السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أشادوا بنزاهة القضاء فى انتخابات الرئاسة..وانقلبوا عليه بحجة التطهير





رغم مواقف القضاء النزيهة مع الاخوان المسلمين خلال عهد الرئيس المخلوع، فلم يعهد من القضاء المصرى تجاوزا تجاه الإخوان أو تورطاً فى محاولات النظام للتنكيل بهم وكان البديل هو المحاكم العسكرية.
 


وبعد حدوث الثورة شارك القضاء فى إنهاء المرحلة الانتقالية فأشرف على الانتخابات البرلمانية الاولى وكذلك الرئاسية وشهد الاخوان بنزاهتهما، ولكن بدأ الصراع بين الاخوان المسلمين ومؤسسة القضاء حينما تم رفع دعاوى طالبت بحل مجلس الشعب لعدم دستورية انتخاباته وبالفعل تم حل الشعب ليبدأ الاخوان صراعا خفيا مع مؤسسة القضاء لم يعلن عنه إلا بعد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية التى فاز بها الرئيس محمد مرسى، فقد أعقبت هذا بداية المناوشات بين مؤسسة الرئاسة التى يمثلها أبرز الشخصيات الاخوانية ومؤسسة القضاء حينما أعلن الرئيس فى أول خطاباته عن سعيه لإعادة مجلس الشعب ضاربا عرض الحائط بالسلطة القضائية، وتلا ذلك قراراً تعيين النائب العام مندوبا لدى الفاتيكان وكان قراراً يهدف الاطاحة بالنائب عبدالمجيد محمود وعقبه الاعلانات الدستورية التى تحصن قرارات الرئيس وبتعيين نائب عام جديد ثم محاصرة المحاكم من اجل عدم الحكم فى دعاوى حل الشورى واللجنة التأسيسية.
 



 بتعدد تلك الوقائع أصبح الصراع علناً حيث يرى القضاة أن الاخوان المسلمين والرئيس يريدون إقصاء السلطة القضائية للهيمنة على حكم مصر، ويرى الإخوان المسلمون أن القضاء يتدخل فيما لا يعنيه وانه بحاجة لتطهير وإقصاء لبعض رجال النظام السابق وأن هناك نية للقضاء على مؤسسة الدولة المنتخبة من أجل إسقاط الرئيس وحول طبيعة الصراع الدائر بين الاخوان المسلمين من جهة والقضاء المصرى من جهة أخرى خلال أولى سنوات حكم الإخوان بداية من وصولهم لمجلس الشعب بالاغلبية ووصولا لكرسى الرئاسة نحاول رصد تلك الصراعات وتأثيرها وآلية إنهائها.
 


يتحدث المستشار امير رمزى عن بداية الصراع بين السلطة القضائية والاخوان المسلمين قائلاً: «لقد كانت العلاقة بينهما قبل الثورة ومع بداية الثورة جيدة للغاية وظهرت نزاهة القضاء فى محاكمات رجال النظام السابق  وكان مظهرا ً حضاريا ومع بداية رفع الدعاوى المطالبة بحل مجلس الشعب وإصدار القضاء للحكم بحل الشعب لعدم دستورية قانون الانتخابات، ظهر عداء الاخوان المسلمين صريحاً تجاه القضاء واعترضوا على الحكم وتبادلوا الاتهامات بالمطالبة بتطهير القضاء وان هناك رجالا من النظام السابق يتحكمون فى إصدار الاحكام وان القضاء  أصبح مسيسا، وتحمل القضاء المصرى كل تلك الاتهامات رغم ظهور الوجه الحقيقى للإخوان المسلمين واستكمل مسيرته بالاشراف على استفتاء 19 مارس الذى شهد الاخوان بنزاهته وكذلك الاشراف على الانتخابات الرئاسية واعلان فوز الرئيس محمد مرسى ولو كان القضاء مسيسا ً لكان الاقرب هو فوزالفريق شفيق».
 


ويكمل للأسف بعد وصول الاخوان للرئاسة تزايدت حدة الصراع والرغبة فى القضاء على استقلال القضاء وعدم احترام هيبته فقد تردد الرئيس كثيراً فى حلف اليمين أمام المحكمة الدستورية واعترض كثير من مؤيديه وتفوهوا بألفاظ وعبارات حادة فى اهانة صريحة للقضاء المصرى وعقب ذلك سلسلة كبيرة من انتهاكات الرئيس ضد القضاء بداية من إعلانه عودة العمل بمجلس الشعب ثم تراجعه وتعيينه النائب العام مندوباً لدى بابا الفاتيكان ثم تراجعه بعد ثورة القضاة ضده وعقب ذلك قرارات الافراج عن مجموعات من الاسلاميين المتورطين فى قضايا إرهاب دون الرجوع للقضاء المصرى، ثم المصيبة الكبرى فى الاعلان الدستورى الذى أصدره لتحصين قراراته وتعيين نائب عام جديد وتحصين اللجنة التأسيسية ومجلس الشورى من الحل حتى لو حكمت المحكمة الدستورية بذلك وهذا  الإعلان يعد أكبر انتهاكا لسلطة القضاء المصرى وبداية الثورة الحقيقة للقضاء واعتراض الهيئات القضائية بمصر وأبرزها نادى القضاء وأعضاء النيابات الذين اعتصموا مطالبين برحيل النائب العام الجديد وما كان من الرئيس إلا أن التف حول الإعلان الدستورى ولغى تحصين القرارات ولكن أبقى نتائج الاعلان الدستورى ومن ثم ظل عمل النائب العام وتحصين اللجنة التأسيسية رغم خروج القوى المدنية وممثلى القضاء والكنيسة منها وكذلك تحصين الشورى.
 


ويعلق «رمزى» أن نتيجة كل تلك الأحداث بالاضافة لسعى اللجنة التأسيسية لانتهاك سلطات القضاء بالدستور الذى تم تمرير، وقيام بعض ميليشيات أبو إسماعيل بمحاصر المحكمة الدستورية لمنعها من أداء أعمالها، أدى ذلك لزيادة حدة الصراع، وفى المقابل لم يكن هناك تأييد لسياسيات الرئيس والاخوان داخل مؤسسة القضاء  سوى من قبل حركة «قضاة من أجل مصر «وهم قلة، وزاد الموقف سوءاً حينما اعترض الكثير من القضاة على الاشراف على الاستفتاء والدستور وهو ما أدى لحدوث انتهاكات واضحة وسلبيات عديدة وكان الأولى بمؤسسة الرئاسة تأجيل الاستفتاء والتراجع عن الإعلانات غير الدستورية أولا والتفاوض الجاد مع مؤسسة الرئاسة.
 

ويعلق المستشار عبدالله فتحى، عضو نادى القضاة، أن تلك الاعتداءات المتوالية الصارخة بداية من الاعتراض على أحكام القضاء بحل مجلس الشعب ووصولا ً بإقالة النائب العام وتعيين نائباً من قبل الرئيس دون الرضوخ لطلبات القضاة توضح مدى سعى الاخوان المسلمين ومؤسسة الرئاسة للقضاء على سلطة القضاء بمصر من اجل تسهيل مهمة الاستحواذ على السلطة، والقضاة لم يرحبوا يوماً بهذا الصراع الذى لم تشهده مصر من قبل وكل ما يريده  القضاة هو الاستقلال من اجل ضمان حقوق وحريات الشعب، ولعل العنف الذى يمارسه الاخوان وكان آخره الاعتداء البدنى على المستشار الزند يوضح مدى العنف المستخدم تجاه القضاة من قبل أفراد تابعين لهم، هذا بالاضافة للتجاوزات اللفظية تجاة القامات القضائية كالمستشارة تهانى الجبالى وغيرها.
 


ويؤكد «عبدالله» انه لن يتمكن الاخوان من السيطرة على القضاء وسيصمد القضاة فى هذا الصراع حفاظا على البلاد ومنعا لاحتكار سلطة بعينها لكافة السلطات.
 


ويعلق ناصر أمين، مدير مركز استقلال القضاء، أن تلك الانتهاكات على مدار العام الأول لحككم الإخوان لم تحدث على مدار ثلاثين عاماً لحكم مبارك وهو ما يثير مخاوف من رغبة المشروع الاخوانى فى أخونة سلطات الدولة الإعلامية والقضائية والتشريعية وقد نجح فى السيطرة على مجلسى الشعب والشورى وارهاب الإعلام بمحاصرة مدينة الإنتاج الإعلامى ولم يتبق أمامه سوى القضاء المصرى ولا يمكن أن نسمح بحوار مع الرئاسة وهى المحرك الرئيسى لكل تلك الانتهاكات فقد كان على الرئيس الموافقة على ضمانات الحوار وهى إلغاء الإعلان الدستورى كاملا ً وتأجيل الاستفتاء ولكن رغبتهم فى تمرير دستورهم جعلتهم يضربون عرض الحائط بالديمقراطية.
 

ويقول جمال حنفى، عضو حزب الحرية والعدالة، للاسف هناك العديد من الأمور بمؤسسة القضاء المصرى لابد من مراجعتها فالمؤسسة بحاجة لتطهير فقد تم التعيين بها بالواسطة والمحسوبية والمجاملات والرشاوى وما يحدث من قبل بعض قيادتها إنما هو تسييس للقضايا وتعمد مباشر لإسقاط الرئيس بحل مؤسسات الدولة المنتخبة، ولكن الرئيس كان مضطراً من أجل حماية مؤسساتها باتخاذ تلك القرارات فقد كانت النية مبيتة لحل التأسيسية والشورى من أجل فشل مشروع الرئيس والبدء فى بناء الدولة الحديثة، وبالتالى الأمر ليس صراعا ً أو رغبة فى الإقصاء للسلطة القضائية وهيمنة لمؤسسة الرئاسة بقدر ما هو سعى لاستقرار البلاد، وسنسعى لتقديم مشروع السلطة القضائية مع بداية عمل مجلس الشورى من أجل تطهير القضاء، وبالنسبة للحديث عن انتهاك الرئيس لعمل المحكمة الدستورية، فهى التى تدخلت فيما لا يعنيها بقرار الحل، وكذلك تعيين النائب العام الجديد فقد كان مطلبا شعبيا فلا يمكن أن تقوم الثورة ويظل نائب «مبارك» الذى أضاع حق الشهدا وأموال الشعب فى منصبه بدعوى القوانين، ولهذا أرى أن هذا الصراع سينتهى بعد العمل بالدستور والتزام الفضائيات بالحيادية والبعد عن تزييف الحقائق.
 


ويرى دكتور يونس مخيون، عضو حزب النور، أن عام 2012، قد شهد أحداثا سيئة فيما يتعلق بصراع السلطة القضائية والتنفيذية والتشريعية، ولابد من التاكيد أن القضاء المصرى نزيه وشريف ولكن هناك بعض مساوئ نظام مبارك ما زالت تسيطر عليه  وللأسف المحكمة الدستورية قد أصبحت أشبه بالحزب السياسى  وفقدت مصداقيتها فكيف لمجلس شعب شارك 35 مليونا فى الإدلاء بأصواتهميتم حله، ويكون هناك نية مبيتة بحل الشورى والتأسيسية، وللأسف كل تلك الأمور وراءها «الزند» وأقاربه ومحاسيبه بالقضاء وللأسف الشعب قال كلمته فى استفتاء الدستور رغم اعتراض القضاء ومن ثم عليهم الرضوح لسلطة الشعب.