الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مع قرب الاحتفال بالميلاد.. مشكلات فى نسب السيد المسيح

مع قرب الاحتفال بالميلاد..  مشكلات فى نسب السيد المسيح
مع قرب الاحتفال بالميلاد.. مشكلات فى نسب السيد المسيح




بقلم: د. رياض فارس

الدارس لنسب السيد المسيح فى انجيل متى وانجيل لوقا سوف يجد أكثر من مشكلة تتجلى أمامه:
أولاً: إن الانجيل - بحسب القديس لوقا يعطينا نسبا مختلفا عن النسب حسب انجيل القديس متى، علما بأن اليهود من الشعوب التى تحرص على حفظ الأنساب وتدقق فيه وبالتالى فليس من المعقول أن يكون كُتّاب الانجيل غير مدركين لتلك الحقيقة ولكن ببساطة ان القديس لوقا يعطينا نسب السيد المسيح عن طريق يوسف (مت 1: 16) (لو 3 : 23) فى حين يعطينا القديس متى سلسلة أنسابه من جهة السيدة العذراء.
1- ذكر القديس متى (1: 16) أن يوسف ابن يعقوب فى حين أن يوسف بحسب القديس لوقا ابن (هالى).
2- ذكر انجيل متى أن السيد المسيح من ابناء سليمان بن داود فى حين انه فى انجيل لوقا فى اولاد ناثان ابن داود.
3- ذكر انجيل متى أن جميع اباء السيد المسيح من نسل داود يتميزون بكونهم سلاطين مشهورين اما فى انجيل القديس لوقا عكس ذلك فهم ليسوا بسلاطين ولا ملوك مشهورين غير داود وناثان.
4- ذكر القديس متى أن شلتائيل بن يوطانيا فى حين انه ابن نيرى فى انجيل لوقا.
5- يعلم أن فى انجيل متى ان اسم زربابل ابيهود فى حين انجيل لوقا يذكر أنه ويصا مع ان اسماء زربابل فى الاصحاح الثالث من سفر اخبار الأيام الاولى وليس فيها ابيهود ولا ويصا.
6- من داود للسيد المسيح ستة وعشرون جيلا حسب انجيل متى أما فى انجيل لوقا نجد أنه اربعون جيلا.
7- ما بين داود ويوسف لا نجد فى سلسلة النسب سوى اسمين متآلفين هما شألتئيل وزربابل.
والمعروف أن اليهود كانوا من أكثر الشعوب التى تحتفظ بالأنساب حتى إنهم كانوا ينادون السيد المسيح أثناء سيره وسط الشعب (ابن داود) دون أى اعتراض من أحد، ثم أن الملاك اثناء بشارته قال للعذراء (وسيعطيه الرب الإله عرش داود أبيه) وقول بولس الرسول (يسوع المسيح المنحدر من نسل داود) وفى رسالة العبرانيين (أنه لواضح أن ربنا اشرق من يهوذا من السبط الذى لم يصفه موسى بشىء من الكهنوت) يهوذا هو الجد الأكبر فى الاسباط لداود ثم ليوسف.
أما بالنسبة لنسل يوسف الذى جاء مرة أنه ابن يعقوب ومرة أخرى ابن هالى من نسل ناثان بن داود فليس من المعقول أن يكون ليوسف نسبين بل الواقع أن القديس لوقا شرح نسب يوسف حسب تقليد اليهود الذى كان يمنح زوج الابنة الوحيدة كما فى حال السيدة العذراء أن يكون ابنا شرعيا ووارثا شرعيا لأبيها (حماه) وبالتالى بما ان هالى لم يكن له ابن فنسب يوسف شرعيا اليه.
أما انجيل متى فيعطى النسب الطبيعى ليوسف فهو ابن يعقوب من فرع سليمان .
8- القديس متى يقسم الأنساب الى ثلاثة مجموعات لتشمل كل مجموعة 14 جيلا :
 -  المجموعة الأولى تبدا من ابراهيم الذى وعد بالأرض حتى داود .
 - المجموعة الثانية تبدأ من سليمان حتى السبى .
 - المجموعة الثالثة تبدأ بعد السبى بيكنيا وتنتهى بميلاد السيد المسيح.
9- سلسلة نسب القديس متى ذكرت أن القديس يوسف بن يعقوب أما البشير لوقا رجع بتسلسل المسيح  الى العذراء مريم وذكر أن يوسف بن هالى والد مريم فأطلق على يوسف اسم والد زوجته.
10- اسقط متى أسماء ثلاثة ملوك من سلسلة نسبه بين يورام وعزيا وهم أخزيا ويوآش وأمصيا وهذه كانت منتشرة بين المؤرخين اليهود فى إسقاط بعض الاسماء من سلسلة النسب دون ان يمس الإغفال تسلسل النسب .
11- ذكر القديس متى فى آخر أنسابه بعض النساء الأمميات مثل راعوث الموآبية وراحاب الكنعانية ليعلن أن السيد المسيح جاء من أجل كل البشرية وليس من اجل فئة معينة فى حين أن القديس لوقا فى أنسابه لم يذكر أى نساء.
12- ذكر فى انجيل متى أسماء نساء عظيمات نفتخر بهن مثل سارة ورفقة وراحيل.
13- القديس متى ذكر بعض أسماء لنسوة زانيات مثل راحاب الزانية وثامار وبتشبع التى أخذها داود من زوجها أوريا .
14-  ذكر معلمنا متى فى نسب الرب يسوع فارص دون زارح حيث إن زارح قد أخرج يده أولا بكونه الابن البكر وولكنه لم يولد أولا مما يشير الى أن اليهود كانوا بكر البشرية ولكنه حرم منها وتمتع بها باقى الأمم.
15- ذكر القديس متى اسم ابراهيم لأنه أراد ان يثبت لليهود أن يسوع المسيح هو المسيا الذى ينتظره و لهذا افتتح سلسلة انسابه بقوله: «ابن داود ابن ابراهيم» فيلاحظ أن القديس متى ترك كل الأسماء ليركز على داود وابراهيم لأنهما صاحبا وعد من الله بهذا النسل (تك 22 : 8) (مز (132 : 11) (2 صم 7 : 12) (اش 11 : 10) (أر 23 : 5) وأيضا من ابراهيم بدأت قصة الخلاص كما سيأتى الخلاص بواسطة السيد المسيح ووذكر داود الملك يشير الى ان السيد المسيح هو ملك الملوك.
16- من سفر الخروج ندرك أن زمن نحشون هو نفس زمن موسى ولكن فى جدول الأنساب للقديسين متى ولوقا لم يرد اسم موسى البتة وذلك لأنه لم يكن من نسل يهوذا بل من نسل لاوى .
17- كذلك لم يذكر اسم يشوع بن نون لكونه من نسل افرايم، وذكر البشيران سلمون بن نحشون (متى 1 : 4) (لو 3 : 32) بطل اقتحام ارض كنعان والذى اتخذ من راحاب زوجة له .
والسؤال قد يطرح نفسه : لماذا لم يذكر القديس مرقس والقديس يوحنا قصة الميلاد من العذراء؟ يبدو أن الاجابة عن هذا السؤال تعود الى احتمالين: الاحتمال الأول: إن القديس مرقس كتب انجيله فى وقت مبكر أجمع الدارسون على أن انجيل مرقس هو أقدم ما كتب من الاناجيل. ويرى القديس ايريناؤس أنه متب بعد استشهاد القديسين بطرس وبولس، ولذلك اتجه معظم الدارسين إلى القول بأنه كتب ما بين عامى 65 , 70 م مع أن القديس يوحنا ذهبى الفم يرى أنه كتب فى مصر أما باقى الشراح فيدعون انه كتب فى روما وإن كنت أميل إلى الرأى الذى ذهب الى يوحنا ذهبى الفم وبالتالى كانت القديسة مريم العذراء مازالت موجودة على قيد الحياة فكانت معروفة لدى الكثيرين الأمر الذى لا يحتاج الى ذكره مرة أخرى إنما كان تركيز القديس مرقس الرسول على معجزات السيد المسيح .
الاحتمال الثانى: إن القديس يوحنا كتب انجيله متأخرا وبالتالى فموضوع الميلاد من العذراء كان قد عرف للكثيرين وليس بحاجة الى إعادته الى الأذهان وإنما ركز على الفصح والفداء فهو كتب انجيله وكان قاعدة من المؤمنين يعرفون السيد المسيح وأحداث الميلاد . ولكن هذا لا يعنى ان القديس يوحنا تجاهل الميلاد فهو ذكره عندما اشار قائلا: «والكلمة صار جسدا وحل بيننا» وأيضا عندما يقول «ابنه الوحيد» ألم يكن هذا الاعتراف هو ذكر لميلاد الرب يسوع فى مزود البقر متخذاً شكلاً بشرياً أى انه ابن الله الوحيد وليس ابن يوسف ثم أن يوحنا لم يغفل نسب السيد المسيح ولكن طريقة يوحنا اللاهوتية جعلته ينسب السيد المسيح الى الله مباشرة : «فى البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله .... والكلمة صار جسدا» يو 1 : 1 - 14.