السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الباحث رياض فارس لـ«روزاليوسف»: قسطنطين.. ملك لا يستحق لقب القداسة

الباحث رياض فارس لـ«روزاليوسف»: قسطنطين.. ملك لا يستحق لقب القداسة
الباحث رياض فارس لـ«روزاليوسف»: قسطنطين.. ملك لا يستحق لقب القداسة




حوار: روبير الفارس


عندما تقرأ كتب التاريخ عليك أن تتحسس عقلك وقلبك والوثائق والقرائن وفى كتب تاريخ الكنيسة هناك العديد من الشخصيات فى حاجة إلى إعادة قراءة وبحث وتمحيص وهذا ما فعله الباحث الكبير الدكتور رياض فارس مع شخصية قسطنطين يكشف الكثير من الأوهام والأكاذيب المرتبطة بها والتى تربى الأقباط على تقديسها لأن شخصيته وسيرة حياته مذكورة فى كتاب الشهداء والأبرار المعروف بالسنكسار والدكتور رياض فارس حاصل على عدة شهادات علمية فى القانون والتجارة والتربية ودرجة الدكتوراة من معهد الرعاية وصدر له عدد من الكتب منها مجمع أورشليم ومولود المزود.. وإلى نص الحوار:

■ ما أسباب اهتمامك بشخصية قسطنطين؟
- شخصية قسطنطين شخصية مرتبطة بأول مجمع مسكونى عقد فى المسكونة بسبب هرطقة اريوس الذى انكر لاهوت الابن وعدم مساواته بالاب وبالتالى كان قسطنطين هو من دعا إلى عقد هذا المجمع بخطابات موجهة منه إلى رؤساء الكنائس فى أنحاء العالم لمناقشة تلك الهرطقة وإصدار قرار فيه وبالتالى هو شخصية محورية فى الكنيسة القبطية من حيث إنه الأول من الأباطرة الذين أدخلوا الدولة أو السياسة فى شئون الكنيسة.
بالإضافة إلى أنه ادخل على الكنيسة بصفة مقدسة بدون دراسة أو تمحيص وقد أظن أنها حيلة أريوسية لتعظيم هذه الشخصية.
وأخيرا علاقته بالبابا أثناسيوس البطريرك الـ20 ومحاولته اخضاع قرار الكنيسة القبطية لأوامره بادخال اريوس وصديقه فى الشركة الارثوذكسية، فلكل هذه الاسباب أرى أنه من الضرورى إعادة فحص الكتب التاريخية التى تناولت هذه الشخصية وكانت معاصرة لتلك الحقبة مثل كتابات المؤرخ سيزومين وسقراطيس جنبا إلى جنب مع ما كتبه المؤرخ يوسابيوس القيصرى فى كتابه تاريخ الكنيسة الذى قام بترجمته القمص مرقص دواد وأيضا كتابه حياة قسطنطين حتى نضع الأمور فى نصابها الحقيقى بلا تشويه للتاريخ.
■ لماذا ترى أنه من الضرورى مراجعة شخصية قسطنطين؟
- كما ذكرت فى أسباب اهتمامى بشخصية قسطنطين أننا لابد وأن نراجع حقيقة هذه الشخصية تاريخيا وسياسيا دون التخوف من هذه المراجعات والاكتفاء بتقديمه على أنه شخصية تاريخية سياسية تتميز بالذكاء السياسى والمراوغة للوصول إلى السكينة التى يرجوها فى الامبراطورية بدون التطرق لتقديس شخصيته مساويا للقديسين الذين بذلوا دماءهم فى ترسيخ الايمان المسيحى.
■ هل كان قسطنطين يهدف إلى السيطرة على الكنيسة؟
- بالطبع نعم وهناك من الشواهد التى تدل على ذلك، فقد أراد قسطنطين إصدار قانون ينص على أن يمتنع شاغلى الرتب الكهنوتية (الاساقفة - الكهنة - الشمامسة) عن المعاشرات الجنسية مع زوجاتهم اللواتى تزوجهن وهم بعد علمانيين، إلا أن الأسقف بافنوتيوس تصدى لقرار قسطنطين وترجاهم ألا يضعوا نيرا ثقيلا على خدام الدين حيث إن الزواج مكرم والفراش غير دنس. وهو ما يدل على محبة قسطنطين للسيطرة على الكنيسة وسعيه أن تكون إدارتها فى قبضة يديه مغلفا هدفه بغطاء دينى وهو الحفاظ على كرامة الكهنوت.
وعليه فكم كنت أتمنى أن تاريخ الكنيسة يتضمن ذكرا لبعض الآباء المعاصرين لهذا الإمبراطور والكشف عن نواياه السياسية والتسلطية من خلال قوانين يقترح اعمالها فى الكنيسة مثل الأسقف بفناتيوس الذى وقف ضد قسطنطين وحافظ على استقلالية الكنيسة وأسرارها المقدسة من العبث بها.
■ ما حقيقة مرسوم ميلانو؟
- من الأخطاء التى شاعت بين كتاب التاريخ الكنسى فى العصر الحديث أن هناك ما يسمى بمرسوم ميلانو الذى أصدره الامبراطور قسطنطين عام 313م فليس هناك ما يسمى مرسوم ولكن حقيقة الأمر أنها تلك الرسالة التى أرسلها ليكون إلى نائبه فى نيقوميديا بعد انتصاره على مكسيمين يشرح فيها ما توصل إليه أثناء لقائه مع الامبراطور قسطنطين فى ميلانو من حيث مناقشة مسألة معاملة الرعايا المسيحيين فى الامبراطورية وتعهدا بمنح الحرية الدينية لكل سكان الامبراطورية شريطة ألا تتعارض هذه الحرية مع الصالح العام للدولة.
وهذه الرسالة التاريخية محفوظة ولا يستطيع أحد انكارها تاريخيا وبالتالى فليس هناك مرسوما كما تدعيه كتب التاريخ إنما أود أن أشير إلى أن هذا الاتفاق الذى عرف باسم مرسوم ميلانو ما هو الا إقرار لما قرره مرسوم جاليريوس عام 311م ورفيقيه الذى تضمن الصفح والعفو عن المسيحيين الذين ناوءوا الحكومة متمسكين بعقيدتهم بالاضافة إلى السماح لهم بإقامة الشعائر وإعادة بناء وتعمير دور اجتماعاتهم وعبادتهم وأن مرسوم ميلانو كما هو شائع (رسالة نيقوميديا) لم يزد شىء عن مرسوم جاليريوس إلا بالنص على إطلاق الحرية الدينية لكل الافراد.
وهذا ما أكده ليكنيوس فى رسالة حيث ذكر على لسان الامبراطوريين: «فقد أصدرنا أوامرنا قبلا بأن تحفظ للمسيحيين شرائعم وعقائدهم ولكن عدداً كبيراً منهم منع من ممارسة هذه الشعائر نتيجة لما تعرضت له هذه الحرية من قيود بعد صدور ذلك المرسوم الذى حصل به المسيحيون على هذه الحرية.
وأخيرا أود أن أشير إلى أنه ليس لقسطنطين فضلا فى الاعتراف بالمسيحية كديانة جنبا بجنب الوثنية وليس كما يشيعون خطأ بأنه اعتبر المسيحية ديانة الدولة.
ومن ناحية أخرى هناك هدف آخر يفسر اهتمام قسطنطين بالمسيحيين أشار إليه تاريخ الأمة اليونانية وهو أهمية الدين وتأثيره لدى الأباطرة الرومان خاصة فى القرنين الثالث والرابع فقولهم «حتى عندما لم تكن للذين تربعوا على العرش الامبراطورى ميول دينية عميقة فقد استسلموا للجو السائد فى عصرهم إذا وجدوا أنه من الضرورى منح الدين مكانة مهمة ضمن نطاق خططهم السياسية ليضعوا مسحة دينية على أعمالهم.
ولا شك أن قسطنطين كان معاصرا لتلك التعاليم، الأمر الذى رأى فيه امكانية تحقيقه ولكن بشكل مختلف إذ أنه كان فى احتياج لمعونة إلهية وهذا لم يتوافر بالاستعانة بآلهة روما التى اضمحل تأثيرها ولم تعد قادرة على تزويده بها فكان لابد له من بديل.
على أية حال فإنى أرى سببا أخلاقيا جعل قسطنطين يفضل للديانة المسيحية عن الديانة الرومانية القديمة وكل الأديان الأخرى وهو اتجاه الميل العالمى للمسيحية وازدياد عدد الذين يدخلون فيها من وقت لآخر بسبب أن الرومانيين فى عهده فقدوا فضائلهم القديمة وأمانتهم ورزانتهم وشجاعتهم وقد امتدت بهم المظالم والرخاوة وكل نوع من الرذائل الفظيعة خاصة فى مدة اضطهاد المسيحيين وأيضا بطلان الخرافات القديمة بواسطة الفلسفة.
وأما المسيحيون المتفرقون فى كل جهات المملكة الرومانية فتحيزوا بالأمانة والصداقة والثبات والطاعة حتى أن قسطنطين تحقق أن ديانة تأتى بثمار حسنة تئول إلى تقرير حكمة وراحة مملكته أكثر من الديانة القديمة.
■ كيف أضر قسطنطين بالمسيحية؟
- أولا: قسطنطين لم يصدر أية مراسيم تحرم عبادة الارباب الوثنية او توقع بالوثنيين أى أحكام كتلك التى عاناها المسيحيون فى عهد الأباطرة السابقين وكل ما ذكره المؤرخ يوسابيوس أنه منع بعض الطقوس الخاصة بتقديم الأضحية أو بتقديمها على الاطلاق وكل المعابد ظلت مفتوحة للعبادة العامة باستثناء معبدين.
ولم يكن ذلك راجعا لأسباب دينية بل لأسباب أخلاقية، فقد كان المعبدان يمارس فيهما الفجور بعد أن هجرهما الأرباب، وبالتالى نستطيع أن نجزم أن قسطنطين لم يكن يهدف إلى نشر المسيحية كما يدعى يوسابيوس بل الهدف هو التقرب من المسيحيين باعتبارهم الأكثر تنظيما وتوحيدا فى صفوفهم داخل الامبراطورية، بل والأكثر تزايدا بصفة مستمرة حتى يضمن ولاءهم وهدوء الامبراطورية سياسيا فلم يغب عن بصيرة هذا الإمبراطور أن اتخاذ فئة قليلة من الناس ولكن يحدها النظام ويهديها الإيمان تسندها كتب مقدسة وعقيدة واضحة أجدى عليه من فئة كبيرة مقسمة إلى عدة شيع دينية.
فتكونت لديه عقيدة ايمانية بأن وحدة امبراطوريته لم يأت إلا بوحدة الأديان، ومن ناحية او الأمر الآخر أنه أدخل الكنيسة فى نزاعاته السياسية بالعطايا والتقرب من الأساقفة حتى يكونوا مؤيدين لقراراته وسياساته وضمان ولائهم.
■ ما هى الأمور الإيجابية التى قدمها قسطنطين؟
- أعتقد أن أى سياسى أو حاكم لديه الرغبة فى السيطرة على زمام الأمور ستكون الوسيلة الوحيدة لذلك هو كسب المشاعر الإنسانية لأصحاب فئة معينة حتى يضمن تأييدهم ومساندتهم.
وهذا ما فعله الامبراطور قسطنطين فقد أعطى الكنيسة أموالا لتكون عونا لها فى إعداد وبناء كنائس فى جميع أرجاء الامبراطورية.. بل كان لديه الرغبة فى عقد المجامع الدينية بدرجة أنه كان يتحمل نفقات حلهم وترحيلهم، بل كان يشترك فى مناقشتهم معتبرا نفسه من ضمن الاكليروس... بل ويرسل رسائل إلى ملك فارس يحثه على حسن معاملة المسيحيين.
أيضا تم اكتشاف الصليب المقدس الذى صلب عليه «رب المجد» فى أورشليم أثناء زيارة أمه هيلانة وكنيستين أخرتين فى أورشليم، أما فى مصر فالوضع كما ذكرت كان متوترا بسبب موقف البابا اثناسيوس وعدم قبول اريوس.
■ أخيرا ما هو موقف القديس اثناسيوس من الامبراطور قسطنطين؟
- قسطنطين كان سبب متاعب للبابا اثناسيوس البطريرك رقم 20 طيلة حياته نتيجة تقرب بعض الاساقفة الاريوسيين للامبراطور ومحاولتهم رجوع اريوس وصديقه من النفى ولذا كان موقف القديس أثناسيوس حازما محافظا على قرارت المجمع ومحترما لقرارته مهما كانت العواقب فمثلا عندما أرسل قسطنطين رسالة إلى القديس أثناسيوس يبلغه فيها بضرورة قبول وعودة أريوس ورفيقه أوزيوس (الذى جرده البابا ألكسندروس من الشموسية عندما حرم آريوس وأنصاره.
- إلا أن البابا أثناسيوس لم يستقبلهما وابتعد عنه كطاعون الأمر الذى دعا أريوس إلى اللجوء ثانية إلى قسطنطين يخبره فيه عن رفض البابا أثناسيوس قبولهم ومن ناحية كتب البابا لقسطنطين يعلمه أنه من المستحيل قبول أولئك الذين رذلوا الإيمان وحرموا فى الشركة ثانية عن عودتهم.
فأثيرت حافظة قسطنطين وغضب من رفض البابا أثناسيوس فأرسل إليه قسطنطين رسالة هدده فيها قائلا «حيث أنك عارضت إرادتى ووضعت العراقيل أمام الراغبين فى الانضمام إلى الكنيسة فإنه إذا بلغنى أنك قد منعت أحدا ما من الراغبين فى الاتحاد ثانية بالكنيسة أو عرقلت قبولهم فإننى سأرسل فى الحال من يعزلك بأمرى ويطردك إلى المنفى».
■ فهل هذا التصرف يليق بمكانة القديس اثناسيوس فى الكنيسة القبطية لتذكره فى السنكسار وتلقبه بالقديس وهو الذى عانى منه القديس أثناسيوس طوال فترة حياته؟
ولمصلحة من إعطاء هذه القداسة لشخص كان فى حقيقته معاندا لبابا الاسكندرية ومدافعا عن اريوس فى كثير من المواقف؟
■ مارأيك فى كتاب حياة قسطنطين الذى ألفه المؤرخ يوسابيوس؟
كتاب حياة قسطنطين كتاب مأجور عظم من شخصية الامبراطور الذى كان يعاصره فى تلك الحقبة بالإضافة إلى أن أغلب الباحثين والدارسين قرروا أن ثلاثة أرباعه مخصص بالكامل لتقريظ قسطنطين.. لأن يوسابيوس كان دائما يتملق للامبراطور قسطنطين.
وبالتالى فإن الاعتماد عليه فى بعض الامور مشكوك فيها مثل الحديث عن رؤية قسطنطين للصليب المقدس وهذا واضح من الرسالة التى أرسلها إلى إيبارشيته الذى نص فيها (عندما عرضت مواد الايمان هذه لم يكن هنا أى أساس للاعتراض عليها بل أن امبراطورنا الأتقى نفسه كان أول من سلم بأنها صحيحة تماما).
هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فهناك تشكك فى رواية ظهور علامة الصليب للإمبراطور قسطنطين ومع ذلك الكنيسة القبطية تتمسك فى سيرة قسطنطين بظهور علامة الصليب له فى السماء فى وضح النهار مع أن هذه الرؤية قد تكون مثيرة للشك والريبة إذا ما حققنا فيها بأسلوب محايد يتفق مع العقل والمنطق نجد عدم المصداقية لعدة أسباب نذكر منها:
1- حيث إنه لا يذكر أحد من كتاب تلك الفترة الزمنية تلك الواقعة باستثناء يوسابيوس القيصرى الذى كان يميل إلى الاريوسيين و معاصرا لقسطنطين.. مع أن هناك مؤرخًا آخر و هو ليكتثيوس لا يذكر نفس الواقعة بنفس الشكل والصورة التى صورها يوسابيوس إنما اعتمد على أنها حلم فأمر أن يستعمل علامة الصليب.
2- ومن أسباب الشكوك فى رواية قسطنطين وعلامة الصليب أيضا كيف أن يوسابيوس نفسه لم يذكره مطلقا فى تاريخه الذى هو الأقرب من حدوث الواقعة وذكرها لاحقا فى كتابه الذى ألفه عن قسطنطين (حياة قسطنطين) بعد اثنى عشر سنة ترجمة القمص مرقس عزيز إلى العربية وأصدرته مكتبة المحبة.
كما أن هذا الكتاب (حياة قسطنطين) الذى ذكر قصته قد وضع بعد وفاته عام 337 أى بعد 25 عاما تفصل بين الحادثة وذكرها فى حين أن مؤلفه تاريخ الكنيسة أتمه عام 324 أى بعد الحادثة باثنى عشر عاما.. لم يذكر عنها شيئا إلا عبارة مقتضبة جاء فيها فقط أنه (لجأ للصلاة إلى إله السماء ولكلمته يسوع المسيح مخلص الجميع كعون له تقدم جيشه) أى أن يوسابيوس يعطى لنا روايتين كلا منهما تختلف عن الأخرى.
3- وسبب آخر أن هذه الرواية ليست لها أى شهود سوى رواية الملك قسطنطين دون أحد سواه من ألوف الجنود أو الأشخاص فى ذلك الوقت.
4- هذه القصة برمتها لم تكن معروفة للعالم المسيحى طوال خمسة وعشرين عاما من حدوثها، وإنما عرفت عن طريق جلسات فردية بين قسطنطين ويوسابيوس.
وأخيرا إذا رأى قسطنطين علامة الصليب شخصيا جهارا فلماذا لم يعمد طوال مدة حياته؟
ولماذا لم يعمد على يد القديس اثانسيوس الرسول باعتباره كان متواجدا فى أكثر من مناسبة أمام قسطنطين؟
■ ما عدد زواجات قسطنطين؟
- الشريعة المسيحية تؤمن بأن الزواج من امرأة واحدة ورغم أن أمه هيلانه مسيحية وتعلم تلك التعاليم والوصايا إلا أنها لم تستطع أن تقف ضد رغبة قسطنطين فى الزواج من امرأتين الأولى تدعى منرفينا ورزق منها بابنه الكبير كريسبوس والأخرى تدعى فاوستينا الذى أنجب منها ثلاثة بنين وثلاث بنات وهذا يدل على عدم اتباع القوانين الكنسية التى تحتم زوجة واحدة.
■ هل تعتبر قسطنطين شخصية تستحق القداسة؟
- بالتأكيد لا يستحق وإن كان هناك ادخال أو تزوير فى الكتب الكنسية مثل السنسكار وكتب التاريخ التى تنقل من بعضها لبعض دون فحص أو تمحيص فيجب أن يكون لنا وقفة ونتساءل كيف اعتبره قديسا وهو من أمر قسطنطين بإعدام ابنه البكر وزوجته فاوستينا وابن اخته ليكينيوس فى عام 326.
والسؤال المنطقى الذى لابد أن يجيب عنه كل من يصبغ تلك الشخصية بصفة القداسة هل يعتبر القاتل قديسا؟.
وكيف يفسر وصفه لنفسه فى معظم رسائله بأنه (الحبر الأعظم أو الكاهن الكبير) معتبرا نفسه الآمر الناهى لكل الأديان فى امبراطوريته خاصة بعد معركة ميلغيو دعى أنه الامبراطور الأعلى فى الغرب.
■ ما قصة عماد الامبراطور قسطنطين وموته؟
- حيث كان القدماء فى ذلك الوقت يؤمنون بأن المعمودية تغفر سائر الخطايا السابقة لذلك كانوا يحرصون على تأجيل المعمودية إلى أن يهدد حياتهم أو يشعرون بالاحتضار مع أن آباء الكنيسة كانوا يشجبون ذلك الفكر.
ولعل هذا تفسير تأخر معمودية قسطنطين ويصير مسيحيا حقيقيا حتى سنة 337 عن عمر يناهز الخامسة والستين عاما قضى منها حكم منها واحد وثلاثين سنة وحينما كان على فراش الموت بالقسطنطنية فغادرها إلى هليوبوليس حيث توجد منابع مياه طبية فى ضواحى تلك المدينة وعندما أحس بتدهور صحته لجأ إلى نيقوميديا وهناك قبل المعمودية على يد يوسابيوس النيقوميدى الاريوسى وتلك حقيقة ليس هناك من المصادر ما تنفيها بل كل المراجع التاريخية تشير إلى قبول معموديته على يد أسقف اريوسيا فقد ظل يقدم رجلا ويؤخر أخرى حتى تستمر المسيحية والبلاد بكل طوائفها المسيحية والوثنية فى دعمه السياسى.
وانتهت حياته أريوسيا ودفن فى كنيسة الرسل بالقسطنطينية التى أقامها لهذا الغرض حتى يتم دفن الأباطرة والأساقفة أسفلها كما رواية يوسابيوس القيصرى.
■ هل توافق على ما سجله السنسكار عن حياة هذه الشخصية؟
- بالطبع لا.... السنكسار القبطى سجل تاريخ الإمبراطور قسطنطين تحت يوم 28 برمهات بافتتاحية (فى مثل هذا اليوم تنيح الامبراطور القديس قسطنطين) ثم تم تعديل هذه الافتتاحية فى الطبعة الحديثة عام 2012 بإزالة لقب قديس وهو ما يشير إلى الحرج الذى أحس به الناشر وبالتالى عدلت إلى امبراطور.
هل تعلم أن الامبراطور قسطنطين عندما اختار يوم الأحد عند المسيحيين وجعل منه عيدا اسبوعيا دعاه يوم الشمس ولم يدعه متلا يوم السيد أو يوم الرب. كما أن العملة الخاصة بالامبراطورية استمرت حتى سنة 323 تحمل شعار الشمس... الإله الذى كان يعبده هو ومن قبله والده.
إلا أننى اتساءل باعتبارى مسيحيا وليس باحثا أو قارئا لماذا تذكر سيرة قسطنطين فى السنكسار الخاص بأخبار القديسين والشهداء الكنيسة القبطية المكملين لسفر أعمال الرسل الذى لم يشأ الرب أن يضع له خاتمة ليكون السنكسار مكملا لهذا السفر الجليل.