كعكة مروة
عبد الله كمال
تبدأ اليوم في ألمانيا محاكمة المتهم العنصري بقتل مروة الشربيني.. التي راحت ضحية قاتل ألماني عنصري.. معاد لما هو غير ألماني.. ولو كنت مكان أي محام ألماني يتكلم عن جانب ورثة مروة في المحكمة الألمانية.. ما كنت قد استخدمت العبارة التي كتبتها توًا.. أي أنه عنصري.. وأن ذلك نوع من المعاداة لما هو غير ألماني.
الموضوع مؤلم.. والمعني الذي نحن مقتنعون به مفهوم.. ولكن لكل مقام مقال.. وكما يقولون: الذي تغلب به العب به.. وإذا كنا نريد أن نكسب هذه الجولة القضائية في الساحة الألمانية لكي نحصل لفقيدتنا مروة الشربيني علي حقها.. بعد أن رحلت.. وحتي لا يروح دمها هدرًا.. فإن علينا أن نترك هذا العيش المصري لخبازين ألمان.. وأهل ألمانيا أدري بشعابها.. ومحاموها أعلم منا بقوانينها وقضائها.
أقول هذا وأنا أسمع معلومات عن تناقضات فيما بين مسارات وتوجهات زوج المرحومة مروة.. وأخيها.. الأول عاش لفترة أطول في ألمانيا.. ويعرف ما ينبغي اتباعه.. وكيف يحصل علي حق زوجته المادي والمعنوي من أجل ابنها.. والثاني يعتقد أن عليه أن يحولها إلي موضوع إعلامي.. ساخن..
ولذا فإن المحامي الألماني الذي وكلته وزارة التعليم العالي للدفاع عن حق مروة قد لاحظ ذلك.. وأبلغ سفارتنا بهذا.. ويبدو أنه سيتولي الدفاع باسم الزوج وحده.. ولن يكون مدافعًا باسم أخيها.. خصوصا أن الأخ قد أعطي حوارًا حصريا لمجلة شتيرن الألمانية.. وهو ما لم ينصح به المحامي الألماني.. بل وطلب ألا يتم إقحام الإعلام في الأمر.. حفظا للحقوق القانونية.
ولست أعتقد أن المحامين المصريين الذين سافروا لنفس المهمة وحضور المحاكمة.. يمكن أن يتجاهلوا نصائح مماثلة.. بل إن عليهم ألا يحولوا الأمر إلي محاكمة سياسية.. إذا كانوا حقا وكما نظن لا يريدون مجرد دعاية..ويريدون أن تنال المرحومة ما ضاع حين تم اغتيالها علنًا في قاعة محكمة.. هذه ليست كعكة إعلام.. وليست حفل دعاية وتصريحات.
ولا أظن أن نقيب المحامين الأستاذ حمدي خليفة سوف يتجاهل هذه النصيحة.. وأعتقد جازمًا أن عليه أن يعثر علي سبل التنسيق مع المحامين الألمان.. وأن يستمع إلي الخطط التي يمكن أن تحقق ما نريد.. وأيا ما كانت الطريقة التي سيأتي بها.. فإنها لابد أن تحقق الهدف.
ولست مع أولئك الذين يقولون إن هناك من يطمع في نسبة من التعويض الذي قد يدفع لأسرة مروة وورثتها عند صدور الحكم.. هذه مسألة تقال دائما عن المحامين الساعين إلي الحصول علي التعويض.. لكن هؤلاء المتطوعين إنما يريدون الثأر القانوني لمروة في مرقدها.. بغض النظر عن أنه من المحتمل أن يكون هناك حكم بتعويضات من الولاية الألمانية التي وقعت فيها الجريمة.. والحكومة الفيدرالية.. وشرطة الولاية.. كلها أو بعضها.. وهو رقم قد يكون ملموسا.. ولكن هذا ليس هو الدافع الذي حرك من سافروا للدفاع عنها.
قتلت مروة.. وتحولت إلي أيقونة لما يدور بين الغرب والشرق من تنازع فكري.. أو علي الأقل بين المتطرفين من هناك والضحايا من هنا.. ولا شك أن موقفنا في البداية قد طوق كثيرا محاولات سعت إلي تحويل مقتل مروة لوسيلة يمكن أن تؤدي إلي إفساد العلاقات بين الشعبين المصري والألماني.. وفي النهاية تم التعامل مع الموقف علي أنه حادث مروع لا ينبغي أن يمتد أثره إلي غيره.
الآن علينا وفي إطار الفهم القانوني أن نساعد في الوصول إلي الميراث القانوني لحقوق مروة.. وهذا لن يتم إلا بالإنصات إلي الجهات المصرية العاملة في هذا المجال.. والمحامي الألماني الذي يعرف أبعاد الموقف القانوني.. ويدرك كيف يمكن أن يتحقق الهدف.. هذه نصيحة لشقيق المرحومة وللمحامين المصريين.
الموقع الإليكتروني: www.abkamal.net
البريد الإليكتروني: ten.lamakba@kba