الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

والدة الشهيد محمد أحمد عبده تفتح قلبها لـ« روزاليوسف» : «ابنى البطل».. فجّر 20 سيارة للإرهابيين

والدة الشهيد محمد أحمد عبده تفتح قلبها لـ« روزاليوسف» : «ابنى البطل».. فجّر 20 سيارة للإرهابيين
والدة الشهيد محمد أحمد عبده تفتح قلبها لـ« روزاليوسف» : «ابنى البطل».. فجّر 20 سيارة للإرهابيين




حوار - سلوى عثمان

«مصر ستظل شامخة بفضل جنودها البواسل» بتلك الكلمات لخصت أمل محمد المغربى والدة الشهيد نقيب محمد أحمد عبده ، مدى إيمانها على أن مصر باقية رغم كل قوى الشر التى تحيك لها المكائد، مؤكدة فى حوارها مع «روزاليوسف» أن ابنها دافع عن أرض الوطن لآخر نفس، فرغم إصابته فى ذراعه، إلا أنه أصر على مقاتلة العدو وجها لوجه، قائلة «ابنى كان يتمنى الشهادة».
السيدة أمل رأت تكريم الرئيس لأهالى الشهداء «تاجا على رءوسنا»، موقنة بأن «العمليات الشاملة ٢٠١٨ بسيناء ستقضى على البؤر الإرهابية وتستعيد مصر إلى مكانتها الاستراتيجية» بحسب قولها.
أم الشهيد البطل قالت إن الإقبال المصريين على الأنتخابات فى الخارج يعطى صورة مشرفة للجاليات المصرية ، موضحة أن الدعوات المقاطعة لم تنجح، مطالبة من الجميع الخروج فى الانتخابات الرئاسية ومساندة «الرئيس»، وإلى نص الحوار.

■ احك لنا عن الشهيد محمد الانسان؟
- محمد ابنى الكبير، كرمنى الله به بعد خمس سنوات من الزواج، وجاء معه الخير، فقد ادخل السرور على الأسرة وفتحت أبواب رزق.
كان يمتاز بالذكاء والشقاوة فى آن واحد، مما ساعده على الالتحاق بالمدرسة فى سن صغيرة ، وحصل على شهادات تقدير فى جميع المراحل التعليمية، سواء من الناحية العلمية أو الأخلاقية، فقد حصل فى الثانوية العامة على مجموع ٩٤ % «شعبة علمى ـ رياضة» وتمنيت أن يلتحق بكلية الهندسة، إلا أنه صمم على الالتحاق بالكلية الحربية، فوالده كان يروى له قصص جنودنا البواسل والتضحيات التى قاموا بها فى حرب الاستنزاف وحرب ١٩٧٣، ما جعله يعشق الحربية، وبالفعل اجتاز الاختبارات وقبل.
أتذكر أنى بكيت كثيرًا لفراقه بعد التحاقة بالكلية فى أول يوم دراسة، وبعد مرور فترة التدريب «٤٥ يوما»، ذهبت لرؤيته، وقد تغيرت ملامحه. فقال لى «ماتزعليش يا أمى الحربية للرجالة».
الشهيد محمد كان مشهود له بدماثة الخلق، إلى جانب مهارته وحبه لعمله ووطنه، فقد تخرج فى الكلية الحربية بحصوله على بكالوريوس العلوم العسكرية عام ٢٠١٠، كلف بعدها مباشرة بالخدمة فى سيناء لمدة عام ونصف العام، ثم اجتاز اختبار قوات حفظ السلام وسافر إلى الكونغو ٢٠١٣، وكان سعيدًا جدًا لقبوله فى هذا المهمة، كونه يعتبر السفر فيه اكتساب خبرات، والتعرف على الأساليب الحديثة فى مجال التسليح، ومكث هناك ١١ شهرًا، عاد بعدها والتحق بالعمل فى محافظة الإسماعيلية، فى سلاح المدرعات، وأحب هذا المجال، فكان يعشق الدبابة بكل تفاصيلها، لدرجة أنه فى حالة عطلها يقوم بإصلاحها، وكان مشهود له بالكفاءة فى هذا المجال، وبذلك حقق رغبتى فى أن يكون مهندسا ورغبة والده فى أن يصبح ضابطاً. وفِى بداية ٢٠١٥ كانت هناك أزمة التكفيريين فى سيناء، فترة حكم المعزول محمد مرسي، عندها بدأت التخوفات.
■ هل خطر ببالك لحظة بانك ستصبحين أم شهيد بطل؟
- نعم.. بدأ هذا الهاجس يطاردنى خصوصًا بعد استشهاد البطل محمد أبو شقرة، فكنت دائما ابكى بشدة على والدة البطل «ابو شقرة» وأتساءل عما هى حالتها بعد أن فقدت فلذة كبدها، فكان ابنى يرد على قائلا : « يا أمى كلنا أرواحنا فى أيدينا.. وأحنا فدا تراب مصر.. هو حد يطول يبقى شهيد..
ومن المواقف التى أثرت فى ابنى هي وفاة العريف محمد شتا حيث كان يحبه حبا شديدا مما جعله يقرر أن ينتقل لسيناء.
■ هل كنت تعلمين بعمل ابنك الشهيد فى سيناء؟
- لم أكن أعلم بأنه يخدم فى سيناء بل قال أنه يخدم فى الإسماعيلية، فعندما كنّا نتحدث عن بطولات جنودنا فى سيناء كان يقول «ربنا معاهم» ولَم يفصح أنه هناك، وفِى الفترة الأخيرة كان مرتبطا بعمله بشكل كبير، فعندما يسافر كنت أشعر وكأنه مسافر لمعشوقته، وعندما أسأله، يقول إن الجو بالإسماعيلية مريح، وقد اعتدت على مكان العمل هناك. بل كان يجاهد فى إقناعنا أنه يعمل فعلا فى الإسماعيلية ، إذ كان يتصل بنا مرور أربع ساعات من توديعه، ليخبرنا أنه وصل مقر عمله بالإسماعيلية ، لكن الحقيقة كان فى طريقه إلى سيناء ويستغرق السفر ٨ ساعات.
وكنت أدعو له دعاء مخصوصا قبل سفره وهو «حفظتك بالحى الْقَيُّوم الذى لا يموت ودفعت عنك السوء بُقول لا حول ولا قوة الا بالله»
■ ماذا عن اللحظات الاخيرة فى حياة البطل؟
- كنّا ننتظر عودة محمد على أحرّ من الجمر، فالْيَوْمَ الذى استشهد به كان بداية إجازته، وكان من المقرر أن يصل قبيل الظهر، ولكن وجدنا جميع هواتفه مغلقة، ولَم نستطع الوصول إليه، فجاء «مازن» مهرولا، ويبكى بحرقة : «ماما أخويا استشهد» فكانت صدمة كبيرة بالنسبة لي، وظللت أصرخ «ابنى ابني».
■ ما الحكايات التى رواها زملاء الشهيد عنه بعد رحيله؟
- كان ابنى شجاعا مقداما، فبالرغم من وجوده ٤ شهور بسيناء إلا أنه صنع مجدًا كبيرا، فقد حكى لى قائده أن الشهيد محمد داهم مقر الارهابيين يوم ١-٧ « وهو الْيَوْمَ الذى كان مقررا أن يعلن فيه التكفيريون سيناء ولاية لهم » ، وأنه ذات مرة كان يستعد هو وأصدقاؤه لقضاء إجازتهم، فبعد أن أعد حقائبه، جاءت إشارة استغاثة تفيد أن الكمين به مداهمات من قبل تكفيريين، وأن جنودنا يحتاجون المدد والدعم، وبدون تفكير قرر ابنى البطل أن يستقل دبابته لاحقًا بالجنود لعونهم، وكان نداء الواجب أهم وأولى وكان يردد «لن نتراجع الكمين هايضيع».
ففجر ٢٠ سيارة دفع رباعى بالمتفجرات، وصارت جثث التكفيريين اشلاء، وأثناء المداهمة أصيب بطلق نارى فى ذراعه إلا أنه أصر على استكمال العملية لنهايتها، وكان بيقول «ده يومى هاناخد فيه حق ابطالنا الشهداء»، ثم حدثت مناورات وجها لوجه، فاصيب ابنى بشظايا صدرت من طلقة «ار بى جى»، فاستشهد فى الحال بعد أن نطق الشهادة.
كنت دائما اسأل زميله الذى كان يلازمه «هل تألم ابنى من الطلق الناري؟» فكان يقول «والله أبدا محمد كان وجهه مضيئا كالبدر» وكانت فى عينيه نظرة رضا وفرح بلقاء ربه وكان شجاعا ومقداما»
■ فى احتفالات عيد الام ما هى ذكرياتك معه؟
- لن أنسى ابنى الشهيد محمد عندما كان صغيرًا، كان يأخذ منى مبلغا من المال لشراء هدية عيد الام، فكنت اضحك واشترط عليه نوع الهدية، ولكن عندما كبر ودخل مجال العمل فقد كان يقوم بشراء ثلاث هدايا من ماله الخاص باسمه واسم اخته وأخيه.
■ ماذا يمثل تكريم الرئيس لأسرة الشهيد؟
- هو بمثابة تكريم الأب الكبير لأولاده، وعندما قابلته أثناء التكريم وجدت رجلا يحمل هموم أمة، يريد العبور بها لبر الأمان، وقلت له بالحرف الواحد «أنا كل همى أعرف ابنى راجل ولا راح غدر» فما كان منه إلا أن قال لى «ابنك راجل  وبطل ودافع عن زمايله وشهيد حق». أن الجيش يضحى من أجل حماية الوطن والرئيس أكد اننا لن نترك حق الشهداء.
■ ما تقييمك للانتخابات الرئاسية؟
- أن الإقبال الكبير فى انتخابات المصريين بالخارج رسالة قوية على مساندة المصريين لوطنهم، ودليل على فشل كل دعوات المقاطعة التى أطلقها أعداء الوطن، وأقول لهؤلاء خسئتم أينما كُنتُم مصر محفوظة من عند الله.
■ وماذا تقولى للرئيس؟
- الله يعينك يا ريس التركة تقيلة بس انت قادر عليها.