الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«صلاح» على «رادار» المخابرات الأمريكية

«صلاح» على «رادار» المخابرات الأمريكية
«صلاح» على «رادار» المخابرات الأمريكية




كتب – وليد العدوى


لم يعد البطل المصرى محمد صلاح المحترف بصفوف ليفربول الإنجليزى مجرد لاعب عادي، ليس لأنه هداف «البريميرليج» أو أنه محط أنظار قطبى الكرة فى العالم برشلونة وريال مدريد، وكلاهما يمنى النفس بضمه فى أى وقت، إنما لأنه بدأ يدخل بتألقه إلى مناطق سياسية وعرقية لم يضعها فى حساباته يوما ما، لكن يبدو أنها فى الطريق لفرض نفسها عليه وبقوة.
جماهير ليفربول أثارت حالة من الجدل بالأغنية الأخيرة التى أنشدتها لصلاح خصيصا قبل مباراة بورتو البرتغالى فى ذهاب دور الـ١٦ لبطولة دورى أبطال أوروبا والتى سجل خلالها الفرعون المصرى الهدف الثانى ضمن خماسية رائعة ليثير جماهير «الريدز» ردود أفعال واسعة لإعلان بعض الجماهير الإنجليزية علناً فى الأغنية أنهم سيشهرون إسلامهم حال استمرار تألق «مو» الاسم المختصر لمحمد، وهى عادة الأوروبيين الذين لا يميلون إلى أسم محمد كما حدث من قبل مع محمد شول مهاجم منتخب ألمانيا وبايرن ميونيخ السابق فى منتصف التسعينيات، والذى لقب بـ«ميمت شول».  
جماهير ليفربول وعدت صلاح عبر الأغنية بالذهاب إلى المسجد حال استمرار إحرازه لمزيد من الأهداف، وتقول «لو كان جيدا بالنسبة لك، فسوف يكون جيدا بالنسبة لي.. لو أحرزت أهدافا أخرى سأصبح مسلما أيضا»، وترد بشطر أخر وتقول «إنه يتواجد فى المسجد.. وهو نفس المكان الذى أرغب التواجد فيه».
المثير أن جماهير ليفربول أيدت الأغنية ورحبت بها بشدة، وشهدت انتشار غير عادى على صفحات التواصل الاجتماعي، فضلا عن تفاعل الصفحة الرسمية للنادى الإنجليزي- وهو أمر نادر الحدوث- مبدين سعادتهم بمستوى الفرعون المصري، وما يقدمه مع ليفربول خلال موسمه الأول، حيث وصل رصيده التهديفى فى «البريميرليج» إلى 22 هدفا خلف الهداف الأول هارى كين مهاجم منتخب إنجلترا وتوتنهام بهدف وحيد، حيث يتنافسان بقوة على اللقب.
الحدث المغلف بالأغنية لم يمر مرور الكرام فى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تناوله باهتمام شديد الكاتب السياسى وغير المتخصص فى الشأن الرياضى بالمرة جاكوب بوجاجى عبر صحيفة «الواشنطن بوست» الأمريكية الشهيرة، ونشر مقال مطول بتاريخ 15 فبراير الجارى تحدث خلاله عن قدرة صلاح فى إحداث تأثير «هائل» فى الجمهور الإنجليزى الذى وصفه بالعنصرى والمتشدد جدا، والذى لا يرحب بالآخر بسهولة، لكنه أبدى ضعفا شديدا وتغيرت بعض أفكاره وأحكامه أمام «مو».
كتب بوجاجى عن نجاح صلاح وتألقه ليس داخل المستطيل الأخضر مع ليفربول، إنما عن دفع الكثيرين من مشجعى ناديه العريق لإعداد أغنية عنه فى أول موسم له، بل غيروا كثيرا من أفكارهم أمام النجم المصرى والعربى المسلم محمد صلاح، وأبدوا جميعا تمسكا شديدا به ورفضهم لرحيله، وهنا يتوقف كثيرا الكاتب أمام دلالات الأغنية كون الإنجليز الأكثر عنصرية وسط جماهير كرة القدم فى العالم، فلا يرحبون بعرق أو لون أو دين مختلف بسهولة، وتعد العناصر الثلاثة من بين أهم عوامل التحكم فى المزاج العام للجمهور الإنجليزى عبر تاريخه الطويل.
المقال وصف نجاحات صلاح بالمذهلة والرهيبة قياسا بحجم زمانها ومكانها، فلم يحقق أى لاعب «عربى – مسلم» هذا الإنجاز بأن يحظى بقلب وعقل جمهور أوروبا بهذا الشكل من قبل، فالأمر لم يتوقف على الجمهور الإنجليزى فحسب، بل أيضا سبقه جمهور إيطاليا التى احترف بها «مو» سواء مع فيورنتينا أو نادى العاصمة روما فى وجود الأسطورة الخالدة دوما فرانشيسكو توتي، ورغم ذلك حظى صلاح باهتمام شديد وسط وجود توتى و دى روسى ودجيكو وناينجولان.
صلاح لم يحقق مع ليفربول أى بطولة حتى الأن، ويكافح فى دورى الأبطال، وتقريبا لن يحصد لقب الدورى الإنجليزى هذا الموسم لانفراد مانشستر سيتى بالقمة، إلا أنه وصل إلى عقل وقلب كل مشجع بسهولة فى شيء لم يحققه أو ينجزه نظيره الجزائرى رياض محرز مهاجم ليستر سيتى الذى ساهم بأهدافه الـ18 المؤثرة فى إحداث مفاجأة مدوية بنيل لقب الدورى الإنجليزى لنادى بسيط ومتواضع بحجم ليستر فى الموسم قبل الماضي، وهى البطولة الوحيدة له.
محمد صلاح بات أول لاعب فى الدورى الإنجليزى لا تقف ديانته عائقا أمام حب الناس له وإعجابهم به، بل عجز بوجاجى عن ايجاد تفسير للحالة التى تتجاوز فى رأيه الموهبة والأهداف والسلوك العام الذى لا ينقصه الالتزام والاحترام، ليبقى الاهتمام الزائد من كاتب صحفى غير رياضى محير لمحبى النجم المصري، خصوصا أن كبار الصحفيين والإعلاميين فى أمريكا على صلة وثيقة بدوائر مخابراتية وأمنية فى بلاد العم سام، والذهاب إلى تحليل نجم مصرى وعربى ومسلم بهذه الدقة الشديدة أمر يثير الاندهاش والاستغراب لمجرد أنه يلعب دورا مؤثرا فى المزاج العام الإنجليزى والأوروبى.