الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

2017 عام التجربة والابتكار فى المسرح المصرى

2017 عام التجربة والابتكار فى المسرح المصرى
2017 عام التجربة والابتكار فى المسرح المصرى




كتبت_هند سلامة

فى مطلع 2017 فقدت الساحة المسرحية شخصية من أهم الشخصيات على المستوى النقدى والأكاديمى الدكتورة نهاد صليحة، وبدأت السنة بحزن وكآبة على المسرحيين، دخل معظمهم فى حالة حداد طويلة وكان على رأسهم تلاميذها وأصدقائها المقربون فأهديت لها دورة المهرجان القومى للمسرح ومع بداية العام انقلبت صفحات موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» رثاء لها وحدادًا عليها.

إذا شئنا وصف عام 2017 مسرحيا قد يتلخص هذا الوصف بأنه كان عام «التجربة»، حيث تعددت فيه التجارب المتنوعة سواء على مستوى المسرح الكلاسيكي، أو المسرح الغنائى كما شهد حضورًا قويًا لمسرح المونودراما، وبالتالى يعتبر عام التجارب المتنوعة، ففى هذا العام قرر أكثر من مخرج ومؤلف اللعب خارج المضمون وانفرد كل منهم فى طريق يبتكر ويصنع تجربته الخاصة جدا والمتجاوزة كل ماهو تقليدى ومعتاد، كان على رأس هذه التجارب عرض «الجلسة_شغل عفاريت» تأليف وإخراج مناضل عنتر، قرر مناضل فى هذا العرض تقديم تجربة جديدة على مستوى الكتابة والتناول وكذلك الإخراج المسرحى الذى قدم فيه مزجًا ممتعًا ومحترفًا بين التمثيل ومسرح الجسد وجاء طرح واستغلال مسرح الجسد مبتكرًا عن شكله التقليدى وتعد هذه من المرات النادرة التى يقدم فيها مسرح الدولة عرضًا وظف واستغل التعبير الحركى بحرفة وابتكار للكريوجراف عمرو البطريق، وكذلك فى طرح فكرة الإيمان بالسحر والمس الشيطانى وتاريخ ربطها بالأديان والأنبياء ولعنة مريم المجدلية والسيد المسيح، من بين التجارب المختلفة أيضا كان عرض «سينما 30» تأليف وإخراج محمود جمال على خشبة مسرح الهوسابير ولعب بطولته طلبة جامعة عين شمس انتج العمل بشكل مستقل وقدم فيه جمال مفاجأة للمسرح باللعب على تقديم صورة مسرحية مبتكرة بالأبيض والأسود باستخدام شكل وخامات معينة بالمكياج والإضاءة وكان من بين التجارب الهامة والأكثر تميزا فى تكنيك صناعة صورة مسرحية أبيض وأسود وكذلك على مستوى الكتابة والإخراج والتمثيل، شهد المسرح أيضا تجربة جديدة على مسرح الطفل بعرض «سنووايت» للمخرج محسن رزق قدم العرض باهتمام شديد فى صناعة عناصره الفنية وكان من أفضل العروض التى قدمت لمسرح الطفل على مدار السنوات الماضية لما تضمنه العرض من إجادة فنية عالية على مستوى التمثيل وصناعة الملابس والديكور والإخراج، وكذلك كان عرض «مفتاح شهرة» تجربة قدمتها الممثلة والمخرجة دعاء حمزة وشاركها البطولة زوجها الفنان عماد اسماعيل، تكمن خصوصية التجربة فى محاولة إعادة الدويتو الكوميدى مثل شويكار وفؤاد المهندس  قدم العرض رحلة معاناة الكومبارسات فى قالب كوميدى ممتع ولم تتجاوز مدة عرضه إلا أيام قليلة على مسرح روابط والفلكى بوسط البلد لتعذر حصول الإنتاج المستقل على موسم فنى كامل، بالإضافة إلى هذه التجارب كانت تجربة «مسافر ليل» للمخرج محمود فؤاد والذى قدم به فؤاد تجربة جديدة بصناعة ديكور مميز للعرض بعيدا عن خشبة المسرح، خرج بخياله إلى توظيف وتسخير ساحة الهناجر الخارجية لصناعة قطار حقيقى بها ووضع الجمهور داخل هذا القطار مع عامل التذاكر والمسافر خلق فؤاد بهذا العرض حالة مسرحية مختلفة لم نشهدها من قبل، «كأنك تراه» تجربة مسرحية جديدة أيضا على مستوى التناول والكتابة المسرحية لعروض المناسبات الدينية والذى قدم خلال شهر رمضان قدمت فيه المؤلفة نسمة سمير والمخرج ماهر محمود شكلاً دراميًا معاصرًا على عروض الأمسيات الدينية، وكذلك كان عرض «قمر العشاق» تأليف عبد الرحيم كمال وإخراج محمد الخولى قدم فيه المؤلف والمخرج صورة غير نمطية للأعمال الصوفية على مستوى الكتابة والإلقاء الشعرى والعرض المسرحى وكان من بين أمتع الأعمال التى قدمت خلال الشهر الكريم، وكذلك قدم المخرج إنتصار عبد الفتاح مشروع إحياء القاهرة التاريخية بالعربة الشعبية بشارع المعز وقبة الغورى لاكتشاف الشخصية المصرية، وقدم بها عرض «حسب الله السابع عشر» شخصية عبد السلام النابلسى وزينات صدقي، كان من ضمن التجارب المسرحية الخاصة أيضا التجربة الصوفية لعرض «شامان» للمخرج سعيد سليمان بمسرح الغد، وكذلك عرض «رحلة نور» للمخرج جمال ياقوت بمدينة الإسكندرية.
المسرح الغنائى والاستعراضي
كان من الملفت هذا العام الاهتمام بصناعة المسرح الغنائى بأشكال وصور متعددة والذى تمثل فى عرض مسرحية «ليلة» للمخرج هانى عفيفى على مسرح الماركى بكايرو فيستيفال سيتى ويعتبر هذا العمل من التجارب الجديدة والفارقة فى المسرح المصرى لهذا العام كما أنه تجربة جديدة على مخرجه، خلع به عفيفى عن نفسه طابعه المسرحى الكلاسيكي، قدم العرض بإنتاج مسرحى ضخم ويعتبر نقطة انطلاق للاهتمام بصناعة هذا النوع من المسرح الغنائى والاستعراضى وترسيخ لعودة وإحياء القطاع الخاص بشكل فنى مختلف، وعلى النقيض من ضخامة الإنتاج هناك شكل آخر وتجربة أخرى للفن المستقل والقطاع الخاص القائم على المحاولة والتجريب فى شكل المسرح الغنائى تمثل ذلك فى أوبريت «يوم القيامة» للراحل بيرم التونسى لفرقة الورشة المسرحية التى قدمته فى قالب غنائى ممتع وبسيط بعنوان «قيامة قايمة» للمخرج حسن الجريتلى لم يعتمد فيه الجريتلى على أى إمكانيات مسرحية مادية تذكر بل اعتمد فقط على مهارة عزف وغناء وتمثيل أعضاء فريقه وكان من أمتع ما قدمت فرقة الورشة هذا العام داخل الشقة الصغيرة بشارع شريف فى وسط البلد ومرة أخرى على خشبة مسرح الفلكى ولم يمتلك العرض ديكورات تذكر سوى مجموعة من الكراسى بأيدى الممثلين والأداء المسرحى الغنائى الجماعي، قدم أيضا هذا العام المخرج إيميل شوقى إعادة لعرض المخرج الكبير سمير العصفورى «العسل عسل» على مسرح ميامى وأعاد فيه العصفورى صياغة أشعار بيرم التونسى فى قالب مسرحى غنائى ممتع وكان من بين التجارب المسرحية الغنائية الهامة والمميزة التى قدمت هذا العام، وقبل أن يختتم العام انطلق أحدث إنتاج فنى للمخرج المسرحى خالد جلال بعرض «سلم نفسك» الذى قدم فيه جلال خلاصة فكر وإبداع ست سنوات متواصلة لشباب الدفعة الثالثة من طلبة المركز وحقق العرض نجاحًا جماهيريًا كبيرًا ويعد هذا العمل من التجارب المسرحية شديدة التميز والخصوصية لعام 2017 حيث قدم للوسط الفنى أكثر من 28 ممثلاً وممثلة محترفون بمجال الغناء والرقص والتمثيل والتلحين والتأليف الموسيقي.
مونودراما كوميدى ضد التراجيدي..!
على غير العادة خرجت هذا العام أكثر من تجربة متنوعة لمسرح المونودراما بدأت بعرض «واحدة حلوة» للمخرج أكرم مصطفى على مسرح الطليعة وبطولة مروة عيد والتى حصلت به مروة على جائزة أفضل ممثلة بالمهرجان القومى للمسرح، ثم تكررت التجربة مع نشوى مصطفى بمسرح ميامى فى عرض «سيلفى مع الموت» تأليفها وإخراج محمد علام واستطاعت مصطفى استقطاب عدد كبير من الجمهور إليها، لكن فى الوقت نفسه قرر المخرج إسلام إمام اللعب ضد تيار المونودراما السائد والخروج عن المألوف بتقديم عروض مونودراما كوميدى لمسرح الفضائيات ونتج عن هذه التجربة عدد مميز من العروض المسرحية كان على رأسها عرض «أنا فى إجازة» بطولة حنان مطاوع وبهذا العمل حفرت مطاوع اسمها كممثلة مسرحية من الطراز الأول بتنوع أدائها وقوة حضورها وشخصيتها على خشبة المسرح، وخاض نفس التجربة الفنان سامح حسين بعرض «محدش هنا» و«أنا ضعت مني» لعمرو عبد الجليل، ومشاريع مسرحية أخرى مع فتحى عبد الوهاب وبيومى فؤاد وآيتن عامر.
إنتاج غزير لفرق البيت الفنى ما عدا المسرح القومي..!
شهد البيت الفنى للمسرح حالة من الانتعاش والنشاط هذا العام بإنتاج عدد مميز وناجح من العروض بخلاف عروض التجارب الجديدة التى سبق ذكرها فى بداية المقال كان هناك عدد آخر من العروض الناجحة والمميزة هذا العام «يوم أن قتلوا الغناء» تأليف محمود جمال وإخراج تامر كرم، «قواعد العشق الأربعون» إعداد رشا عبد المنعم وإخراج عادل حسان وحقق العرضان إيرادات ضخمة وتمت إعادتهما أكثر من مرة نظرا للإقبال الجماهيري، كان من بين العروض المميزة أيضا «الحلفة التنكرية» إخراج هشام جمعة والذى عرض على خشبة مسرح السلام، وكذلك عرض «الثامنة مساء» على مسرح الغد للمخرج هشام على، وبجانب هذه الأعمال أنتج البيت الفنى عددًا كبيرًا من العروض الأخرى سواء اتفقنا او اختلفنا على جودتها الفنية لكنها ساهمت فى صناعة حالة وحركة مسرحية مستمرة طوال العام من هذه العروض «لعبة العراف» إخراج عمر الشحات، «الجلف» إخراج محمد مكى فرقة اسكندرية، «ميتين من الضحك»، «الهرم ده بتاعي»، «العشق المسموع»، «ولاد البلد» إخراج محمد الشرقاوي»، «حلم وكذاب»، «دكتوراة فى الحب»، رفعت معظم العروض طوال ليالى عرضها لافتة كامل العدد سواء فى المسارح ذات السعة الكبيرة أو القاعات حيث وصل عدد مشاهدى عروض البيت الفنى هذا العام إلى 200 ألف مشاهد، بالإضافة إلى عروض التجوال التى كانت مفتوحة بالمجان لجمهور المحافظات، ووصل اجمالى الحضور الجماهيرى إلى 250 ألف مشاهد، كما وصلت إيرادات البيت الفنى إلى 5 مليون جنيه، من خلال تذاكر تتراوح أسعارها ما بين  15 إلى 100 جنيه كحد أقصى فى فرق، وتربع على عرش الإيرادات عرض « قواعد العشق 40» الذى وصلت إيراداته إلى المليون ومائتى ألف جنيه،من خلال 131 ليلة عرض، و سجل أعلى عدد ليالى عرض لهذا العام، بنجاح جماهيرى كبير، كما حقق عرض الأطفال «سنووايت» الذى وصلت إيراداته إلى 450 ألف جنيه ما يقرب من 90 ليلة عرض باجمالى عدد مشاهدين تجاوز الـ 30 ألف مشاهد لتذكرة لم تتجاوز 20 جنيها، ليسجل أعلى نسبة مشاهدة خلال العام ، كما حقق عرض «يوم أن قتلوا الغناء» ايرادات لافتة وحضور جماهيرى كبيرحيث تعدت ايراداته 700 ألف جنيه، ووصل عدد المشاهدين إلى 28 ألف مشاهد، وفى ظل هذا الزخم المسرحى والإنتاج الغزير حرم المسرح القومى من هذا الوهج واستقر هذا العام ساكنا بإعادة إنتاج وعرض أعماله الناجحة مثل «المحاكمة» إخراج طارق الدويري، «ليلة من ألف ليلة» إخراج محسن حلمى وأنتج فقط عرض «قمر العشاق» خلال شهر رمضان وتعطلت وتأجلت مشاريعه الجديدة إلى مطلع العام الجديد، فمن المقرر أن يفتتح أحدث انتاجاته «اضحك لما تموت» للمخرج عصام السيد وتأليف لينين الرملى وبطولة نبيل الحلفاوي.
مسرح الهناجر للفنون
عادة ما يكون لمسرح الهناجر طعم ومذاق آخر، وشكل مختلف ومعاصر من الإنتاج الفنى لكن لم يكن إنتاج الهناجر هذا العام بنفس حجم ووهج قوته فى الأعوام السابقة، برغم وجود بعض التجارب المتميزة مثل «اترك انفى من فضلك» للمخرج إسلام إمام، و»نزهة فى أرض المعركة» إخراج أحمد فؤاد، ومؤخرا عرض «مسافر ليل» للمخرج محمود فؤاد، ثم «تلك الليلة» إخراج محمد عبد الخالق، وتجربة عرض «أفريقيا أمي» للمخرج محمد أبو السعود، وربما ترجع حالة الهدوء والثبات النسبى لمسرح الهناجر فى تقديم عروضه لتبعاد فترة الإنتاج بين العروض المقدمة على خشبة مسرحه.
المهرجانات الفنية وأثرها على الحركة المسرحية
شهد عام 2017 تغييرا ملحوظا فى شكل بعض المهرجانات الفنية مثل المهرجان القومى للمسرح برئاسة الدكتور حسن عطية الذى أعاد هيكلة وصياغة المهرجان بشكل مغاير لسنواته السابقة فأضاف له أقسام جديدة مثل قسم نظرة ما وجوائز بالمقال النقدى وجائزة النقاد والجمهور، بالإضافة إلى توسيع المشاركة الفنية لتمتد إلى استضافة عروض عربية كضيف شرف بالمهرجان وهو ما تسبب فى تعرضه لهجوم عنيف بسبب تغير هويته بجانب أن دورة هذا العام تركت اثر بالغ بالحركة المسرحية بعد حجب لجنة تحكيم المهرجان لجائزة التأليف، وهو ما اعتبره الشباب المشاركون ذبحا لهم وتعدى على إبداعهم الفنى وحدثت حالة من الانتفاضة بين شباب المسرحيين عقب دورة هذا العام والتقى بعضهم بوزير الثقافة للمطالبة بإعادة النظر فى تقدير المسرحيين الشباب على كل الأصعدة، بينما شهد مهرجان القاهرة الدولى للمسرح المعاصر والتجريبى تراجع ملحوظ فى عروضه المقدمة فلم تكن عروض هذا العام على نفس مستوى جودة عروضه العام الماضى باستثناء بعض التجارب المسرحية المتميزة، شهدت الحركة المسرحية هذا العام انطلاق اول دورة لمهرجان مسرح العرائس على شبكة الإنترنت والذى إقامه بجهود ذاتية المخرج محمد فوزى تحت مظلة كيان ماريونت ونجحت الدورة الأولى للمهرجان وسجلت أعلى نسبة إقبال جماهيرى عبر شبكة التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، نجح أيضا بمدينة الإسكندرية مشروع البهجة او مهرجان الشوارع الخلفية الذى تقيمه سنويا مؤسسة «I-act» التابعة للمخرج المسرحى محمود ابو دومة نجح المهرجان فى تحقيق هدفه والفلسفة من إقامته بصناعة البهجة بشوارع وقاعات مسارح الإسكندرية بعيدا عن عروض المسرح الكلاسيكي، بينما ألغيت الدورة الثالثة من مهرجان المسرح المعاصر بمدينة الإسكندرية التابع للمكتبة بسبب حادث تفجير كنيسة طنطا والإسكندرية، لكن عوضا عن ذلك استطاع المخرج جمال ياقوت إقامة مهرجانه السنوى مسرح بلا إنتاج والذى اقيمت فعالياته داخل مكتبة الإسكندرية، كما استمر مهرجان وسط البلد للفنون المعاصرة «D-CAF» على نفس وتيرة النجاح فى العروض المشاركة والحالة التى يقيمها المهرجان بمنطقة وسط البلد، وكذلك أقام المخرج مازن الغرباوى النسخة الثانية من مهرجان شرم الشيخ الدولى للمسرح الشبابي، والناقد هيثم الهوارى بمهرجان الجنوب الدولى بمدنية أسوان.