الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فرنسا خارج حسابات العملية السياسية فى سوريا

فرنسا خارج حسابات العملية السياسية فى سوريا
فرنسا خارج حسابات العملية السياسية فى سوريا




كتبت - نشوى يوسف


بعد محاولة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون مغازلة نظيره السورى بعدما كسب الحرب على الأرض، وجه الرئيس السورى بشار الأسد أمس، انتقادات حادة إلى فرنسا متهما إياها بـ«دعم الإرهاب»، معتبرا أنه «لا يحق له التحدث عن السلام» فى بلاده، وذلك على خلفية مواقف لباريس اتهمت فيها دمشق بعرقلة جهود تسوية النزاع.
وقال الأسد فى تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية سانا، عقب لقائه وفدا روسيا فى دمشق: «فرنسا كانت منذ البداية رأس الحربة فى دعم الإرهاب فى سوريا، يدها غارقة فى الدماء السورية منذ الأيام الأولى، ولا نرى أنهم غيروا موقفهم بشكل جذرى حتى الآن».
ومنذ اندلاع النزاع فى سوريا، أعلنت فرنسا دعمها للمعارضة السورية وطالبت مرات عدة بتنحى الأسد عن السلطة، وقطعت علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق.
وإثر الاعتداءات التى استهدفت باريس فى 2015، تراجعت حدة الموقف الفرنسى من النظام السورى بعدما باتت أولوية باريس محاربة التنظيمات الجهادية فى العراق، وسوريا.
واعتبر الأسد، أن الفرنسيين «ليسوا فى موقع أو موقف يقيم مؤتمرا يفترض بأنه مؤتمر للسلام» مشددا على أن «من يدعم الإرهاب لا يحق له أن يتحدث عن السلام، عدا عن أنه لا يحق لهم أن يتدخلوا فى الشأن السورى أساسا».
وتأتى تصريحات الأسد بعد اعتبار الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون أن «المطلوب التحدث إلى بشار ومن يمثلونه»، مشددا على أن هذا لن يعفيه «من أن يحاسب على جرائمه أمام شعبه، وأمام القضاء الدولي».
وكان ماكرون، قد قال أمس الأول إن عدو فرنسا الأول هو تنظيم داعش وليس الأسد فى سوريا، مشيرا إلى أن الأسد وحلفاءه ربحوا الحرب على الأرض ويجب الحديث إليهم.
وأضاف: أنه سيتم إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة فى سوريا «بحلول منتصف أو نهاية فبراير»، منبها إلى «وجوب» التباحث مع الرئيس بشار الأسد بعد ذلك، وذلك فى مقابلة بثتها قناة «فرانس 2» التليفزيونية.
وقال ماكرون فى المقابلة: «فى التاسع من ديسمبر أعلن رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، الانتصار على التنظيم وأعتقد أننا سنربح الحرب فى سوريا بحلول منتصف إلى نهاية فبراير».
وأسف المبعوث الدولى الخاص إلى سوريا ستافان دى ميستورا الخميس لـ«إضاعة فرصة ذهبية»، منتقدا رفض الحكومة السورية التحاور مع المعارضة.
وأضاف الأسد ردا على تصريحات ماكرون قائلا: «فى جنيف الأشخاص الذين نفاوضهم لا يعبرون عن الشعب السوري، لا يعبرون ربما حتى عن أنفسهم فى بعض الحالات. الجانب الآخر هو أننا فى سوتشى وضعنا محاور واضحة لها علاقة بموضوع الدستور وبما يأتى بعد الدستور من انتخابات وغيرها».
وتعليقا على الموقف الفرنسى الجديد، قال المتخصص فى العلاقات الدولية د. سعيد اللاوندى لروزاليوسف أن الدول الكبرى بشكل عام تخضع للأقوي، والأقوى الآن أصبح الأسد لأنه بعد انتهاء خطر داعش وانسحاب القوات الروسية، واستمرار الأسد فى مكانه بعد كل ما كان يقال، اعتقد أن ماكرون أصبح يتودد بالفعل للرئيس السورى.
وأضاف أنه فى المرحلة القادمة ستحدث الزيارات المتبادلة هنا وهناك، حيث إن سوريا تريد أن تكون هناك دولة غربية على الأقل قريبة منها، وإذا تقربت فرنسا ستتقرب ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبى الذى يريد أن يلعب دورا أهم من الولايات المتحدة الأمريكية.
وتوقع اللاوندى أن فرنسا تحاول فى المرحلة القادمة أن يكون لها دور أكبر من كونها دولة فى الاتحاد الأوروبي، فمن الممكن أن تكون وسيطا بشكل أو بآخر.
فيما قال ماجد حبو عضو اللجنة الدائمة للمؤتمر الوطنى الديمقراطى السورى أن «الموقف الجديد للرئيس الفرنسى لا يجعل بلاده مرشحة لتكون وسيطا بين الفرقاء السوريين، لأن كبادرة ففرنسا تنطلق من كونها تمارس نوعا من الغزل السياسى تجاه النظام وحلفاؤه بعد الانتصارات العسكرية التى حققوها فى محاربة الإرهاب».
وأضاف أن فرنسا اعترفت على لسان وزير خارجيتها بوجود 5 آلاف إرهابى سواء من حملة الجنسية الفرنسية، وقد سعت عبر برلمانيين وممثلين على الحكومة الفرنسية لبحث هذا الملف، لكن رد الحكومة السورية كان أنها مستعدة للتفاهمات فى حال عودة العلاقات الدبلوماسية، لكن الموقف الفرنسى كما الأوروبى كان منحازا لقطع العلاقات الدبلوماسية، ومارس العقوبات على الشعب السورى وليس على النظام، وبالتالى لا يزال الموقع الفرنسى والأوروبى عموما لا يؤهلهما للعب دور الوسيط فيما يتعلق بحقوق الشعب السوري».
من جانبه اعتبر عبدالقادر عزوز مستشار مجلس رئاسة الوزراء فى الجمهورية العربية السورية أن «سلطة الرئيس بشار الأسد هى السلطة الشرعية وفق العمليات الديمقراطية المتعارف عليها فى العام 2014، عندما تم تجديد ومنح هذه الشرعية من جديد».
ولفت إلى أن «تصريحات ماكرون تأتى فى إطار الواقعية السياسية وعلى ضوء إنجازات الميدان، وأيضا هى عملية تصحيح وقعت فيها الدبلوماسية الفرنسية، انطلاقا من أن الدبلوماسية هى ليست فقط بين الأصدقاء، وإنما بين الخصوم».
وأضاف أن « فرنسا عزلت نفسها عن سوريا والأحداث فى المنطقة، إلا من خلال ما يسمى بالمرصد السورى ومواقع التواصل الاجتماعي، لكنها بدأت الآن بمراجعة سياستها، فضلا عن أن مواقفها تستلزم الكثير من العمل الفعلى والجدى تجاه مواجهة الإرهاب، وضرورة أن تكون فرنسا طرفا محايدا فى إطار دعم العملية السياسية».
وعلى جانب مفاوضات أستانة يرأس الرئيس السابق للحكومة السورية الموقتة أحمد طعمة، وفد الفصائل السورية المسلحة فى المشاورات اليوم، فيما انسحب رئيس الوفد السابق العميد أحمد بري، دون أن يذكر الأسباب.
وأكد مصدر مطلع أن ملف المعتقلين والأسرى وفك الحصار سيكون حاضراً على طاولة المشاورات، لافتاً إلى أن التعهدات التى تم قطعها فى الجولات السابقة لم تتحقق حتى الآن.