الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مفاجآت المعركة ضد الكاثوليك

مفاجآت المعركة ضد الكاثوليك
مفاجآت المعركة ضد الكاثوليك




أعدها: روبير الفارس

المعركة التى أشعلها تصريح الأنبا مكاريوس الأسقف العام بالمنيا ضد معمودية الكاثوليك والتى تعبر عن أغلبية أساقفة المجمع المقدس ليس هذا وقتها فلا مجال للتناحر الطائفى فى شرق يأكله هذا التناحر .ومعروف ان كل طائفة تعتز وتعتبر نفسها هى الحق ونتيجة لجهل الاقباط الارثوذكس بالكثير من تاريخ وفكر الكاثوليك تأتى اهمية كتاب هويّة طائفة الأقباط الكاثوليك للدكتور الاب اغسطينوس موريس كاهن كنيسة العائلة المقدس للاقباط الكاثوليك بالزيتون حيث كتب فصلا مهما تحت عنوان «النظرة الارثوذكسية للكنيسة القبطية الكاثوليكية» فجر فيه عدة مفاجآت فقال: 

قبل كل شىء علينا أن نعترف بأننا كنيسة أرثوذكسيّة أى مستقيمة الإيمان، فلا نخشى على أنفسنا من هذا القول بأننا أرثوذكس، وذلك لأن كلمة أرثوذكس تعنى مستقيم الإيمان ومن هذا المنطلق فنحن كنيسة أرثوذكسيّة مستقيمة وتتحاور مع الكنيسة الأرثوذكسيّة الشقيقة. 
فنحن لسنا بهراطقة أو أصحاب بدع، ولا انفصلنا عن الكنيسة الجامعة بسبب مساندتنا لبدعة ما أو هرطقة ما، ولكننا كنيسة كاثوليكيّة ارثوذكسيّة، وحتى لا أسترسل فى هذا الحديث الذى يُعد طبيعيًا، ولا يحتاج منى لمزيد من الأحاديث المطولة، ولكن علينا أن نسأل ما وجهة نظر الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسية الشقيقة نحونا؟ وكيف تنظر إلينا؟
علينا أن نسأل أنفسنا بتدقيق من أية وجهة نظر ينظرون إلينا الأقباط الأرثوذكس (سابقًا المونوفيزيين أو اليعاقبة)؟ هل ينظرون إلينا على أساس نحن متأصلين ومتجذرين فى الأرض المصرية وأننا امتداد لخلافة مارمرقس الإنجيلى؟ أم ينظرون إلينا على أننا كنيسة دخيلة جاءت بتأسيس الاستعمار الفرنسى كما يدعى واحد من كبار الطائفة ساعده الحظ فى قربه السياسى من الحاكم مقنعًا إياه برؤيته بأن الكاثوليك والبروتستانت هم صناعة أجنبية، وهم جاءوا مع المحتلين والمستعمرين ومهمتهم التجسس على البلد لصالح دول غربية؟ 
هل ينظرون إلينا على أساس حديثى العهد مع الارساليات منذ القرن السابع عشر والثامن عشر مستغلين بذلك قدوم الفرنسيسكان واليسوعيين لمصر وبراءة البابا لاون الثالث عشر الذى أعاد فيها البابا البطريرك امتيازاته كبطريرك وخليفة القديس مرقس الإنجيلى، وعلينا أن نلاحظ الفرق بين تأسيس الكرسى البطريركى فى عهد البابا لاون الثالث عشر وبين إعادة امتيازات الكرسى البطريركى للأقباط الكاثوليك؟ لماذا؟ لأن بعض أساقفة الأقباط الأرثوذكس يقول تأسست طائفة الأقباط الكاثوليك فى عهد البابا لاون الثالث عشر فى سنة 1895 أو 1874 فى فيديو مشهور له فى بطريركية الاقباط الأرثوذكس بالعباسية بمناسبة الاحتفال السنوى بدار الكتاب المقدس وفى حضور غبطة ابينا البطريرك المكرم الأنبا ابراهيم اسحق. ومن هنا أريد أن أقول البراءة التى صدرت21 نوفمبر سنة 1895 من البابا لاون الثالث عشر والتى بموجبها أعاد إلى الأقباط مقام البطريركية الإسكندرية الكاثوليكية بجميع امتيازاتها القديمة.
وهنا لنا وقفة: أعاد ولم يؤسس وأعتقد يوجد فارق كبير فى المعنى. فتأسس يعنى استحداثًا جديدًا وتأسيسًا جديدًا وهذه مغالطة تاريخية وارجع لكتاب رؤية تاريخية لطائفة الأقباط الكاثوليك فى مصر لنفس المؤلف، أمّا أعاد فهذا يعنى وجودها السابق ولم تكن ناشئة على يد البابا لاون الثالث عشر. 
ومن الجدير بالذكر فى براءة قداسة البابا لأون الثالث عشر يركز على هذه الكلمات أعاد «إلى الأقباط مقام البطريركية الإسكندرية الكاثوليكية بجميع امتيازاتها القديمة». ومن هنا أريد أن أسألكم العفو إذا وجدتم فى أسلوبى شيئًا من التشدد دفاعًا عن كنيستى القبطيّة الكاثوليكيّة مستخدمًا أحيانًا بعض الألفاظ القاسية التى كانت تنفع أن تقال فى زمن الانشقاق وبداية الجراح ولا تنفع فى هذا الزمن زمن المسكونية والتئام الجراح وانفتاح كل كنيسة بمحبة على الأخرى، ولكن اعذرونى مبدئيًا وشكرًا لكم على العذر المعطاة لى مسبقًا.
تركيزى مرة أخر على هذه الكلمات «أعاد» و«وجميع امتيازاتها القديمة». أى أن بطريرك الأقباط الكاثوليك هو خليفة القديس مار مرقس الإنجيلى وله كل امتيازات خلافة القديس مرقس الإنجيلي. فالأنبا إبراهيم اسحق هو صاحب كرسى رسولى اسسه القديس مرقس الإنجيلي. فهل تنظر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية هذه النظرة للكنيسة القبطية الكاثوليكية؟ للأسف الشديد لقد تأخرت براءة البابا لاون الثالث عشر كثيرًا، ولكنه معذور فى ذلك، لأن الكنيسة الكاثوليكية فى مساعيها للعمل المسكونى والرغبة فى تجميع خراف المسيح فى حظيرة واحدة لتكون رعية واحدة وراعيًا واحدًا جعلها تتأنى كثيرًا بطول البال والصبر واحشاء الرحمة والرأفة مع جميع الذين خرجوا منها آملة فى عودتهم لحضنها مرة أخرى. ولذا أريد. أن أوضح أكثر نظرة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية إلى الكنيسة القبطية الكاثوليكية، وإن كانت نظرة بها الكثير من المغالطات التاريخية والسلوكية.
نظرة حذر:- ناتجة من قلة الفطنة التى كانت تحمل بعض الكاثوليك على التصرَّف احياناً بطريقة تظهرهم فى مظهر من يريد الاصطياد فى الماء العكر، والتوسع على حساب الغير، باستعمال بعض الوسائل غير المرغوبة فى التبشير . 
وقد يؤيد هذه النظرة وجود بعض الوقائع والظروف التى تعبر عن تلك الخبرة الخالية من الفطنة من جانب بعض الارساليات الكاثوليكية. 
والمفهوم الخاطئ الذى ترسخ فى عقليّة الكنيسة الارثوذكسية بأن الكنيسة القبطية الكاثوليكية هى اختراع اجنبى أو استعمارى من قبل الكنيسة اللاتنية لتخريب الكنيسة القبطية الارثوذكسية، وهذه مجرد قراءة لا تطابق الواقع، لأننا قد رأينا فى كتاب سابق وجود الكنيسة القبطية الكاثوليكية فى مصر منذ بداية الكنيسة. 
ونعود مرة أخرى لنكمل الحديث عن رؤية ووجهة نظر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية حيث تنظر الى الكنيسة القبطية الكاثوليكية نظرة انزعاج، ونظرة ريبة، ونظرة حذر، ولذلك طالبت روما بإلغاء هذ الطائفة كشرط لنجاح الحوار المسكونى معها ولاستعادة الوحدة بين الكنيستين. فالكنيسة القبطية الارثوذكسية تنظر إلى الكنيسة القبطية الكاثوليكية على أن وجودها يعرقل مساعى الوحدة، ولذا فهى تفضل إقامة الحوار المسكونى مع الكنيسة الرومانية، رافضة إياه مع نظيرتها فى مصر. فالكنيسة الارثوذكسية تنظر إلى الكنيسة القبطية الكاثوليكية على أنها جزء منها أو مقتطع منها فكيف تقيم حواراً معها وهى خارجة منها وقطعة منها.
يقول بعضهم إن الكنيسة القبطية الكاثوليكية لاتزول إلاَّ بزوال الانشقاق الحالى القائم منذ الف وخمسمائة سنة. فمتى زال ذلك الشقاق واتحدت الكنيستان فحينئذ لا يبقى داع لبقاء الكنيسة القبطية الكاثوليكية، إذ إنها بمجرد حصول ذلك الاتحاد تفقد وجودها وترى نفسها بذات الفعل متوَّحدة حكماً مع الكنيسة القبطية الارثوذكسية كما كانت قبلاً قبل مجمع خلقدونيا 451م . 
فمهمة الكنيسة القبطية الكاثوليكية مهمة تقريب الكنيستين الكبيرتين الواحدة إلى الأخرى لأجل إعادة وحدتهما، لا بالغاء هذه أو تلك من الكنائس الأخرى. وجهة نظر تتطابق مع من يعتقد بأن الكنيسة القبطية الكاثوليكية صناعة غربية وهى جزء مختطف من أبناء الكنيسة الأرثوذكسية، ولذا عليها أن تنتهى بانتهاء الانشقاق والانفصال وبوحدة كرسى اسكندرية بروما.
ويضيف الاب اغسطينوس قائلا فى الواقع التخوف الأساسى لدى الكنائس الأرثوذكسية الشرقية ليس فى وجود الطوائف الشرقيّة الكاثوليكيّة ولكنه يكمن فى هذا التساؤل: ماذا يكون شكل العلاقة مع الكنيسة الرومانية الكاثوليكية أو فى نوعية العلاقة مع الكرسى الرسولي؟. وهذا الذى حاول طرحه المجمع الفاتيكانى الثانى: 
ومما يجدر ذكره أن البطريركيّة هى الطريقة المثلى للتنظيم الكنسى الجماعى وهى التى منعت الكنائس الشرقيّة الأرثوذكسيّة من التطرّف فى المركزيّة أى فى تركيز السلطة الكنسيّة فى يد جماعة دون غيرها كما حصل فى الكنيسة الغربيّة اللاتينيّة. 
فكلّ كنيسة فى الشرق يرعاها أساقفتها متضامنين متعاونين فى مجمع مقدّس يرأسه البطريرك أو من يقوم مقامه... فلم تعرف الكنائس الشرقيّة يومًا نظام الحكم المركزى بل حقّقت على مرّ الأجيال الحكم الكنسى الجماعى الذى قرّر المجمع الفاتيكانى الثانى العودة إليه بعد أن تلاشى فى الغرب أو كاد.. ولما كان فى الوقت نفسه خليفة بطرس الرسول هو هامة الرسل، تركّزت السلطة مع الأيام فى يده وأصبح اكليروس روما المحلّى هو المهيمن على كراسى الغرب جميعًا. 
وازدادت المركزيّة تطرّفًا فى الغرب بعد الانفصال الكنسى بين الغرب والشرق بحيث أصبح الشرق الأرثوذكسى يحجم عن فكرة الاتّحاد مع الكنيسة الغربيّة خشية أن تمتدّ إليه المركزيّة الرومانيّة فتذوب تقاليده وأنظمته فى تقاليد الغرب وأنظمته. ولهذا كان لزامًا على المجمع الفاتيكانى الثانى الذى حاول إعادة النظام الجماعى الكنسى إلى الكنيسة الغربيّة أن يؤكّد احترامه للنظام البطريركى وضرورة الاحتفاظ به فى الشرق. ويا حبذا لو امتدّ هذا النظام البطريركى إلى الكنيسة الغربيّة ليتيح لها أن تمارس نظام الحكم الجماعى على أحسن وجه» (مرسوم فى الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة الارقام 2-3)
ويقول الاب موريس: فى رأى الشخصى هنا تكمن المشكلة الحقيقيّة التى تحول دون أن يكون حوارًا مثمرًا وحقيقيًا لأجل الوحدة. حيث أسلوب ممارسة الكنيسّة الرومانية الكاثوليكيّة للسلطة والمركزيّة سواء على مؤمنيها فى الغرب أو على الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة التى هى فى شركة معها. 
تتهرب الكنيسة الأرثوذكسية من مسيرة الوحدة باختراعات معوقات ووضع عراقيل عقائديّة وطقسيّة وقانونيّة دون الدخول فى صلب الحقيقة والتى هى كيفية العلاقة مع الحبر الأعظم فى روما والكنيسة الغربية. 
فهل للبابا فى روما سلطة على جميع بطاركة كنائس العالم بحكم أنه خليفة القديس بطرس؟ وهل يتعامل بابا روما مع بطاركة العالم الأرثوذكسى كما يتعامل مع بطاركة الشرق الكاثوليك وكأنهم رؤساء أساقفة لأيبارشيات عادية كسائر كنائس الغرب خاضعين وواقعين تحت السلطة الفعلية لبابا روما؟ 
هل بابا روما هو الأول بين متساويين؟ وهل سلطة بابا روما لسائر كنائس العالم شرفيّة أم فعليّة؟ ولذا نجد المجمع الفاتيكانى الثانى يسرد هذا البند: «لقد قلنا أن الوثيقة المجمعيّة، التى نحن بصددها، قاصرة على الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة ولكنّها لا تخلو من أهميّة بالنسبة للكنائس الشرقيّة الأرثوذكسيّة لأنها تؤكّد مبدأ المساواة بين كنائس الشرق والغرب ضمن كنيسة المسيح الواحدة، وشرعيّة وقدسيّة التقاليد والأنظمة الشرقيّة العريقة.
فإذا كانت الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة التى هى مدينة بوجودها للكنيسة الغربيّة ومرسليها ومعاهدها ومساندتها يجب أن تحتلّ مكانتها فى الكنيسة الجامعة على قدم المساواة مع الكنيسة اللاتينيّة، فكم بالأحرى الكنائس الأرثوذكسيّة. التى لا تدين للغرب لا بوجودها ولا بأنظمتها ولا بثقافتها ولا برهبانيّاتها. يجب أن تحتفظ بكرامتها وبتقاليدها كشقيقات للكنيسة اللاتينيّة تدين لها الكنيسة الجامعة بالنصيب الأوفر من تراثها المسيحي» (مرسوم فى الكنائس الشرقية الكاثوليكيّة رقم 4).
كيف نعيش الواقع اليوم؟
ان وجود الكنائس الكاثوليكية الشرقية دليل حى على أنه ليس محتماً الا يكون، داخل الكنيسة الكاثوليكية الواحدة، سوى قالب واحد للتفكير، واسلوب واحد ولغة واحدة للتعبير عنه، ومذهب واحد فى علم اللاهوت، وطريقة واحدة لترتيب السلطات وتنظيم الطقوس وتوزيع الاسرار، وقاعدة واحدة للسياسة الرعائية: قال الرب «فى بيت أبى منازل كثيرة» يو 2:14). 
الفائدة الكبرى الناجمة عن وجود الكنائس الشرقية الكاثوليكية هى التى يمكن أن نسمّيها «الفائدة المسكونية» هذه الفائدة لم يفكّر بها أحد عند حصول الانقسام إلى طائفتين، وربما لم ندركها نحن الكاثوليك حتى الآن كما يجب ادراكها، فترانا نردّد القول عن انفسنا «أننا الجسر الذى يصل الشرق بالغرب واننا واسطة التفاهم بينهما» ولكننا لا نوضّح كيف يتم ذلك؟ 
وبسبب هذا الغموض فى قولنا يجيبنا كثيرون من الارثوذكس بالقول «لسنا بحاجة إلى جسركم ولا إلى واستطكم لأننا نعرف أن نتصل بروما للحوار بدونكم» على ان لم ندركه كفاية وما لم نعبرّعنه بوضوح من أمر فائدة وجودنا، قد أصاب فى فهمه وحسن التعبير عنه بعضُ المفكرين من كبار اللاهوتيين الأرثوذكس. وما يمكن استخلاصه من ابحاثهم هو أن الكنائس الشرقية الكاثوليكية، برغم ما ينطوى عليه وجودها من معاكسة للارثوذكس، يمكن ان يكون منطلقاً لحوار جدى بين الشرق والغرب، اللهم إذا حافظت، فى تفكيرها وفى تصرفها، على المبادئ التى يعتبرها الارثوذكس اساسية فى نظام الكنيسة وترتيب الحكم فيها. ومن أهم هذه المبادئ أن تتمتع كل كنيسة محلية بملء يمكن من الاستقلال الذاتى المنسجم، فى الوقت نفسه، مع استقلال الكنائس المحلية الاخرى، ووحدة الكنيسة الجامعة، وأولية بابا روما بصفته «رئيس المحبّة» فيها، كما كان فى القرون الاولى ثم أن تكون «الجماعية» لا الحكم الفردى المطلق قاعدةً للحكم، سواء كان فى سياسة الكنيسة الجامعة أم فى سياسة الكنائس المحلية. فالكنائس الشرقية الكاثوليكية يمكنها أن تلعب دور الوسيط والجسر الموَصّل الشرق بالغرب، اذا عرفت أن تحافظ على هذا التراث الارثوذكسى وان تقنع روما به.
الكنيسة القبطية الكاثوليكية سفيرة الغرب للشرق ومن ناحية أخرى سفيرة الشرق للغرب. السفارة أمر جليل وشرف ومسئولية: ألم يطلق بولس الرسول هذا الاسم على كل الرسل بقوله لأهل كورنتوس «نحن سفراء المسيح» (2كو 2:5) وظيفة السفير تمثيل من يرسلونه وتوضيح افكارهم وحماية مصالحهم لدى الجماعة التى يُرسل إليها. وشرط نجاحه أن يكون محباً مخلصاً وأميناً لمرسله، وان يكون مقبولاً لدى المرسل إليه لما يُعرف عنه من الصدق والكرامة والثقافة، والاطلاع على شئون الجماعة التى يقصدها. 
فالكنيسة القبطية الكاثوليكية سفيرة لدى الكنيسة القبطية الارثوذكسية – وهو أمر يجب ان يكون ممكناً لها بسبب علاقتها الوثيقة بهذه وتلك من الجهتين – فلابدّ لها أن تتحلى بالصفات السابق ذكرها تجاه الارثوذكسية وتجاه الكثلكة، فهى كنيسة تشعر بانها «منهم وفيها» لاغرباء عنهم. وعلى الكنيسة القبطية الكاثوليكية أن تكون أكثر تفاؤلاً وشهادة على التمسك بقدر واحد بالأمانة للأرثوذكسية الشرقية، وبالأمانة للكثلكة الغربية. 
من هنا نتحدث عن كنيسة فريدة ومتميزة حاضنة للشرق والغرب معًا فى كيانها وذاتها وهويتها ووجودها وحضورها. 
فهى ليست كنيسة شرقية لاستمالة الجانب الأرثوذكسى وليست كنيسة غربية لتعبر عن الجانب الكاثوليكي، ولكنها كنيسة محلية بمعنى الكلمة تتسم بأنها حاضنة للشرق والغرب فى ثوبها القبطى المصرى الشرقى العربي. هذا ما أريد أن أركز عليه، فنحن لسنا مجرد وسيلة مستخدمة للتواصل بين الشرق والغرب ولكننا نحن هوية كيانية حاضنة للشرق والغرب معًا.
وأنا أرى أنه من واجبى فى هذا المضمار أن أقدم مباديء من أجل توجيه البحث فى الوحدة بين الكنيسة الكاثوليكيّة والكنيسة الأرثوذكسيّة القبطيّة التى وقعها قداسة البابا يوحنا بولس الثانى وقداسة البابا شنودة الثالث. 
وأهم هذه المباديء هى:
1- إن الهدف من جهودنا هو الشركة الكاملة بالإيمان الذى يتجلى فى الشركة بالحياة الأسرارية وبالتوافق فى العلاقات المتبادلة بين كنيستنا الشقيقتين فى شعب الله الواحد.
2- إننا كنيستان رسوليتان حيث بفضل الخلافة الرسوليّة، نتمتع بحياة الأسرار الكنسيّة المقدسة كاملة، خصوصًا، سرّ القربان المقدس، رغم أن الشركة فى القربان المقدس لم تتحقق بعد بيننا، لعجزنا فى حلّ الشقاق القائم بيننا حلًا كاملًا.
3- يزداد حلّ هذه التشعبات أهمية، ولكى يتسنى لكنائسنا أن تعبّر تعبيرًا وافيًا عن الشركة القائمة، أصلًا، بشهادة غير مكتملة على إيمانها وحياتها بالمسيح، لا بدّ للكنائس المحلية الكاثوليكيّة، حيثما وجدت، والكنيسة القبطيّة أن يعترف كل منهما بالأخرى اعترافًا تامًا، فى الحالة الراهنة من الشقاق، وأن تعترف كل واحدة بمكانة الأخرى فى الكنيسة الواحدة الجامعة الرسوليّة المقدّسة.
4- لا تعنى الوحدة التى نتصورها، فى أى حال من الأحوال، ابتلاع الكنيسة الواحدة للأخرى أو سيطرة الواحدة على الأخرى. بل بالأحرى التكاتف والمساندة للتمتع، بشكل أفضل، بالهبات التى تلقتها كل كنيسة من روح الله.
5- تقتضى الوحدة أن تستمر كنائسنا فى امتلاك الحق والسلطة لتحكم نفسها بنفسها وفق تقاليدها وأنظمتها الخاصة.
6- إن هذه الاستقلالية الشرعية لا تنفى الحاجة إلى العلاقات المتبادلة بين كنيستينا؛ فحين تصبح الكنائس أكثر تقاربًا بعضها من بعض فى الشركة بالإيمان والمحبة والمتبادلة، فلسوف تستطيع الاستزادة من الاتصالات المتطورة ومن انماط من العلاقات المستحدثة والتى من شأنها أن ترشد إلى معالجة المعضلات وفى الاهتمام المشترك. 
هذا التوجه سوف يساعد الكنائس على التوصل إلى استيعاب أفضل لمفهوم الأولوية فى الكنيسة ومحتواها، هذا المفهوم الكائن فى كنيستينا، كليهما، والذى لا تزال بعض الاختلافات القانونيّة والعقائديّة تحول دون الشركة الكاملة بيننا. ويمكن، عندئذٍ، دراسة قضايا مهمة كالإيمان والمعضلات الرعوية والاحتياجات المتبادلة بروح من التفاهم والتقرّب الأخوى وعبر مداولات بين الرؤساء أو عبر سبل أخرى تبدو ناجحة.
7- على ضوء جميع المباديء السابقة، سوف نسعى إلى حل الاختلافات التى لا تزال قائمة بيننا والمتعلقة بمفهومنا للبنيات التى من شأنها أن تخدم من خلالها الوحدة والولاء للإيمان فى الكنيسة.
8- ستوضع حاليًا فى مصر موضع التنفيذ، النشاطات الرعويّة والتعاون المتبادل والشهادة المشتركة بهدف التحرى بلوغًا إلى الوحدة المرتجاة حسبما نتفهمها، إذ ليس بين الأمور التى أتينا على ذكرها ما يستهدف حمل المؤمنين على الانتقال من كنيسة إلى أخرى، فهى تتوخى خدمة المسيحيين المصريين عامة. ومن بالغ الأهميّة أن تتكرر اللقاءات المنتظمة بين المطارنة الكاثوليك ورؤساء الرهبانيات ومطارنة الكنيسة الأرثوذكسيّة للأحول التالية:
أ- خلق جو من الثقة المتبادلة.
ب- مجابهة الاحتياجات الرعوية الملحة للمؤمنين لدى الطائفتين.
ت- تجنب سوء التفاهم الذى قد ينشأ.
د- حل المسائل الخاصة التى قد تتسبب بسوء التفاهم أو الاحتكاك. كذلك، فإن تكرار الاتصالات وعلى جميع مستويات الحياة الكنسيّة، سوف تساعد أيضًا على تحاشى الكلام والعظات والمقالات والتعليمات والمواقف التى من شأنها أن تجرح شعور الكنائس بعضها بعضًا فى شخص رؤسائها أو مؤمنيها.
9- كل ما تقدم يجب أن يسترشد وأن ينسجم مع المباديء المعلنة خلال الاتصالات العديدة التى قام بها البابا الرومانى مع اساقفة الكاثوليك فى مصر ومع قداسة البابا شنودة الثالث.
10- وإن لم نتبنَّ جميع مواقف الآخرين، يتوجب علينا أن نحترم هذه المواقف باعتبارها جزءًا من التراث التاريخى للطرف الآخر وألا نستبعد إمكانيّة الوصول إلى الاتفاق حولها.
11- ومتى تحققت الوحدة لسوف نجد التقاليد المسيحيّة الغنيّة والمتعدّدة المرعية الإجراء فى مصر، تعبيرًا واضحًا وشرعيًا لاثراء الجميع ضمن الكنيسة القبطيّة الواحدة تحت قيادة بابا الاسكندريّة وبطريرك كرسى القديس مرقس.
12- إننا نقرّ بأن الوحدة هى هبة الله لكنيسته. ولا بدّ أن تتجلى تجليًا ملموسًا بانسجامها مع التقاليد المرعية الإجراء فى كل كنيسة التى تفسح المجال ببصيرة جديدة وتفهّم أعمق للوسائل التى يشاء الله أن تجتمع الكنائس لمحاولة حلّ المعضلات التى تواجه جميع المسيحيين المعاصرين وابتكار السبل لخدمة العالم فى الوحدة والمحبة».