السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

شاكر عبد الحميد يقارب سيكولوجية التذوق الفنى فى كتاب جديد

شاكر عبد الحميد يقارب سيكولوجية التذوق الفنى فى كتاب جديد
شاكر عبد الحميد يقارب سيكولوجية التذوق الفنى فى كتاب جديد




كتب ـ خالد بيومى

 

تعد نظرية التحليل النفسى هى الأكثر تأثيرا فى مجالات الفنون والنقد، وقد كان تأثيرها المبكر فى السريالية واضحًا لدرجة أن ناقداً مثل هربرت ريد يقول: «إننى أشك فى أن السريالية كان يمكن أن توجد فى صورتها الراهنة لولا سيجموند فرويد، فهو المؤسس الحقيقى للمدرسة، فكما يجد فرويد مفتاحاً لتشابكات الحياة وتعقيداتها فى مادة الأحلام،فكذلك يجد الفنان السريالى خير إلهام له فى المجال نفسه، إنه لا يقدم مجرد ترجمة مصورة لأحلامه، بل إن هدفه هو استخدام أى وسيلة ممكنة تمكنه من النفاذ إلى محتويات اللاشعور المكبوتة، ثم يخرج هذه العناصر حسبما يتراءى له بالصور الأقرب إلى الوعى وأيضا بالعناصر الشكلية الخاصة بأنماط الفن المعروفة.
ويقدم د.شاكرعبد الحميد وزير الثقافة الأسبق فى كتابه الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة تحت عنوان «التفضيل الجمالى.. دراسة فى سيكولوجية التذوق الفني»، محاولة للإلمام بالجهود السيكولوجية المختلفة التى حاولت وصف الجمال أو حاولت فهمه وتفسيره أو الاقتراب منه بطرائق منوعة وخاصة فى بعض تجلياته الفنية والبينية.
ويعرف «شاكر» التفضيل الجمالى بأنه عملية مركبة تشتمل على مقارنات وتمييزات واختيارات بين البدائل الجمالية المتاحة، ويتم التعبير عن هذا التفضيل الجمالى من خلال أحكام جمالية خاصة يصدرها الفرد على هيئة تعبيرات لفظية، أو اختيارات سلوكية معينة، تظهر فى جوانب عدة من سلوكه كما فى اختياره لكتابات معينة لكى يقرأها ،وللوحات معينة كى يشاهدها، أو حتى يقتنيها، ويقتنى مستنسخات منها .
ويرتبط التفضيل الجمالى بالتذوق الفنى  والبعض يعتبرهما شيئا واحدا، لكن شاكر يميل إلى اعتبار التفضيل الجمالي، خاصة لدى الكبار، مرحلة متقدمة من عملية التذوق الفنى عملية ترتبط بالبلورة والترسيخ النسبى لأنماط معينة من السلوك الجمالى ،كما أن التفضيل الجمالى سلوك أكثر اتساعا وشمولا من التذوق الفنى؛ لأن التفضيل الجمالى يرتبط بالفنون وغير الفنون، وكل ما يستثير بداخلنا تلك الإحساسات الجمالية المتميزة.
كما عرض الكتاب استطلاعًا قام به باحثان روسيان عام 1998 حول تفضيل الناس للألوان والأشكال البسيطة والمركبة ضم مليونى شخص من روسيا والصين وفرنسا وكينيا وغيرها من الدول وخلاصة الاستطلاع أنه بصرف النظر عن الطبقة أو السلالة والنوع « ذكر أو أنثى» فإن الناس تفضل المنظر الطبيعى الهادئ الذى يسوده اللون الأزرق «لون البحر والسماء» بشكل خاص.
وينتقل شاكر إلى ظاهرة التجديد فى الشعر العربى والتى بدأت فى أواخر أربعينيات وبداية خمسينيات القرن العشرين، كانت محاولة لتحريك الذائقة العربية أو إزاحتها قليلا عن شكل الشعر الموزون المقفى الراسخ منذ قرون عديدة،وذلك من خلال عنصر الجدة ،فبدأ هذا الشعر تدريجيا يتخلى عن القافية والشكل ذى الشطرين، وحل محله تدريجيا الشكل المسمى «شعر التفعيلة»، وهو ذلك الشعر الذى حافظ على الوزن والإيقاع وأسقط القافية وغير الشكل الخارجى والمضمون الداخلى للشعر.
وقد كانت هذه التغيرات موفقة بدرجة كبيرة؛ لأنها كانت إزاحة صغيرة محسوبة، ثم بدأ الشعر يتخلى تدريجيا بعد ذلك عن الوزن بالمعنى الخليلى  ويحاول أن يقدم جديدا،حاول أن يستبدل بالموسيقى الخارجية للشعر نوعا خاصا من الموسيقى الداخلية، فظهر الشكل المسمى قصيدة النثر، وهذا الشكل الشعرى الأخير هو تقريبا شعر بلا جمهور بالمعنى القديم، شعر يعتمد على الكتابة لا الشفاهية وعلى البصر لا السمع، وجمهوره هم شعراؤه ونقاده.
ويعتقد شاكر أن جانبا من انصراف الجمهور عنه هو أنه حاول أن يحقق قفزة فى الهواء من خلال التغيير فى الشعر العربى بشكل جذرى، أى دون إزاحة أو انحراف ويخلص شاكر إلى أنه ينبغى أن تقوم التربية الجمالية بتكوين اتجاه جمالى لدى الأفراد وهذا الاتجاه كما أشار وعالم الجماليات البريطانى – أوسبورن- هو حالة خاصة من الانتباه والاهتمام تشتمل على نوع خاص من الابتعاد النسبى عن الانشغالات أو الاهتمامات العملية.
فالاهتمام بالموضوعات الجمالية ليس من خلال علاقتها الأولية بنا – أى من حيث كونها ذات فائدة أو نفع أو لا- ولكن من خلال تفهمنا للجوانب الانفعالية والمميزة لها.
فالتربية عن طريق الفن – كما ذكر لوفينفلد- تربية على طريق الإبداع ،والتربية على طريق الإبداع ،سواء استخدم هذا الإبداع فى الفن، أو العلم، أو فيهما معا،تربية من أجل المستقبل الأفضل.