الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

واحة الإبداع.. باقة الأحلام اليومية

واحة الإبداع.. باقة الأحلام اليومية
واحة الإبداع.. باقة الأحلام اليومية




يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة «على ألا تتعدى 550 كلمة» على الإيميل التالى:    


[email protected]

اللوحات للفنان عبدالغفار شديد


 

باقة الأحلام اليومية


بقلم - شيماء عبد الناصر حارس


عظامه تطقطق، وأثر باقة الأحلام العابرة ليلة أمس لا يزال على جسده، ذراعه وعيونه وحتى أنفاسه، لا يدرى كيف يحلم شخص كل هذا القدر من الأحلام فى ليلة واحدة، فتح عينيه وبدأ يحاول تذكر أى حلم فيهما، لكنها مترابطة  بشكل يكاد يكون احترافياً، عليه أن يعمل مخرجًا سينمائيًا، هذا القدر من الأحلام والتوهان والخروج من مشاهد لأخرى لا يكون إلا علامة له حتى ينتبه لمهاراته وموهبته فى ذلك الشأن، كل هذه الأسود فى بيت ريفى عادي، والبنت الخائفة التى تغير ملابسها داخل عش مبنى من بوص ناشف، لكنها جميلة، لا يعرف من هى لكنها رائعة بالفعل، الجسد، الخصر، الوجه الجميل، الصدر، وفستانها ممتاز، اللون والخامة والطول، والتطريز والترتر على الحواف، ليس عليه أن يفكر فى أن الفستان، فستان سهرة، ترتديه بنت ريفية فى عش من البوص، هذه هى لعبة الأحلام، وأيضًا القَصة التى تحدد ملامح الخصر الخرافي، لماذا لا تكون كل هذه الإشارات فى الحلم، بأن عليه أن يفكر فى العمل كمصمم أزياء، هى إشارة عليه ألا يهملها، لقد تفنن فى صنع هذا الفستان والفتاة لم تكن بهذا القدر من الجمال، إنما لمسات الفستان الأسطورية جعلت منها ملكة جمال، هذه بالفعل إشارة وعليه أن يفكر فى الموضوع بجدية حينما يفيق أكثر ويبدأ يومه، حتى عليه  أن يلاحظ أزياء الطفلة راقصة الباليه التى تحب أمها شاباً يشبهه، أزياء هذه البنت فى كل رقصاتها مميزة وهذا دليل واضح أن عليه أن يعطى العالم تلك الفرصة، ويبشر الكون بمولد مصمم أزياء فريد من نوعه، فنان، أو ربما راقص باليه، لماذا لم ينتبه أن ذلك الشاب محبوب والدة الطفلة هو أستاذ الطفلة نفسه الذى علمها الرقص، نعم، بالفعل، لقد وجد الحقيقة المخفية، راقص الباليه هو لب الأمر، هو الذى دارت حوله كل الأحداث، فأم الطفلة تحبه وهى فاتنة وامرأة تذوِّب الحجر، ولكن ليس على راقص باليه مثل الشاب الذى يشبهه فى الحلم أن يبالى بتلك الأشياء، فالكثير من الشابات والفاتنات وملكات الجمال يرتمين تحت أقدامه وهو كراقص محترف وفنان مشهور، لا يبالى بكل ذلك، وعلى العموم هو بادلها هذه المشاعر فى نهاية الحلم، حتى قرر أن يسافر معها إلى تركيا سيرًا على الأقدام، كى تضمن مستقبلا مشرقًا لابنتها وتلميذته راقصة الباليه الصغيرة، وهذه شيم الفنانين، التضحية من أجل الحب والتسامى فوق كل شيء، هى إشارة واضحة وصريحة.
 حينما قام من على سريره، غسل يديه، بدأ فى التفكير فى إفطاره، جهز الجبن، أخذ بعضًا من الجبن الأبيض الذائب فى طبقه، ومن ثم حبة عنب، يسيل لعابه ويتحرق شوقًا للبيض، يطقش بيضتين معًا، يمزجهما بالمعلقة حتى تختفى ملامح كل منهما، فى كيان واحد، يجهز الطاسة، رشة زيت بسيطة ثم يقلل درجة حرارة النار، يسكب خليط البيض، يرش الفلفل والطماطم والبصل المقطعة إلى قطع صغيرة، تأخذ كل قطعة مكانها تمامًا كما خطط لها، عليه الآن أن يقف أمام الطاسة ويعبر عن نفسه فى أهم مرحلة وهى مرحلة قلب قرص البيض، لتبديل الأماكن، وتتم المهمة بنجاح ساحق، ويفعلها ثانية بعد أن يحمر وجه القرص الآخر قليلا، ويعود كما كان، قرص بيض خلاب، مرشوشاً عليه قطع الطماطم والبصل والفلفل الأخضر، يبقى الآن رشة الملح والكمون والشطة، ثم يقدمها لنفسه، فى طبق مزين بالشبت والكزبرة، مع الخبز الساخن، فى منتصف الوجبة، وأثناء إغماض عينيه، حتى يستطيع تذوق هذا المزيج الفريد من المذاقات الشهية، تذكر أن عليه التفكير جديًا، بأن يصبح طاهياً محترفاً.