الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

دريد لحام: الفن يحتاج سنوات لتقديم الصورة الحقيقية لأحداث سوريا

دريد لحام: الفن يحتاج سنوات لتقديم الصورة الحقيقية لأحداث سوريا
دريد لحام: الفن يحتاج سنوات لتقديم الصورة الحقيقية لأحداث سوريا




حوار_ آية رفعت

حالة ساخرة منفردة تتربع على عرش النجومية بالوطن العربى منذ ما يزيد على 50 عاما من الإبداع.. النجم السورى الكبير دريد لحام «المنتمي» لوطنه الأول رحم أمه والثانى بلده سوريا التى رفض أن يتركها رغم أحداث القصف والحرب، يقف بشجاعة ضد من يهدده بقتله وينتظر أن تستقر الأمور لتعود بلده للنور. وحتى ذلك الحين يعمل على كتابة أعمال كمحاولة للاهتمام بالنشء من الأطفال بالوطن العربي.. وعن تقديمه لقصة حياته وآرائه السياسية للوضع بالوطن العربى تحدث لحام فى حواره لـ«روز اليوسف».

■ هل فكرت من قبل بتقديم عمل فنى عن حياتك مثل عدد من الفنانين؟
- لا لم أفكر بالطبع لتقديم عمل فنى لا مسلسل ولا تليفزيون فهذا الأمر لا يستهويني، ولكنى فكرت منذ فترة بالقيام بتوثيق أحداث حياتى بمذكرات مرئية اى أنى اجلس امام الكاميرا وأوثق مذكراتى بصوتي، ليس كبرنامج ولكن كنوع من الذكرى للعائلة أو لمهتمين بمعرفة تفاصيل حياتى.
■ ما الذى دفعك لتقديم فيلم تسجيلى عن قصة حياتك؟
- وافقت من أجل اصرار المخرجة ماجى انور صاحبة الفيلم، والتى تحدثت معى وكانت متحمسة جدا لتقديم فيلم وثائقي عنى وعن بداياتي. وقد قبلت الفكرة ولكنى قلت لها انه يجب أن يتم تصويره بسوريا فقالت لى إنها على الاستعداد للقدوم والتصوير معى هناك رغم سوء الوضع الأمنى وقمنا بتصويره وظهر «المنتمى».
■ ما أكثر المشاهد والأحداث التى أثرت بك وقت تصوير الفيلم؟
- الفيلم ملىء بالمشاعر الانسانية والذكريات ولكن يبقى شىء واحد يضيق به صدرى ويمزق قلبى كلما ذكرته وهو حديثى عن الأم. فالأم هى وجهة نظر الله فى استمرار الحياة على الارض فلولا الام وتضحيتها لم يكن هناك «خلق».. ولذلك اعتبرها وطنى الاول، وعندما يسألوننى من أين أتيت اقول وطنى الثانى سوريا بينما وطنى الاول هو رحم امي.. ومازلت أعمل على زيارتها وأشكو لها بمدفنها ولكن الاحداث حالت بينى وبينها للأسف.
■ ألم تفكر فى العمل خارج سوريا خاصة بعد تأثر الفن بها؟
- أفضل العمل بداخل بلدى مهما كان الحال الذى وصل اليه الفن وتأثره بالاحداث. وعندما يكون هناك عمل يتلاءم مع معتقداتى وفكرتى بالتأكيد سأشارك به ولكن ليس من باب أنى هجرت سوريا.
■ ولماذا تصر على العيش بسوريا رغم الأحداث المشتعلة؟
- كثير من الناس يسألوننى هذا السؤال ويتعجبون من موقفى انا وزوجتى رغم الخطر.. فهذا الخطر يكون على وعلى الناس ايضا، واعتقد أن الشجرة التى تتخلى عن جذورها تموت بأى ارض. وأنا لن أتخلى عن جذورى مهما حدث.
■ لماذا طوال هذا التاريخ الفنى لم تقدم سوى الشخصية السورية؟
- تم عرض بعض الادوار على خارج الشخصية السورية خاصة من مصر.. ولكنى أنا لا أستطيع أن اتحدث إلا بلهجتى العربية الشامية السورية، لأننى اعتقد انى لن أكون مقنعا ولن اقتنع بحالى اثناء تقديم الشخصية.. فمثلا هل كان الجمهور سيتقبل النجم الراحل نور الشريف بدور رجل سورى شامى، لن يكون مقنعا حتى لو أتقن اللهجة. واللهجة المصرية محببة لنا كسوريين ونشعر فيها بالموسيقى.. ولكن التمثيل بها لن يكون مقنعا، ومن قدموا أدوارا كهذه ربما نجحوا بها ولكن بغير اقتناع تام للجمهور.
■ ألم تفكر بتقديم أو كتابة عمل يوضح الوضع الحالى لسوريا بتفاصيله؟
- لا لأن أى عمل سيكون غير مكتمل، فما يحدث الآن فى البلاد يتم توثيقه عن طريق صورة للحدث أى ذاكرة ترصد الأحداث يوم بيوم ولكن لتقديم عمل فنى يمكنه تناول الاسباب والدوافع والدخليات فى الأمور يجب أن تمر سنوات على هذه الاحداث حتى يتم تقييمها ودراستها بشكل مؤكد لتتضح الصورة بشكل كامل.
■  قدمت من قبل برامج عن الأطفال ألا تفكر فى إعادة الفكرة فى الوقت الحالى؟
- عندى فكرة سينمائية جديدة مخصصة للأطفال وسيكون أبطالها من الاطفال أيضا مثل فيلمى «كافرون» و»الآباء الصغار».. فأنا اكتب العمل حاليا ولم أنته من وضع خيوطه كلها وهو لا يحمل أي اهداف سياسية  ولكنه سيحاول اعادة القيم والاخلاقيات للطفل العربي.
■ ألم تندم على ترك مهنتك كمحاضر بالجامعة ودخول الفن؟
- لا لم أندم على هذه الخطوة أنا عندما قررت التخلى عن مهنتى كأستاذ جامعى وأحترف الفنون كان من اصعب قرارات حياتى ولكنى لم أندم عليه اطلاقا رغم كل ما مررت به. ولم افكر مطلقا فى العودة حتى أن معلوماتى العلمية ذهبت تماما.
■ ألم يفكر أحد بأولادك بدخول الفن؟
- لا حمدا لله لدى 3 أولاد و7 أحفاد ولم يفكر أى منهم الدخول بالفن ولم يرثوا منى هذا الحب أو الموهبة، ولكنهم ورثوا منى العقل العلمى وحب العلوم والكيمياء وغيرها.
■ كيف تعاملت مع التهديدات التى تلقيتها باغتيالك؟
- أنا لا أخاف الخطر ولكنى اتعجب فكيف يكون الرد على وجهة نظر تطرح القتل والسلاح والدم، فأنا لم أستخدم العنف ولم اقتل أحدا ولكنى قلت وجهة نظرى استخدمت الكلام وليس السلاح. فالحرية مازالت فى مراحل مبكرة بالوطن لأننا لا نحترم رأى بعض ويصبح المخالف لك فى الرأى هو عدوك بل وصل الامر إلى اطلاق فتاوى تحلل هدر دم فلان وفلان.
■ ألم تتخوف من تأثر جماهيريتك بآرائك السياسية؟
- والله أنا أحسبها من جهة اخرى، فقد يخسر الشخص منا بعض الشعبية أو الجماهيرية ولكنه لا يخسر نفسه ولا يخسر احترامه لنفسه ولوطنه، فكل الامور بالدنيا بها خسارة وربح وأنا لا اعرف إذا بالفعل تأثرت شعبيتى بهذه الآراء ام لا، ولكن فى النهاية أنا راض بتحمل الخسارة إذا حدثت لأننى مقتنع بآرائى ولا استطيع مخالفة ضميري.
■ هل الفن يمكنه جمع ما  فرقته السياسة؟
- من الممكن ولكن عندما نحكم العقل فى التفكير وليست العاطفة..وأنا عن نفسى لا أفكر بمقاطعة احد ولو تم عرض على عمل يجمع مختلف فنانى سوريا بغض النظر عن آرائنا المختلفة فأنا سأقبل. ونحن ليست بيننا مقاطعة وعندما نقابل بعضنا البعض فى أى مهرجان دولى نستقبل الآخرين بسلام حار. فخلاف الرأى لا يجعله عدوا بالنسبة لى فهو يظل ابن بلدي، وهذه هى الحرية الحقيقية فليس من الضرورى أن تقتنع برأى الآخر ولكن يجب أن تحترمه وتستمع له.
■ وما تقييمك للوضع الحالى بسوريا؟
- كانت بسوريا ثورة لها مطالب مشروعة والسبب فى ضياعها هو تدخل الغرب فى تسليم العناصر ونشر العنف فيما بين اطياف الشعب وتحويلها إلى حرب. وليس الغرب وحده هو المسئول عن تلك الحرب فهناك دول رئيسية مثل امريكا وبريطانيا وفرنسا بالإضافة إلى بعض الدول العربية التى تعمل على تمويل هذه الحرب على سوريا. فسوريا كان لها شأن كبير فى تمويل المعارضة وهذا الامر كان يزعج اسرائيل على وجه الخصوص ويزعج بعض الدول العربية ايضا.
■ ما  الحل بوجهة نظرك؟
- لا أرى أي حلول فى المنظور القريب خاصة أن هناك حربا كونية على سوريا  بأدوات اجنبية وعربية فى بعض الاحيان يريدون اسقاط سوريا. ولا أدرى ماذا فعلت سوريا لهم لكى يذبحوها هذا الذبح.
■ ما ردك على رفض بعض الدول العربية لاستقبال اللاجئين السوريين؟
- هناك بعض الدول العربية تتحدث فقط فى خطبها عن الأخلاق والتعامل الحسن والقيم وللأسف هم ليس لديهم اخلاق ولا رحمة ويعاملون السوريين بشكل سيئ جدا سواء فتحوا لهم ابوابهم أو اغلقوها بوجههم ويقولوا نحن اشقاء وماهم بأشقاء.. بينما نجد أن تركيا والدول الاوروبية فاتحين حدودهم بطريقة ممنهجة للنازحين من سوريا ولديهم اهداف سياسية معينة يريدون تحقيقها.
■ كيف أثرت بك الوحدة بين مصر وسوريا وهل من الممكن أن تعود؟
- الوحدة كانت تخوف كل العالم لأنها كانت بمثابة قوة ضاربة بقلب الوطن العربي، وحزنت كثيرا عندما تم الغاء الاتفاقيات. ولكن الوحدة لم تنفصل بين الشعبين المصرى والسورى أبدا وكل ما هنالك هو انفصال الحكومات.
■ كيف ترى فكرة الربيع العربى بمجملها؟
- هى مؤامرة منظمة.. وأكبر دليل على ذلك ما حدث بسوريا بدأ بربيع ثم جاءت الدول الغربية والعربية لتسلحه وتمده بالأسلحة والمتفجرات والمرتزقة وتحول إلى دمار، ولذلك بعض الشعوب تترحم على النظم السابقة والتى كانوا يصفونها بالديكتاتورية ووجدوا أن ايامهم كانت افضل.  وهذا ما حدث فى العراق وليبيا عندما نشبت الحروب الاهلية بين كل الطوائف بينما كان صدام حسين ومعمر القذافى يحكمان الامر. وفى الآخر نكتشف ان كل ما حدث كان صراعا على الحكم وليس له علاقة بثورات الشعوب.
■ أخيرا متى يمكن للفنان أن يقرر الاعتزال؟
- لا أدرى ما الوقت المناسب لعل عندما لا يجد له جمهورا أو عندما لا يجد الأفكار المناسبة لتقديمها ولكن بشكل عام اكثر الفنانين المعرضين للاعتزال هم المطربون فمن الممكن ان يتأثر صوتهم بالعمر او بأى عوامل أخرى والمطرب موهبته فى حنجرته فقط. بينما الممثل فلا أعتقد ان له سبب او عمر الا اذا أراد هو.
وأضاف ضاحكا:»اذا بتحلمى انى أعتزل الفن فلن أحقق لك أمنيتك.»