الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«سمها ما شئت» و«أراجيح الحب».. ثورة فى مسرح الجسد بالمهرجان الدولى للمونودراما

«سمها ما شئت» و«أراجيح الحب».. ثورة  فى مسرح الجسد بالمهرجان الدولى للمونودراما
«سمها ما شئت» و«أراجيح الحب».. ثورة فى مسرح الجسد بالمهرجان الدولى للمونودراما




وسط  حشد فنى وإعلامى ضخم افتتحت الدورة الثانية من فعاليات مهرجان الفجيرة الدولى للفنون والمونودراما تحت عنوان الفجيرة تجمعنا ، احيا حفل الافتتاح عدد من نجوم الغناء منهم أنغام ، حسين الجسمى ، لطفى بوشناق ، وقدم الحفل اكثر من لوحة فنية راقصة وذلك بمشاركة 40 راقصا وراقصة من فرقة سمة قدموا عرضا لأوبريت انقسم إلى اكثر من فقرة فنية منها الوطن والسلام، عام زايد، شهداء الوطن، تحية إلى الإتحاد، الحاكم الحكيم ، حب ووفاء ، حلم زايد سيناريو وسينوغرافيا وإخراج ماهر صليبى ، وتنوعت رقصات الأوبريت عارضة للثقافات والجنسيات المتعددة التى تحتضنها دولة الإمارات مثل رقص الفلكلور الهندى والفلبينى والأفريقى، كما حرص على حضور افتتاح المهرجان عدد من الفنانين المصريين والنجوم العرب مثل الفنانة لبلبة، داليا البحيرى، هانى رمزى، إلهام شاهين، أحمد رزق، الدكتور أشرف زكى، روجينا، نشوى مصطفى، أحمد السعدنى، سوزان نجم الدين، ايمن زيدان، اسعد فضة، الفنانة الأردنية عبير عيسى، رفيق على من بيروت، والدكتور حاتم دربال رئيس أيام قرطاج المسرحية.
فعاليات المونودراما
بدأت فعاليات مهرجان مسرح المونودراما فى اليوم التالى للافتتاح مباشرة بالعرض المسرحى المصرى سيلفى مع الموت تأليف وتمثيل نشوى مصطفى وإخراج محمد علام والتابع للمسرح الكوميدى استقبل الجمهور العرض وبطلته بحفاوة شديدة وكانت بداية موفقة لفعاليات المهرجان حيث تناول الصراع النفسى الذى يصيب الإنسان أثناء مواجهته للموت وتظل نشوى مصطفى فى جدال مع فلسفة الموت والحياة حتى نكتشف فى نهاية العمل أننا كنا نستمع إلى شخصية متوفاة تتحدث مع رفاقئها بالعالم الآخر.
سمها ما شئت !
ازداد المهرجان قوة وتوهجا فى يومه الثالث بمشاركة العرض التونسى سمها ما شئت للمخرج وليد الدغسنى وبطولة أمانى بلعج، ترك وليد الحضور حائرين فى تسمية عمله كما يشاءون فعليك أن تفهم وتستوعب وتسمى عملى كما تشاء هكذا طرح وليد ومعه بطلة العمل فكره على الجمهور من خلال معاناة سيدة هجرها حبييها فى وقت تعيش فيه البلاد اضطرابات تؤدى بهدم وحرق مدرسة الرقص التى تعمل بها على يد مجموعة من التكفيرين وبعد أن يرفض التأمين تعويضها تجد نفسها مهددة بالسجن أو بتسليم منزلها كرهن للبنك فتزداد نقمتها وعزلتها وتسترجع تاريخا حافلا بالخيانات والتواطؤ، انطلقت أمانى بلعج فى هذا العمل معلنة عن بداية صعود نجمة مسرحية، فبهذا العرض كتبت شهادة ميلادها كشخصية لها حضورها القوى على خشبة المسرح، فمن المعروف أن فن المونودراما من اصعب الفنون المسرحية، ففيه يعتمد الممثل على موهبته بشكل مطلق  وعليه أن يقوم بأداء عمله وحيدا، كما عليه عبء القيام بالشخصيات المتخيلة التى يحدثها فى ذهنه أثناء العرض فعليه أن يتقن الغياب والحضور على اكمل وجه، من هنا تكمن صعوبة هذا الفن، ثم الأصعب هو ادماج الجمهور معه وتداخله فى هذه الحالة حتى لا يغيب بتركيزه عن الممثل ولو لحظة واحدة، وفى هذا العرض اتقنت أمانى بلعج كل هذا وزيادة حيث استطاعت بمهارة كبيرة خطف أنظار الجمهور إليها ومعايشته معها فى كل لفتة وحركة ولحظة وإيماءة لم يغب عنها ولم تشرد عنه على مدار ساعة كاملة، اتقان تمثيلى وتعبير حركى واستغلال مغاير وجديد لمسرح الجسد الذى نراه عادة فى هذا النوع من القضايا بشكل متكرر وبمفردات حركية واحدة لا يتجاوزها المخرجون، بينما فى سمها ما شئت استخدم الدغسنى مفردات حركية جديدة ومغايرة لكل ما هو مألوف ومعتاد بعالم مسرح الجسد فى حكى وبوح هذه الشخصية بمعاناتها الإنسانية والنفسية ونقمتها على الواقع الذى تعيشه وتبادلها لأدوار الشخصيات التى تسببت فى إيذائها بإنتقال متقن ومحكم من كل شخصية لأخرى بالإضافة إلى سرد الوقائع والظروف التى يتعرض لها عادة من يقع عليه ظلم المجتمع مثل مشهد بيع النساء الذى اتقنت تمثيله بجدارة، فكانت تتبدل أمانى منتقلة من شخصية لأخرى بسرعة فائقة فى كل وقت وحين لترينا فيض غزير يشع بالموهبة والألم، فما بين التناقض ومشاعر الغبن والندم عايشت أمانى كل مراحل صعود وهبوط هذه الشخصية بفرحتها وحزنها واستطاعت بمهارة عالية إضفاء حالة من الدهشة الممزوجة بالإعجاب والحب على الجمهور، فخرج الجميع من القاعة مهنئا لها على هذا الأداء المسرحى المتقن كما كان للمخرج حضور بالغ فى كل لفتة تشعر به وكأنه مايسترو وقف خلفها فى الخفاء يوجهها ويوجه قاعة المسرح كما يشاء..!
النمرة غلط
بعد أن تشبع جمهور المهرجان بهذه الوجبة المسرحية الدسمة فى العرض التونسى سمها ما شئت بالطبع كان ينتظر أن تكون عروض المهرجان على نفس المستوى من تحقيق المتعة والدهشة لكن بدأت تتأرجح الأمال وتقل الطموحات خاصة بعد مشاهدة العرض الكويتى النمرة غلط إخراج وتمثيل ناصر كرمانى، والإعداد الدرامى لخلف العنزى يتناول العرض قصة رجل يواجه وحدته بعد أن فقد زوجته التى احبها كثيرا فيحتفل سنويا من خلال احياء طقوس لقاء النظرة الأولى التى اشعلت شرارة الحب بينهما ويستعيد جانبا من حياتهما معا ومن تدخل والدتها فى حياتهم لإفسادها، ربما ساهمت سينوغرافيا العمل فى معايشة احداث العرض اكثر من العرض نفسه بمعنى آخر جاء الديكور والإضاءة موحيان عن معنى الوحدة والألم التى يعيشها هذا الرجل فهو داخل منزل مهجور غطى أساسه بالكامل وأظلمت الإضاءة بداخله، وبالتالى كانت أجواء العرض اشد عمقا واثرا على الجمهور من التمثيل والحكى السردى المبالغ فيه فكأنه جلس فى برنامج ويتحدث عن ذكرياته مع حبيبته، إفتقد العرض عنصرى التمثيل والقدرة على تحقيق المتعة بالحكى فوقع فى فخ الملل والتحدث الثابت على وتيرة واحدة.
أراجيح الحب
ساهمت أيضا سينوغرافيا عرض أراجيح الحب فى معايشة الجمهور بأجواء المسرحية وإن كان للتعبير الحركى والتشكيلات التى قدمتها ممثلة العرض أثرا أكبر فى الإيحاء والمعايشة، أراجيح الحب مجموعة من المقتطفات لجمل تبدو شعرية أو ادبية تلقيها علينا بطلة العرض متحدثة عن الحب وآلامه، كتب المخرج محمد سفير فى توصيف العرض دعنا نخبرك عن آخر امرأة فى العالم مع اراجيحها إنها تقوم بآخر عمل لها أمامكم استمعوا إليها فقط، سوف تخبركم بأشياء كثيرة، حاولوا أن تفهموا ما الذى تريد ايصاله ربما لن تلتقوها مرة أخرى فبعد كل شيء لن يبقى سوى اراجيح حمراء وزرقاء وسوداء وقرمزية وبيضاء، إنها امامكم مجرد لحظات قبل أن تغادر بعد ذلك سوف تبدأ اراجيح الحب بالتأرجح» ومن خلال هذا التأرجح قدم المخرج مجموعة من التشكيلات بالستائر الحمراء مع المراجيح الخمسة التى علقت بشكل دائرى فى سقف خشبة المسرح والتى تأرجحت عليها الممثلة بأكثر من شكل وموضع وقدمت أداء حركيا شديد الإتقان والتميز وإن كان اعتماد العمل على هذا التشكيل والأداء دون أن تتخلله هذه العبارات والجمل الحوارية المتقطعة ابلغ فى التعبير والمعايشة من المحاكاة بالكلام العرض تابع لدولة سريلانكا ايطاليا، تأليف مانيولا ويديواردانا، أداء جوليا فيليبو.
فعاليات موازية
لم تقتصر فعاليات المهرجان على عروض مسرح المونودراما بل قدمت ضمن فعالياته عددا من الحفلات الموسيقية المتشعبة والمتعددة منها حفل للأخوين شحادة فلسطين لبنان، نصير شمة العراق، لطفى بوشناق تونس، فرقة تليفزيون الكويت، حميد العبدولى الإمارات، فرقة تيكبيز الفلبينية، فرقة العبية الشعبية السعودية، فرقة عقد الجلاد، مؤسسة دومانلى، فرقة تشاو شان، فرقة جانغى للرقص الشعبى اذربيجان، فرقة محمد بن فارس الموسيقية البحرين، محمد عساف فلسطين، هزاع الرئيسى الإمارات، عمرو حسن مصر، اوركسترا مارى سوريا، فرقة جاكو للرقص كازاخستان، باريكاموتيون ارمينيا، فايز السعيد الإمارات، فيصل الجاسم الإمارات، بجانب عدد من عروض الأطفال الإستعراضية المتنوعة إلى جانب معارض للفنون التراثية، صاحبت فعاليات المهرجان لقاءات فكرية وندوات بحثية كانت بعنوان الأنساق البصرية والأدائية المؤسسة لبنية العرض المسرحى فى المونودراما وعلى غير المعتاد اهتم المتحدثون بالحوار والنقاش مع الجمهور اكثر من قراءة ورقات بحثية وشهدت الندوة حالة من التفاعل بفضل جهود باحثيها فى التبسيط والتوضيح فى ايصال المعلومات وفتح حوار مع الحاضرين شارك فى الندوة مهندس الديكور حازم شبل، الدكتور سعد يوسف عبيد باحث مسرحى سودانى، والدكتور قاسم حسن محمد بياتلى مخرج وباحث مسرحى بجانب ورشة السينوغرافيا تحت اشراف مهندسة ومصممة الديكور اللبنانية شادية زيتون، توزعت فعاليات المهرجان بمسرح الفجيرة ومسرح الفجيرة للمونودراما، ودبا الفجيرة.