الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«روح الحب» و«الجهنمية».. رحلة عشق للطبيعة والإنسانية

«روح الحب» و«الجهنمية».. رحلة عشق للطبيعة والإنسانية
«روح الحب» و«الجهنمية».. رحلة عشق للطبيعة والإنسانية




كتبت - سوزى شكرى

رغم اختلافهما اتفقا على أن رسالة الفن ليس رسالة خاصة بالفنان وحده، وأن الفن يبحث عن جماليات الواقع، سواء الواقع المرئى أو الواقع الحسى الإنسانى.. الفنان جورج فكرى ومعرضه «روح الحب»، والفنان عماد إبراهيم ومعرض «الجهنمية» والذى أقيم مؤخرا بقاعة الفن بالزمالك.
وذلك من أجل استدعاء المتلقى حسياً ووجدانياً نحو قيمة الجمال وقيمة المشاعر، اجتمعوا بدون قصد وبدون إعداد مسبق، فكلاهما عاشق للإنسانية محب للطبيعية بوجهة نظر خاصة.

فى معرضه «روح الحب» قدم الفنان التشكيلى جورج فكرى ثلاثين لوحة تصويرية، جعل الفنان من مشاعر الحب طقسا من الطقوس الاجتماعية للمجتمع، ولم يقتصر الحب على العشاق بل تناول الفنان الحب كنشاط اجتماعى ونمط من أنماط السلوك الفردى والجمعى للعلاقات الإنسانية الحياتية لإظهار الجانب الرمزى والتعبيرى لمعنى روح الحب.  يقول «فكرى» عن الحب: « للحب أسماء ومعانى أخرى، إنه  أساس الحياة وبدونه لا معنى للحياة، هو المحبة، الهوى، العشق، الشوق، الغرام، الهيام، الشغف، وأنواع للحب منها الحب الأفلاطونى، الحب الرومانسى، الحب الأخوى، والمادى والعفاف وغيرها».
من الجانب الفنى والصياغة منحت المعالجة التعبيرية العنصر الإنسانى قيادة مشاعر الحب فى كل لوحاته، تمثل كل لوحة حالة عشق وسرد تعبيرى عن تجمعات بشرية فى وضعية التلاحم حميمية الحس، جلسات إنسانية دافئة بين البشر يفوح منها عطر الاحتواء المتبادل، لحظات رومانسية للعشاق بخلفية حالمة يحتضنهما جغرافية خاصة لمشهد الغرام وحضور أرقى عناصر الطبيعة وهو»القمر» كشاهد على اغلب قصص الحب.
 الشخوص ذات ملامح مصرية أيقونية العيون اللوزية الواسعة نصف المغلقة، والوجوه فى حالة استطالة مختزلة لبعض التفاصيل لصالح المضمون الوجدانى العاطفى، استخدم المنظور المتعدد الزوايا منها المنظور الدائرى فى تجمعات العلاقات الاجتماعية حيث محيط الدائرة رمز اللانهائية للعشق الخالد، كما نجد الشكل الدائرى فى الحضور الطاغى للقمر، ونجد توزانًا مركزيًا بين جميع العناصر ومتناغم، لونيا استخدم الفنان درجات اللون الأرجوانى والأزرق الملكى والبرتقالى والذهبى والعنبرى كمجموعات لونية تراثية توحى بمعنى البقاء والخلود،أما التقنية استخدم العديد من الوسائط والخامات ألوان الباستيل وقصاصات الورق البسيطة والكولاج مكمل تقنى للحالة الفنية.
أما عاشق الطبيعة بتفاصيلها والمتابع لرحلة النباتات والباحث عن الجماليات الكامنة فى حالة الجفاف المؤلم والمتبقية فى أوراق النباتات التى قضى عليها بعملية (التقليم)، الفنان عماد إبراهيم ومعرضه بعنوان «الجهنمية» واستحضار  وإيحاء حال الطبيعة وتحولاتها، تلك العنوان الذى أثار فضول المتلقى فكرياً وبصرياً وفنياً، الجهنمية واحدة من أكثر النباتات شعبية فى العالم، تلك النباتات المتسلقة تحيط بمرسم الفنان بتكويناتها المعقدة المتشابكة، فكان الجذب والعشق بينهما متبادل، جذبته النباتات فرسمها بواقعيتها المرئية البصرية وواقعيتها الحسية التى ترسبت فى عالمة الخاص كفنان، وانجذبت إليه النباتات ومنحته أسرارها فتجول بين أوراقها فى براح غير محدود، وهذا البراح قاده إلى الاستغراق فى الفعل الفنى الذى استمر أربع سنوات للانتهاء من تجربته الفنية الاستثنائية.
اعتمد الفنان فى تكويناته اللانهائية الحدود فى تداخل أفرع النبات أن تكون معبرة عن هيئة ومعنى ومضمون لحظة تساقط أوراق النبات والزهور، بعض اللوحات جاء التساقط من أعلى اللوحة إلى أسفل حتى وصلت إلى مساحة الأرض التى كانت تترقب وصولها، ورغم عدم وجود الجدار الحائطى التى نمت عليها النباتات المتسلقة بشكل واضح فى اللوحات، إلا أن بنائية التكوين توحى بصرياً بوجود جدار يمسك النباتات  بحرص خوفاً من السقوط النهائى، وهذه معالجة وصياغة فنية غير معتادة فى تناول العناصر الطبيعية، كما جاءت لوحات أخرى معبرا عن أوراق النبات مترامية على الأرض، ونتج عن هذا الترامى تتداخل وتشابك وترابط أفرع النبات بغصونه وذبول نهاية الأوراق والزهور وتعقدت البنية وجذبته ليسجلها  بالرسم لما يملكه من حرفية ميزته عن غيرة من فنانى الطبيعة، واستكمالاً لحالة الجهنمية جاءت المجموعة اللونية ذات الدلالة البصرية للجفاف وهى مجموعة اللون الأخضر بقوته وغموضه، واللون الأصفر المائل إلى اللون البنى الموحى بشيخوخة الأوراق، يتخللها مجموعة لونية متناقضة المعنى حيث البقاء قبل النهايات الأخيرة هى ألوان مضيئة للزهور مثل اللون الأحمر والوردى والبرتقالى والأبيض الذى يعلن أن البقاء للمعنى وليس للشكل.