الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

سونيا بسيونى: أبحث عن طفولة بديلة أعيشها





 فى حياتنا الثقافية الكثير من المبدعين الموهوبين الذين لا يجيدون تسويق إنتاجهم الثقافى والمعرفى، فلا يطبع لهم كتاب إلا بعد عناء ولا ينشرون نصًا أدبيًا أو قصيدة لأنهم يفتقدون الشللية ويتميز هؤلاء بعفة النفس وعدم الرغبة بالمتاجرة بالإبداع ولا يحبون الظهور أحيانًا أو لأن النوافذ مغلقة فى وجوههم هذه المواهب التى تظل دفينة دهرًا طويلًا ثم يقيض الله لها من يخرجها من ظلمات الغفلة والإهمال إلى الكينونة الفاعلة لترسيخ هويتها وبنيانها الشامخ وأصداٍئها المدوية فى دنيا الأدب.
 
روزاليوسف قررت تقديم هذه المواهب القابعة فى الظلام لكى يعود الحق إلى أهله..
 
 
■ من أين تستوحين كتاباتك ؟
 
 
-ربما من الاحساس بالاغتراب الذاتى او الصمت والاوجاع الصغيرة والكبيرة ولقد صاحبت القلم منذ الطفولة المبكرة ومنذ انخراطى فى الدراسة وخروجى طواعية من منزل الاسرة الى عش الزوجية وانتقالى من الريف الى القاهرة ولد بداخلى الاحساس بالغربة وعدم الاستقرار .وحاولت ملء الفراغ النفسى بالقراءة المتنوعة والاستماع للموسيقى اللذين وفرا لى عالما بديلا عن عالمى الذاتى المنكسر .
 
 
 ■ متى تكونين فى حالة ابداع ؟
 
 
-عندما اشعر بالعجز ، عندما تهاجمنى الفكرة الاولى وتنتشلنى من ذاتى وتفرض على القيام بشئ واحد وهو تلبية النداء وعندما اعجز عن التفكير بالمنطق المعتاد ، فلا اجد فرقا بين ان اكتب على الورق او الصحيفة او الغلاف او شاشة الكمبيوتر .
 
 
 ■ فى قصصك يتقاطع الشعر مع السرد .. فهل تكتبين القصة الشعرية؟
 
 
-لقد بدأت مشوارى الابداعى مع الشعر وعلاقتى بالشعر علاقة عشق دائم والقصة القصيرة تتميز بقدرتها على الاستفادة من كل الاجناس الادبية فتأخذ من الشعر انزياحه وتناص صوره الشعرية ، ومن المسرح عنصر الدراما ، ومن الرواية دقة الانتباه ومنطقية الاحداث، فالنص القصصى ينفتح على جميع الاجناس الادبية .واللغة الشعرية تناسب القصة القصيرة لان اللغة الجافة المباشرة هى لغة المقال الصحفى والقاص الجيد هو الذى يمنح مفردات اللغة أبعاداً مجازية وجمالية حتى تصبح الكلمات ذات دلالات واشعاعات وليست مجرد كلمات مختارة من القاموس .
 
 
 ■ قصصك مفتوحة النهايات .. لماذا ؟
 
 
-عالم القصة يمور بالتساؤلات وعصى على الكثيرين واترك نهاية القصة مفتوحة على مصراعيها حتى اعطى الفرصة للقارئ بالتدخل فى وضع نهاية يرغبها لكى يشعر انه غير منفصل عن العمل الذى اقدمه وبذلك اسهم انا والقارئ فى عملية بناء النص طالما ان هناك فكرة محورية تدور حولها الاحداث ولا تهمنى الطريقة بقدر ما يهمنى وصول الرسالة .
 
 
 ■ كيف تنظرين ككاتبة الى قضايا المرأة والصعوبات التى تواجهها ؟
 
 
 -المرأة مهمشة منذ الازل حتى فى مرحلة الامومة التى اعتبرت فيها سيدة المجتمع وسيدة نفسها، لا تهمنى تلك المرأة التى تظهر على أغلفة المجلات بكامل تبرجها وعارية ولا تهمنى المرأة الجالسة خلف الموائد المستديرة الفخمة على انها سيدة اعمال ، ولكن يهمنى ما يجرى داخل منزل هذه المرأة من قمع واذلال قبل ان تنطلق الى عملها .. هذا الكائن الجميل الذى ما زال يعانى الكثير والكثير بالرغم من المظاهر التى تدل على تحرره من جلباب الآباء والازواج . وقد وجدت أنه من واجبى أن اخصص لها مساحة كافية من كتاباتى لأعبر عن همومها وما يعترض طريقها من معوقات تقف سدا منيعا أمام اظهار امكانياتها العظيمة فى دفع الحياة الى الامام واحداث تغيير واضح فى نظام حياتنا .
 
 
 ■ الطفولة تيمة محورية فى كتاباتك .. لماذا ؟
 
 
 -ربما يكون السبب اننى ابحث عن طفولة بديلة أعيشها كطفلة ولا افكر كما يفكر الكبار ، احمل بداخلى احساسا اننى كبرت قبل الاوان ، كان على ان اكون قدوة لاشقائى ،وربما يرجع الامر الى اننى اتعامل مع الاطفال اكثر من تعاملى مع الكبار فى المدرسة ، يشدنى الطفل الذى لديه حب استطلاع ويمد ذراعيه للجميع لا الطفل الذى يحفظ المناهج ويرددها كالببغاء ، تجذبنى عوالم الطفل البريئة والناصعة البياض .
 
 
 ■ أيهما اقدر فى التعبير عن مشاعر المرأة : الكاتب ام الكاتبة؟
 
 
-المرأة اقدر على تفهم مشاعر وهموم المرأة ، ولا يفهم المرأة الا المرأة وبالتالى التعبير بلسان المرأة هو صدق مضاعف مع الاشارة الى ان وجود المرأة لا ينفى وجود الرجل بل يستلزمه .
 
 
 ■ كيف يحضر الرجل فى نصوصك ؟
 
 
 الرجل هو الرجل فى المجتمع فى البيت ، فى القرية او المدينة، هو الطفل الذى كان .. الطفل الذى بمجرد ان يولد حتى تشرع المرأة فى تعليمه كيف لا يحترمها بتعبير غادة السمان .. الرجل ينظر للمرأة من هذه الزاوية : نصف عقل .. نصف دين بالمعنى الاجتماعى للكلمة وليس الدينى .
 
 
 ■ هل تختلف كتاباتك بعد الثورة عما قبلها؟
 
 
-اعتقد أنه من السابق لأوانه الحديث عن بصمة للثورة على الحركة الادبية قبل مرور عقدين على الاقل حتى تختمر الثورة وتحقق اهدافها وما كتب عن الثورة حتى الان هو نوع من الكتابة التسجيلية المباشرة ، لكنى اؤمن بان النص الادبى لابد ان يكون مرآة للعصر الذى يمور بالتحولات المتسارعة، اتمنى أن اكتب نصًا يحاور تجارب الآخر وينهل منها ويحتفظ فى الوقت نفسه بأشيائه الخاصة الممتعة .
 
 
 ■ ماذا غيرت الكتابة فى شخصيتك؟
 
 
-تجربة الكتابة جعلتنى انظر للعالم بمنظار آخر بعيدا عن ثنائية الابيض والاسود وحررتنى الى حد ما من مفاهيمى البسيطة عن الناس والمجتمع وجعلتنى أؤمن أكثر من ذى قبل باللغة الاجمل للابداع والجمال والمحبة .