الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«بنى مزار العام» بلا أطباء «فى عز الضهر»

«بنى مزار العام» بلا أطباء «فى عز الضهر»
«بنى مزار العام» بلا أطباء «فى عز الضهر»




فى لحظات اغتال مستشفى «بنى مزار العام» السيدة «رجوات» التى تحولت إلى ضحية، ليس بسبب الإهمال أو الفساد الذى أصبح علامة مميزة لقطاع الصحة فى محافظة المنيا، لكن لأن إدارة المستشفى التى تواجه تهمة القتل مع سبق الإصرار والترصد لا تعرف شيئاً عن الرحمة ولم تسمع أبدا عن الضمير.
فى صباح يوم الخميس الماضى اصطحبت السيدة رجوات عبدالجيد عبدالغنى، البالغة من العمر 58 عاماً، إحدى أقاربها لإجراء جلسة غسيل كلوى فى «بنى مزار العام»، وبعد دخولهما المستشفى فى تمام العاشرة صباحاً وبسبب تحركها بين جميع مبانى المستشفى للسؤال عن موعد ومكان إجراء عملية الغسيل الكلوى لقريبتها، بدأت «رجوات» تشعر بحالة من الإجهاد والإرهاق وسرعان ما يتحول الموضوع إلى حالة إغماء بعد هبوط حاد فى الدورة الدموية.


وتحولت المريضة التى اصطحبت قريبتها لعمل جلسة الغسيل الكلوى ولا تستطيع التحرك بشكل طبيعى إلى مسعف طبى للسيدة «رجوات» التى التف جميع أهالى ومرضى المستشفى حولها فى محاولة لإنقاذها، وبعد جولة طويلة وصل الأهالى حاملين الضحية إلى قسم الرعاية المركزة ليرد عليهم أحد الممرضين بأن القسم مغلق من قبل إدارة المستشفى ولا يوجد أطباء أو ممرضين خاصين بالقسم، وطالبوهم بالتحرك بالحالة إلى قسم الباطنة.
وبعد جولة طويلة من المفاوضات والتحركات والأهالى يحملون «رجوات» وصلوا إلى قسم الباطنة، لكن العاملين بالقسم رفضوا استقبال الحالة بدعوى عدم وجود أطباء، وبينما كانت الساعة تقترب من الحادية عشرة اصطحب الأهالى المجنى عليها إلى قسم الطوارئ ليجدوا نائب مدير المستشفى أمامهم، الذى طلب منهم وضع الحالة وتركها حتى وصول أطباء الطوارئ، لكن خلال لحظات كانت «رجوات» قد لفظت أنفاسها الأخيرة وفارقت الحياة.
دقائق وانقلب المستشفى رأساً على عقب وامتلأ بالأهالى والتف المرضى حول جثة «رجوات»، إلى أن حضرت إدارة المستشفى ونائب المدير، الذين رفضوا وبشكل قاطع تسجيل الحالة على قوائم «بنى مزار العام» رغم وجودها لأكثر من 3 ساعات داخل المستشفى.
إدارة المستشفى التزمت الصمت، لكنها طالبت أفراد الأمن بسرعة إخراج الجثة دون تسجيل أى بيانات خاصة بها سواء فى قوائم المرضى أو المتوفين بثلاجة الموتى داخل المستشفى، ولم تكتف الإدارة بذلك، بل تركت موقع الجريمة بسرعة وهددت الأهالى بتحرير محاضر حال حدوث أى اعتداء أو رد فعل على إهمال الأطباء والإدارة، الذين لا يعرفون معنى الرحمة ويتعاملون مع المرضى على أنهم حيوانات أو فئران تجارب ليس لهم أي حقوق.
أكثر من ساعتين والجثة ملقاة فى أحد ممرات المستشفى إلى أن ظهر الدكتور أسامة الجمل، مدير مستشفى بنى مزار العام، الذى هدد الجميع سواء المرضى أو أهالى الضحية وطالبهم بسرعة الخروج بالجثة من المستشفى وإلا سيتم تحرير محاضر شرطة ضد جميع المتواجدين بـ»محيط الجريمة».
شاهد عيان على الواقعة يدعى محمد إبراهيم، 30 عاماً، مقيم بعزبة الريدى التابعة لمركز بنى مزار، وكان بصحبة حالة نقل دم فى المستشفى، يقول: عندما شاهدنا الحالة وهى تسقط على الأرض تحرك الشباب المرافقين لجميع الحالات، واتجهنا إلى جميع الأقسام نبحث عن أى طبيب، لكن للأسف لم نجد أى طبيب أو مسعف أو حتى ممرض يساعد فى إنقاذ «رجوات».
ويتابع: لكن أحد الممرضين طلب حمل الحالة إلى قسم الباطنة، بدعوى أن قسم العناية المركزة مغلق ولا يعرف أحد من العاملين بالمستشفى أين مفتاح بابه، وبالفعل حملنا الحالة على أكتافنا واتجهنا إلى قسم الباطنة، لكن فوجئنا بعدم وجود أحد من الأطباء فى القسم.
وأضاف إبراهيم: الأغرب من ذلك أنه رغم الارتباك الذى أصاب المستشفى بعد وفاة السيدة «رجوات»، لكن الدكتور أسامة الجمل، مدير المستشفى، كان موجوداً داخل مكتبه ولم يكلف نفسه الخروج للاطمئنان على حال المستشفى الذى انقلب فى لحظات رأسا على عقب.
ويقول محمد فكري، أحد أهالى الضحية: إن «رجوات» ضحية إهمال إدارة «بنى مزار عام» التى رفضت التحرك أو حتى فحص الحالة بسبب عدم وجود أى أطباء من الساعة العاشرة صباحاً وحتى الواحدة ظهراً، لافتا إلى أن الممرضين كانوا على علم بأنها توفيت، لكنهم رفضوا إبلاغنا وتركونا نحملها ونتحرك بها بين جميع المبانى لمدة تتجاوز الساعة ونصف الساعة، وفى النهاية طلبوا منا وضع الحالة فى أحد الممرات لحين وصول أى طبيب.
وأضاف: ومع حالة الهياج التى انتشرت فى «بنى مزار العام»، تدخل أحد الممرضين وأبلغنا بأن الحالة توفيت والإدارة لن تقدم أى شيء، مؤكدا أن مدير المستشفى هددنا بتحرير محاضر للجميع حينما لجأنا إليه، وطالبنا بحمل الجثة وإخراجها، رافضاً تسجيلها على أى قائمة أو فى أى ورقة داخل المستشفى.