الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

رؤية تشكيلية "وطنية"






حماد عبدالله حماد روزاليوسف اليومية : 26 - 10 - 2009



هذه المعزوفة التشكيلية الوطنية التي تعزف في قاعة أفق "1" بمتحف محمد محمود خليل وحرمه بالجيزة للمبدع الفنان الصديق الأستاذ الدكتور أحمد نوار قد أثارت شجنا في نفس المتلقي والزائر لهذا المعرض المتميز حيث عرض الفنان أحمد نوار آخر إبداعاته الفنية مجموعة من اللوحات المستمدة عناصرها التشكيلية من عمق الوطنية المصرية من حرب أكتوبر 1973 وكذلك المعاناة التي عاناها الفنان أثناء أدائه للخدمة العسكرية حيث تخرج في كلية الفنون الجميلة جامعة حلوان عام 1967 لكي يلتحق فورا بكتائب القوات المسلحة عقب هزيمة يونيه 1967 ليتحمل مع زملائه المجندين من المؤهلات العليا عقب النكسة مسئولية الإعداد للثأر الوطني ورد الكرامة للأمة، عاش أحمد نوار الفنان هذه الحقبة المبكرة من عمره في صفوف القوات المسلحة المصرية حيث اختصته مهاراته الفردية بأن يكون ضمن فريق "القناصة" علي الجبهة.
قد ظهرت تأثير هذه الحقبة من العمر الفني للفنان، علي كل أعماله الفنية التي قدمها في رحلة طويلة منذ إنهائه للخدمة العسكرية وانتصار مصر في حرب أكتوبر 1973 كانت عناصر لوحاته الفنية، وكذلك التشكيلات النحتية التي واكب لوحاته "الجرافيكية" كلها من مكونات وبقايا ميدان القتال أذكر في أحد معارض أحمد نوار المبكرة بعد حرب 73 أن شكل بقايا العربات المدرعة والقذائف الفارغة والتروس والجنازير شكل أعمالاً نحتية حية من هذه البقايا من أسلحة العدو في سيناء ومن خط بارليف وكانت لوحاته تنم عن رؤية مجردة ومعبرة عن العبور.
كذلك اقتحام خط بارليف وبريشته الشيقة البالغة الحساسية عبر عن روح الشهيد وهي تسمو في السماء الزرقاء بشفافية وفي لوحة أخري معبرة عن الترقب، وهذه الحالة التي أعتقد أن أحمد نوار قد عاشها كثيرا علي الجبهة ممسكا ببندقيته واصبعه علي الزناد وعينه علي "سن نملة الدبان" منتظر لظلال حركة لكي يقتنص عدوا في "دشم" خط بارليف هذه اللوحة والتي وقعها علي "توال" بمادة الاكريلك بمسطح 60* 60 تعبر بعمق شديد علي مدي الإحساس بالسكينة وتظهر "عين إنسان" عين واحدة مفتوحة ومميزة بالانتباه الشديد في ظلال أسفل اللوحة أمام مساحة من اللون الأحمر المتوثب للانطلاق مجموعة من الاحاسيس يمكن أن يشعر بها المتلقي لفن نوار ورؤيته التشكيلية خاصة أن الخلفية الموسيقية التي صاحبت هذا العرض الفني هي مجموعة من الكونشرتات العسكرية الملحة علي المتلقي والفاحص للأعمال الفنية بأن يكون متوثبا في رؤيته لأشكال مستمدة كل عناصرها من ميدان القتال من الآلة العسكرية والإنسان المصري المتوثب للنصر ولعل جميع اللوحات قد أنارت أجزاءها وحوافها و"كناراتها" ألوان علم مصر ولعل القاعة التي جسد فيها أحمد نوار مجسمات "أوبجيكتف" لأجزاء من الإنسان وكراسي طبية وظلال الشهداء والمصابين من آثار الحرب علي "طبلية" من الرمال تمثل أرض المعركة مصاحبة "لمدافن مفتوحة" يضاء علي كل مدفن شمعة هي روح الشهيد وتعكس هذه الرؤية المجسمة "مرايا" لتعدد الأشكال شيء رائع أتمني أن تصور هذه المعزوفة التليفزيون المصري لكي يبثها لشعب مصر!!