الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الجامع الأزهر عملية انقاذ 1000 سنة من تاريخ مصر

الجامع الأزهر عملية انقاذ 1000 سنة من تاريخ مصر
الجامع الأزهر عملية انقاذ 1000 سنة من تاريخ مصر




تحقيق وتصوير - علاء الدين ظاهر 


هو من أهم المساجد فى مصر وأشهرها فى العالم الإسلامى.. جامع وجامعة منذ أكثر من ألف سنة.. إنه «الجامع الأزهر» الذى أنشأه جوهر الصقلى عندما تم فتح القاهرة 970 م بأمر من المعز لدين الله أول الخلفاء الفاطميين بمصر، مما جعله أيضا أقدم أثر فاطمى قائم فى مصر، وعلى مدار السنوات تعرض الأزهر لتجديدات وإضافات كثيرة أغلبها كانت لصيانته وترميمه،أخرها مشروع التطوير الجارى له حاليا، والذى يتم بأيدٍ مصرية تماما فى حين تكفلت المملكة العربية السعودية بتكاليف المشروع كاملة.
وفى عام 2015 وتحديدا شهر فبراير أعلنت اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية موافقتها على مشروع ترميم الجامع الأزهر والمنطقة المحيطة به داخل أسواره، بما يتناسب مع حالة الجامع الإنشائية والفنية وكذلك احتياجاته بما يضمن الحماية الكاملة للمبنى الأثرى، وقد بدأت الشركة المنفذة للمشروع أعمال الترميم أوائل أغسطس 2015، وقد كشف الدكتور خالد العنانى وزير الأثار أن افتتاح الجامع الأزهر بعد انتهاء ترميمه سيكون فى النصف الأول من العام المقبل 2018.
وعلى هذا قامت جريدة «روزاليوسف» اليومية بجولة فى الجامع الأزهر، وشاهدنا على الطبيعة أعمال الترميم التى تتم فيه حاليا، وقبل سرد ما شاهدناه يكشف لنا بعضا من تاريخ المسجد محمد الجيوشى مفتش آثار الجامع الأزهر، والذى قال إن المصادر التاريخية حددت تاريخ بناء الأزهر فى 970 م وانتهى العمل به وأقيمت أول جمعة فيه سنة 972م، كما أنه شهد أول حلقة درس تعليمى فى «365 هجرى- 975 ميلادى»، وفى سنة 378هـ تحول الجامع الأزهر إلى جامعة لتدريس العلوم والأداب بعد أن كانت مقصورة على اقامة الدعوة الفاطمية والمذهب الشيعى الاسماعيلى، ويضم الجامع الأزهر 50 رواقًا وكل منها لها نقيب أو شيخ.
أروقة الأزهر
ومن أبرز تلك الأروقة رواق الأتراك الذى أنشأه السلطان قايتباى وجدده عبد الرحمن كتخدا، ويضم 16 عمودا و12 مسكنا بالطابق العلوى، ورواق الهنود الذى يقع يمين الداخل من باب المزينين، ورواق الأكراد الذى يقع يمين الداخل من ممر المزينين، ورواق الجبرتية أو الجبرت وينسب إلى الشيخ الجبرتى المترجم المشهور، ورواق اليمنية ورواق البرنية ورواق المغاربة ورواق الشوام، ورواق الشراقوة الذى أنشأه الوالى إبراهيم بك سنة 1225 م تلبية لرغبة شيخ الإسلام عبد الله الشرقاوى.
المآذن
ويضم الجامع الأزهر 5 مأذن هى مئذنة المدرسة الأقبغاوية ويرجع تاريخها إلى 1339م، وعليها مدماك شريط كتابى يضم أسماء وألقاب «أقبغا» منفذة بخط الثلث المملوكى ومنها المولوى والأوحدى والملكى، ومئذنة السلطان قايتباى وأعلى بابها بحر كتابى بخط الثلث المملوكى «ادخلوها بسلام أمنين»، وعليها زخارف الجفت اللاعب وأشكال نباتية بنظام الأرابيسك، وشريط كتابى يضم ألقاب السلطان قايتباى بخط النسخ المملوكى، ومئذنة السلطان الغورى والتى تتميز بوجود رنك كتابى للسلطان الغورى نصا فيه «قانصوة الغورى، عز لمولانا السلطان الملك الأشرف،عز نصره»، ومئذنتى الأمير عبدالرحمن كتخدا وهما على الطراز العثمانى، ومئذنة باب الصعايدة، ومئذنة باب الشوربة. كما أن صحن الجامع الأزهر يمتلئ بزخارف كتابية أغلبها أيات قرأنية، ومكتوبة بخطوط مختلفة منها الكوفى المورق والكوفى المزهر،وهناك أيضا زخارف نباتية بأشكال مختلفة. وفى جولتنا رصدنا الحمامات التى تم تطويرها بشكل يتناسب تماما مع طراز المعمارى للمسجد، وقد بلغت منحة تطوير وترميم الأزهر وفقا لمصادرنا كانت 30 مليون جنيه من السعودية،وعندما جاء الملك سلمان زادها إلى حوالى 100 مليون، وتضمن المشروع أيضا تغيير شبكات المياه والصرف الصحى كلها، وتم عمل نظام صرف خاص «بورفريه» حول المسجد كله لتقليل الرطوبة النسبية والمياه الجوفية والصرف الصحى ودرأ مخاطرها عنه.
أنظمة الإضاءة
كما تم تغيير وتحديث أنظمة الإضاءة والصوت فى المسجد كله بأحدث الأجهزة التى تم استيرادها خصيصا من ألمانيا، وتركيب كاميرات مراقبة رقمية،وهذه الكاميرات مضادة للحريق والسرقة، حيث ترصد أى تحركات غريبة وتطلق إنذارا،وتثبت نفسها على السارق وتتحرك معه تماما لرصد كل تحركاته وضد الحريق،وتم عمل نظام خفض الرطوبة حول المسجد، وللمرة الأولى فى مصر تمت عمليات تنظيف الواجهات بنظام البخار،وفى المدرسة الأبلغاوية أحد مكونات المسجد ترميم زخارفها والتى تم التعامل معها بشكل خاطئ فى ترميمات سابقة استخدم فيها أسمنت أسود،وتمت إزالته واستبداله بالمونة الجيرية مثل التى إستخدمت فى بناء المسجد.
وفى زخارف صحن المسجد تم عمل نظام خاص لترميمها،بشكل يضمن عدم الإضرار بها والحفاظ على رونقها،خاصة أنه كان مستخدما الأسمنت فى ترميمات سابقة لها، والصحن يعتبر أصل المسجد ومن أبرز وأهم مكوناته، وتم حقن وترميم كراسى المآذن الخمس بالمسجد،وكانت الغورى وقايتباى أكثر المأذن تطلب ترميمها جهدا كبيرا، كما أن المدرسة الطيبرسية كانت حالتها صعبة واحتاجت ترميما إنشائيا وكذلك تم إستبدال أحجار كثيرة من المدرسة وتم حقن الجدران للحفاظ عليها.
كل أعمال الترميم التى نفذت ومستمرة الفترة المقبلة تمت بأيدى مصريين من فنيين وأثريين ومرممين فى مختلف التخصصات، وهو ما شاهدناه بأنفسنا أثناء جولتنا بالمسجد، والتى تحققنا فيها من حقيقة الرخام الذى تم تركيبه بدلا من رخام المسجد الذى تردد أنه أثرى والمشروع أضر به، حيث أكدت مصادرنا أن الرخام لم يكن أثريا وتم تركيبه مكان الأحجار القديمة التى كانت فى صحن المسجد فى مشروع تطويره عام 1998.
والرخام الذى كان بالمسجد من نوع «كرارة» وهو رخام كرارة وكانت به شروخ، وكان لا بد من إزالته وتغييره بسبب تلك الشروخ وتجديد شبكات صرف المسجد،وتمت إزالة كل الرخام القديم واستبداله برخام «تاسوس»مثل المستخدم فى الحرم المكى، وهذا الرخام مقاومته عالية جدا ولا يمتص الحرارة، وتركيبه ليس فيه إساءة للمسجد بل تكريم له،خاصة أنه لا يستخدم فى أى مكان بالعالم كله إلا فى الحرم المكى.
سألنا محمد عبدالعزيز مدير عام مشروع القاهرة التاريخية عن التكلفة، فقال لنا أنها غير محددة، حيث إن أعمال الترميم ضمن منحة مقدمة من المغفور له خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتمويل مفتوح وغير محدد، وطبقا لتلك المنحة فإن كل ما يحتاجه ترميم المسجد سيتم توفير التمويل اللازم له، وهذا ما حدث بالفعل خاصة أن الأسعار تغيرت وتضاعفت منذ إعداد المقايسة من ثلاثة أعوام، وبنود الاعمال تمت زيادة كمياتها بالإضافة إلى استحداث العديد من البنود أثناء سير العمل ودون انقطاع للتمويل أو التمسك بتكلفة محددة.
وعن طبيعة الترميمات، قال: تم إعداد مقايسة أعمال ترميم المسجد، لتشمل أعمال التدعيم الإنشائى والمعمارى وأعمال الترميم الدقيق ومعالجة الزخارف،وتصحيح أخطاء الترميم السابق وإزالة التشوهات وأعمال الموقع العام ومساكن الطلبة، واستحداث دورات مياة للمسجد واعمال الكهرباء والإضاءة والصوتيات وتنظيف الواجهات والمآذن والقباب،كما تم ترميم المنبر والمحاريب الرخامية وتركيب أرضيات رخامية من نوع التريستا اليونانى كالمستخدمة فى الحرم المكى، بالإضافة إلى فرش المسجد بنوع فاخر من السجاد.
وأشار إلى أنه تم عمل شبكة صرف أمطار وشبكة صرف صحى جديدة للجامع بأحدث نظم الصرف المعروفة حاليا بعد تهالك الشبكة القديمة، لافتا أن أعمال الترميم لا ترتبط عادة بوقت محدد، فكلما زادت الاعمال وكميات البنود زادت المدة الزمنية لأعمال الترميم، وكلما تقدمت مراحل العمل يتم اكتشاف أعمال أخرى لم تكن ظاهرة أثناء إعداد المقايسة، وتتطلب مدد إضافية، المهم أن أعمال الترميم تسير بشكل منتظم وفقاً للخطة الموضوعة ومراحل وخطط التشغيل، وعلى أعلى مستوى من التنفيذ.