بعد ثورة الإنترنت.. إغراء الأطفال بالعودة إلى الكتاب
مروة مظلوم
كتبت - مروة مظلوم
بفضل الحواسيب والأجهزة اللوحية لم يعد عقل الطفل أرضًا بكرًا يمكنك أن تغرس فيها ما تشاء وقتما تشاء، فكثيرًا ما يبهرنا غزارة ما لديهم من معلومات نتيجة اتصالهم المستمر بشبكات الإنترنت، ولعل أكثر ما يؤرق الآباء كم المعومات المزعجة التى لا تحفظ لأبنائهم براءة القيم والعقيدة التى نشأنا عليها، متناسين أن هناك من يحفظها عن ظهر قلب ولخطوطه ونقوشه نفس السحر فى نفوس كل من اطلع عليه ولو صدفة، تسأله فيجيب ويتفنن فى إجابته وبيانه ومعانيه وشرحه بكل لسان ولغة على الأرض.. الكتاب
وقد فتح معرض الكتاب فى دورته الـ 49 بابًا جديداً هذا العام فى محاولة لإغراء الأطفال وآبائهم على العودة إلى الكتاب بشتى صوره المقروءة والمسموعة والمرئية والتفاعلية وترك لرواده متعة الاختيار، وكانت لـ«روزاليوسف» جولة فى أهم أجنحته المعنية بكتب الطفل بشكلها الجديد.
تقول هبة البسيقى نائب المدير العام لدار لمار للنشر والتوزيع وكاتبة قصص أطفال: «الكمبيوتر سرق الأطفال من الكتاب لذا فكرنا فى تقديم كتب وقصص الأطفال بشكل تفاعلى لتنمية مهاراته، كل كتاب له فكرة تفاعلية مختلفة، على سبيل المثال من سنة 3 سنوات وحتى 8 سنوات قصة بالبازل من الفوم، وكتاب تعليمى للساعة من سن 4 إلى 6 سنوات به أنواع الساعات، أشكالها، التوقيت المحلى والدولي، أشكال مختلفة كذلك الديجيتال، جدول ضرب وجمع تفاعلى كالآلة الحاسبة، هناك أيضاً «التنجرام» وهو الأكثر مبيعاً ومطلوب من الأطفال والكبار فهو أشبه بلعبة تعليمية تثير روح التحدى والتنافس بين أطرافها عبارة عن رسوم فى شكل ألغاز يتم تكوينها عبر أشكال هندسية مثلث مربع معين اللعبة جذبت أولياء الأمور أيضاً لذا يمكن اعتبارها لعبة عائلية، مما جعلنا نضع تخفيض فى سعرها لكل من يحل اللغز، القاموس التفاعلى عربى انجليزى من سن 3 إلى 5 سنوات، صفحاته من القماش والكلمات فى شكل بطاقات وحروف يمكن لصقها لإعادة كتابة الكلمات ولوح للكتابة نضمن استخدام الطفل لملكاته إثارة فضوله فى البحث وتكوين الكلمة وكتابتها بيده.
وعن أسعار كتب الأطفال تقول «البسيقي» أسعار كتب الأطفال تعتمد على الخامات وتكلفتها بالنسبة لأسعار الكتب التفاعلية هى مرتفعة بسبب نوع الخامات المستخدمة وتكلفتها وغير متوفرة فى السوق، هناك الجوخ والفوم واللوحات الكتابية كلها خامات للحفاظ على الكتاب أطول فترة ممكنة فى متناول يد الطفل دون تلف خاصة وأنها تفاعلية باليد، فضلا عن أولياء الأمور يشترون الفكرة الجديدة التى تنمى مهارة طفلهم وليس الكتاب كمجموعة من الأوراق صماء غير جذابة للطفل، نحن من نصمم الفكرة وننفذها بمجهودنا وذلك يضمن منتجًا جيدًا يستمتع به القارئ.
■ الأطفال يستقطبون الآباء
وتقول «أمانى محمد» أنها جاءت مع ابنتيها لأن الصغرى جاءت فى رحلة مع الحضانة مع بداية المعرض فى أواخر الشهر الماضى وأصرت على الحضور للمرة الثانية لتشترى لها ما تريده، وقد فاجئها كم الكتب المعروضة من دور النشر بشكل مختلف عن شكل الكتاب التقليدى بهدف تنمية مهارات الطفل فضلا عن ورش العمل والأنشطة الأخرى للمعرض، تركيزها فى الشراء لن يكون مقتصراً على الكتب التعليمية والقصص وحسب ولكن الألعاب أيضاً فهى مميزة عن السنوات السابقة وستشجعه على القراءة والارتباط بالكتاب.
«ميري» تحدثت أن زيارتها هى الأولى لمعرض الكتاب وجاءت استجابة لرغبة ابنها أمير الذى يبحث عن كتب للخيال العلمى تنمى لديه ملكة الابتكار والاختراع، ولاقت الكتب التفاعلية لديه قبول بقدر كبير لخروجها عن المألوف فى عرض المعلومة، وتؤكد «ميري» أن زيارتها للمعرض أحيت روحا غابت عنها منذ أيام الدراسة فهو تجربة مميزة تشكر ابنها على إلحاحه لخوضها.
■ كتاب الدولة المدعم
وترى «ريهام عنتر» باحثة فى مجال ثقافة وإعلام الطفل والمشرف عن ورش عمل المجلس القومى لثقافة الطفل المقامة للأطفال على هامش معرض الكتاب أن تواجد الأطفال فى الأسبوع الثانى أقل من أجل بدأ الدراسة، فى حين شهد المعرض حضور قوى وتفاعل من الأطفال وذويهم فى أسبوعه الأول فضلاً عن الرحلات المدرسية ولكن بنسبة أقل من العائلات فالمعرض متنزه جيد فترة الأجازة لأطفالهم، إما للنشاط للترفيهى أو لشراء كتب ودمجهم بالحياة بعيداً عن الإنترنت والفضائيات، وهناك حضور من الشباب من سنة 12 إلى 18 سنة لحضور الندوات عن طه حسين وكبار الكتاب، ولفتت إلى أن إصدارات المجلس القومى مجانية، مشيرة لفترة مشروع «القراءة للجميع» وقوافلها فى القرى والمدن ومكتبة الأسرة وأسعار إصداراتها التى كانت تبدأ بجنيه واحد.
وتحدثنا «منار عبد المنعم» موظفة فى التسويق بالهيئة العامة لقصور الثقافة عن اللافتة التى تحمل عبارة الكتاب الواحد بجنيه فتقول :إنها المشاركة الأولى لها فى المعرض الذى شهد منذ يومه الأول حضور كبير من الأطفال وذويهم وأسعدتهم كثيراً لافتة الكتاب الواحد بجنيه خاصة وأنها سعر لا يذكر أمام دور النشر الخاصة والتى تبدأ أسعارها من 70 و80 جنيه، وأن كثير من الأهالى طلبوا كتب تفاعلية لكن الكتب المتواجدة الآن أو المتبقية فى العرض قد شارفت على النفاذ وهى عبارة عن قصص وكتب تعليمية.
ويضيف «محمد عباس» مسئول الإدارة العامة للمكتبات بهيئة قصور الثقافة أن الدولة تدعم كتاب الطفل فتسعى لعرضه بأبسط تكلفة وهو جهد محمود لكن تكلفة الكتاب التفاعلى عالية جداً تفوق الدعم، ولفت إلى أن سلسلة «قطر الندى» هى من أكثر السلاسل رواجاً، و«بكار» توزيعها جيد لمحتواها ولسعرها وتكلفتها أكثر من ذلك بكثير لكنها لا تهدف إلى الربح بقدر نشر الثقافة والوعى والقيم وسلوكيات الطفل وهو هدف قطاع الثقافة وتخصص له ميزانية من الدولة نتمنى أن يستمر كمكتبة الأسرة بالضبط فهى من أنجح مشروعات الهيئة العامة للكتاب ولازالت مستمرة وناجحة.
■ أتوبيس دوت كوم= أمان
وعن الاستخدام الآمن للإنترنت تحدثنا إحدى المسئولين عن مشروع «أتوبيس دوت كوم» مشيرة إلى أنه أحد مشروعات المجلس القومى للأمومة والطفولة وتقوم فكرته الأساسية على كيفية حماية الأطفال من استخدام الإنترنت الغير آمن، كنا نعمل على القرى والنجوع والمحافظات ندرب الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين والأهالى على الكمبيوتر حتى يمكنهم متابعة أطفالهم ودراية بما يمكن يواجه أبناءهم وتعليم الأطفال كيفية التعامل مع الشخصيات الغريبة ومعتادى التحرش على الإنترنت سواء بالصور أو الكلمات فضلا عن الخطف والتهديد والتجنيد السياسى وإشراكهم فى جرائم خاصة وأن هناك بعض الألعاب فى غاية الخطورة مثل لعبة الحوت الأزرق ولعبة مريم والسبع مرايا وبعضها تسبب فى انتحار أطفال، والأهالى مغيبون عن المخاطر التى يمكن أن يتعرض لها الطفل أثناء فترة تجواله على الإنترنت بلاهدف ..التدريب يتم على مجموعتين للأطفال داخل الأتوبيس ومع الأهالى خارج الأتوبيس.
■ الكتاب الصينى vs الكتاب الفرنسي
وفى الأجنحة الأخرى للمعرض هناك أقسام خصصت لكتب الطفل منها الجناح الصينى والذى يحدثنا عنه محمد أحمد طالب فى جامعة الأزهر كلية اللغات والترجمة قسم اللغة الصينية وهو مشرف متطوع عن الجناح الصينى فى معرض الكتاب يرى أن هناك زيادة واضحة فى عدد الكتب المترجمة للأطفال فضلا عن كونها مبسطة جداً، عدد الكتب المترجمة من الصينية للعربية كان 300 كتاب العام الماضى أما هذا العام فلا يقل عن 500كتاب، وهناك اهتمام خاص بكتاب الطفل وإقبال من الجمهور المصرى والعربى ووعى بجودة المنتج المقدم له كمضمون وكشكل خارجى جذاب للطفل، بغض النظر عن اختلاف اللغة، عناوين الكتب أغلفة الكتب وتصميمها مميزة للأطفال، الكتب التفاعلية من قصص «بازل» وفك وتركيب والتعليمية نفذت من الأسبوع الأول وكانت أسعارها تبدأ من 40جنيهًا، الصين نفسها تسعى لنشر لغتها وثقافتها وأبدعوا فى ذلك.
وفى الجناح الفرنسى كان للكتب التعليمية النصيب الأكبر من كتب الأطفال وتعددت بين مطبوع ومسموع ومرئى واهتمام الأهالى كان أكثر بها بينما قصص الأطفال لم تلق حظاً كبيراً من جانب الطفل المصري، كذا بدأت أسعار الكتب التفاعلية من 40 جنيهًا ووصلت إلى 500 و1000 جنيه مصري.
■ النكهة الأجنبية للكتب المترجمة
فى ندوة بعنوان «مستقبل التعاون فى مجال كتاب الطفل بين مصر والصين» أشارت الكاتبة فاطمة المعدول إلى زيارتها لدولة الصين وانبهارها بالتقدم الذى تشهده هذه الدولة الآن، وقالت «لا نهتم بترجمة كتب الأطفال بشكل حقيقي، كما أننا لا نذكر أننا نقتبس من الكتب أو القصص أو الروايات الغربية وأن قصة مثل ألف ليلة وليلة استغلها الغرب أكثر منا بشكل جيد».
كما أكدت أن سقف الكاتب العربى محدود جدا للكتابة للأطفال، نظرًا لما يجب أن يراعيه من عادات وتقاليد وثوابت دينية وظروف البيئة المحيطة، فالكتابة للأطفال هى منظومة متكاملة من كتابة ورسم وإنتاج، وإن دور النشر تقوم بطباعة كتب الأطفال فقط للمشاركة فى الجوائز، ولذا من الضرورى وضع مواصفات لكتب الأطفال، ومعرفة ماذا يحب الأطفال دون أن ننجرف وراءهم دائما.
وأضافت أن القصص الكرتونية التى تعرض فى مصر والدول العربية لم تكن من أعمال عربية، بل أجنبية تُرجمت لتتناسب مع القارئ والمشاهد العربي، مؤكدة أن الجيل الحالى من الكتاب له دور كبير فى صناعة أعمال الطفل الثقافية مع المساعدة الكبيرة التى قدمتها الصين فى هذه الصناعة، كما أن كتب الطفل تحتوى على عدة موضوعات منها الكتابة والرسم والقصص، بينما موضوعات الطعام والملابس تمثل تراثا وثقافة للطفل متأثرة بالبيئة المحيطة به.
وعن سسلة الكتب التى قامت بترجمتها قالت «ياسمين ناصر» أنها تتحدث عن مذكرات الحيوانات، وأوضحت: هذه الكتب تتحدث عن القيم أكثر من كونها قصصا أدبية وكأن الكاتب يرسم المكان الذى دارت فيه أحداث القصة من خلال كلماته، كما أن هذه الكتب رغم بساطتها إلا أنها عميقة جدا وبها إسقاطات فلسفية مهمة.
وترى «عائشة مغاور» رئيس ملتقى ناشرى كتب الأطفال أن كتب الأطفال الأجنبية لا تختلف كثيرًا عن كتب الأطفال العربية، والدليل على ذلك أن دور نشر تركية وألمانية تترجم كتب الأطفال العربية إلى اللغات الأجنبية، وتأتى الترجمات تحت مظلة حقوق الملكية، فضلا عن أن الأطفال غالبًا ينجذبون بشكل عام إلى الميديا والكتاب الرقمى لكن لا غنى عن الكتاب الورقى، مضيفة أن كتب السلوكيات التى تصدرها دور النشر العربية من أكثر الكتب التى تحقق رواجًا كبيرًا، خاصة أن هذه الكتب تناقش السلوكيات عن التسامح والصدق بطريقة غير مباشرة.