الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الخضيري.. واستقالته




محمد عبدالنور روزاليوسف اليومية : 26 - 09 - 2009

قبل حلول موعد إحالته للمعاش بعد ما يقل عن تسعة أشهر.. تذكر المستشار الخضيري أنه يمكنه التقدم باستقالته من منصبه كشيخ من شيوخ القضاء ويترك الوظيفة قبل أن تتركه بوصوله إلي سن التقاعد ''المعاش'' لأن الحال ''مش عاجبه''.

وقد كان يمكنه اتخاذ هذا القرار من سنة أو اثنين أو خمس.. حين بدأ حراكاً سياسيا واسعا وانتخابات رئاسية تلتها انتخابات نيابية وتعديلات دستورية.. أتاحت الفرصة لظهور اسم المستشار الخضيري وصوره علي صفحات الصحف الخاصة.. يقول رأيا أو يكتب مقالاً.. أو يدلي بتصريح.

لم يقدم المستشار الخضيري استقالته بعد سنة أو سنتين من تعيينه عام 1963، أو حتي بعد عشر سنوات.. فالحال في هذه السنوات كان ''عجبه''.. وقت كان التدخل الحقيقي في عمل القضاء فعالاً.. جهارا نهارا.. وقت لم يكن هناك سماح بصحافة معارضة ولا صحافة خاصة ولا فضائيات تجلب الشهرة.

ووقت أن كانت مجرد الرغبة في إبداء رأي معارض وليست الدعوة إلي اعتصام أو تعليق الرايات السود كافية لتعرض صاحبها لكل أنواع البطش والتنكيل في حياته الخاصة والعامة.. والأمثلة والحالات كثيرة ولا تحتاج إلي سرد فهي معروفة لكل قاض مثلما هي معروفة لكل مواطن.

وقتما طولب بفصل النيابة العامة عن القضاء وضمها لرئاسة الجمهورية.. وضم القضاة للاتحاد الاشتراكي وجعل استمرار العضوية شرطاً لازماً لاستمرار الولاية، بحيث إذا قررت لجنة النظام إسقاط عضويته اعتبر مفصولاً من القضاء.. تشكيل المحاكم بين قاض وعضوين من عامة الشعب من أعضاء الاتحاد الاشتراكي، وتكون الأحكام بالأغلبية لضمان مساهمة الشعب في العدالة. فحال هذه السنوات كان ''عاجب'' المستشار الخضيري لذلك لم يتقدم باستقالته.

حال دفع قضاة مصر إلي إصدار بيان 28 مارس 1968 أي بعد تعيين الخضيري بخمس سنوات.. البيان الشهير وفيه دعوا إلي إزالة جميع المعوقات التي اصطنعتها أوضاع ما قبل يونيو 67 أمام حرية المواطنين.. وأن يأمن جميع المواطنين علي حرياتهم وحرماتهم.. ورفض انضمام القضاة لمختلف التنظيمات السياسية.. والمطالبة بتخصيص القضاة وتفرغهم. حال 31 أغسطس 1969 حيث أُعلِنَ قانون إصلاح القضاء في مصر، أو ما عرف فيما بعد باسم "مذبحة القضاء".. بعد أن صدرت ثلاثة قوانين حُلت بموجبها الهيئات القضائية وأعيد تشكيلها من جديد بعد إسقاط نحو 200 من أعضاء هذه الهيئات.. وتم إعفاء جميع القضاة في مصر من مناصبهم ثم أُعيدَ تعيينهم بعد أن استبعد عدد من أبرز القضاة والمستشارين وأعضاء النيابة. وعقب مذبحة القضاء رفض عدد من رجال القضاء الاستمرار في أداء مهامهم رغم عدم إبعادهم فقدم البعض استقالة صامتة. ووقتها لم يشعر المستشار الخضيري بأنه "مخنوق" وأن الحال "مش عاجبه".