السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

جدل بين علماء الأزهر بسبب تحريم تعدد الزوجات والهجوم على الشيخ الشعراوى

جدل بين علماء الأزهر بسبب تحريم  تعدد الزوجات والهجوم على الشيخ الشعراوى
جدل بين علماء الأزهر بسبب تحريم تعدد الزوجات والهجوم على الشيخ الشعراوى




كتب – عمر حسن

صدمات إعلامية يتعرض لها المشاهدون بين الحين والآخر، والغريب أنها تأتى على لسان ما يطلق عليهم بـ «النخبة»، لتزلزل مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة إن كانت متعلقة بالدين، سواء فى شكل فتاوى شاذة، أو آراء فقهية صادمة، تخالف عادات وتقاليد المجتمع المصرى المحافظ.

عاصفة من الجدل، أثارتها مؤخرا الكاتبة الصحفية فريدة الشوباشي، بعدد من التصريحات «الجريئة» التى خرجت بها على الجمهور فجأة وبدون مقدمات، بدأت فيها بالهجوم على الإمام الراحل محمد متولى الشعراوى.
تصريحات «الشوباشي» الصادمة طالت أمورا شرعية، مثل مسألة «تعدد الزوجات» فى الإسلام، حيث اعتبرت التعدد حراما  فقالت: «أنا رأيى أن تعدد الزوجات ربنا حرمه، فالرجل إنسان والست إنسانة.
تصريحات الشوباشى لم تلق ترحيبا من قبل الأزهر الشريف وعلمائه الذين اعربوا عن رفضهم لتصريحات الشوباشى من جانبه أوضح الدكتور الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، والأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أنه يتعين على من يتعرض لأى مجال، أن يكون متخصصا فيه، قائلا: «مع احترامى للأستاذة فريدة الشوباشي، لكن هى صحفية ولا يجوز لها أن تصدر أحكاما على الرموز الدينية، خاصة إن كان الشيخ الشعراوي»، مؤكدا أنها وجهت سهما طاعنا للرأى العام، فالناس تعلم قيمة «الشعراوى»، ومكانته عندهم كبيرة.
وطالب «الجندي»، فى تصريحاته لـ «روزاليوسف» بأن تراجع «الشوباشي» مواقف «الشعراوى» الوطنية، وحديثه عن مصر، حينما قال: «إن مصر صدرت الإسلام للبلد الذى نزل فيه الإسلام»، مناشدا بضرورة تقييم الإنسان بمجمل مواقفه، وليس بناء على واقعة وحيدة لم تكن «الشوباشي» موضوعية فى سردها، على حد قوله.
وأشار عضو مجمع البحوث الإسلامية إلى أن «الشعراوي» كان يقصد بسجوده أن مصر لن يكون لها علاقة بالشيوعيين آنذاك، مؤكدا أن «إمام الدعاة»، سجد لله شكرا على نصر أكتوبر المجيد، فلماذا لم تتحدث «الشوباشي» عن ذلك أثناء هجومها عليه؟
وتابع «الجندي» حديثه متسائلا: «لماذا هذه المحاكمة التى تنطوى على إساءة للشيخ فى ذلك الوقت بالتحديد؟ هل هى تقول للناس إنها وطنية وغيرها ليس كذلك بمن فيهم الشعراوى؟»، مضيفا إن تصريحاتها ضد الشيخ الراحل ستزيد الناس قناعة به، مختتما: «أنا أخشى عليها من مثل تلك التصريحات، فالشعراوى رصيده كبير عند الناس ولا يؤثر فيه هذا الكلام».
وفى سياق متصل، قال الدكتور حامد أبو طالب، عميد كلية الشريعة والقانون الأسبق: إن تصدى أى شخص للفتوى فى أمور الدين دون تأهيل فهو نوع من العشوائية التى تسبب مشاكل للمجتمع، وتسيء إلى العلم والعلماء، مؤكدا أنه من هنا جاءت مطالبة مجلس النواب بمنع تصدر غير المتخصصين للفتوى وللخطاب الدينى على الفضائيات، مضيفا إنه من باب أولى أن يلتزم المثقفون بذلك، ويدعمون من ذلك الاتجاه، بل يمتنعون هم أنفسهم عن الخوض فى أمور الدين بغير علم.
أما فيما يخص قضية النقاب الذى شبهته الكاتبة فريدة الشوباشى بـ «التوكد توك»، فقد أوضح «أبو طالب» أن النقاب عادة وليست عبادة، ولكن هذا لا يعنى أن تتصدى «الشوباشي» لتلك القضية،  مشيرا إلى أن تصريحاتها فى ذلك الصدد تنشر التطرف.
وتابع  عميد كلية الشريعة والقانون الأسبق بقوله: «نعم النقاب ليس من الإسلام، ولكن ينبغى أن نناقش الموضوع بأدب ولا نسيء للمنتقبات، وإلا بذلك نحيد عن الأسلوب العلمى فى الحوار، وهذا الكلام الذى صدر عن الشوباشى أقرب إلى الردح من العلم».
وردا على ما قالته «الشوباشي» فيما يتعلق بمسألة تعدد الزوجات فى الإسلام قال: «هذه الجرأة التى تتحدث بها فى دين الله، أسأل الله أن يجعلها عبر لم يعتبر، ومن يعتدى على دين الله، وأناشد المسئولين التدخل لدرأ تلك الفتن التى تشعلها الشوباشى بتصريحاتها، فهى تجعل أشخاصا من الشعب يثورون ويحاولون الانتقام منها، ثم تعود لتصف المسلمين بالتطرف، وتنسى أنها من بدأت بإثارة الفتنة»، مختتما تصريحاته بقوله: «الآية واضحة وصريحة، وهى تشير بجواز تعدد الزوجات، ولكن عند اللزوم فقط، وهى ظروف تختلف من حالة لأخرى».
أما الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه والشريعة بجامعة الأزهر الشريف، فيرى أن هناك «لوبى» يحاول النيل من الثوابت الإسلامية فى توقيت مريب، وهذا يكشف عن أنه ومن وراءهم لديهم عمى بصيرة لأن هذه الافتراءات على الإسلام تصب فى مصلحة الإرهاب والرعب والتطرف.
وتابع قائلا: «أما من تعانى من الازدواجية الدينية ولا نعلم هل ما زالت تعتنق المسيحية أم انضمت بالفعل للإسلام تنال من القامة والقيمة الشعراوى  وينضم من يتهكم على عمر بن الخطاب وصلاح الدين وأحمد عرابى ويشكك فى موضع بيت المقدس إلى كل هذا الهراء»، مناشدا الجهات الرقابية بإعادة النظر فى ظهور هذا اللوبى فى الفضائيات لأنهم يصورون للرأى العام أن المجتمع أصبح فى صدام مع الإسلام، وهذا يعود سلباً على القوة الناعمة لمصر فى العالم.
وعلى صعيد آخر، أكد المفكر الإسلامي، الدكتور ثروت الخرباوي، أن الإسلام ليس دينا «كهنوتيا»، أى أنه ليس حكرا على أحد، بما فى ذلك علماء المسلمين، حتى إن حديثهم فى أمور الدين يخضع للصواب والخطأ، وبالتالى فهو رأى بشري، لكن النصوص الدينية مقدسة ومن الثوابت، لكن فهم الناس لها متعدد.
وتابع «الخرباوي» تصريحاته لـ «روزاليوسف» قائلا: «الإسلام ليس مثل علوم الطب والهندسة والفلك يجب أن يكون فيهم متخصصون، وإنما هو دين إنسانية، ملك لكل إنسان»، لافتا إلى أن الكاتبة فريدة الشوباشى من حقها أن تبدى رأيها فى أمور الدين، وكذلك رأيها فى العلماء، وأن تقول فلانًا يعجبنى وفلانًا لا يعجبني، متابعا: «كل إنسان يقول ما يعتقده الصواب من دينه، وليس من حق أحد أن يحتكر الصواب ويقلل من شأن الآخرين، وهذه مشكلة التيارات الإسلامية المتطرفة».
وأردف المفكر الإسلامى قائلا: «الأستاذة فريدة قالت رأيا يخضع للمناقشة والحوار وليس للمحاسبة والحصار، فالعلماء ليسوا رسلا أو آلهة»، موضحا أن إصدار رأى دينى لا يحتاج لدراسة، فهناك فرق بين الدين والتدين، فالأول علاقة إنسانية مع الله، والثانى دراسة ذاتية لأمور الدين والتفقه فيه.
وأوضح «الخرباوي» أنه يحب الشيخ الشعراوي، وجمعته علاقة به فى فترة من الفترات، لكن هذا لا يعنى أن «الشعراوى» هو الدين، فالرسول نفسه -صلى الله عليه وسلم- حينما التقى أحد الرجال فارتجب ذلك الرجل، قال له النبى: «هون على نفسك فأنا ابن امرأة كانت تأكل القديد»، أى اللحم «المقدد»، مشيرا إلى أننا نقدس فقط أمرين فى الإسلام هما: «القرآن، والرسول»، وفيما عدا ذلك من علماء لهم قيمتهم ولكن لا نقدسهم»، مؤكدا أن «الشعراوي» نفسه قال فى أكثر من حديث تليفزيونى أنه سجد لله شكرا على نكسة 67، ولكن ليس شماتة فى الوطن، وإنما حمدا على الابتلاء الذى أصاب مصر، وصدمها للتخلص من الاشتراكية الشيوعية.
كما تطرق «الخرباوي» للحديث عن الكاتب يوسف زيدان، قائلا: «أنا ضد آرائه فى صلاح الدين الأيوبى وأحمد عرابي، فأنا أرى أن هؤلاء قدموا الكثير للأوطان، ومع ذلك أنا ضد منعه من الحديث، فليقل ما يقل»، مختتما بقوله: «كل شخص يقول اللى يقوله، ومن يريد الرد عليه فليرد، لكن لا تمنعوا أحدا من قول الرأى أيا كان».