الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
يا فرحة إسرائيل
كتب

يا فرحة إسرائيل





كرم جبر روزاليوسف الأسبوعية : 09 - 01 - 2010


- حماس قدمت لإسرائيل انتصاراً تاريخياً لم تكن تحلم به
- أشعلت الخلاف مع مصر وشقت الصف الفلسطيني وأجهضت الإعمار
- الطابور الخامس المصري ينحاز ضد بلده حتي لو كان لصالح إسرائيل!
-الجماعات الإيرانية تغزو غزة وتحول مساجدها إلي حوزات شيعية
- استضفناهم فاعتدوا علينا وإسرائيل تؤدبهم فاحترموها
- المهرج جالاوي لا يجب أن يدخل مصرإلا من خلال جهاز التعرية مثلما تفعل أمريكا مع المسلمين
- حسن نصر الله أعطي إشارة البدء للهمج في خطبة ليلة عاشوراء
- القافلة التليفزيونية جاءت محملة بالكاميرات أكثر من أجولة القمح
- قادة حماس حولوا دفة الحرب الإعلامية ضد مصر بدلاً من إسرائيل
الكاميرات كانت أكثر من أجولة الدقيق وبالات الملابس القديمة.. الأغذية التي حملوها لاتكفي لإطعام مرافقي القافلة.. جاءوا بالهلاهيل والأطعمة الرديئة لسكان غزة، والسيارات الفارهة لقيادات حماس.. لذا اتحدت إرادة الطرفين علي التشهير بمصر، حتي تحقق هذه القافلة التليفزيونية الفرقعة الإعلامية المستهدفة.
في أحسن تقدير لا تتجاوز قيمة قافلة شريان الفتوات 500 ألف دولار، بينما في صباح اليوم الذي سبق دخولها ميناء العريش، عبرت منفذ رفح قافلة مصرية، من تبرعات أبناء هذا الشعب وهيئاته، قيمتها 2 مليون دولار.. وقبل ذلك دخلت من المنفذ أكثر من 40 قافلة محملة بملايين الدولارات.. دون دعاية أو إعلان أو طنطنة.
هل تتذكرون ما فعلته قطر في يناير من عام 2009، بعد العدوان الإسرائيلي الهمجي علي غزة.. أرسلت طائرة محملة بملح الطعام، وقبل أن تغادر الطائرة ميناء الدوحة أعلنت قناة الجزيرة أن السلطات المصرية منعت هبوط الطائرة في مطار العريش.. وكأن أهالي غزة كانوا ينتظرون ملح الطعام القطري ليشبعوا بطونهم!
علي مَنْ يطلقون الرصاص؟
رغم ذلك، ورغم المرارة التي يشعر بها كل مصري، وهو يري جثة الشهيد أحمد شعبان معلقة في برج الحراسة، بعد أن أصابته رصاصة غادرة في رقبته.. رغم مشهد الصبية وهم يقذفون الحدود المصرية، وقناصة حماس وهم يطلقون الرصاص من البنايات علي جنودنا.. رغم كل شيء، فإن مصر لن تتراجع عن قضيتين أساسيتين:
الأولي: إصرارها علي استكمال الإنشاءات الهندسية لتأمين حدودها، وكشفت همجية فتوات القافلة وصبيان الحجارة، أن مصر كانت علي حق في كل إجراء تتخذه، فهؤلاء لا أمان لهم ولا عهد، وإذا تركنا حدودنا مفتوحة لهم، فسوف تتكرر هذه المؤامرة مرة ومرات.
الثانية: هي أن مصر سوف تمضي في التزاماتها تجاه القضية الفلسطينية، لن يصيبها ملل ولن تفقد حماسها، إزاء المناورات التآمرية التي ترتكبها حماس، حتي تعرقل خطوات التسوية السلمية، وتجهض حلم إقامة الدولة الفلسطينية.
لا ذنب للشعب الفلسطيني فيما جري علي الحدود يوم 6 يناير، ولا يجب أن يؤخذ آلاف الرجال والنساء والأطفال بجريمة ارتكبها مجرم قاتل، وسبق أن فعل مثلها عشرات المرات في أبناء شعبه، وحصدهم برصاصه الغادر، الذي لم ينطلق يوما في صدور الأعداء الحقيقيين، جنود الاحتلال الإسرائيلي.
قافلة تحتاج إلي المساعدة
القافلة التليفزيونية لن تطعم جائعا، ولن تغطي بردان ولن تبني طوبة، ولن تمسح دموع أم شهيد.. لأنها جاءت بملابس مستعملة في تركيا، بعد أن طاف بها المهرج جالاوي الدول الأوروبية، ولم يحصل علي شيء سوي سيارات خردة، ثم دخل تركيا وأثار مشاعر المسلمين ولعب بعواطفهم، فجاءوا معه بتبرعات هزيلة، فأصبحت القافلة تحتاج لمن يساعد المشاركين فيها ويطعمهم وينفق عليهم.
انتهزت حماس الفرصة لتنفذ التعليمات التي جاءتها من إيران بإشعال النيران علي حدود غزة، ومن تابع خطبة حسن نصر الله في عاشوراء يوم 27 ديسمبر الماضي، فإنه قال كلاما سافرا يدعو فيه العرب وأحرار العالم إلي إدانة مصر، لأنها تحمي حدودها من السفلة أمثاله، الذين يهددون أمنها واستقرارها، وأعطي إشارة البدء للهمج ليقذفوا الطوب والحجارة.
ثم كانت التمثيلية السخيفة التي لم تختلف كثيرا؟ عن مشهد البلطجية الجزائريين في استاد أم درمان، نفس الوجوه والشراسة، وفي أيديهم السكاكين والسيوف والخناجر، نفس الغدر والمباغتة والخسة والنذالة، قافلة من المشردين الذين هم أقرب إلي المطاريد، أساءوا إلي الدولة التي استضافتهم وسمحت بدخولهم، وردوا لها الجميل، نكرانا وبلطجة.
لا تهاون بعد اليوم
هذا الجالاوي لا يجب أن يدخل مصر مرة ثانية، إنه يستعد للقافلة رقم 4 و5 و6 بالتسول والشحاذة بأوجاع الفلسطينيين، إنه يفعل تماما مثل الشحاذ الذي يقطع ذراعه ويربطها بالشاش والميكروكروم ليستدر عطف الناس.. وإذا سمحنا له بالدخول، فنحن نستحق ما يجري لنا.
جاء إلي بلادنا رافعا راية البلطجة، وهو يعلم أن بلاده سبق أن فتشت الرمز الديني الكبير البابا شنودة في مطار هيثرو، ولم نسمع صوته ولا صوت المحرضين الذين يصرخون ويطالبون بأن تكون حدود مصر وأراضيها سداح مداح لهم ولغزواتهم الإعلامية.. نفس الشيء تفعله الولايات المتحدة الآن، التي تمنع دخول مواطني 9 دول إسلامية إلا إذا عبروا أمام كاميرات تكشف ملابسهم الداخلية وعوراتهم فيظهرون عرايا كما ولدتهم أمهاتهم.
سوريا تطلق الرصاص علي من يقترب من الأسلاك الشائكة علي حدودها، ونفس الشيء تفعله إيران والعراق، والسعودية التي اقتحمت اليمن لتؤدب الحوثيين.. كل الدول بلا استثناء تحمي حدودها، ولكنهم يريدون حرمان مصر من هذا الحق.
لا تهاون بعد اليوم، ولا تراجع في كرامة وطن يشعر أبناؤه بالمرارة والحزن إزاء تصرفات يرتكبها أبناء نفس الدين واللغة والعروبة، فيصبرون عليها ويتجرعون مرارتها، ويكظمون غيظهم، لكن الحليم إذا غضب فسوف ينفجر غضبه مثل البركان.
من يحاسب الطابور الخامس؟
علينا أن نعترف أن هناك مصريين يشكلون طابورا خامسا وينحازون ضد بلدهم ودولتهم في أي موقف، حتي لو كان ذلك لصالح إسرائيل، وهم أنفسهم لعبوا أقذر أدوار التحريض والتهييج في أزمة القافلة، وفي صدارة هؤلاء رديف الناصريين بجانب الجماعة المحظورة.. التي تتعامل مع مثل هذه الأحداث بقاعدة طظ في مصر.. لا ضرر ولا ضرار في أن يحكمها سيرلانكي.. وكانت سعادة المحظورة بالغة، وهي تري جالاوي وفتواته يدنسون أرض مصر ويقتحمون حدودها.
أُبتليت مصر بهؤلاء دون سواها من دول العالم، ولا تجد مثلهم في أي بلد عربي أو أجنبي.. وتكتسب آراؤهم ومواقفهم صبغة انتقامية، تنفيثاً لإحباطاتهم الداخلية، وعجزهم في أن يكون لهم دور أو هوية سياسية، فحملوا معاولهم يهدمون أي شيء، وينحازون للشيطان لو كان ضد الدولة المصرية.
هؤلاء هم المشكلة والطامة الكبري، وهم الذين يمهدون الأجواء للفوضي وتضليل الرأي العام، وإذا اقترب منهم أحد بالقانون يصرخون ويولولون، ويرتدون ثياب الضحايا المطرودين من جنة الحريات، وغير ذلك من الشعارات والعبارات الكاذبة التي يستخدمونها لتمرير جرائمهم ضد بلدهم.
حماس تحمي حدود إسرائيل
لعلنا لا ننسي في العام الماضي عندما أعلن عبداللطيف آل موسي أحد العناصر الإسلامية في غزة من مسجد ابن تيمية في رفح إقامة إمارة إسلامية وأعلن الجهاد علي إسرائيل، قامت ميليشيات حماس بهدم المسجد فوق رأسه وقتله هو وأخيه، مع 22 آخرين من أنصاره مستخدمين القذائف والصواريخ، وسقطت 18 قذيفة علي رفح المصرية.
فعلت حماس هذا لأغراضها الشخصية، ولأنها تحرس حدود إسرائيل بمنتهي القوة والحماس، أما الحدود المصرية فتريد انتهاكها، وتطلق الرصاص علي قوات الأمن المصرية، وتحولت غزة إلي مستنقع للتنظيمات المسلحة، مثل الجهاد الإسلامي وجيش الإسلام وأنصار السنة وجيش الأمة وكتائب التوحيد والجهاد.. وانفجرت فيها بحور الدماء، وكلها تقوم بالمتاجرة في الأسلحة وتهريبها.
الخطير في الأمر أن جماعات شيعية بدأت تغزو غزة بأعداد كبيرة مثل جمعية غادير التي يرأسها رمضان شلح، وحولت المساجد إلي حوزات شيعية، وكلهم يعملون بنظرية الإمام الفقيه، ويستهدفون نقل صراعاتهم إلي داخل سيناء.
لا ينفع معهم الاحترام
لعلنا لا ننسي - أيضا - في العام الماضي عندما اقتربت سفينة مساعدات كانت قادمة من قبرص في اتجاه غزة، فطاردتها البحرية الإسرائيلية وقبضت عليهم في البحر رغم أنهم كانوا بعيدا عن المياه الإقليمية، وأخذوهم من البحر إلي بلادهم، ولم تطأ أقدامهم الأرض.. ويومها لم يفتح حنجوري من مناضلي حماس فمه، وعلمتهم إسرائيل الأدب، وعاد النشطاء الأوروبيون إلي دولهم، دون أن يفكروا في العودة مرة ثانية.
هذا ما تفعله إسرائيل معهم، وتعطيهم كل يوم درسا قاسيا في كيفية احترام حدودها وسيادتها، رغم أنها تحتل أراضيهم وتغتصب وطنهم، ومع ذلك لا تتعرض حدود إسرائيل مع غزة لأي حادث أو اقتحام، بينما يتجرأون علي الحدود المصرية من حين لآخر، يدعمهم الطابور الخامس الذي يعمل علي الأراضي المصرية.
رغم ذلك لا يعرف قادة حماس الذين يظهرون في الفضائيات الخجل، ويتبجحون بالباطل متهمين مصر بأنها تتلذذ بعذابات أهالي غزة، كما يقول فوزي برهوم من فندقه الفخم الذي يعيش فيه في بيروت مستمتعا هو وعائلته وبقية زعماء حماس برغد العيش، متاجرا بدماء الفلسطينيين، مستثمرا أرواح الشهداء لتضخ أموالا ودولارات في حسابات بقية الزعماء الوهميين.
انتصارات حماس لصالح إسرائيل
يا فرحة إسرائيل، ما لم تستطع تحقيقه منذ ستين عاما، تحقق علي أيدي متآمري حماس، شقوا الصف الفلسطيني، وأشعلوا الخلاف مع مصر، وأجهضوا مشروع إعمار غزة، وجعلوا العرب منقسمين علي أنفسهم، نسينا أن إسرائيل هي العدو الذي يحتل فلسطين، وانصرفنا إلي معاركنا مع بعضنا البعض.. إنه النصر التاريخي الذي لم تستطع إسرائيل أن تحققه بالسلاح والجيوش، وحققته لها حماس بجريمتها النكراء ضد الشعب المصري.
يا فرحة إسرائيل، وصبية حماس يقذفون الحدود والجنود المصريين بالطوب والحجارة، فالانتفاضة هذه المرة ليست ضد إسرائيل وليست ضد شارون وهو يقتحم المسجد الأقصي، ولكن ضد الجنود المصريين الذين ضحي آباؤهم وأجدادهم من أجل فلسطين وشعبها.. لم يكن قادة إسرائيل يحلمون بهذا الانتصار الخيالي.
يا فرحة إسرائيل، فقد أصبح في وسعها أن تستكمل خطة التهام الأراضي الفلسطينية، وأن تنشئ المستوطنات فوق كل منطقة فيها مياه، وأن تترك للفلسطينيين الأرض الجرداء القاحلة، التي تزيد من حصارهم، حتي لو لم تحاصرهم المدرعات والدبابات.
يا فرحة إسرائيل، والبرهوم وعصابته يديرون حروبهم الإعلامية ضد مصر وشعبها، بدلا من إسرائيل وجرائمها.. ودون أن تدفع تل أبيب مليما واحدا، رزقها الله بفضائية اسمها الجزيرة تغنيها عن أن تمتلك فضائية فاشلة مثل الحرة الأمريكية التي أنفقوا عليها ملايين الدولارات، فساهمت في تشويه صورة أمريكا أكثر مما هي مشوهة.
سوف يظل السادس من يناير 2010 درسا عالقا في الذاكرة المصرية ولن تنساه أبدا .. مصر فوق كل شيء.. فمهما قدم هذا الشعب من تضحيات، لن يقابلوها إلا بالجحود والنكران.


كرم جبر


Email:[email protected]