الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

العالم الافتراضى لراغبى التحول الجنسى

العالم الافتراضى لراغبى التحول الجنسى
العالم الافتراضى لراغبى التحول الجنسى




تحقيق: مروة عمارة

«أوقات كتيرة كنت أشعر بالوحدة وإنى مخنوقة وغريبة وسط أهلى، لكونى «ترانس»، وده شىء ليس بيدى ولا دخل لى فيه.. عاوزنى أكون ولد وأعيش حياتى كولد.. لكن أنا من ساعة ما بدأت وعى بالدنيا وأنا حاسة نفسى بنت لأن هويتى وكيانى من جوايا بنت.. ربنا بيخلق ما يشاء وما يريد ومخيرة فى العبادة وادانى حق إنى أمشى فى طريق الخير أو فى طريق الشر..لكن مسيرة فى حاجات تانية كتير ومليش أى حق إنى اسأل ربنا ليه خلقنى كدة مقسومة لنصين نص الناس شيفاه ولد، ونص من جوايا أنا شيفاة بنت».. تقول «و.م»، اسم مستعار، حالة ترانس وومن، أى فتاة تعيش بجسد رجل، عبر «جروب» إلكترونى لمرضى الاضطراب الجنسى.

اضطراب الهوية الجنسية

اضطراب الهوية الجنسية (بالإنجليزية: Gender identity disorder) اختصارا يعرف بـ(GID)، وهو تشخيص يطلقه أطباء وعلماء النفس على الأشخاص الذين يعانون من حالة من اللا ارتياح أو القلق حول نوع الجنس الذى ولدوا به، وكان يعتبر تصنيفا نفسيا، ثم أزيل التشخيص من قائمة الأمراض العقلية والنفسية، بعدما تأكد أن اسبابه بيولوجية كالتركيبة الجينية للإنسان او البنية الدماغية المتعلقة بالتأثيرات الهرمونية على الدماغ فى فترة التكوين الجنينى (ما قبل الولادة)، ويكون عقل المصاب بهذا الخلل مشحوناً بتغيير الجسد أو عملية تصحيح الجنس الجسدى ليتناسب مع الهوية الجنسية، أى أنه هو خلل يولد به الإنسان.

معدل المرض

الإحصائيات العالمية، تشير إلى أن نسبة انتشار المرض لا تقل عن 1 فى كل 4500 من المصنفين ذكوراً، و1 فى كل 8000 من المصنفين إناثاً، وفقاً للجمعية العالمية للمتحولين جنسياً بأمريكا، التى تعتبر الجهة الوحيدة التى يصدر عنها معلومات بخصوص هذا المرض والمصابين به.
«الاهل ميعرفوش كويس عن المرض بتاعى، ولكن أنا إنسان من لحم ودم ليا مشاعر واحاسيس وهوية وكيان.. وكل اللى يهمهم العادات والتقاليد ومكانتهم الاجتماعية ومنظرهم قدام الناس، فى أيام كثيرة فكرت فى الانتحار».. تحكى «و.م» عن معاناتها عبر المجموعة الإلكترونية.

معاناة المرضى

وتابعت «وجدت فى العالم الافتراضى غايتي.. أصدقاء كثيرون يعانون نفس المعاناة وبدأون توجيهى لتلقى العلاج النفسى بمستشفى الحسين الجامعى، ومنذ عام وأنا أواظب على العلاج النفسى، ولا يعلم أهلى شىء، رغم ملاحظتهم لتغييرات بشكل جسمى مع بدء العلاج الهرمونى، ولكنى الآن بلغت وتجاوزت العشرين عاما، وتلك حياتى، وبعد إنتهاء العلاج النفسى والهرمونى سأتقدم بطلب لنقابة الأطباء لبدء إجراء الجراحة».

طابع ذكورى

«و.م» حالة ضمن جروبات إلكترونية سرية لمرضى الاضطراب الجنسى، وعلى النقيض منها حالة «ى.محمد»، اسم مستعار، ترانس مان، أى رجل يعيش بجسد فتاة، يقول عبر الجروب السري» أعيش فى يأس وإحباط منذ كان عمرى 5 أعوام وأنا أرفض ملابس الفتيات وأصدقائى الفتيات وأميل لارتداء ملابس الرجال، وكنت أفضل الألعاب التى تحمل طابع ذكورى، وألعب مع الأولاد وأرفض الاحتكاك بالبنات، وكرهت المدرسة بسبب قربى للفتيات وكان دايما يلاحظوا تصرفاتى الذكورية وتعرضت للنبذ منهم وأغلبهم اعتادوا الاستهزاء، وكنت كثير التغيب عن الدراسة».
«ساعدتنى مواقع التواصل كثيرا على معرفة حالتى، فقد كنت أظن إنى شاذ وأكره نفسى، ولكن بعدما علمت أن مرضى هو اضطراب الهوية، ولذا أحاول جاهداً  لإيجاد عمل لأجمع المال من أجل إجراء العمليات الجراحية، ولكنى حتى الآن لم أصارح أسرتى برغبتى، وفكرت كتيرا فى طلب اللجوء والهجرة، ولكن فكرة أننى مازالت فتاة تعوق ذلك ولا أملك أوراق رسمية تفيد معاناتى لمرض الاضطراب الجنسى، رغم السخرية الدائمة من الزملاء والاقارب وحتى المارة بالشارع «يا واد يا بنت»، ولايعلمون أن المثلية هى سلوك مكتسب وخيار، بينما اضطراب الهوية هى شىء لا إرادى مخلوق معنا مند الطفولة ولا نقدر أن نغيره أو نعالجه إلا بجعل الجسم يتوافق مع هوية الدماغ».

فتاة ترغب فى التحول

حالة أخرى مرت بالعلاج الهرمونى والنفسى، « ر.م»  تحكى تجربتها «اتعالجت مع طبيب نفسى دكتور سعيد عبد العظيم لمدة عامان ، وبعدها العلاج الهرمونى، لمدة عامين، وتقدمت بطلب للنقابة بلجنه التصحيح الجنسى، ومازلت فى انتظار الموافقة من  الافتاء، لان موافقة النقابة تحول على الافتاء، وقمت بعرض كاف التقارير والفحوصات الطبية التى تفيد بأنى أعانى من اضطراب هوية جنسى وأرغب فى إجراء جراحات التحول الجنسى من فتاة لذكر «ترانس مان»، والقصر العينى القديم هو المكان الذى يتم فيه الجراحات عن طريق دكتورمحمد عبد الرسول، وهو المتخصص الوحيد فى تلك النوعية من الجراحات».
تتابع «العمليات كانت تتكلف 100 ألف، والآن قد تتعدى 150 ألف جنيه بمصر، ولا يوجد أى دعم من الدولة، وبالتالى اضطررت للعمل ساعات طويلة لادخار هذا المبلغ، وما يزعجنى هو أن هيئتى ذكر والبطاقة أنثى، لأننى بعد العلاج الهرمونى، ظهرت مظاهر أنثوية، وبدأت بارتداء ملابس نسوية وأتعرض لمضايقات البعض، وأكتر ما أخشاه هو أن يتم الاشتباه واتهامى بالشذوذ لجهل الأمن بطبيعة المرض.

جروبات سرية

«روز اليوسف» رصدت الجروبات السرية لمرضى الاضطراب الجنسى، ومنها «دعم مضطربى الهوية الجنسية»، ويعرفه القائمين عليه: «الجروب خاص بأشخاص ذات هوية جنسية مختلفة من لديهم انزعاج من نوع الجنس، ونحن مجموعة داعمة لمضطربى الهوية الجنسية، ويجب أن تكون جميع الموضوعات خاصه باضطراب الهوية الجنسية من أبحاث علميه وتقنيات العمليات، وشرح تفصيلى لخطوات العلاج والأخبار التى تخص مضطربى الهوية الجنسية على مستوى العالم العربى والدولى، ويرجى لمن بدأ فى خطوات فعليه للتصحيح بإرسالها للأدمن بملف خاص بالخطوات المتبعة، وداخل أى بلد وسيتم حفظها فى ملف بإسم الشخص وسيكون مصدرا لمساعدة من لم يبدأ، وعلى من يرغب بتسجيله لدينا داخل قاعدة البيانات الخاصه بالترانس العرب إرسال بياناته (الاسم/ النوع/ العمر/ الجنسية/ رقم الهاتف/ فى اى مرحله من مراحل العلاج)، والبيانات سرية».
وعبر الجروب «لو بنتك اوابنك يكرر التصريح أو الإصرار أن يكون أو تكون من الجنس الآخر أو تقليد الزى النسوى عند الزكور، أو الإصرار على ارتداء الملابس الذكورية عند البنات.. ولو أنت عايش مختفى فى ذكورتك وأنت تشعر انك لا تنتمى لجنسك وتشعر انك بنت تنتمى لعالم الأنوثة وتريد التحول.. إحنا هنا عشان نساعدك تعرف أنت إيه وتعيش حياه طبيعيه من غير قلق وتخفى من المجتمع،  ده مرض زى أى مرض اسمه اضطراب الهوية الجنسيه.. بيكون أعضائك وشكلك تختلف عن إحساسك وشعورك بحيث اعضائك ذكوريه وشعورك أنثوى».
وعبر الجروب يتبادل المرضى الحديث والافكار،  فتحدث «نور.م»، أسم مستعار، قائلاً: «اضطراب الهوية الجنسية ليس مرض نفسى، ورفض المجتمع و تعامله مع الترانس يدفع الترانس للاكتئاب والتقوقع، تشخيص الهوية الجنسية يأتى فقط عن طريق تحليل نفسى للشخص وإجراء اختبارات نفسيه لتحديد جنس العقل، وأذا كان جنس العقل يختلف عن جنس الجسد فأنك مصاب باضطراب الهوية الجنسية، ولا يمكن أبدا تطويع العقل لينسجم مع الجسد، العلاج الوحيد هو عن طريق تطويع الجسد ليلائم العقل، وعدم التطويع يؤدى لحالات الانتحار التى تنسب إلى الترانس، وتحدث بسبب المجتمع الذى لا يتقبل التغيير، وأول خطوة للعلاج زيارة استشارى نفسى متخصص بالهويه، وبعد أشهر من التقييم النفسى يتم إرسالك إلى الخطوة الثانية وهى الهرمونات، ثم الخطوة الأخيرة والطويلة وهى العمليات، والترانس الذى بدأ التحول بالهرمونات سيحتاج إلى الهرمونات طوال حياته، والعلاج الهرمونى يعطى الترانس 70% من الرضا النفسى أكثر من العمليات وحدها».
وتحدث آخر عبر الجروب» بلاش تعملوا عمليات فى عيادات مجهولة ياجماعة، لانها بتفشل، أما تعملوا بعد الرخصة من النقابة وفى القصر العينى، أو سافروا برا أعملوها، وبعدين اتعرضوا على لجنة النقابة، بس العلاج النفسى مهم عشان تتاكدوا أنه مش انفصام أو هلاوس».

مجموعة أخرى

مجموعة إلكترونية أخرى «الترانس فى مصر»، ويعلن القائم عليها «نهتم بمناقشة اضطراب الهويّة بكافّة جوانبه، سواء كانت القانونية الطبية والنفسية والدينية والأسرية المجتمعية، وعلى جميع المنشورات التى تطرح فى الجروب أن تتناسق مع أهدافه وتعريفه، مع توفير المعلومات العلميّة الصحيحة اللازمة حول اضطراب الهويّة الجنسيّة، بعيدًا عن المغالطات والمبالغات، وتقديم النصائح والدعم المعنويّ لمرضى اضطراب الهويّة الجنسيّة، عائلاتهم وكلّ من يهمّه أمرهم».
«الإدارة فى حاجة لمتطوعين فى مجالات الطب النفسى والجراحى والتجميل والقانون، وإذا كنت الآن تعيش فتره التعايش وترغب فى مشاركتنا تجربتك فتواصل مع الإدارة، وإذا كان لديك فكرة مشروع أو متفرغ أو تملك مال وتريد المشاركة فى مشروع مع ترانس أو مجموعه من الترانس تواصل مع الإدارة، وإذا كنت من مقدمى اللجوء نحن ايضا نقدر ذلك ونريد منك تزويدنا بمعلومات عن تجربتك، ومن يرغب فى تقديم لجوء ولديه مقدرة مادية من أجل مصاريف الإقامة فى البلد الوسيط يتواصل مع الأدمن، بقصته ومعلومات تفصيلية عنه وسيتم دعمه ومساندته بقدر الإمكان، وسيمثلنا مستقبلاً فى بلد التوطين ويكون صوت لنا بالخارج ويشرح كل ما نمر به من معاناة».

اللجوء عبر منظمات دولية

مجموعات إلكترونية عديدة رصدتها «روزاليوسف» منها «مضطربى الهوية الجنسية»، «مهارات الترانس العرب»، «رابطة الترانس العرب».. وبنفس المجموعات الإلكترونية، هناك عشرات المتطوعين الحاصلين على لجوء لدول أجنبية، ويعطوا النصائح للراغبين، ويتم التواصل مع المرضى عبر منظمة تتدعى «ايراب» تتعاون مع منظمة الأمم المتحدة، ويقوم طالب اللجوء بالتعاون معها عبر الأميل وإرسال البيانات والحالة المرضية له، للمساعدة وهو فى بلده الأصلي. (فى محاولة لاستغلال مشاكل إجراء الجراحات داخل مصر وعدم الوعى بطبيعة مرض الاضطراب الجنسى، وهو ما ادى لوقوع بعض المرضى فريسة لسماسرة اللجوء بدعوى الاضطهاد الجنسى، ويطلبون أسعار تتعدى 10 آلاف دولار مقابل تسهيل اللجوء).
ويقوم المتطوعون برسم مخطط لخطوات عملية اللجوء وإعادة التوطين مرفقة بشرح مبسط داخل المجموعات الالكترونية للمرض. ويحكى «زين»، أدمن مجموعة «رابطة ترانس العرب» عن إجراءات اللجوء «مغادرة بلدك نهائيا الى بلد وسيط (تركيا) تقوم بالذهاب فيه الى المفوضية السامية لشئون اللاجئين وتعيش فيه، إلى أن يتم قبول طلب لجؤك وسفرك، بشرط وجود الأوراق التى تثبت بأنك ترانس، وتعانى من الاضطهاد والقتل وغيرها من الأسباب التى تمنع من الرجوع إلى بلدك، من محاضر شرطة او رفض لإجراء الجراحة ببلدك».

الأعراض المرضية

للعلاج بمصر خطوات تبدأ بالعلاج النفسى، وفى البداية يوضح دكتور هاشم بحرى، أستاذ الطب النفسى والمعالج لهم، أعراض الاضطراب الجنسى لدى الإناث بأنه يتميز اضطراب الهوية الجنسية بنفور شديد بشأن جنس الشخص الفعلى، مع رغبة للانتماء للجنس الآخر، ويكون هناك انشغال دائم بملابس أو نشاطات الجنس الآخر مع رفض للجنس الفعلى، وكرب ثابت ومستمر حول كونها بنت مع رغبة فى أن تصبح ولدا، مع ممارسة الألعاب الخشنة، واقتناء المسدسات، والابتعاد عن لعب العرائس ، ورفض التبول فى وضع الجلوس، ولا يهتمون بالأدوار النسائية، ويتخذن أصدقاء من الذكور.
أما عن مظاهر الاضطرابات الجنسية لدى الذكور، فحسب قوله، كرب مستمر حول كونه ولدا ورغبة فى أن يصبح بنتا، لبس الفساتين، واللعب بالعرائس، ورفض اللعب مع الأولاد، والاهتمام بما تلبسه البنات من ملابس داخلية أو خارجية أو أدوات زينة، والاهتمام بالموضة وما تقدمه دور الأزياء.
وتابع: «اضطراب الهوية الجنسية، يجعل المصاب به يعتقد أنّه من الجنس المعاكس، فالذكر مثلاً يولد بأعضاء تناسلية ذكريّة كاملة، وهو بالتالى ليس خنثى، لكنه منذ سن مبكرة جداً يصنف نفسه مع النساء، ويتصرف كواحدة منهن، ويتطلع إلى إنشاء علاقات مع الذكور باعتبارهم الجنس الآخر، فهو ليس مصاباً بالشذوذ الجنسى، والذكر المتحول جنسى إلى أنثى، يرغب بممارسة علاقاته مع الذكور كأنثى، والعكس صحيح بالنسبة للأنثى المتحولة لذكر، فترغب فى ممارسة الجنس مع أنثى».

لجنة تصحيح الجنس

ويكمل الحديث، دكتور محمد عبد الرسول، استشارى جراحات تغيير الجنس بمستشفى القصر العينى، وعضو لجنة تصحيح الجنس بنقابة الأطباء،  قائلاً: «يحول المريض من لجنة تصحيح الجنس بنقابة الأطباء لإجراء جراحة تغيير الجنس، بعد العلاج النفسى والهرمونى والحصول على الموافقة، فلو كانت الحالة فتاة محولة لأنثى، فلابد أن تخضع لعملية استئصال للثدى وتجميله، ثم عملية أخرى يتم فيها استئصال المبايض والمهبل، وعملية ثالثة لتخليق عضو ذكرى وزرع دعامات سليكونية، ولو كان رجلاً يحدث العكس».

الشريعة توجب

وحول موقف الشريعة الاسلامية، فتقول الدكتورة آمنة نصير، أستاذة العقيدة والفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن اضطراب الهوية الجنسية إذا كان يصاحبه اضطراب جنسى وهرمونى حقيقى ووجود تشوهات خلقية، هنا أجمع جمهور الفقهاء على وجوب إجراء تصحيح لهذا الجنس وعدم طمس هويته الجنسية الحقيقية أكثر من ذلك للتخفيف من معاناته كى يستطيع أن يتعايش مع المجتمع ويؤدى دوره فيه كفرد من أفراده.