابة عندى تشبه تسليط الضوء على نقطة بعينها وسط الظلام.
■ صرحت مؤخرا بأن روايتك التى تكتبها حاليا استكمال لمشروعك الأدبى.. حدثنا عن ذلك؟
ــ الرواية التى أعكف على كتابتها حاليا تمثل استكمالا لمشروعى الأدبى الذى بدأ منذ نشر روايتى الأولى «الضائع بين يدى» عام ٢٠١١ والتى تناولت فترة ثورة ٢٥ يناير حيث ركزت على بعض أوجه الفساد فى عصر حكم مبارك، أما الرواية الرومانسية «سلوى» صدرت عام ٢٠١٣، وتناولت خيبة الأمل التى أصابتنا نتيجة فشل الثورة فى تحقيق أهدافها وخروجها عن مسارها، وذلك فى قالب رومانسى رمزى بعيدًا عن السياسة بشكل مباشر، وجاءت رواية «سيد مُسافر» بما تحمله من واقعية عام ٢٠١٥ تتحدث عن أحلام وطموحات الشباب ومقارنة بين قبل وبعد ثورة يناير.
وهذا العام صدرت روايتى «نصف إله» فى إطار رمزى أسطورى تتحدث عن الظلم والاستبداد وفساد الحكام ورجال الدين، وعندما أكتب بهذه الشحنة الصادقة القلقة، ستصل كلماتى إلى الآخرين، وتمسهم بشكل ما.
■ صدرت لك ثلاث مجموعات قصصية وتتحدث الآن عن رواية جديدة هل تركت القصة؟
ـــ القصة القصيرة معشوقتى وكانت بدايتى معها وأول جائزة حصلت عليها كانت من نادى الأدب بجامعة حلوان أثناء دراستى الجامعية، كما أن أول أعمالى المنشورة كان المجموعة القصصية «إنسان فى زمن النسيان» عام 2005 وفازت مجموعتى «بسمة على شفاه الموت» فى مسابقة المجلس الأعلى للثقافة وأرى دائما أن القصة القصيرة هى الميدان الحقيقى لأى كاتب لإثبات موهبته وجدارته، لذا فأنا أكتب القصة بجانب الرواية لكن الإقدام على نشر مجموعة قصصية يحتاج إلى تأن لأنك تختار وتنتقى وتحذف كثيرًا من القصص، كى تخرج المجموعة أبهى صورة وتحتوى على قصص ذات مضمون جيد وقيمة فنية عالية بعكس الرواية التى تمثل قطعة واحدة.
■  روايتك «الضائع بين يدي» تتناول الهجرة غير الشرعية، وغرق العبارة السلام 98، وأطفال الشوارع، ما الرابط الدرامى بينهم؟
ـــ لقد انتهيت من كتابة الرواية عام 2008 وظلت حبيسة الأدراج حتى تم نشرها بعد ثورة يناير بشهور، وهى تناقش أبرز قضايا فساد العهد السابق فى قالب درامى من خلال شخصية «يوسف» ذلك المسالم الذى يود العيش فى أمان وتربية ابنه الصغير لكن فجأة يتم اختطاف هذا الطفل، ويبدأ رحلة مجهولة للبحث عنه وسط العصابات التى تخطف الأطفال وتستغلهم فى التسول والنشل والإجرام ثم تأتى المفاجأة بنجاة هذا الطفل من الغرق أثناء ركوبه عبارة السلام، وغرق أحد خاطفيه بعد ذلك أثناء محاولته الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.. فالكتابة فى النهاية شكل من أشكال الاحتجاج على الواقع المأساوى الذى أراه عبثيا فى أغلب الأوقات.
■ عناوين أعمالك الأدبية لافتة مثل المجموعة القصصية «سبحة وكاس» و«سيد مسافر».. كيف تختار العنوان؟
ـــ صدرت هذه المجموعة عام 2012 فى ذروة الأحداث السياسية فى مصر واشتعال الموقف والتصادم بين القوى والأحزاب، والعنوان هنا كرمز للتناقضات الموجودة فى حياتنا وغياب الحقيقة وهى مجموعة، الجانب الإنسانية، ومناقشة التناقض فى حياتنا ومعاناة الإنسان المعاصر فى الحياة نتيجة المشكلات الحياتية، التى يعانى منها وغياب الأخلاق والمبادئ فى زمن غابت فيه الفضائل، واختفت الحقائق.
أما فى رواية «سيد مسافر» فالبطل هنا شاب مصرى عاطل يعانى من الإحباط نتيجة ما يراه من فساد ومحسوبية فيصبح حلمه السفر والهجرة لكن مع ثورة يناير تجددت آماله وطموحه فى التغيير ويقرر التخلى عن فكرة السفر لكن بعد الثورة وخروجها عن مسارها يصاب بخيبة أمل فتراوده فكرة السفر من جديد.
■ تتميز لغتك بالقوة وتحرص على استخدام ألفاظ قوية وأسلوب يميل إلى الشعر أحيانا وظهر ذلك جليا فى رواية «سلوى»؟
ـــ الشعر يترك بصمته على تكوينك وثقافتك، وعلى تأملك للكون بأبسط وأدق تفاصيله
الكاتب من وجهة نظرى حارس على اللغة ودوره أن يتمسك بها، فهى عنوان الهوية وينبغى أن يسعى لتطوير لغة خاصة به، وبالنسبة لرواية «سلوى» فهى رواية رومانسية تتناول الحب بما يحمله من قيم إنسانية ومشاعر راقية لذا جاءت اللغة إنسانية تميل إلى أسلوب جامح فى الخيال وانتقاء ألفاظ قوية دون غموض للتعبير عن الأحاسيس وفيض الحب.
■  ما رأيك فى الصراعات الأدبية وما موقفك منها؟
ــــ ظاهرة صحية إن كانت تحرك المياه الراكدة وتخلق مناخا من التنافس الشريف، وتدفع الكاتب لتطوير أدواته وتنمية موهبته.. لكنى لا أميل للدخول فى صراع مع أحد فكل الكتاب، أصدقائى لهم كل محبة وتقدير، خاصة وأن نجاح أحد من أبناء جيلى هو نجاحو إعطاء الثقة للجيل كله.
■  يحسب لك أنك دائما تذكر أصحاب الفضل عليك وتتحدث عن أساتذتك؟
ـــ لدى إيمان بأن الحديث عن هؤلاء هو شكر لله أن وضع هؤلاء فى طريقك لمساعدتك وما زلت أتذكر أساتذتى فى المرحلة الابتدائية، الأستاذين فتحى صالح وعبد المنعم حمزة، وفى الكتابة أكرمنى الله بالتعرف ومصاحبة الكاتب الكبير رستم كيلانى، الذى فتح لى بيته ومكتبته، وكذلك أستاذى العظيم الكاتب فخرى فايد، أمد الله فى عمره الذى عاملنى كابن له وفوق كل هؤلاء طبعا والدىّ رحمهما الله.
■  هل تعتبر رواية «سيد مُسافر» جزء من سيرتك الذاتية خاصة وأن البطلين يعملان بنفس مهنتك كأخصائى نفسى؟
ـــ عشقى هو الكتابة عن الواقع والكاتب جزء من مجتمعه وأنا مررت بنفس ظروف سيد ومحمود كانت لدى أحلام وأمنيات قبل وبعد ثورة يناير وكأى شاب مصرى فكرت فى الهجرة والبحث عن فرص أفضل، فبالتأكيد حدث تسرب من سيرتى الذاتية إلى الرواية.
■ تخليت عن الواقعية الاجتماعية فى روايتك الأخيرة «نصف إله» فهل عملك القادم يمثل عودة لاتجاهك فى الكتابة؟
ـــ رواية «نصف إله» تناولت الفساد والديكتاتورية وتحالف السلطة مع رجال الدين من أجل تضليل العامة فى إطار رمزى أسطورى نوعا ما، لكن الرواية التى أعكف على كتابتها حاليا تدور فى إطار اجتماعى رومانسى بوليسى، تتناول فكرة وحدث معاصر لم يتناوله أى عمل أدبى.