الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

العزل الصحي للحجاج





محمد عبدالنور روزاليوسف اليومية : 15 - 09 - 2009

عودة الجدل بين علماء المسلمين بهذه الصورة وهذا الشكل حول تأجيل الحج هذا العام بسبب المخاوف من انتشار أنفلونزا الخنازير.. لا هو في خانة صحيح الدين الإسلامي الذي يؤكد مبدأ دفع الضرر.. ولا هو في صالح المسلمين من الساعين لتأدية الفريضة التي ترتفع احتمالات الإصابة بينهم بأنفلونزا الخنازير إلي الحدود القصوي.

فإذا كان الرأي الصحي الرسمي الذي لقي الكثير من الارتياح قد استقر عند منع الأصغر من 25 عاما والأكبر من 65 من السفر وتأجيل الفريضة إلي العام المقبل فإن الكلام هنا يكون قد تم حسمه، وأي جدال من أي نوع يفتح أبواباً أمام اللعب بمشاعر المسلمين في الوقت الذي يفتح فيه كل الأبواب لانتشار الإصابات بالمرض عند عودة الحجاج إلي بلادهم.

فالخطورة هنا لا تتوقف فقط عند إصابة الحاج العائد من الأراضي المقدسة وإنما تمتد إلي ما بعد خروجه من الحجر الصحي واختلاطه بأهله وجيرانه وزملائه في العمل أو بالمارة في الشوارع في حالة عدم ظهور علامات الإصابة بأنفلونزا الخنازير عليه عند وصوله إلي مصر.. كما حدث في حالة سيدة المنوفية التي توفيت بعد إصابتها بالمرض وبعد عودتها من العمرة.

حسنا.. نحن أمام احتمالية كبيرة لإصابة مؤكدة لعشرات الآلاف من الحجاج المصريين بأنفلونزا الخنازير وعودتهم بالإصابة إلي مصر، وفي هذا السياق لا مسئولية لجهة أو شخص أو دولة، فالإصابات تنتشر بسرعة بين التجمعات البشرية الكبيرة والاحتكاك والتلامس.. ولا أحد يملك القدرة علي منعها أو التحوط منها.

ومن ثم فنحن أمام احتمالات أكثر تأكيدا علي خروج الآلاف من الحجاج المصريين من الحجر الصحي في حالة عدم اكتشاف الإصابة لسبب أو لآخر واختلاطهم بعشرات الآلاف من الأهل والأقارب والأصحاب والجيران.. وفي هذه الحالة ستكون الصورة أكثر مأساوية من حيث انتشار الإصابة بأنفلونزا الخنازير حجما واتساعا.

وهو ما يجب تفاديه شكلا وموضوعا.. فلا أجهزة وزارة الصحة في مصر ولا غيرها في أي دولة في العالم تملك القدرات الفنية واللوجستية لمواجهة حجم إصابات بالعشرات من الآلاف بالمرض سواء من حامل للمرض أو مريض به برذاذ ''عطسة''علي هذا النحو من الانتشار المتوقع في مدة زمنية قصيرة لا تتعدي أياماً قليلة من عودة الحجاج واختلاطهم بباقي الناس, ومن ثم أيضا.. فإن الحل المتاح هو عزل العائدين من الحجاج -جميعهم- وإخضاعهم للحجر الصحي لعدة أيام تكون فيها فترة حضانة الفيروس قد انتهت قبل السماح لهم بالعودة إلي منازلهم والاختلاط بأهلهم وأقاربهم وجيرانهم.. وقد تحدث وزير الصحة د. الجبلي عن احتمالية اللجوء إلي هذا الحل الصحي الاحترازي .

ولكن مع هذا التطور اليومي في عدد الإصابات مع التوقع بأن الأسوأ لم يأت بعد.. يصبح الإعداد لهذا الإجراء والتجهيز له والتشدد في الإعلان عنه أمرا حتميا لا مجال للجدل فيه.. ربما نري إعادة نظر من حجاج يقررون تأجيل الحج للعام القادم امتثالا لتعاليم الإسلام التي تمنع تسبب المسلم في ضرر لأخيه المسلم.. مهما جادل علماء المسلمين وتجادلوا في أمر تأجيل الحج.