الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المرحوم الدكتور «عبد المنعم سعودى»






حماد عبدالله الفجر : 04 - 04 - 2012



رحل عن عالمنا،رجل عظيم، أب حنون، صديق وفى، ورع، لم أر مثله بين من أعرفهم أو عرفتهم، «عبدالمنعم سعودى» رأيته أول مرة عام 1978 حينما عدت من دراستى بالخارج وكانت مصر بالنسبة لى، غريبة، حيث قضيت سنوات سبع بعد تخرجى وفى لقاء عبر صديق أوصانى أن أقابله ! ولعل أيضا هذا الصديق الكبير المشترك الحاج «أنور عوض»، أحد رجالات مصر، مخابرات سابقا، ثم هيئة الرقابة الإدارية فى عهدها الذهبى وكيلاً لها .

أوصاه بى وأوصانى بلقائه، وكان المعرض الذى خصص فيه مكتباً، فى منطقة «الدقى» حيث توجد محلات «سعودى» للبقالة، والتى سبقت بعصور، أسواق (السوبر ماركت)، حيث كانت تلك المحلات، هى مقصد كل السكان القريبين من منطقة «الدقى»، وربما أيضا من خارج المنطقة، فكانت محلات «سعودى» هى العنوان، وأمامه معرض لسيارات ومعدات واردة من «جنوب شرق آسيا»، وهذا الشاب يجلس فى المكتب ورغم فرق السن بينى وبينه إلا أننى وجدته جاذباً للحديث، متواضعاً، يسبقك فى تقديم المعرفة، وكان اللقاء الأول، والانقطاع حيث انشغلت، وانشغل لكى نلتقى فى مجالات أخرى كثيرة، فلقد تولى قيادة اتحاد الصناعات المصرية بعد سلف أيضاً عظيم من رجال الأعمال وهو «محمد فريد خميس»، وسطعت فى سماء مصر مجموعة من الصناع ورجال الصناعة والتجارة يشهد لهم الوطن فى بداية الثمانينيات إنهم كانوا أصحاب النهضة، فقد كان الدكتور «سعودى» مؤسس شركة تجميع وتصنيع السيارات اليابانية فى مصر كما تخصص فى تنظيم رحلات الحج متبرعاً، فهو الذى يستجلب التأشيرات، علاقاته حميمية مع أفراد وشيوخ من «المملكة»، وكذلك محبوب من الجميع، فكان حينما يرتب الحج، لا يحملك شيئاً، كنت تسلمه جواز السفر والباقى عليه، يُعلْمِكْ بموعد الطائرة، ويُعلِْمكْ بموعد تسلم حقيبتك، وحينما تسلمه نفسك، لا تسأل أين، وكيف، ومتى، كل شىء إن شاء الله ميسر مع «عبد المنعم سعودى» !!

هو أول من أخذنى إلى تلك الأراضى المقدسة، فى رحلة «عمرة» وقال لى حين نزلت «بالمدينة المنورة»، سوف تأخذ قدماك على هذا المكان، وحقاً، وصدقاً، تكررت عشرات المرات، «حجاً، وعمرة»، وكانت دائماً معه، كان دائماً هو قائد رحلتى أو رحلتنا، قدت سيارة «M.C G.» حوالى ألف كيلو متر من «الرياض إلى المدينة» وهو بجانبى نتحدث طيلة الليلة التى استغرقتها الرحلة وفى الخلف الصديق الرائع الآخر «رائد هاشم».

لم نترك بعضنا أبداً فى الأراضى المقدسة فتحنا الموضوعات وطرقنا الخبايا، وتناقشنا فى أمور الدين والدنيا، كان رجلاً عظيماً، لايبخل بالخير أبداً على أحد طالما استطاع إلى ذلك سبيلا، هذا هو «عبد المنعم سعودى»، لا يمكن أن أنسى حين واجهتنا أزمة مهنية، وتوقفت شرايين الحياة والعمل فى مكتبى نظراً للتضاد فى المصالح بين ما كنت أقوم به فى الدفاع عن زميل مهنى (ممدوح حمزة) ووقوف وزير الإسكان الأسبق ومحاربته لمكتبنا ولى شخصياً، خاصة العمل فى مصر ولم أجد من يتقدم بيده نحوى سوى «عبد المنعم سعودى» رحمه الله لكى يربطنى بعمل مع صديقه وحبيبه سمو الأمير «مشعل بن عبد العزيز آل سعود» رئيس هيئة البيعة فى المملكة السعودية، ولنجد أنفسنا فى نفحة جديدة، تسمح للشرايين أن تستمر فى النبض، والقلب فى العمل، والصدق فى المعاملة، ولعل ما أسعدنى بعد انتهاء ما كلفنا به حينما قال لى شرفتنى ورفعت رأسى، فقلت له، جميلك علينا (مكتبى وزملائى)!!

لا يمكن نسيانه، كان رجلاً رائعاً، معطاء، لا يمكن أن يجود الزمن بمثله، أجد من الذكريات ما لا يكفى عمودًا، ولا كتابًا، رحم الله «عبد المنعم سعودى» رحمة واسعة.

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.