الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
جذور العنف الطائفي
كتب

جذور العنف الطائفي





كرم جبر روزاليوسف اليومية : 11 - 01 - 2010


المشايخ والقساوسة يجب أن يرفعوا أيديهم


1


- أول خطوة لعلاج العنف الطائفي هي أن يرفع رجال الدين المسلمون والأقباط أيديهم عن الأحداث، ولكن كيف يحدث ذلك بينما تسيطر علي المجتمع طقوس التدين المظهري؟


- التدين المظهري الذي يخيم علي الأجواء مثل السحابة السوداء.. فأصبح اللجوء إلي الأديان هو البديل الوحيد لمواجهة المشاكل والأزمات، صار رجال الدين هم الذين يمسكون في أيديهم العصا السحرية.
- العصا السحرية لعلاج الأمراض المستعصية والبطالة المزمنة وتعنت الإدارة وظلم الآباء لأبنائهم واغتصاب حقوق المرأة وغيرها.. وتضخم بشدة دور المشايخ والقساوسة.
2
- القاعدة الذهبية تقول إنه إذا ازداد ظهور رجال الدين في أي مجتمع، فتأكد تماماً أنه يمضي إلي كارثة، لأنهم لا يقتنعون بأدوار الوعظ والنصح والإرشاد، ولكنهم يعتبرون أنفسهم مبعوثي العناية الإلهية.
- العناية الإلهية التي لم يمنحها الله سبحانه وتعالي سوي للأنبياء والرسل، إذا تركت علي المشاع، فهي التي تجلب الفتن والحروب والأزمات.. وتبدأ المشكلة عندما يسود الاعتقاد بأن رجال الدين هم وكلاء السماء.
- الوكالة معناها أن الذي يشعر بظلم أو يعاني مشكلة، لا يلجأ للدولة بأجهزتها وسلطاتها.. ولكن يتجه بسرعة إلي الطرف الذي يقدم له الحل السحري السريع الذي يحقق مطالبه.. وهم رجال الدين.
3
- الخطوة الثانية لعلاج العنف الطائفي هي تعظيم دور مؤسسات المجتمع لتملأ الفراغ الذي تحتله المؤسسات الدينية.. المدرسة والجامعة والأحزاب والنقابات والإعلام.. كل طرف يجب أن يملأ الفراغ الشاغر.
- أضرب لكم مثلاً بما حدث في نجع حمادي.. حيث كان الجميع يترقب حدوث المجزرة، ويجلس فوق القضبان منتظراً القطار الذي يدهسه، ورغم ذلك لم يتحرك أحد، حتي وقعت الجريمة.
- الجميع كان يعلم أنها »قضية شرف«، وأنها كانت تحتاج جهوداً سياسية واجتماعية مضنية لإزالة آثارها، بجانب الجهود الأمنية والقضائية التي اقتصرت علي تقديم المتهم للمحاكمة.
4
- علي سبيل المثال أيضاً في مصر 24 حزباً لم يفكر واحد منها في طرح مبادرة للتهدئة، خصوصاً أن المناوشات كان تتصاعد بشكل تدريجي، استعداداً للحدث الأكبر.
- أحزاب تستعد لمعارك انتخابية شرسة، ولو شعر الناس بوجودها لما ذهبوا إلي المساجد والكنائس، ولما احتشدوا في تجمعات غاضبة لم تجد من يكبح جماح غضبها.
- المسألة ببساطة هي أن المجتمع يفتقد قرون الاستشعار التي تمكنه من اكتشاف الخطر قبل وقوعه، ونزع الفتيل قبل الانفجار.. لذلك اطمئنوا فلن يكون هذا هو الحادث الأخير.
5
- الخطوة الثالثة لعلاج العنف الطائفي هي تعظيم دور القانون، فليس معقولاً ولا مقبولاً أن يروج البعض للدعوة إلي هيئات دولية لتقصي الحقائق، ليظهر الأمر وكأن الدولة المصرية غير قادرة علي حماية الأقباط.
- يجب أن يفهم الأقباط الذين يروجون لهذه الأفكار المغرضة أنه لا توجد دولة في العالم تستطيع أن تضع عسكري علي كل مواطن، ولكن يحدث ذلك بإعلاء شأن هيبة القانون.
- الهيبة القانونية لن تتحقق بالتشكيك في قدرة الدولة المصرية، والخارج ليس هو الذي سوف يحمي أقباط الداخل.. حمايتهم فقط في هويتهم المصرية وأنهم شركاء في الوطن مثل المسلمين تماماً.
6
- الخطوة الرابعة لعلاج العنف الطائفي هي عدم إضفاء صبغة دينية علي الجرائم الجنائية.. فالطفلة المغتصبة يجب القصاص القانوني لها بغض النظر عن ديانتها.
- المتهمون أيضاً يجب أن ينالوا عقابهم العادل دون أسلمة أو تنصير القضية، مع الوضع في الاعتبار أن أحداث نجع حمادي كان يمكن أن تقع بين أسرتين مسلمتين لو كان المتهم مسلماً.
- اسألوا أنفسكم: هل كان يمكن أن تحدث المجزرة لو كان المتهم الذي اغتصب الطفلة مسلماً وليس مسيحياً؟.. وأؤكد لكم أن الأديان لا تحرك الأحداث في جرائم الشرف خصوصا في الصعيد.
7
- الخطوة الخامسة لعلاج العنف الطائفي هي أن يكف الإعلام عن إشعال الحرائق.. فكثير من الصحف الخاصة تحتفي بما تنشره الصحف الإسرائيلية والأوروبية عن الأحداث في مصر، وتفرد لها الصفحات والمانشيتات.
- الفضائيات تحرص علي استضافة المتطرفين والمهيجين الذين يزيدون النيران اشتعالا وإثارة.. بزعم تقديم الرأي والرأي الآخر، مع أنها قضية ليس فيها رأي آخر.
- لا أريد أن أستعرض العناوين والمانشيتات التي تناولتها الصحف الخاصة في الأيام الأخيرة، لأن المساحة لا تتسع لها الآن وسأتناولها بشيء من التفصيل والتحليل في مقال لاحق.
8
- العلم المصري الذي ارتفع في أحداث مباراة الجزائر يجب أن يرتفع في أحداث العنف الطائفي، بدلاً من السيف والصليب والهلال.
- الفنانون والكتاب والصحفيون ونجوم المجتمع يجب أن يذهبوا إلي نجع حمادي لعمل مسيرة توقظ الناس بأن هناك كلمة عظيمة اسمها مصر يجب أن نحملها في قلوبنا.
- مسيرة تنطلق أمام كنيسة نجع حمادي نحمل فيها الأعلام ونغني نشيد العلم، ليست مسيرة تليفزيونية، ولكن إحياءً للمشاعر الوطنية التي انسحبت وتراجعت تحت وطأة الاحتقان الطائفي.
9
- سوف تحدث مشكلات كثيرة بين المسلمين والأقباط، كما تحدث بين المسلمين بعضهم البعض والأقباط بعضهم البعض.. فلن تستطيع أي طائفة أن تبني حولها أسواراً أو جداراً عازلاً.
- لابد أن نطرق أبواب الفتنة الطائفية بشدة، وأن نجردها من الهلاوس الدينية والطائفية التي تضخم الأمور وتضعها في غير نصابها الصحيح.
- شراكة الوطن ليست دعوة يمكن أن تقاطعها، ولكنها مسئوليات جسام تقع علي كاهل كل من يعيش فيه.. ولن يحمي المصريين إلا حضن مصر.


E-Mail : [email protected]