السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المؤرخون المسلمون يرصدون احتفالات المصريين بالغطاس

المؤرخون المسلمون يرصدون احتفالات المصريين بالغطاس
المؤرخون المسلمون يرصدون احتفالات المصريين بالغطاس




لوقا عبده لوقا


قديما تشارك المصريون جميعا فى المناسبات الاجتماعية وفى المناسبات الدينية والأعياد وخصوصا التى لها جانب عام كما شجع بعض الحكام والولاة وشاركوا الأقباط مناسباتهم خصوصا عيد رأس السنة القبطية التى وما زال الفلاحون مسلمون وأقباط يستخدمون الشهور القبطية فى أوان زروعهم وهكذا وعيد آخر تشارك فيه المصريون اجتماعيا فى بعض مظاهره مثل عيد الغطاس وتكلم عن هذا العيد وما يحدث فيه من مظاهر وعادات:
فيقول المؤرخ المسعودى (~283 هـ - 346 هـ / ~896 - 957 م) وهو مؤرخ جغرافى فى كتابه «مروج الذهب ومعادن الجوهر» ولليلة الغطاس بمصر شأن عظيم عند أهلها، لاهتمام الناس فيها، وهى ليلة الحادى عشر من طوبة.
ولقد حضرت سنة ثلاثين وثلاثمائة (الهجرى) ليلة الغطاس بمصر والإخشيد محمد بن طفج أمير مصر، فى داره المعروفة بالمختار فى الجزيرة الراكبة للنيل، و يطيف بها، وقد أمر فأسرج فى جانب الجزيرة وجانب الفسطاط ألف مشعل، غيرها أسرج أهل مصر من المسارج والشمع.
وقد حضر بشاطئ  فى تلك الليلة آلاف من الناس من المسلمين ومن النصارى منهم فى الزوارق ومنهم فى الدور الدانية من، ومنهم على سائر الشطوط، لا يتناكرون كل ما يمكنهم إظهاره من الأكل والشرب والملابس وآلات الذهب والفضة والجوهر والملاهى والعزف والقصف.
وهى أحسن ليلة تكون بمصر، وأشملها سرورًا، ولا تغلق فيها الدروب ويغطس أكثرهم فى، ويزعمون أن ذلك أمان من المرض وإبعاد للداء».
ويقول مؤرخ ثالث اسمه المسبحى (وهو الأمير المختار عزُّ الملك محمد بن عبيد الله بن أحمد بن إسماعيل بن عبد العزيز المُسَبِّحى ( 366هـ/ 977م - 420هـ/1029م) هو أديب وكاتب وشاعر عاش فى مصر زمن الخلافة الفاطمية: «من حوادث سنة سبع وستين وثلاثمائة (هجرية) وهو يوفق القرن 10 م:»، منع النصارى من إظهار ما كانوا يفعلونه فى الغطاس من الاجتماع ونزول الماء، وإظهار لملاهى، ومؤدى ذلك أن زاد نفى هذه الاحتفالات من الحضر(أى المدن)».
وقال أيضًا: «فى سنة 388 للهجرة كان الغطاس، فضربت الخيام والمضارب والأسرة فى عدة مواضع على شاطئ، ونصبت أسرة للرئيس فهد بن إبراهيم النصرانى كاتب الأستاذ برجوان، وأوقِدَت الشموع والمشاعل له، وحضر المغنون والمُهَلِّلون، وجلس مع أهله يشرب إلى أن كان وقت الغطاس فغطس وانصرف».
وفى سنة 401 مُنِعَ النصارى من الغطاس، فلم يغطس أحد منهم فى البحر، وكان الرجال يغطسون فى والترع ليلًا بينما كانت النساء يغطسن فى الكنائس فى أحواض كبيرة بعيدة عن أعين الرجال ومعهم الأطفال والبنات.
وفى صباح اليوم الثانى كانوا يشترون الضأن وينحرونه بهجة وفرحا ونذورا، وتباع الفاكهة فى أيام الفاطميين.
وكان الخلفاء يشاركونهم فرحتهم هذه ويمرون عليهم فى كنائسهم وبيوتهم الكبيرة، وكانوا ينادون بألا يخالط المسلمون النصارى فى نزولهم .
وكانوا يأمرون بإيقاد المشاعل والشموع على حساب الدولة الفاطمية، وتشدد الحراسة فى تلك الليلة أثناء الصلوات وأثناء الغطس فى .
ومن الفواكه التى كانت تؤكل وتوزع على الناس والفقراء النارنج والليمون وأطنان القصب وسمك البوري. وقال المقريزى: «فصار النصارى يقسمون (يغطسون) أولادهم فى الماء فى هذا اليوم، وينزلون فيه بأجمعهم، ولا يكون ذلك إلا فى شدة البرد، ويسمونه يوم الغطاس، وكان له بمصر موسم عظيم للغاية».
ومن هذا الوصف نرى أن الدولة كانت تشارك الأقباط فرحتهم، إلا أنه لما زادت الفرحة إلى أن وصلت إلى حد المساخر، كما يحدث أحيانا فى بعض الموالد فكان لا بد بالطبع أن تؤخذ الأمور بالحزم.