الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

عماد.. و"الخروج الآمن"!




أفلت التوفيق من الأستاذ عماد الدين أديب،‮ ‬وهو إعلامي وكاتب كبير ومرموق،‮ ‬ولا يحسب علي المعارضين،‮ ‬حين تكلم عما أسماه‮ "‬الخروج الآمن للرئيس‮".. ‬أي رئيس‮.. ‬ومرة أخري حين عدل عبارته وجعلها‮ "‬خروج مطمئن للرئيس‮".. ‬وقد أضاف في شرح ما اصطلح عليه بهذه العبارة قائلاً‮: ‬أن يختار الخروج من الحكم دون وضعه في وجه مأزق إنساني يتعلق بملاحقة علي ما يكون قد ارتكب في عهده دون معرفة مباشرة من قبله أو تتعلق بملاحقة لأسرته‮ "‬لأن أي رئيس بصفاته الإنسانية لا يريد أن تتعرض أسرته لما يكره‮.‬

والخروج الآمن يتعلق برئيس مشتبك في معضلة سياسية كبيرة‮.. ‬ويريد أن يترك موقعه‮.. ‬ولكنه يبحث عن ضمانات محددة‮.. ‬تضمن له ألا يلاحق‮.. ‬فلا يطارد ولا يعاقب‮.. ‬وهذا كلام يصلح لحاكم من جمهوريات الموز‮.. ‬ارتكب الخطايا في حق شعبه وحق أمته‮.. ‬ويواجه مطالبات بأن يترك الحكم‮.. ‬ويرغب في أن يرضخ لطلبات ترك موقعه‮.. ‬وبحيث يتأكد من أنه لن يعامل بطريقة‮ ‬غير لائقة فيما بعد‮.‬

ولا ينطبق بالطبع هذا الكلام علي أي رئيس مصري‮.. ‬ببساطة لأننا في كل الأحوال كنا أو لم نزل في كنف رؤساء عظماء‮.. ‬حتي لو اختلفنا مع بعضهم في مسارات توجهاتهم السياسية‮..

‬الرئيس عبدالناصر قاد الثورة‮.. ‬والرئيس السادات صنع النصر ووقع اتفاق السلام‮..

‬والرئيس مبارك الذي يحكم بموجب انتخاب دستوري‮.. ‬بطل عظيم وصاحب تاريخ عريض وأداء وطني رائع‮.. ‬يفاخر به بين علامات تاريخ مصر‮.. ‬ويستحق منا في كل وقت كل تقدير واحترام‮.. ‬بموجب الدستور وبموجب مكانته في قلوب الناس‮.‬

وفيما قال الأستاذ عماد الدين أديب معنيان لابد من التوقف عندهما‮:‬

الأول‮: ‬محاسبة الرئيس‮.. ‬وهذه مسألة منصوص عليها في الدستور‮.. ‬إذ لا يوجد رئيس وفق الدستور المصري فوق الحساب‮.. ‬والمادة‮ ‬64‮ ‬تقول‮: ‬إن‮ "‬سيادة القانون أساس الحكم في الدولة‮".. ‬والمادة‮ ‬85‮ ‬تحدد طريقة محاسبة الرئيس من خلال آلية محكمة‮.‬

ولاشك أن أي رئيس يخضع للحساب السياسي‮.. ‬ولا يوجد نص يعفيه من الحساب القانوني إذا ما أخطأ‮.. ‬ولكن مصر لم تعرف رئيساً‮ ‬استوجب إعمال هذه المادة من الدستور‮.. ‬حتي حين أدين أداء الرئيس جمال عبدالناصر في حرب‮ ‬1967‮ ‬وتسبب في الهزيمة المعروفة‮.. ‬لم يتكلم أحد عن محاسبته‮.. ‬علي الرغم من أنه عرض التنحي‮.. ‬وأثناه الشعب عن ذلك‮.. ‬بغض النظر عن ملابسات تلك الواقعة التاريخية‮.‬

المعني الثاني الذي يمكن فهمه من كلام الأستاذ عماد الدين أديب‮.. ‬هو أنه ربما يكون قد قصد الإشارة إلي أن يتضمن الدستور نصاً‮ ‬يتحدث عن‮ "‬وضعية الرئيس السابق‮" ‬أي رئيس‮.. ‬ولكن يبدو أن الصياغة لم تكن دقيقة‮.. ‬أو أنه لم يعبر عن فكرته كما يريد أن يوضحها‮.‬

وبشكل عام فإنني أري أنه لا محل لمثل هذا الكلام برمته‮.. ‬لأكثر من سبب‮.. ‬فمن جانب لدينا رئيس عظيم يحكم‮.. ‬بموجب صلاحيات دستورية‮.. ‬وشرعية متكاملة الأركان‮.. ‬ويدعمه تاريخ هائل من الإنجاز علي المستويات المختلفة‮.. ‬ومن جانب آخر فإن الأزمة المصطنعة حول الانتخابات الرئاسية المقبلة ليست سوي كلام فارغ‮ ‬ينشغل به فئة من المعارضين‮.. ‬الذين لا أتورع عن القول إن أغلبهم أصحاب مصالح‮.. ‬يبيعون القلق‮.. ‬ويصدرون التوتر‮.. ‬ويريدون إقناع الناس بأن هناك مشكلة وأن المجتمع يعيش مأزقاً‮.. ‬لابد من البحث عن حل له‮.‬

لا توجد قصة‮.. ‬فقط بعض من السياسيين المتقاعدين في الأغلب‮.. ‬والأكاديميين الذين كانوا يطمحون في مناصب لم يحصلوا عليها‮.. ‬وكاتب كان يتمني حظوة لم ينلها لأنه لا يستحقها‮.. ‬ولأن هذه الإدارة لا تعطي حظوة لفرد‮.. ‬هؤلاء هم الذين يصدرون تلك المشاعر التي ليس لها ظل من واقع‮.. ‬أو تعكس أي نوع من وقائع الحقيقة‮.‬

وضعنا دستوري‮.. ‬ودستور مصر مستقر‮.. ‬وحكمها ثابت‮.. ‬ورئيسها يؤدي مهامه علي أكمل وجه‮.. ‬ومكانته فوق أي نص‮.. ‬موجود أو مقترح‮.. ‬وانتخابات الرئاسة يحل موعدها بعد عامين‮.. ‬وبدلاً‮ ‬من أن ننشغل بما يجري هؤلاء وراءه فإن علينا أن ننشغل بمتابعة ما تم في تعهدات الرئيس الانتخابية‮.. ‬هذا هو القول الواجب والمحقق لفائدة الناس والرئيس معاً‮.‬
لا ينفي هذا أن نوجه التحية للأستاذ عماد الدين أديب‮.
 الموقع الإليكتروني‮:‬ www.abkamal.net

البريد الإليكتروني‮: ten.lamakba@kba