الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

وفاء شهاب الدين: الإنترنت سبب التطور الثقافى الحالى




فى كتاباتها التى تمرر من خلالها نظرتها لل عالم، ويتداخل فيها القمع الاجتماعى مع القمع السياسى والاقتصادي، تواصل المبدعة وفاء شهاب الدين تقديم أعمالها من القصة القصيرة والرواية، التى دائما ما تثير الجدل، لكشفها عن المسكوت عنه فى مجتمعاتنا، والخروج على آليات السرد المتعارف عليه، وتسجل وجهة نظرها عن العالم، وتمرر الحقائق عبر ما تكتبه، تكتب قصصا واقعية، رغم انتمائها إلى عالم الخيال أكثر من الواقع، تتحدث فى هذا الحوار عن روايتها "مهرة بلا فارس"، التى رأى البعض أنها تقدم فيها سيرتها الذاتية، ومشكلات النشر وأكثر ما يشغل بالها الآن كمواطنة مصرية وروائية ترصد الأحداث .



■ لو قررت تسجيل ما يحدث فى مصر الآن برواية .. ماذا تكتبين؟

- فى الحقيقة تزخر مصر منذ الثورة بأحداث متلاحقة تخطف الأنفاس وتعجز كل كتابات الأدباء عن تصويرها بنفس التشويق والإثارة والتأثير، حتى أن معظم الكتاب تركوا القلم وجلسوا  يتابعون ما يحدث بأناة، محاولين التقاط حدث ما يصلح للكتابة، فوجدوا أن الوقت لا يصلح للكتابة، لأن فعل الإبداع يحتاج تركيزاً عالياً ورغبة كبيرة فى تصوير الأحداث.

لن أكتب الآن حتى تستقر الأمور السياسية وينحسر ذلك المد السياسى  الذى طغى على مخيلتي، فأنا ككل الأدباء أعيش الحدث بكل عمق ومن يعشه لا يدرك كثيراً من الأمور إلا حين ينتهي، لذا أنتظر حتى  تنتهى كل الجراح وأستطيع تكوين رأى متكامل فيما جرى، حينها سأدون بفخر واحدة من أفضل رواياتى.

■ كتاباتك تثير الجدل.. فهل يقلقك ذلك؟

- الكتابات التى تثير لدى القارئ الرغبة فى الاطلاع عليها لا تقلق، بل على العكس أرى فيها نوعاً من التميز الذى يحرص عليه الكاتب، تسبب عناوين رواياتى كثيرا من التساؤلات تجعل دوما الأسئلة تلاحقنى،

■ هل "مهرة بلا فارس" سيرتك الذاتية؟

- "مهرة بلا فارس" ليست سيرتى الذاتية، وقد وردنى العديد من التساؤلات حول هذا الموضوع، بسبب ما تجيب عنه أحداث الروايات، وهذا موجود فى كل رواياتي، ففى "رجال للحب فقط" مثلا تجد دفاعا مطلقا عن الرجل الذى يتعرض للخيانة، وليس دفاعاً عن المرأة واتهاماً للرجل على عكس كل ما يثار ضدى عن أننى "عدو الرجل".

■ هل ترين فارقا بين المرأة المبدعة وغيرها؟ وأين يقع الرجل لدى كلتيهما؟

- تجنح المرأة دوما للتعبير عما يدور بداخلها، فتمنح القارئ رؤية للعالم من خلال الذات الأنثوية، فلا يلعب بها الرجل دور البطولة المعتاد، فيخرج العمل على غير ما تعود الرجل، ويعود ذلك إلى اختلاف شخصية المبدعة عن المرأة العادية، التى يمكنها أن تتحمل إيذاء الرجل بلا شكوى، فالمبدعة تحمل كلماتها روح التحدى وتأبى خضوعاً مذلاً ، فتكتب للحياة كما تتمناها أحيانا وكما تعيشها أحيان أخرى، ولكن فى النهاية لا رواية يمكن أن تكتب دون أن تحتوى رجلاً، ولا أن تعيش حياة بلا أنفاس رجل.

■ ما الظاهرة الاجتماعية أو الثقافية التى تستفزك وتثير مواجعك؟

عالمنا يزخر بكثير من الظواهر الاجتماعية المؤرقة والموجعة ..ما أكثر ألماً من رؤية طفل فقير يذهب رفاقه إلى المدرسة ويذهب هو إلى عمل مذل ينتهك طفولته وآدميته، ما أكثر وجعاً من مريض يحتاج لعلاج ولا يجد ثمن الدواء، أو رؤية مبدع تتعامل معه دور النشر بفوقية وتستبيح حقوقه المادية ولا يجد وسيلة للحصول على حقوقه ..ووزارة ثقافة لا تهتم بكونها تحمل راية تثقيف شعب كامل ورعاية آلاف المبدعين الذين يتضورون جوعاً ومرضاً فتتجاهلهم بدعوى ضعف الإمكانيات، ما أكثر ما يؤلمنا ولا نستطيع معالجته.

■ ما القضية التى تؤرقك فى كتاباتك؟

- أكثر ما يؤرقنى قضايا المرأة، خاصة العلاقة الأزلية بينها وبين الرجل، وقضية البحث عن الحب، وهل هو حقيقة تستحق البحث أم خيال نستعين به لنجمل مرارة حيواتنا، قضية حرية المرأة وكيفية تعامل المجتمع معها خاصة المجتمعات الريفية التى ما زالت تتعامل معها وكأنها كم مهمل، بداخلى شعلة أمل كبيرة تدفعنى للكتابة عن المجتمع عن المشكلات التى تدور به ولا يوجد لها حل سوى التنوير والثقافة، وقد سخرنا الله سبحانه وتعالى لنكون تلك المشاعل التى تغير المجتمع والعالم.

■ هل النشر على الإنترنت يخدم التطور الثقافى أم أنه مجرد فقاعة سرعان ما تتلاشى؟

- لا يمكن أن نقلل من أهمية النشر الإلكتروني، فهو نافذة يستخدمها الكتاب والشعراء فى عرض أعمالهم على القراء مباشرة دون وساطة لدور النشر، وأعتقد أن الإنترنت هو ما سبب التطور الثقافى الحالي، بعدما فتح آفاقاً كبيرة للكتاب وللقراء، لذا أرى أن المستقبل سيكون للنشر الإلكترونى، فهو يمنحنا كل المعلومات التى نريدها وعدداً كبيراً من الكتب  التى يصعب الحصول عليها فى صورة ورقية، وقد اقتربنا من هذا بعدما أصبحنا الآن نرى مكتبات تبيع الكتب الإلكترونية للهواتف الذكية، فشبكة الإنترنت جعلت الكتب فى متناول الجميع، وننتظر تطوراً أكبر.

■ ما أبرز المشكلات التى تواجه كتاب الأقاليم؟

- أكبر مشكلة نواجهها ككتاب نعيش بعيدا عن القاهرة هو عدم وجود حركة ثقافية كتلك التى تموج بها القاهرة، ككل شيء فى مصر يعانى المركزية، تقتصر الثقافة فى الأقاليم على الجهود التى تقوم بها قصور الثقافة، التى لا تجد التمويل اللازم لها لكى تقوم بنشاط مميز، ناهيك عن عدم وجود مكتبات لبيع الكتب الثقافية كالروايات والشعر، أما القاهرة فهى تزخر بالأضواء والندوات والنقاد والمكتبات الكبيرة وحفلات التوقيع والصحف والمجلات وبدور النشر المعروفة فمن يريد لأعماله أن تنشر وتناقش وتشتهر يجب عليه ترك عالمه كله والذهاب إلى القاهرة ليستطيع انتزاع النجاح الذى يتمناه كل مبدع.

■ بحكم معايشتك للوسط الثقافى المصرى.. هل يعانى ترهلا؟

- فى الحقيقة أنا بعيدة جدا عن الوسط الثقافى .. تقتصر علاقاتى على عدد قليل جدا من الأصدقاء فلم أستطع الاندماج معه فهو ككل وسط فى مصر يعانى الشللية .. وتلعب العلاقات الشخصية به دورا كبيرا لذا فضلت التركيز على عملى فهو من سيقدمنى بجودته إلى القراء، فأنا أكتب للقراء والتاريخ إن لم احصل على ما أستحق الآن سأحصل عليه فى المستقبل.

■ كيف تفاعلت مع ثورة يناير إبداعيا؟

- فى الحقيقة مصر مازالت تزخر بزخم الثورة لذا من الظلم التعجل للخروج بكتاب يجارى الأحداث، فيحصل على نسبة مبيعات عالية وهو لا يحمل قيمة كبيرة تستحق ككثير من الكتب التى ملأت المكتبات مجاراة للحدث، واستغلالاً لمشاعر الناس وفضولهم، لا أستطيع فعل ذلك لذا لم  أكتب عنها سوى قصة قصيرة بعنوان "جسور الدماء" ستنشر قريباً فى مجموعة "سندريللا حافية" وقررت بعدها أن أنتظر حتى تنقشع كل الغيامات وتصبح الكتابة بحيادية وتعمق ممكنة احتراما لعقول قرائى  لأننى أرى أن الثورة مازالت مستمرة.