عماد.. و"الخروج الآمن"!
عبد الله كمال
أفلت التوفيق من الأستاذ عماد الدين أديب، وهو إعلامي وكاتب كبير ومرموق، ولا يحسب علي المعارضين، حين تكلم عما أسماه "الخروج الآمن للرئيس".. أي رئيس.. ومرة أخري حين عدل عبارته وجعلها "خروج مطمئن للرئيس".. وقد أضاف في شرح ما اصطلح عليه بهذه العبارة قائلاً: أن يختار الخروج من الحكم دون وضعه في وجه مأزق إنساني يتعلق بملاحقة علي ما يكون قد ارتكب في عهده دون معرفة مباشرة من قبله أو تتعلق بملاحقة لأسرته "لأن أي رئيس بصفاته الإنسانية لا يريد أن تتعرض أسرته لما يكره.
والخروج الآمن يتعلق برئيس مشتبك في معضلة سياسية كبيرة.. ويريد أن يترك موقعه.. ولكنه يبحث عن ضمانات محددة.. تضمن له ألا يلاحق.. فلا يطارد ولا يعاقب.. وهذا كلام يصلح لحاكم من جمهوريات الموز.. ارتكب الخطايا في حق شعبه وحق أمته.. ويواجه مطالبات بأن يترك الحكم.. ويرغب في أن يرضخ لطلبات ترك موقعه.. وبحيث يتأكد من أنه لن يعامل بطريقة غير لائقة فيما بعد.
ولا ينطبق بالطبع هذا الكلام علي أي رئيس مصري.. ببساطة لأننا في كل الأحوال كنا أو لم نزل في كنف رؤساء عظماء.. حتي لو اختلفنا مع بعضهم في مسارات توجهاتهم السياسية..
الرئيس عبدالناصر قاد الثورة.. والرئيس السادات صنع النصر ووقع اتفاق السلام..
والرئيس مبارك الذي يحكم بموجب انتخاب دستوري.. بطل عظيم وصاحب تاريخ عريض وأداء وطني رائع.. يفاخر به بين علامات تاريخ مصر.. ويستحق منا في كل وقت كل تقدير واحترام.. بموجب الدستور وبموجب مكانته في قلوب الناس.
وفيما قال الأستاذ عماد الدين أديب معنيان لابد من التوقف عندهما:
الأول: محاسبة الرئيس.. وهذه مسألة منصوص عليها في الدستور.. إذ لا يوجد رئيس وفق الدستور المصري فوق الحساب.. والمادة 64 تقول: إن "سيادة القانون أساس الحكم في الدولة".. والمادة 85 تحدد طريقة محاسبة الرئيس من خلال آلية محكمة.
ولاشك أن أي رئيس يخضع للحساب السياسي.. ولا يوجد نص يعفيه من الحساب القانوني إذا ما أخطأ.. ولكن مصر لم تعرف رئيساً استوجب إعمال هذه المادة من الدستور.. حتي حين أدين أداء الرئيس جمال عبدالناصر في حرب 1967 وتسبب في الهزيمة المعروفة.. لم يتكلم أحد عن محاسبته.. علي الرغم من أنه عرض التنحي.. وأثناه الشعب عن ذلك.. بغض النظر عن ملابسات تلك الواقعة التاريخية.
المعني الثاني الذي يمكن فهمه من كلام الأستاذ عماد الدين أديب.. هو أنه ربما يكون قد قصد الإشارة إلي أن يتضمن الدستور نصاً يتحدث عن "وضعية الرئيس السابق" أي رئيس.. ولكن يبدو أن الصياغة لم تكن دقيقة.. أو أنه لم يعبر عن فكرته كما يريد أن يوضحها.
وبشكل عام فإنني أري أنه لا محل لمثل هذا الكلام برمته.. لأكثر من سبب.. فمن جانب لدينا رئيس عظيم يحكم.. بموجب صلاحيات دستورية.. وشرعية متكاملة الأركان.. ويدعمه تاريخ هائل من الإنجاز علي المستويات المختلفة.. ومن جانب آخر فإن الأزمة المصطنعة حول الانتخابات الرئاسية المقبلة ليست سوي كلام فارغ ينشغل به فئة من المعارضين.. الذين لا أتورع عن القول إن أغلبهم أصحاب مصالح.. يبيعون القلق.. ويصدرون التوتر.. ويريدون إقناع الناس بأن هناك مشكلة وأن المجتمع يعيش مأزقاً.. لابد من البحث عن حل له.
لا توجد قصة.. فقط بعض من السياسيين المتقاعدين في الأغلب.. والأكاديميين الذين كانوا يطمحون في مناصب لم يحصلوا عليها.. وكاتب كان يتمني حظوة لم ينلها لأنه لا يستحقها.. ولأن هذه الإدارة لا تعطي حظوة لفرد.. هؤلاء هم الذين يصدرون تلك المشاعر التي ليس لها ظل من واقع.. أو تعكس أي نوع من وقائع الحقيقة.
وضعنا دستوري.. ودستور مصر مستقر.. وحكمها ثابت.. ورئيسها يؤدي مهامه علي أكمل وجه.. ومكانته فوق أي نص.. موجود أو مقترح.. وانتخابات الرئاسة يحل موعدها بعد عامين.. وبدلاً من أن ننشغل بما يجري هؤلاء وراءه فإن علينا أن ننشغل بمتابعة ما تم في تعهدات الرئيس الانتخابية.. هذا هو القول الواجب والمحقق لفائدة الناس والرئيس معاً.
لا ينفي هذا أن نوجه التحية للأستاذ عماد الدين أديب.
الموقع الإليكتروني: www.abkamal.net
البريد الإليكتروني: ten.lamakba@kba