الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«كهرباء بنى سويف» .. أكبر محطة فى العالم أنجزها المصريون فى 36 شهرًا

«كهرباء بنى سويف» .. أكبر محطة فى العالم أنجزها المصريون فى 36 شهرًا
«كهرباء بنى سويف» .. أكبر محطة فى العالم أنجزها المصريون فى 36 شهرًا




بنى سويف - مصطفى عرفة

محطة كهرباء غياضة أكبر محطة لتوليد الكهرباء فى العالم ملحمة وطنية نفذتها «سيمنس» الألمانية  بالاشتراك مع  شركة السويدى الكتريك بمحافظة بنى سويف على مساحة 58 فدانًا باستثمار 2 مليار و500 مليون يورو تنتج 4800 ميجا وات بما يعادل ضعف قدرات محطة السد العالى  دخل منها 2400 ميجا خلال المرحلة الأولى من التشغيل مما سيساعد على توفير متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والزراعية فى صعيد مصر ويدخل منها 2400 ميجا وات نهاية 2018.
المحطة تعتبر من أكبر المشاريع الاستثمارية التى تم توقيع عقدها خلال مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى مارس 2015 بجدول زمنى 5 سنوات ولكن تم اختصاره إلى 3 أعوام فقط  فى ظل حرص الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية على أن يسابق الزمن فى إطار خطة التنمية الشاملة للدولة المصرية بسواعد  العمال والمهندسين المصريين.

وتتكون المحطة من 8 توربينات غازية و4 بخارية قدرة التوربين الواحد بقدرة 400 ميجا وات وتعمل بنظام الدورة المركبة أى أن كل توربينين غاز يخدمان توربينًا بخاريًا وتعمل الغلاية على إنتاج العوادم الغازية وإدخالها للتوربينة البخارية فى درجة حرارة تتراوح ما بين400- 600 درجة سلزيوس ثم يعبر الغاز على خطوط مياه داخل ملفات يتم تحويلها إلى بخار محمص يدخل التوربينة البخارية وهى عبارة على 3 مراحل Lp،IP،HP للحصول على طاقة قدرتها 400 ميجا وات للتوربينة البخارية وبالتالى تنتج المحطة بأكملها 4800 ميجا وات بما يعادل ضعف انتاج توربينات السد العالى.
ويعمل فى المحطة 5000عامل وفنى ومهندس والعمل مقسم  لثلاث ورديات بواقع 8 ساعات وتتراوح رواتب  العمال الموسميين  وأفراد الأمن ما بين 200 إلى 300 جنيه يوميًا وتتراوح رواتب الفنيين ما بين 8 إلى15 ألف جنيه شهريًا وتصل رواتب المهندسين إلى 15 ألف جنيه شهريًا.
وحسب ما أكده لنا المهندس باسم شوقى مدير مشروع محطة كهرباء غياضة أن المحطة ستدخل الخدمة كليًا نهاية 2018 بعد انتهاء فترة التشغيل التجريبى حيث يتم حاليًا تدريب  200 عامل وفنى ومهندس على إدارتها على مدار الـ 24 ساعة مشيرًا إلى أن المرحلة الأولى شملت تشغيل 6 توربينات غاز بنظام الدورة البسيطة لمد الشبكة القومية لكهرباء مصر بـ2400 ميجا وات كمرحلة أولى وإضافة 400 ميجاوات فى 2017.
 وتابع شوقى أن تشغيل المشروع بالكامل لدعم الشبكة الكهربائية بإضافة 4800 ميجاوات منتصف 2018 وربطها بالشبكة القومية للكهرباء على جهد 500 كيلو فولت موضحا  أن عدد ساعات العمل بالمشروع وصلت إلى 20 مليون ساعة دون إصابات أو خسائر الأمر الذى وضع المشروع ضمن أفضل مشاريع العالم فى اتباع طرق السلامة.
وفى نظرة فخر وإعجاب بما تم إنجازه فى إنشاء المحطة قال مدير المشروع إن الخبراء الألمان أبدوا اندهاشهم من قدرة العامل المصري فى سرعة التنفيذ وخاصة فى مرحلة البناء الأولى حيث تمت إزالة 500 ألف متر صخور وتراب مما جعل الخبير الألمانى «ويلى مايكسنر» الرئيس التنفيذى لسيمنز لشئون الطاقة والغاز المنفذة للمحطة يقول عندما رأى العمال يحملون الصخور والتراب على أكتافهم: إنهم أقوى من الأوناش العالمية.
ووصف المهندس هانى فايد مدير المحطة  اختصار الجدول الزمنى للمشروع من 5 سنوات إلى 3 سنوات بأنه معجزة لم تكن موجودة فى مصر حيث تم تفجير الطاقات الكامنة لهذا الشعب واستغلالها فى البناء  حيث تم توصيل 500 كيلو فولت للمحطة كتغذية  وتشغيل المحولات  مشيرًا إلى أنه تم تركيب جميع المحولات الرئيسية والبالغ عددها 12 محولًا من بينها 6 محولات رئيسية و6 مساعدة بنسبة 100% بالإضافة إلى الانتهاء من تركيب 6 وحدات كل وحدة تنتج 400 ميجا وات والوحدة عبارة عن المولد والتوربينة والمدخنة والفلاتر ونظام التبريد الخاص بها كما تم الانتهاء من أعمال مياه التبريد المعالجة وكذلك أعمال مكافحة الحريق للمحطة بأكملها بنسبة 75% فضلًا عن البدء فى التركيبات الميكانيكية للمرحلة الثانية للمشروع لتتراوح بذلك  نسبة الإنجاز  ما بين 85 - 90%.
أما عم السيد إسماعيل ابراهيم  اللحام كان من أول 50 عاملًا التحقوا بالعمل فى المحطة عندما  كانت كتلة من الصخر ورأى  العمال ينحتون فى الصخر منذ ساعات اليوم الأولى وقبل طلوع الشمس.
وقال السيد: لاحظت فى أثناء العمل مدى دقة الألمان وجديتهم فى العمل فلم أر مهندسًا ألمانيًا واحدًا تأخر بعد  الساعة الثامنة صباحًا وكل واحد منهم فى مكانه فى الحر والبرد  ويظل العمل حتى الثانية بعد الظهر تتخللها فترة راحة نصف ساعة وفى الظهر متاح لنا 10دقائق لصلاة الظهر وبقدر انبهارنا بجدية الألمان بقدر انبارههم بقدرة العامل المصرى وتفانيه وكنا نتعمد أن نغنى الأغانى الوطنية خلال العمل وكانوا يشاركوننا الأغانى بترديد كلمة مصر.
ويحكى عبد الله محمد  محفوظ 32 سنة  حاصل على دبلوم المدارس الصناعية قسم تركيبات  من أهالى قرية غياضة الشرقية  أنه كان يعمل فى السياحة وبعد اندلاع مظاهرات 25يناير تراجعت السياحة الوافدة بشكل كبير وكمل عليها استهدافها بالضربات الإرهابية فوجد نفسه بدون عمل ونصحه والده بالعمل فى محطة الكهرباء الجديدة مثل الكثير من أهل القرية وبالفعل تقدم بأوراقه لإدارة المشروع وبعد قبول الأوراق أرسلوه للكشف الطبى وأجرى تحاليل وفحوصات طبية شاملة ورسم قلب فضلًا عن استخراج صحيفة جنائية «فيش وتشبيه»  وبعد ظهور نتيجة الكشف الطبى تم إلحاقه بقسم الدعم الفنى تحت إشراف مهندسين مهرة تحت التدريب لمدة 6 أشهر كان يتقاضى خلالها 100 جنيه يوميًا وبعد انتهاء فترة التدريب تم التعاقد معه بـ 5 آلاف جنيه شهريًا ويؤكد أنه يعمل وردية واحدة لمدة  8 ساعات يوميًا.
ويقول ناصر السيد أحد أبناء بنى سويف: أعمل لمدة 8 ساعات بحد أقصى فى اليوم والعمل هنا مقسم على 3 ورديات، وشاركت فى حفر مأخذ المياه من النيل وكان عملًا غاية فى الصعوبة وقمنا بالحفر فى الصخور على عمق 40 مترًا لكى تصل مياه النيل للمحطة ويضيف أغلب  العمالة هنا هى «عمالة باليومية»  ونتقاضى أجرًا 200 جنيه وأملنا أننا نستمر فى العمل فى المحطة بعد تشغيلها لأنها أصبحت جزءًا منا.
ويروى محمد أحمد صادق سائق سيارة  من ناحية سنور شرق النيل ببنى سويف تفاصيل انضامه للعمل فى المحطة بأنه تلقى اتصالًا هاتفيًا من ابن عمه  منصور محمود صادق والذى يعمل أيضًا سائقًا وعرض عليه نقل عمال المحطة بسيارته يوميًا من مركز تجمعهم وإعادتهم مرة أخرى مقابل 4 آلاف جنيه شهريًا وفى البداية لم يصدق فتوجه إلى قسم الحركة والسيارات وتم التعاقد معه ضمن خمسين سيارة أجرة تنقل العاملين يوميًا من وإلى المحطة وحاليًا مطلوب منى سيارات ملاكى لنقل المهندسين من استراحاتهم بمدينة بنى سويف شرق النيل إلى المحطة
ويرى محمود عبد العظيم  مشرف عمال من أهالى قرية جبل النور التابعة لمركز ببا والتى تبعد مسافة 4 كيلو مترات عن قرية غياضة المحطة يعمل بها أهالى قرى الشرق كلها «غياضة وجبل النور وسنور وبنى سليمان الشرقية وبنى عقبة والفقيرة وكفر ناصر » أن العمل فى المحطة قلص أعداد البطالة  وأوجد فرص عمل متنوعة «غفراء وعمال بناء وفنيين وحدادين وكل حاجة» وكل عامل بياخد من 150 جنيهًا إلى 300 جنيه يوميًا.
وكشف أحمد حسن «طبيب باطنى» بالمشروع أن المحطة بها نقطة طبية متكاملة نظرًا لخطورة الأعمال وإمكانية  حدوث إصابات للعاملين فيها بأى  شكل من الأشكال حيث يوجد 6 أطباء فى تخصصات مختلفة بواقع طبيبين فى كل وردية عمل  جاهزين للتدخل فور حدوث أى مشكلة وكذلك  ممرضات وسيارتان إسعاف وسيارتان للمطافى والغريب أنه على مدار 3 سنوات لم تقع حادثة واحدة داخل المحطة وهذا من فضل الله وستره.
أما محمود أبو البكرى الفنى بقسم الميكانيكا  فيعمل بالمشروع منذ عامين  بنظام الوردية 8 ساعات  وفى كل قسم لا تقل عن 200 عامل ومهندس وفنى وسائق ويتقاضى 200 يوميًا إضافة إلى حصوله على 3 ساعات  عمل اضافية  3 مرات أسبوعيًا بقيمة  30 جنيهًا للساعة بإجمالى 90 جنيهًا فضلًا عن العمل فى المواسم والعطلات الرسمية يتم احتساب اليوم بيومين وساعة العمل الإضافية بـ 50 جنيهًا  مؤكدًا أن العمل فى المحطة لا يتوقف صيفًا أو شتاءً ومستمر حتى فى الأعياد وفى شهر رمضان. 
ويمتدح أحمد صابر رئيس وردية بقطاع الأمن على تطبيق اشتراطات الأمن والسلامة المهنية  بالمشروع قائلًا: بخلاف إنه مشروع قومى يوفر الطاقة التى تحتاجها مصر فى جميع المجالات ساعدنى المشروع كثيرًا فى تلبية احتياجات أولادى وبيتى
وعن طبيعة عمله أضاف أن العمل بالمشروع  أسفر عن انجاز 17 مليون ساعة عمل بدون إصابات وبفضل الله وباتباع  واحترام قواعد الأمن لم يقع حادث واحد على مدار 3 سنوات لافتًا إلى أن إدارة الأمن لديها سجلات كاملة بالورديات ومن يعمل بها وساعات العمل ووقت الراحة وهؤلاء مخصص لهم البوابات  رقم «2، 3»  أما البوابة 3 مخصصة للإدارة والزائرين ولا يسمح للزائرين -أغلبهم من رجال الصحافة والإعلام والتليفزيون - بالدخول إلا بموعد مسبق  ويترك الزائر بطاقته الشخصية على البوابة ويتم تسليمه لمسؤولى السلامة بالمشروع حتى يتم تلقينه بمعلومات السلامة وتهيئته بالمهمات الإلزامية من أدوات الأمان «الخوذة والسترة والحذاء والنظارة»، وكذلك أرقام الطوارئ الخاصة بالعيادة الموجودة بالمكان ومدراء المشروع.
وتابع: العمل بالمحطة يسير ككتيبة عسكرية فى الجيش ولأنه ليس مشروعًا عاديًا ويحتمل حدوث أى طارئ فقد تم تجهيز ثلاث نقاط تجمع أمنية يعرفها كل العاملين فى المشروع وأماكنها محددة ومعلنة بدقة حتى تكون مأوى للعاملين للتجمع فى حالة حدوث أى طارئ بالمشروع.
ويبدى  محمد فهيم صالح من كفر الجزيرة الشرقية  التابعة لمركز ببا سعادته عن العمل سائقًا بالمحطة منذ سنتين وأصبح يمثل له روح التحدى لإنجاز مشروع قومى تفخر به الدولة تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى وثقت له توكيلًا للترشح لفترة رئاسية ثانية ويتطلع إلى  اليوم الذى تنطلق فيه المحطة  بكامل طاقتها فى الإنتاج لنحصد  نتائج هذا المشروع العملاق ولتعم ثماره على المصريين كلهم ويرى أن المشروع كان إضافة قوية لقرية غياضة المجاورة للمشروع والتى يحظى أغلب أبنائها بفرص عمل فى المشروع.
ويضيف محمد حسين مشرف وردية بقطاع الرصد والمتابعة بالمحطة أنه سعيد بالعمل فى المشروع الذى يعتبره مشاركة فى عمل وطنى ويقول أتقاضى 400 جنيه يوميًا نظير 8 ساعات عمل وقد لا يصدقنى أحد أننى لا أعبأ بالمقابل المادى بقدر اهتمامى بالمشاركة فهو مشروع قومى يوفر الطاقة لمصر وفرص استثمار مستقبلية فى مشروعات أخرى وهو يجد روح عمل متكافئة فيشعر بالحماسة للعمل عندما يجد المنظومة متكاملة ويرى المدراء والخبراء  يقفون فى موقع العمل قبل العمال أنفسهم لافتا إلى أن العمل الشاق لا يخلو من روح الفكاهة والروح المصرية فقد بدأوا فى تعليم الأجانب وخاصة الألمان والهنود  المشاركين فى العمل اللغة العربية  باللكنة السويفية.