الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الاقتصاد خارج حسابات الإخوان.. والركود يدمر «البورصة» و«السياحة»





تسبب انشغال جماعة الإخوان بالصراع السياسى.. والتناحر بينهم والقوى السياسية الأخرى فى انهيار تدريجى للاقتصاد المصرى دفعه للتراجع إلى أدنى مستوياته دون إعلان الحكومة إلى أى خطط عاجلة لإنقاذه، حيث وصل العجز فى ميزان المدفوعات إلى أعلى مستوياته ليصل 19٪، وانخفض الناتج القومى من 1.3 تريليون جنيه إلى 960 مليار جنيه خلال العام، كما يصل العجز فى الميزان التجارى خلال الفترة من يناير 2011 حتى ديسمبر 2012 إلى 16 مليار دولار، وتصنف مصر من أسوأ 3 دول عالميا فى مجال تنافسية العمل، وينخفض تصنيفها الائتمانى أكثر من مرة، مع ركود أهم قطاعات الدخل القومى لمصر الممثل فى السياحة وتراجع دخلها لأكثر من 60٪، وغير ذلك من الأزمات الاقتصادية وتراجع الاستثمار فى السوق المصرى.. والتى نرصدها فى هذه السطور:

رصد د. صلاح جودة، مدير مركز الدراسات الاقتصادية، الوضع الاقتصادى لمصر بعد قيام ثورة 25 يناير 2011 والتى انتهت المرحلة الأولى منها بتنحى رأس النظام السابق محمد حسنى مبارك وخلعه، وبداية مرحلة جديدة انتقالية وهى مرحلة المجلس الأعلى للقوات المسلحة وما كان بها من مظاهر قوة وضعف وصعود وهبوط وغير ذلك، وصراع للقوى السياسية على السلطة وبالأخص  جماعة الإخوان المسلمين واتضح ذلك فى مجلس الشعب المنحل، والانتقال للمرحلة الثالثة وهى مرحلة انتخاب أول رئيس جمهورية مدنى منتخب.

وأضاف أنه بعد خلع الرئيس السابق عن منصبه أعلن صندوق النقد الدولى عن نيته فى منح مصر مبلغ 5 مليارات دولار كمساعدة عاجلة عبارة عن قرض بشروط ميسرة ولمدة 10 سنوات بفائدة بسيطة وفترة سماح تبلغ 3 سنوات وهذه أكثر الشروط مرونة فى تاريخ الصندوق ولكن القائمين على مصر فى ذلك الوقت وعلى رأسهم د. عصام شرف أضاعوا استغلال هذه الفرصة بسبب البطء فى اتخاذ القرار.

وأعلنت الولايات المتحدة فى ذلك الوقت مارس 2011 أنها على استعداد لمساعدة مصر بمبلغ 4 مليارات دولار، ولكن نجد أيضًا أن القائمين على الأمر فى ذلك الوقت قد أضاعوا الفرصة مرة أخرى. وأوضح جودة.. أن مجموعة من دول الخليج (السعودية - الكويت - الإمارات - قطر) وكلا من هذه الدول وعدت مجموعة من المنح والمعونات والمساعدات ولكننا نجد أن الفرصة قد ضاعت من مصر أيضًا..

وكذلك أعلنت تركيا أنها ستقوم بإيداع مبلغ 2 مليار دولار لمساعدة مصر عبارة عن 1 مليار دولار قرض لمدة 5 سنوات بفترة سماح 3 سنوات، ولكن نجد أن كل ذلك لم يحدث وأن مصر قد أضاعت فرصًا كثيرة وذلك لقلة خبرة القائمين على الحكم وعدم وجود مجموعة اقتصادية رشيدة للاستفادة من هذه الفرص المتاحة والوقفات الاحتجاجية طوال مدة عامين والاضطراب الاقتصادى وزيادة الأسعار ومعدلات التضخم، وسط ضبابية المشهد السياسى منذ قيام الثورة وحتى الآن ديسمبر 2012، وخاصة مع وهمية برنامج «النهضة» الذى بشرنا به حزب الحرية والعدالة.

وعن تأثير التخبط السياسى والصراع الإخوانى مع القوى السياسية على الاقتصاد بشكل مباشر.. يلفت أنه أدى لتآكل الاحتياطى النقدى لينخفض من 36 مليار دولار فى يناير 2011 ليصل إلى 13 مليار دولار 30/11/2012، وزيادة الدين المحلى ليصل إلى 1.3 تريليون جنيه وهو ما يعادل نسبة 98٪ من الناتج المحلى، زيادة الدين الخارجى ليصل إلى 34 مليار دولار أى ما يعادل 215 مليار جنيه مصرى.

ويحذر جودة أن كل هذه العوامل مجتمعة وعلى رأسها ضبابية المشهد السياسى يجعل مصر فى الطريق إلى إعلان وإشهار الإفلاس خلال شهر فبراير 2013 على الأكثر، وذلك إذا لم تستطع مصر تدارك ذلك. واعتبر د.صلاح الدسوقى أستاذ الاقتصاد جامعة القاهرة، أن سبب سوء وضع الاقتصاد المصرى وعدم تعافيه هو الصراع المستميت من جانب الإخوان المسلمين على السلطة والسيطرة على كامل الساحة السياسية والرغبة فى الانفراد بالقرار، ويدلل على ذلك بالاستفتاء الأخير على الدستور وتمريره، بصرف النظر منهم عن أى خسائر اقتصادية يمكن أن تتكبدها البلاد جراء سياستهم التى تهدف إلى خدمة أفراد جماعتهم فقط.

 ويرى الدسوقى أن سياسة الإخوان المسلمين واتجاهاتهم لا تختلف عن سياسة الحزب الوطنى السابق القائم على مصلحه الشخصية لرجاله، وتعبئة جميع الموارد المتاحة فى  الدولة لخدمة مصلحهم، لافتا أنه وسط هذا الصراع الإخوانى على السلطة ينحدر الاقتصاد المصرى إلى أدنى مستوياته ليصل إلى حافة الهاوية فى حال استمرار التخبط السياسي، موضحا أن عجز الموازنة العامة للدولة يعد من أحد المؤشرات الاقتصادية التى تدلل على عدم وجود سياسة اقتصادية واضحة للدولة، حيث اتسعت الفجوة بين إيرادات ومصروفات الدولة بشكل ملحوظ وأدى إلى زيادة عجز الموازنة لتصل إلى ما يقارب 140 مليار جنيه مصرى فى العام المالى 2011/2012، وبالنظر إلى إيرادات الموازنة فقد توقفت عندما يقارب 360 مليار جنيه مصري، بينما زادت مصروفات الموازنة إلى ما يقارب 500 مليار جنيه مصرى فى العام المالى 2011/2012 وهذا العجز يعتبر الأكبر فى تاريخ الاقتصاد فى السنوات القليلة الماضية من حيث اجمالى حجم العجز.

 ويرى الدسوقى أن أبرز القطاعات الاقتصادية التى تأثرت بشكل غير مسبوق السياحة، بعد أن كان دخل هذا القطاع نحو 13٪ من الدخل القومى وما يقرب من 15٪ من مصادر العملة الأجنبية، أصبحت تعانى الركود ليتراجع أكثر من 60٪ من دخلها، وتخرج مصر من خارطة السياحة العالمية وتلغى معظم شركات السياحة العالمية أغلب رحلاتها السياحية لمصر حتى عام 2014 وتحذر الدول  الأجنبية رعاياها من السفر إلى مصر لعدم استقرار أوضاعها الأمنية، ويندهش  الدسوقى قائلا: «ورغم تدهور وشبه توقف قطاع السياحة وتسريح آلاف العمالة من أغلب شركات هذا القطاع، لم تلق حكومة الإخوان أى بال عن انهيار هذا القطاع الحيوي».
 ويدلل الدسوقى على تفاقم الأزمات الاقتصادية بزيادة معدلات البطالة فى مصر لتصل فى أحسن حالاتها إلى 5 ملايين فرصة عمل غير موجودة، لافتا أن هذا يحدث فى الوقت الذى تهرب جميع الاستثمارات من مصر، ويتحفظ مجتمع الأعمال الدولى فى تعاملاته مع السوق المصرى فى جميع المجالات نتيجة عدم الاستقرار الأمنى والسياسي.

 وقال وائل النحاس محلل مالى إنه وسط هذه الأحداث المضطربة داخل كل مضارب بالبورصة سؤال يريد توجيه لصناعى القرار، وهو كم تبقى من أموالى قبل وبعد الثورة قل أو بعد وجود رئيس للدولة قبل، أو بعد وجود مؤسسات برلمانية أو دستور؟

 وأضاف النحاس أن البورصة المصرية تحسن أداؤها من يناير إلى مارس 2012 بعد أن فقدت قرابة 200 مليار جنيه من رأس المال السوقى حتى نهاية العام الماضي، ولكن سرعان ما تم تعويضه بقرابة 80 مليار جنيه، ويرجع السبب هو إعلان المصالحة مع رجال أعمال النظام السابق وذهاب الضغط النفسى والهاجس لدى العديد من المستثمرين بتأميم الشركات أو المصادرة مما دعا هذه الشركات لقيادة ارتفاع السوق، واكمل تقسيم أوراسكوم تليكوم إلى شركتين الفرصة لإعادة إحجام قيم التداول مرة أخرى لمنطقة 300 مليون، بعد أن وصلت فى وقت من الأوقات لمنطقة 90 مليون جنيه وكانت الارتفاعات بقيادة قطاع الحديد والإسكان والعقارات والتنمية السياحية والاتصالات.

 ويستطرد وبدء العد التنازلى مرة أخرى من منتصف مارس وحتى منتصف يونيو نتيجة أحكام قضائية وغرامات وأحكام على رجال أعمال ومسئولين النظام السابق وتوتر الشارع والاشتباكات السياسية، مما أدى لتدهور مؤشرات البورصة لأدنى نقطة فى تاريخها وجميع القطاعات فى أدنى أسعارها التاريخية وهروب ما تبقى من أموال عربية وأجنبية بالبورصة، ولكن سرعان ما تبدل الحال وبدى بارقة الارتفاعات تعود مرة أخرى مع بداية الإعلان عن رئيس للبلاد واستمرت الارتفاعات فى المؤشر حتى 6 أكتوبر 2012.

 ويكمل وارتفعت قيم التداول بالبورصة لتصل قرابة المليار والنصف المليار، ولكن سرعان ما تبدد كل هذا بعد تصريحات  الرئيس فى الاستاد وعودة الهلع مرة أخرى للسوق وقاد الانهيارات منذ ذلك الوقت «اوراسكوم للإنشاء» و«حديد عز» و«طلعت مصطفى» ثم عادت التوترات السياسية مرة أخرى حتى الإعلان الدستورى ثم الاستفتاء على الدستور مما كبد السوق بخسارة فادحة، وسرعان ما بدى الارتفاعات تعود للبورصة مرة ولكن هذه المرة وهمية أى ارتفاعات سياسية قامت بالأسهم القيادية والتى قلصت قرابة آلاف نقطة من ألف وخمسمائة وبنفس أسهم المعارضين الحاليين ورجال نظام مبارك، ويعبر النحاس عن استغرابه من الصناديق، والأفراد المصريين الذين يقومون بعمليات بيع بالبورصة، والعرب والأجانب مشترون ويتساءل من هم هؤلاء المشترون ولماذا وما يعرفونه ولا يعرفه المصريون؟

 ويشير النحاس إلى أنه لاحظ وجود تصرفات غريبة من المضاربين المنتمين للإسلاميين داخل البورصة وهو تحديد العمليات التى يقومون بها سواء بالبيع أو شراء قبل أى قرار يعلنه مرسى بشكل مدروس وكأنهم يعلمون القرار الذى سيصدره رئيس الجمهورية.  وقال النحاس إنه تمنى من الحكومة أن تشجع الاستثمار وتهيئ المناخ له، وتحسن بيئة عمل أسواق المال فى مصر وعلى مستوى البورصة على سبيل المثال تعطى مزايا ضريبية للشركات المدرجة وتشديد العقوبات على المتلاعبين، وأن تنوع الأوعية الاستثمارية داخل البورصة، من حيث التداول على  الأسهم والسندات وثائق المؤشر ووثائق صناديق الدهب والإسكان والنفط لتنوع مخاطر المستثمر والحفاظ على قيم التداول بدلا من تخارج البعض.  أما على مستوى سوق الذهب المصرى فيصف د.بهجت كمال، عضو مجلس إدارة شعبة الذهب باتحاد الصناعات، أنه شبه متوقف ولم يشهد أى نوع من التعافى منذ قيام الثورة حتى الآن، لافتا إلى أن هذا الوضع أدى إلى تسريح أغلب  الورش للعاملين بها.