السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المثقفون فى مواجهة الإرهاب

المثقفون فى مواجهة الإرهاب
المثقفون فى مواجهة الإرهاب




إعداد - رانيا هلال

وراء كل إرهابى لا يأبه لصرخات طفل أو انحناءات مسن تاريخ من القسوة وضلال العقل وعتمة الروح، تلك الروح التى إن أتلفناها ومنعنا عنها كل ماهو من شأنه أن يكون متنفسًا لها ستتدنى إلى أن تخبو ومن أهم متنفسات الروح الثقافة والفنون، فنحن نعانى بالفعل من نقص مناعة الروح بسبب غياب تنمية الوجدان والحس الإبداعى لدى العامة خاصة الطبقات الأكثر بساطة والكادحة بحكم الظروف الاقتصادية.
كيف يرى الكتاب والمثقفون دور الثقافة والفنون فى مواجهة الإرهاب هذا ما سوف نستعرضه معهم.
من وجهة نظره يقول القاص محمد أبو عوف: «للثقافة دور مهم فى محاربة الإرهاب، فالإرهاب فكرة، ومعروف أن الأفكار لا تموت، لكن من الصعب أن تغير الثقافة تفكير الجهادى التكفيرى فتجعله يفكر ويتأمل ويحب الحياة، فواجب على المثقفين إبراز ما فى كتب التراث من عطب وخلل، وكسر التابوهات والأصنام التى صنعناها من الأئمة والفقهاء الذين رسخوا لفكر التكفير».
وأضاف «أبوعوف» أنه ينقصنا أسلوب الطرح، فمنذ أيام قليلة شنت حرب على فريدة الشوباشى بسبب انتقادها لإمام الدعاة الشيخ محمد متولى الشعراوى، ومن قبلها سُجن الباحث فى الشئون الإسلامية إسلام البحيرى بسبب حديثه عن «البخاري»، وأشار إلى أن الجميع يفتقدون للأسلوب العلمى الهادئ الذى يناقش الأفكار بعيدًا عن الأشخاص، فيبرز نقاط الضعف والتناقض حتى يتقبل المصريون ما يقال.
وأكد أن هدم الثوابت وبناء أفكار جديدة يحتاج لأسلوب راقٍ تستطيع من خلاله الدخول لعقول المصريين، إضافة إلى دور وزارة التربية والتعليم التى يجب أن تهتم بكتب التنويريين أمثال على عبد الرازق، وطه حسين، ولا نخاف من تدريس كتب نصر حامد أبوزيد وفرج فودة وروايات نجيب محفوظ، ولابد للدولة ألا تخشى المزاج المصرى العام المعادى لهؤلاء لمجرد أنهم كُفِرُوا داخل الزوايا وأُثير حولهم الجدل. وأردف «نحن نمتلك محورين يجب أن نعتمد عليهما فى حربنا على الإرهاب، أولهما نشر كتب التنويريين وترك الحرية فى التليفزيون لأصحاب الرأى، حيث أن الاعتماد على الأزهر فى محاربة التكفير خطأ فادح لأنه وقع فيما يندد به فالإرهابيون يقولون نحن فقط الفرقة الناجية، ويقول الأزهر نحن فقط الوسطيين ومن يخالفنا فهو مخالف للدين».
واختتم حديثه «الثقافة والتنوير هما الحل الذى يجب أن يسير بجانب الحل الأمني، لأن الحل الأمنى يقاوم الإرهابيين الحاليين، أما الثقافة فتمنع إرهاب المستقبل».
القاص والشاعر مصطفى  سمير قال: «إن الحرب على الإرهاب بدون تجفيف منابعها الثقافية عبث كامل، ويشبه اقتلاع شجرة من أوراقها، فكلما انتزعت ورقة نبتت مكانها أخرى، وكلما «صفّيت» إرهابيا أنتجت البيئة الثقافية الموبوءة المزيد منه. أضاف أن صناعة الإرهاب هى بالأساس من أعمال العقل، فلا يوجد ما هو أغلى من الروح لكى يلقى بها الإنسان إلى الهلاك من أجل مصلحة ما، إنما هو يفعل ذلك من أجل غاية عقلية، وهم صنعه آخرون ببراعة ودسوه فى ذهنه».
وأكد «سمير» أنه إذا لم يكن بإمكاننا إيقاف الآخرين عن التربص بشبابنا وصناعة السموم الفكرية، فلا بد من زيادة «المناعة الثقافية» للمواطنين كى لا يتحولوا إلى مشاريع انتحاريين. وأشار إلى أن من أسباب الأزمة هو انخفاض المناعة الثقافية المتجذر فى البيئة المصرية، ويتم تغذيته منذ عقود، فكل خطاب وكل مؤسسة تسعى إلى تعليم الاتّباع، الخطاب الأزهرى الرسمى يوصى بالنقل ويهاجم التجديد، والمنهج التعليمى يقيم الطلاب وفقا للحفظ وكتاب الوزارة و«المنهج المقرر»، والإعلام يثير الرعب ضد الاختلاف والمختلفين، والمناخ السياسى ككل لا يشجع أحدا على الأخذ بزمام المبادرة.
ويرى الشاعر مصطفى سمير أن هذه الأسباب هى «الحل ثقافى»، فإن القاتل الذى لم يقرأ سوى كتب تحضه على القتل، يجب أن يقرأ غيرها ترشده إلى قيمة الحياة، والمغيب الذى لم يتعلم سوى التلقين وأهمية الاتباع، ينبغى أن يدرس كيفية إعمال عقله. وأضاف أن هناك مؤسسات حكومية ضخمة لها أفرع فى كل شبر فى مصر، قصور وبيوت ثقافة ومساجد ومدارس وجامعات، تلتهم المليارات من ميزانية دافعى الضرائب سنويا، لتتحول إلى سجون للعقل وقبور للإبداع، فتكون الحصيلة ملايين من فارغى العقول، كالأنعام تسير فى الطرقات تبحث عن من يمسك بقيادها.
وعلى جانب آخر يقول الكاتب العراقى  المقيم فى الخارج هيثم نافل والى: إذا أردت أن تعرف سمو وتطور أى بلد انظر إلى فنه، وفيلسوف الإغريق افلاطون يردد، الموسيقى تعلم الإنسان الفضيلة، وعندما سئل رائد المسرح العربى توفيق الحكيم يوماً عن الأجدر لقيادة بلداننا، أجاب، المفكرون أصحاب الثقافة العريضة الواسعة هم الأجدر.
يكمل «والى»: مما سبق نفهم بأن للثقافة والفنون الدور الأعظم فى تنمية وتعميق الوعى عند الإنسان، بالإضافة على تعليمه كيف يقدر المسئولية، وتقدير المسئولية حجر أساس كل عملية إبداعية يقوم بها البشر. ويضيف أنه إذا أردنا أن نبتعد عن التعصب أو التطرف لابد من بث الوعى قبل الشروع بالإيمان والاعتقادات المترتبة عليه بدءاً من المدارس الابتدائية وقبلها فى البيت لينمو الطفل منذ نعومة أظفاره على الكيفية التى يشعر بها بالآخر ويتعامل معه على أساس الأخوة من أبناء جنسه، إضافةً إلى تنشيط مبادئ الفنون وأساسياتها بكل فاعل والتشجيع على المطالعات الخارجية كيلا يشعر الإنسان العربى بأنه فى محيط مغلق لا يعرف غير حارته وبيته وكأن الأخيرين كل عالمه! نعرف بأن الوعى قبل الإيمان، وأن التقاليد والأعراف غير الدين، والدين جزء من حياة الناس وليس كلها. والمثل الإنجليزى يقول، عش واسمح لغيرك أن يعيش. متى ما نصل إلى تطبيق تلك المفاهيم الجميلة نكون فى مأمن من كل إرهاب جاهل.
الروائية العراقية نهاية اسماعيل بادى قالت: إن الثقافة والفن هما نبض الحياة فى كل زمان ومكان وعلى عاتقهما يقع واجب الارتقاء بالمجتمع من خلال حل مشاكله ومعالجتها بطريقة مبسطة كى يتسنى للمتلقى فهمها دون أى عناء، فما نتعرض له فى مجتمعاتنا العربية الآن لابد أن يكون دخيل علينا أننا شعبا مؤمن موحد بالله مهما اختلفنا فى مذاهبنا، فجميع الأديان اجتمعت على حب الله والبشر.
وأضافت أن مكافحة الإرهاب مسئولية كل مثقف وفنان من خلال عدم السكوت. فالتغيير والمعالجة تبدأ من الجذر لا من الأطراف أى من نشر الوعى ومخاطر ما له نحن سائرون بل ربما مسيرون بلا إدراك! بلادنا العربية التى نتغنى بها أصبحت مطمع للكثيرين ونحن بعدم وقفنا على العلة نحقق لهم مبتغاهم على طبق م الموت فى بلدنا أصبح على الهوية جار، بالمال جار باع جار، الإنسان يذبح كالأبقار، بدون سعر أو استغفار، سكن الخوف قلوب الكبار قبل الصغار، سنون مضت زاده اندثار، لا كلاماً نفع ولا حوار، لوعتنا استوطنت أبداننا الأكدار، استسلمنا رامين حملنا على الأقدار، ماذا دهاك يا وطن وما الذى صار؟، فيروز غنت لك أعذب الألحان منذ كنا صغار، نظمت القصائد فيك وأحلى الأشعار، انهض شامخاً لكل محب وبار من ذهب لا من فضة.