الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«العيون السود».. معاناة «فلسطين» برؤية محارب عاشق

«العيون السود».. معاناة «فلسطين» برؤية محارب عاشق
«العيون السود».. معاناة «فلسطين» برؤية محارب عاشق




كتبت- مريم الشريف


مع بداية درامية رومانسية سرد لنا الروائى د.نزار أباظة، فى روايته «العيون السود» الصادرة عن دار نشر الألوكة معاناة الشعب الفلسطينى بأسره، من خلال استخدامه نموذج «سعيد» بطل الرواية العاشق لحبيبة طفولته والمجاهد ضد الصهاينة، والذى انضم لحركة «حماس» للأخذ بثأر والده وشقيقه اللذين استشهدا على يد العدو الصهيونى، وقرر الانتقام من هذا العدو.
اتقن الكاتب فن استخدام الـ«فلاش باك»، الذى ربما أربك القارئ فى الوهلة الأولى، إلا انه سرعان ما استوعب هذا الأسلوب، بعدما علم أنها مجرد ذكريات تطوف فى خيال «سعيد» عن حبيبته «لبانه» التى ارتبط بها منذ طفولته، وقرر أن يتقدم لخطبتها، إلا أن والدها كان مترددا فى البداية، ثم وافق فى زيارة سعيد الأخيرة لهم، وما بين ذكريات «سعيد» عن والدته وشقيقته اللتين تقيمان فى غزة، وشوقه لحبيبته التى تقيم فى «دير البلح» تتوالى الأحداث.
أجاد «أباظة» فى استخدام مفردات اللغة فى وصف الموت المرتقب فى غزة، وأصوات القنابل وحالة الهلع الموجودة فى كل مكان وانعدام الأمن، والقصف العشوائى على المدنيين، حتى المقابر تم قصفها بالصواريخ، كما صور الحياة البسيطة التى يعيشها أهل فلسطين الذين يسكنون فى مخيمات داخل بلدهم، فضلا عن وصفه لحالة الجوع التى يعانى منها هذا الشعب الذى يعتمد فى طعامه على الخبز والزيتون والبرتقال والبلح.
قدم الكاتب وصفًا دقيقًا لأطفال الحجارة، الذين ولدوا تحت بندقية الاحتلال وفتحوا أعينهم على مداهمة منازلهم وأفعال الجنود الهمجية، وتحدث عن أمهات فلسطين اللائي يزففن أبناءهن بعد استشهادهم.
أشار الكاتب فى صفحات روايته إلى الصمت والتخاذل العربى تجاه القضية الفلسطينية، وعن الجواسيس الذين كانوا أكثر مرارة من العدو الصهيونى وكانوًا سببًا فى اغتيال شخصيات فلسطينية وطنية، كما تحدث عن شخصيات تركت بصمتها على أرض فلسطين مثل الشيخ «أحمد ياسين»، الذى أرهب «إسرائيل» وهو رجل عجوز مقعد على كرسى لا يمكنه السير حتى اغتالوه.
ولم يكتف الكاتب بهذا الأمر بل تحدث بشكل سريع عن الانتفاضة الفلسطينية الأولى والثانية عام 2000، بالإضافة إلى المذابح التى قامت بها إسرائيل مثل مذبحة دير ياسين.
وحرص الكاتب على إبراز شجاعة الفلسطينيين وصمودهم فى وجه العدو فى نموذج «أم كامل» التى استولى اليهود على منزلها وطردوها منه فى القدس، إلا أنها أقامت خيمة، فصارت مقصد السائحين والقنوات الفضائية، وأصبحت تتحدث عن قضيتها بجرأة فباتت تمثل تهديدًا كبيرًا على إسرائيل.
ووسط هذه الأجواء من الصراع الدائم، أطل علينا الكاتب بلافتة رومانسية فى تجدد لقاء «سعيد» بـ«لبانه» والحديث الرومانسى بينهما وخجلها منه، إلى أن تنتهى الرواية نهاية مأساوية تعكس حال الشعب الفلسطينى الذى عانى طويلًا وما زال يعانى من العدوان الصهيونى، حيث ماتت «لبانه» أثناء قصف إسرائيلى غاشم.